رغم أن الكثيرين في عالمنا العربي يتبارون في الصراخ والتهليل فرحا كلما أعلنت ايران عن جديد في برنامجها النووي وذلك ايمانا بمقولة أن امتلاك اي بلد عربي أو اسلامي للقنبلة النووية. او مايسمي بالقنبلة الاسلامية سيمثل وسيلة حماية وقوة ردع لكن الحقيقة التي يعرفها المتخصصون ويتجاهلها عمدا الاعلام العربي هي أن اسرائيل المستفيد الوحيد من الاعلانات الايرانية التي لاتنتهي عن تحقيق تقدم في برنامجها النووي بشكل خاص وكل برامجها العسكرية بشكل عام, ولذلك فإن الاعلام الاسرائيلي والغربي المساند له يلتقط تلك الاعلانات. ليعيد بثها وتضخيمها لا ليكشف مدي قوة طهران النووية والعسكرية وانما لكي يبرر للعالم مدي حاجة اسرائيل لقوة ردع نووية كاسحة تحميها من الخطر الوجودي الذي يتهددها حيث لايفوت الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد فرصة دون الدعوة لإلقاء اسرائيل في البحر. وبينما تكون الاعلانات النووية الايرانية ذات تأثير دعائي اكثر منها عمليا, فطهران لاتتواني عن الضجيج والصراخ كلما قامت بتشغيل مجموعة من أجهزة الطرد الذاتي أو اقامت منشأة بدائية فإن اسرائيل تواصل العمل سرا في تطوير اسلحتها النووية مستخدمة احدث تكنولوجيات في العالم ومنها تكنولوجيا النانو والليزر وهو مايعني بوضوح أن ايران تعلن بينما اسرائيل تعمل, فالحقيقة التي يدركها الغرب ان الايرانيين مازالوا بعيدا ربما بعقد من الزمان عن تصنيع اسلحة نووية لأن التكنولوجيا التي يستخدمونها مازالت بدائية مقارنة بالتكنولوجيات الاسرائيلية والغربية. ولعله ليس من المبالغة أن نقول أن علانية وتهويل البرنامج النووي الايراني قد قضت علي احتمالات اخلاء منطقة الشرق الاوسط من السلاح النووي وأعطت مشروعية لامتلاك الاسرائيليين أسلحة ردع نووية لأنه اصبح من المستحيل علي أي إسرائيلي او غربي متعاطف مع اسرائيل أن يتقبل فكرة تجريد تل ابيب من ذراعها النووية في الوقت الذي يسعي فيه العرب والمسلمون للقضاء عليها وازالتها من الخريطة, كما أن السياسة النووية الايرانية جعلت كل اجهزة المخابرات في العالم تجند طاقاتها لرصد اي نشاط نووي في المنطقة وهو ما اسفر عن ضبط شبكة العالم النووي الباكستاني البروفيسور عبد القدير خان وتدمير المنشآت السورية في دير الزور والتي كان من المفترض ان تكون مفاعلا نوويا, وفوق ذلك أعطي الايرانيون الفرصة للاسرائيليين للبدء في برنامج انتاج أسلحة نووية أكثر تقدما. لقد كان الأولي بالايرانيين في حالة وجود رغبة حقيقية لديهم في تطوير برنامج نووي عسكري أن يجعلوا هذا البرنامج سريا حتي يكتمل كما فعلت كل الدول النووية بلا استثناء, وأن يتوقفوا عن التصريحات العنترية وهي تلك السياسة التي دشنها الرئيس احمدي نجاد ويدفع جميع العرب والمسلمين ثمنها الآن لأنهم صدقوا اكذوبة القنبلة النووية الاسلامية الايرانية ونسوا ان التنمية الاقتصادية تحمي الشعوب اكثر مما تحميها الاسلحة النووية, وتجربة باكستان خير مثال علي ذلك, فرغم أن اسلام آباد دخلت النادي النووي الفعلي. من دون أي شك فإن السلاح النووي الإسرائيلي يشكل تهديدا خطيرا لمنطقة الشرق الأوسط بكاملها وعامل خلل في استقرارها ومستقبلها كما أن تجاهل المخاطر النووية الإسرائيلية يعرض مصداقية السعي إلي السلام العادل والشامل والدائم إلي الخطر, إذ إن امتلاك إسرائيل السلاح النووي وامتناعها عن الانضمام إلي معاهدة الحد من انتشاره هو عامل توتر دائم في المنطقة ولذلك يجب عدم استثناء إسرائيل من الانضمام إلي معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية, لأن ذلك يسمح لها بالهيمنة علي المنطقة كلها, ولكن التعامل مع هذه القضية بجب ان يتم بطريقة دبلوماسية, أولا لأن امتلاك دولة أو دولتين في المنطقة مثل ايرانوباكستان للسلاح النووي لن يحمي المنطقة ولكنه فقط سيؤدي لردع متبادل بين هاتين الدولتين واسرائيل وليس بين كل دول المنطقة وتل ابيب لأنه لا احد يستخدم السلاح النووي لحساب الآخرين كما اثبتت تجربتا العراق وافغانستان.وطبقا للمعلومات المتاحة عن البرنامج النووي الاسرائيلي الغامض فإن تل ابيب تمتلك مفاعلين نوويين: الأول: يقع في ناحال سوريك بقوة5 ميجاواط يستعمل المياه الخفيفة والثاني: يقع في ديمونا بقوة تصل الي150 ميجاواط ويعمل بالماء الثقيل, ويعمل علي اليورانيوم الطبيعي, وبالتالي فهو يستعمل لإنتاج المواد الإنشطارية, ولدي' اسرائيل' منشآت خاصة بالتخصيب تستعمل تكنولوجيا الليزر, وأخري تعمل عن طريق الطرد المركزي. وبشأن السلاح النووي, فهناك تقارير تشير الي امتلاك' اسرائيل' ما يقارب200 رأس نووي, بحيث إن مفاعل' ديمونا' ينتج20 كلج من مادة البلوتونيوم سنويا, ما يكفي لصناعة200 رأس نووي يستعمل البلوتونيوم كمادة للتفجير, من بينها القنابل الهيدروجينية ذات القوة التدميرية الأكبر التي توصلت' اسرائيل' لصناعتها في ثمانينيات القرن الماضي, يضاف إلي ذلك امتلاكها للقنبلة النيوترونية التي تقتل البشر دون تدمير البني التحتية والمدن مستخدمة إشعاع جاما. ويمكن حمل هذه الرؤوس النووية بواسطة الطائرات أو نظم الصواريخ المتحركة أو بواسطة الغواصات. بالنسبة للطائرات, فالأسطول الجوي الإسرائيلي يزيد عن ال400 طائرة' أف16 وأف15', وهي بإمكانها جميعا اعادة التزودبالوقود جوا وهذه الطائرات قادرة علي حمل قنابل نووية وبمدي يتجاوز5000 كلم. أما بالنسبة لنظم الصواريخ القادرة علي حمل الرؤوس النووية, ف' إسرائيل' تمتلك صواريخ' أريحا 1'Jericho1 الذي يبلغ مداها600 كلم وحمولتها1000 كلج. والبحر أيضا له دوره, فالغواصات النووية الخمس' دولفين' التي اشترتها' اسرائيل' من ألمانيا مجهزة بصواريخ' كروز' الأمريكية القادرة علي حمل رؤوس نووية ويبلغ مداها900 1300 كلم, واحدة منها تجوب البحر المتوسط, وأخري تجوب البحر الاحمر, وصولا الي الخليج العربي, وثالثة راسية علي الشواطئ الإسرائيلية.