أحداث معان في الأردن ... صورة معتمة وخنجر آخر في القلب
* خالد عياصرة
العنف المجتمعي دخيل علينا،وعلى عاداتنا وتقاليدنا،هكذا صرح قبل أيام وزير الداخلية سعد هايل السرور على خلفية أحداث الشغب التي شهدتها مدينة معان،إلى الجنوب من العاصمة الأردنية عمان.
بصراحة لقد مللنا التصريحات بغض النظر عن ألوانها وراياتها وأصحابها، خاصة تلك التي تربط بين كل تصرف أهوج أحمق بالعادات والتقاليد التي لا وجود لها بالأصل.
أيستطيع أي منا اليوم أن يحدد ماهية هذه العادات والتقاليد التي دخلت عنوة إلى مجتمعنا الأردني ،الم يتم تفريغها من مضمونها منذ سنوات حتى أضحت شكلا ظاهريا دون مضمون جوهري.
أحداث معان حلقة متصلة بسلسة من الأحداث لا يمكن القفز عنها أو استثنائها لها علاقة بالظلم الاجتماعي الذي طال المواطن الأردني أينما وجد خاصة في ظل وجود حكومات نزلت علينا بالبراشوت لا تحمل في جعبتها أي شيئ خلا رفع الأسعار وترخيص المواطن.
حلقة العنف المجتمعي لن تنتهي إن لم يصار إلى إيجاد حلول مدروسة لها هذه حقيقة واضحة كما الشمس لا نستطيع إنكارها أو تخطيها.حادثة معان وما رافقها تصرف لا مسئول قام به البعض لا يمكن تعميمه على المجتمع الأردني برمته.
المجتمع الأردني يعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها هذه المشاكل تبقى ساكنة خامدة إلى أن تحدث مشكل حيث يتم ربطها بما يعانيه المواطن،وما حادثة معان الا تلخيص لهذا الشعور.
عودة إلى الحلول التي يتوجب أن تبنى على سياسات العقاب،العقاب لابد له أن يطال جميع من تسول له نفسه الإساءة للبلد،وبلا استثناء،وهذا يتطلب منا أن نعطي حيزا كبيرا للقانون ليأخذ مجراه بحيث يكون غير خاضع لمنطق فنجان القهوة والعباءة وشيخ القبيلة والعادات والتقاليد وأصحاب الدولة والمعالي والسعادة.
باعتبار القانون فوق الجميع لا فرق أمامة ما بين ابن جرش وابن عمان وابن الرمثا وابن العقبة والسلط والكرك فالجميع ينبغي ان يكونوا سواسية ويستظلون بظله فلا يتغول احد على الدولة مهما علا شأنه أو شأن عشيرته أو تضخم جيبه. لان الوطن أبقى من الفرد والعشيرة.
لكن الحاصل اليوم للأسف الشديد وجميعنا يعلم به حتى ولو أنكرة أو حاول أن يجمله،فالدولة قزمت أمام العشيرة والفرد تغول على الدولة،هذا الأمر اصبح واقعيا على الأرض .
قد يقول قائل هذا غير صحيح فالقوانين موجودة فنقول له نعم هي موجودة لكن باعتبارها حبرا على ورق،لا يغني ولا يسمن من جوع.
ولنضرب مثالا على ذلك : خلال الفترة الماضية شهدت المملكة العديد من أعمال العنف ضربت الأمن الداخلي الأردني وإصابته بمقتل ...فمن أحداث الانتخابات النيابية إلى السلط الى القويسمة إلى الجامعة الأردنية وصولا إلى معان .
تم ألقاء القبض على العشرات من مسببي الشغب في كل محافظات المملكة،ماذا حل بهم هل تم الزج بهم في غياهب السجون،أم تم إطلاق سراحهم بعد أيام معدودة بمقابل التوقيع على تعهد بعد الشروع بقيام بإعمال أخرى.
خاصة بعدما تدخل بعض أصحاب المعالي وبعض النواب وبعض الشخصيات المجتمعية وكبار شيوخ العشائر لإخراج هؤلاء لتقفل غالبية الملفات وتقيد الجرائم ضد مجهول..
أين ذهب القانون الذي نتشدق دوما به.
أن يسفر هذا التهاون في تطبيق القوانين العقابية على هؤلاء بفتح الباب على مصراعيه أمام الآخرين للقيام بإعمال تهدد الأمن والاستقرار، خاصة وأنهم مؤمنون بقوانين فنجان القهوة وشيخ القبيلة ولا يكترثون لأحد.
أما الأغرب من هذا ومن ذاك هو تضارب تصريحات بين وزارة الداخلية ممثلة بالوزير ومدير الأمن العام..
ففي جريدة الدستور وهذا خطا كذلك على الدستور وفي الصفحة الثامنة يقول الخبر الأول : السرور : الأوضاع في معان هادئة ولن نتهاون مع قلة تسعي لإثارة الشغب".
في عين الصفحة هناك تصريح لمدير الأمن العام "المجالي" : الأمن العام ملتزم بفرض هيبة الدولة وتطبيق القانون والنظام !
في خبر ثالث في الصفحة عينها خبر يقول تجدد أعمال العنف في معان وشبان يهاجمون المركز الأمني.
يا ترى أي من الأخبار الثلاثة نصدق ونأخذ بها الأول أم الثاني أم الثالث، وهل هذه الأخبار دليل على تشتت الجهود وغياب التنسيق ما بين وزارة الداخلية والأمن العام...