فَمَا تُغْنِ النُّذُر؟! محمد صلاح الدين اتّهم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إسرائيل بمحاولة منع بلاده من الحصول على تكنولوجيا نووية للأغراض السلمية، وكشف أبو الغيط في تصريحات صحافية، عن محاولات إسرائيلية للضغط على الدول والشركات المورِّدة للمواد النووية، لتغيير ما أسماه القواعد المعمول بها؛ للاستفادة من التكنولوجيا النووية في المجال النووي السلمي، وأعرب أبو الغيط عن الدهشة والاستغراب للمحاولات الإسرائيلية، ووصفها بأنها مُقلقة وغير مقبولة، ودعا إسرائيل للكفِّ عن هذه المساعي، وغيرها من المحاولات التي لا تخدم الأمن والاستقرار المنشودَين في منطقة الشرق الأوسط، وحذّر أبو الغيط من أن يتم الاستجابة لهذه المساعي تحت أي مبرر، مضيفًا: إن حدوث ذلك سيكون له تداعياته السلبية على الأمن والاستقرار في المنطقة، وسيعمل على تعميق حدة الخلل الأمني الإستراتيجي في المنطقة، وانتقد أبو الغيط دولاً غربية لم يسمِّها، لعدم اتّخاذها موقفًا واضحًا من هذه المساعي الإسرائيلية. وأكد الوزير أن سياسة الكيل بمكيالين يجب أن تتوقف، إذا كانت الدول الغربية حريصةً على الحفاظ على مصداقيتها، عند التعامل مع موضوعات عدم الانتشار ، ونزع السلاح ، وأشار أبو الغيط إلى أنه في الوقت الذي تبذل فيه مصر كل جهد ممكن؛ لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، تسعى إسرائيل لتقويض هذه الجهود وتشتيتها، وترفض -بإصرار- تنفيذ كافة القرارات الدولية التي تطالبها بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار، وشدّد الوزير المصري على ضرورة انضمام إسرائيل لمعاهدة عدم الانتشار كدولة غير نووية، وإخضاع كافة منشآتها النووية لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. هذه تطورات بالغة الخطورة والدلالة بكل تأكيد، لكن تصريحات الوزير أبو الغيط مرّت، وكأنَّ شيئًا لم يحدث! ليس من قِبل الإعلام العربي عامة، والمصري خاصة، بل وعلى المستويات الرسمية. ففي نفس التوقيت تقريبًا، صرح وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد، أنه اتّفق مع نظيره الإسرائيلي إيلي يشاي، على تخفيض الحد الأدنى من المكونات الإسرائيلية، في السلع المصرية المؤهّلة للحصول على إعفاءات التصدير من الولاياتالمتحدةالأمريكية، من 11.7% الى 10.5%، وذلك دعمًا للتعاون الاقتصادي بين مصر وإسرائيل، ومساعدة الشركات الإسرائيلية على زيادة التصدير إلى مصر. في نفس الوقت أيضًا فوجئ المغاربة، بالتمور الإسرائيلية وقد غمرت أسواقهم طوال شهر رمضان، وذلك بدعوى أن ذلك نشاط تجاري يقوم على السعر الأفضل لهذه التمور الإسرائيلية، ممّا جعل بعض العلماء في ردّهم على استفسارات المواطنين المغاربة، يُفتون بعدم جواز الإفطار على تمور إسرائيلية، إذا علم مصدرها، وأدرك المستهلك تأثير التبادل التجاري في دعم سياسات إسرائيل ضد العرب والمسلمين، بينما رأى بعضهم بأنه لا يجوز تناول التمور الإسرائيلية، حتى وإن لم يوجد لها بديل. في البحرين هناك ضجة حول اتّصال من وزير خارجية البحرين بوزيرة الخارجية الإسرائيلية، بدعوى شرح المبادرة العربية!! كذلك هي مجازر العدو مستمرة في فلسطينالمحتلة، ومصادرة الأراضي، وتهديم البيوت، وتجريف المزارع، واغتيال القيادات، مع استمرار الكيد والحصار لكل البلدان العربية والإسلامية بلا استثناء، ورغم كل ذلك تظل آمال البعض -خاصة القيادات الفلسطينية- معلّقة بمؤتمرات السلام. ولم يعد سرًّا - بطبيعة الحال - أن إسرائيل ومن ورائها الولاياتالمتحدةالأمريكية، قد فرضتا حصارًا ومراقبة دقيقة على تسليح الدول العربية والإسلامية، وحددتا سقفًا لا يتجاوزه هذا التسليح، لضمان التفوق العسكري الإسرائيلي الساحق، وهو سقف تلتزم به الدول الأوروبية كلها بلا استثناء . هل يتعظُّ طلاب السلام العرب، وناشدو الصداقة والعدالة الإسرائيلية، ومروّجو حسن الجوار؟ وصدق الله العظيم: (وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) (القمر4 : 5 ) عن صحيفة المدينة السعودية 25/10/2007