تسجيل رغبات 92 ألف طالب في تنسيق المرحلة الأولى.. والأدبي يتصدر| فيديو    رسميًا.. منح مجانية لطلبة الثانوية العامة في الجامعات الخاصة والأهلية (الشرروط)    وزير الدفاع يلتقي عددًا من مقاتلي الجيش الثاني الميداني وكلية الضباط الاحتياط ومعهد ضباط الصف المعلمين    وزير العمل يعلن بدء إختبارات المرشحين لوظائف بالأردن    وزير الخارجية ورئيس هيئة الرقابة المالية يشهدا توقيع برتوكول تعاون بين الوزارة والهيئة بشأن المصريين بالخارج في إطار مبادرة "تأمينك في مصر"    بنك QNB مصر يشارك في تحالف مصرفي من ستة بنوك يمنح تمويلًا مشتركًا    رئيس الوزراء يوجه بسرعة سداد المديونيات المستحقة لهيئة الشراء الموحد    الجريدة الرسمية تنشر قرار الحد الأدنى لأجور الموظفين والعاملين بالدولة    محافظ الغربية يعتمد الأحوزة العمرانية لعدد من العزب    البورصة تتلقى طلب قيد أسهم شركة أرابيا للاستثمار والتنمية بالسوق الرئيسي    هذه الأسلحة الفاسدة..!!    دمشق تعلن تشكيل مجلس الأعمال السوري التركي    التجويع وضمير الإنسانية    شهيدان جراء استهداف الاحتلال لعناصر تأمين المساعدات شمال غربي غزة    باكستان وإيران يؤكدان ضرورة رفع التبادل التجاري ل 10 مليارات دولار    »مكتب استعلامات« في فنادق إقامة منتخبات بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عام    سون يقترب من الانتقال إلى لوس أنجلوس الأمريكي    إصابة ميسي تثير القلق في إنتر ميامي    إنفانتينو يشيد بالدعم المصري لكرة القدم ويثمن اتصال رئيس الوزراء    إنتر ميلان يقدم عرضًا جديدًا ل أتالانتا لضم لوكمان    رغم حرارة الجو وارتفاع الأمواج.. شواطئ الإسكندرية تكتظ بالمصطافين وسط تأمين وإنقاذ مشدد    3 أيام صيف حار.. طقس المنيا ومحافظات الصعيد غدا الإثنين    اختبارات للطلاب المتقدمين لمدرسة التكنولوجيا التطبيقية بالعريش    بحضور وزير الثقافة.. انطلاق احتفالية توزيع جائزة المبدع الصغير    سينتيا خليفة بطلة فيلم «سفاح التجمع» مع أحمد الفيشاوي    وزير الخارجية للقاهرة الإخبارية: مصالح المصريين بالخارج ضمن أولويات الدولة    وفاء حامد: تراجع الكواكب يُنذر بمرحلة حرجة.. وأغسطس يحمل مفاجآت كبرى    الهلال الأحمر يطلق حملة للتبرع بالدم بالتعاون مع سفارة إندونيسيا    رئيس الوزراء يتابع جهود دعم صناعة الدواء في مصر    البروفة الودية الأخيرة.. ماييلي يقود هجوم بيراميدز في مواجهة أسوان    وزير الثقافة يُكرّم الفائزين بجوائز الدولة للمبدع الصغير (تفاصيل)    تأجيل محاكمة 11 متهما بخلية التجمع    في يوم مولده.. اللواء محمود توفيق.. حارس الأمن ووزير المعارك الصامتة    نائب وزير الصحة يبحث مع ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان ملفات العمل المشتركة    "ائتلاف نزاهة" يُنهي برنامجه التدريبي استعدادًا للمتابعة الميدانية لانتخابات الشيوخ    إعدام ربة منزل وزوجها استدرجا شخصا بزعم إقامة علاقة غير شرعية وقتلاه بالخانكة    طرحة عروس و"كروب توب".. هاجر الشرنوبي تتألق في أحدث ظهور لها    حسن الرداد يكشف سبب اعتذاره عن «سفاح التجمع»    أمينة الفتوى: فقدان قلادة السيدة عائشة كانت سببا في مشروعية التيمم    برلمانية إيطالية: ما يحدث في غزة مجزرة تتحمل إسرائيل مسؤوليتها الكاملة    بالدموع والدعاء.. تشييع جنازة بونجا حارس وادي دجلة في الإسماعيلية- فيديو وصور    مدرب بروكسي: مصطفى شلبي أفضل من صفقات الزمالك الجديدة    غذاء الكبد والقلب.. طعام سحري يخفض الكوليسترول الضار    توقيع الكشف الطبي على 837 مواطن بقرية منشأة مهنا بالبحيرة    68 لجنة تستعد لاستقبال الناخبين في انتخابات الشيوخ بالبحر الأحمر غدًا    وزيرة التضامن تكرم رئيس جامعة سوهاج وطلابه الفائزين بمشروعات رفيقي والوسادة الإلكترونية    راغب علامة يؤكد احترامه لقرارات النقابة.. ومصطفى كامل يرد: كل الحب والتقدير    مصر تواصل أعمال الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية على قطاع غزة    رئيس الوزراء يشهد فعاليات افتتاح النسخة السادسة من مؤتمر المصريين بالخارج    200 مليون جنيه لدعم التأمين الصحى لغير القادرين فى موازنة 2025/2026    خصم 10 أيام من رئيس جمعية زراعية لتراخيه في مواجهة التعديات ببني سويف    ماس كهربائى يتسبب فى حريق مركب صيد بدمياط دون خسائر بشرية    إعلام يابانى: طوكيو تعزف عن الاعتراف بدولة فلسطين مراعاة لواشنطن    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 3 أغسطس 2025    «فتوى» برائحة الحشيش    أحمد كريمة: قائمة المنقولات لإثبات حقوق الزوجة ومرفوض تحويلها لسيف على رقبة الزوج وسجنه (فيديو)    دعاء الفجر | اللهم فرج همي ويسّر لي أمري وارزقني رزقًا مباركًا    "الدنيا ولا تستاهل".. رسالة مؤثرة من نجم بيراميدز بعد وفاة بونجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة طريق لليسار الديموقراطي والليبراليين العرب / عمرو حمزاوي
نشر في محيط يوم 23 - 10 - 2008


خريطة طريق لليسار الديموقراطي والليبراليين العرب
عمرو حمزاوي
ثمة انطباع عام يهيمن على حواراتنا حول اهمية وفاعلية التيارات الليبرالية واليسارية والقوى الإسلامية، مؤداه أن النسيج الاجتماعي للبلدان العربية وتراكيب حياتها السياسية وثقافتها الغالبة تعيق نمو الأولى والثانية بينما تمكّن الإسلاميين من الانتشار الشعبي والاستئثار بمساحات نفوذ وتأثير مطردة الاتساع. ومع التسليم بتعدد وتنوع شواهد الواقع التي تدلل على الرجاحة الجزئية لهذا الانطباع ابتداءً من طغيان المكون الديني على النقاش العام ومروراً بانهيار شعبية وتراجع أدوار الأحزاب والحركات المتبنية للأفكار الليبرالية واليسارية وانتهاءً بالصعود اللافت لقوى الإسلام السياسي.
إلا أن الثابت أيضاً أن اليسار والليبراليين العرب وعلى رغم القيود الرسمية المفروضة عليهم لا يعدمون الفرص الاجتماعية والمساحات السياسية للتأطير والتحرك الشعبي وصياغة رؤى بديلة أو مكملة لتوجهات النخب الحاكمة ولقناعات الإسلاميين بحثاً عن الفاعلية المجتمعية المفقودة. وربما تمثل الشرط الأول لخروج اليسار والليبراليين من حالة الوهن الراهنة في الإدراك المنظم والكاشف لجوهر القضايا التي تمنح هذه الفرص الاجتماعية هويتها وتصيغ لتلك المساحات السياسية أبعادها الواقعية. وفيما يلي قراءة أولية في أربع من هذه القضايا أراها مركزية على امتداد العالم العربي.
1- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين: باستثناء بعض الحالات الخليجية، تعاني البلدان العربية من اختلالات اقتصادية واجتماعية طاحنة أبرزها الفقر والبطالة والهجرة غير الشرعية وانهيار مستويات الخدمات الأساسية المقدمة في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة وتهافت شبكات الضمان الاجتماعي.
في هذا السياق، عمقت السياسات النيوليبرالية التي اتبعتها معظم النخب الحاكمة منذ التسعينيات وعلى نحو تصاعدي خلال الأعوام القليلة الماضية (ومع أنها رتبت بعض التحسن في معدلات النمو الاقتصادي العام) من هذه الاختلالات ودفعت بالقطاعات الشعبية الفقيرة والمحدودة الدخل نحو لحظة تأزم حقيقية.
أما القوى الإسلامية، وعلى رغم كونها شرعت منذ ثمانينيات القرن المنصرم في بناء شبكات تقديم الخدمات الأساسية في قطاعات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي، وحلت بذلك جزئياً محل المؤسسات الرسمية المحدودة الفاعلية، فهي لا تملك في الغالب الأعم تصورات واضحة للتعامل مع نواقص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وما لبثت تتأرجح في مقولاتها البرامجية ومواقفها العلنية بين نزوع شبه ليبرالي يرى في السوق والقطاع الخاص قاطرتي النمو ونزوع شبه يساري معاكس يرمي الى عودة الدولة القوية - الدولة الأب الوصية على المجتمع.
هنا يملك اليسار العربي وكذلك الليبراليون الملتزمون اجتماعياً (استخدم هذه الصيغة هنا للتمييز بين هذه التيارات وبين المجموعات النيوليبرالية داخل النخب الحاكمة وحولها والتي تتبنى خطاباً وممارسةً نموذجاً للرأسمالية المتوحشة المنفلتة من القيود والالتزامات المجتمعية والباحثة فقط عن الربح) فرصةً حقيقيةً لصياغة رؤية بديلة تدفع إلى الواجهة بالجوهر الكامن وراء نواقص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الا وهي قضايا العدالة والمساواة ومكافحة البطالة وبناء شبكات فعالة للضمان الاجتماعي وتقليص الفجوة المتزايدة الاتساع بين الأغنياء والفقراء في المجتمعات العربية. بلا ريب ستختلف وتتمايز الصياغات اليسارية والليبرالية، بيد أن كشف مناطق العجز والقصور في رؤى النخب الحاكمة والإسلاميين وتعرية الواقع العربي الرديء سيجمعها ويقربها من قطاعات شعبية واسعة.
وقناعتي أن المدخل المفاهيمي الأفضل لإنجاز هذه المهمة هو تكثيف النقاش حول العقد الاجتماعي المفقود في بلداننا وحاجتنا الماسة اليوم قبل الغد إلى صناعة توافق حقيقي بشأن مفرداته ومضامينه والضغط على النخب والإسلاميين لأخذها بعين الاعتبار.
2- الحريات السياسية والمدنية والفردية: لم يسفر رفع النخب الحاكمة ليافطات الإصلاح الديموقراطي والانفتاح السياسي خلال الأعوام الماضية عن نقلات نوعية حقيقية في هذا المجال في أي من البلدان العربية. فما زال غياب تداول السلطة وحكم القانون والفصل والتوازن بين السلطات ومعدلات المشاركة الشعبية المنخفضة في الحياة السياسية على حالها لم تتغير أو تتحسن جدياً.
كذلك لم يرتب تنامي الوزن السياسي وتصاعد حراك القوى الإسلامية اتساعاً ملموساً أو مستداماً لساحات المنافسة الحزبية. كما لم يقو الإسلاميون على فرض ضغوط فعلية على النخب الحاكمة بهدف الإصلاح الديموقراطي وأضحوا في العديد من الحالات أسرى مشاركة في السياقات الرسمية تغيب عنها الفاعلية وتحملهم ثمناً باهظاً يتمثل في الانكماش التدريجي لقواعدهم الشعبية.
يتيح تدني وجمود مستويات ممارسة الحريات السياسية والمدنية والفردية وتآكل مصداقية يافطات الإصلاح الحكومية والإسلامية لليسار والليبراليين إمكانية التعويل على قضايا من شاكلة حرية التنظيم النقابي والحزبي والحق في التعبير الحر عن الرأي وفي ممارسة الشعائر الدينية من دون تمييز في جميع هذه الإطارات بين الغالبيات والأقليات.
الشرط الأساس هنا هو إنتاج خطاب حرياتي واضح المعالم يعتمد مبادئ الحقوق المتساوية في المواطنة والعلمانية والتعددية، ويتجه نحو المواطنين كافة مع التركيز على القطاعات المحرومة سياسياً ومدنياً أكثر من غيرها كالأقليات الدينية والعرقية والنساء ومن يخرجون في سلوكهم الخاص عن الأنماط المقبولة مجتمعياً والمعتمدة دينياً.
3- ثقافة المساومة وصناعة التوافق: أدت حالة الاستقطاب بين النخب الحاكمة والقوى الإسلامية إلى هيمنة لغة المعادلات الصفرية ومقاربات الأبيض والأسود الاختزالية على مجمل النقاش العام والحياة السياسية العربية. وواقع الأمر أن العديد من سياسيي وحركيي اليسار والتيارات الليبرالية قد وقعوا في شراك التسطيح الأحادي والاختزال نفسه. فليست النخب الحاكمة بكل مكوناتها وليس الإسلاميون على اختلاف تشكيلاتهم بشر خالص.
نعم هناك في اللحظة الراهنة غلبة بادية لتوجهات رسمية وإسلامية إما ذات تداعيات سلبية على بلداننا أو انها عديمة الفاعلية، إلا أن البحث عن إمكانيات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والتحول الديموقراطي إن أريد له أن يكون واقعياً وجاداً لا يستطيع أن يتجاهل التأمل المنظم في مساحات المشترك مع النخب والإسلاميين ومن ثم تحديد المفردات والمضامين المحتملة للتنسيق والمساومة معهم في السياقات المحلية والوطنية في كل بلد عربي.
ولا شك عندي أن مداخل الإنجاز في هذا الصدد تتمثل في الكف عن صناعة صورة أحادية للتغيرات المنشودة في عالمنا يستبدل بها احتكار النخب الحاكمة والإسلاميين بين يساري أو ليبرالي مناوئ ويحل في ثناياها اليساري النظيف والليبرالي المخلص محل أشرار النخب ومتطرفي الإسلاميين.
4- إخراج النقاش العربي من خصوصيته الخانقة إلى رحابة الحوارات العالمية: ليست بلداننا العربية بمفردها هي التي تعاني اختلالات اقتصادية واجتماعية وسياسية طاحنة، بل هو هم إنساني مشترك وإن تعددت إرهاصاته وتعددت تداعياته. فقضايا العدالة والحرية والمساواة والتضامن ما لبثت تطرح نفسها على المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء وتبدو أهميتها اليوم مرشحة للتصاعد.
فالمؤكد أن التصدع الذي ضرب أخيراً المرتكزات المالية للنظام الاقتصادي العالمي سيرتب نهاية حقبة الرأسمالية المنفلتة والمتوحشة ويعمق من التفكير الجدي في الحواضر الكبرى للرأسمالية في استراتيجيات التصحيح والترشيد الممكنة وصولاً إلى صناعة توافقية للحظة توازن جديدة بين الاقتصادي بمعناه الربحي الضيق والمجتمعي بمضامين العدالة والحرية والمساواة المندرجة في سياقاته.
مثل هذا التفكير العالمي المتجدد في هوية النموذج الأفضل لإدارة ترابطات الدولة والمجتمع والمواطنين يفتح لنا كعرب مساحة مهمة لربط نقاشاتنا حول العقد الاجتماعي المنشود بالحوارات الشديدة الحيوية خارج حدودنا إن في الغرب أو الشرق والجنوب.
ولا يوجد من هو أقدر من اليسار والليبراليين على تحقيق هذا الربط، فهم يملكون ناصية المقاربات الفكرية والأدوات المفاهيمية نفسها التي تصيغ الحوار العالمي، ويستطيعون إن أعادوا اكتشاف ذواتهم وذاكرة فاعليتهم المجتمعية السالفة أن يجسروا الهوة الفاصلة بين خطابات ورؤى النخب الحاكمة العربية والإسلاميين وبين الوجهة المستقبلية للضمير البشري.
عن صحيفة الحياة
23/10/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.