التخطيط توفر الدعم لإتمام انتخابات نادي الزهور باستخدام منظومة التصويت الإلكتروني لأول مرة بالأندية الرياضية    الاحتلال الصهيوني يُواصل خروقاته لوقف إطلاق النار وتوافق بين فتح وحماس على رفض أي إدارة أجنبية لقطاع غزة    تعليمات بإسرائيل لتخزين الطعام استعدادا للحرب مع حزب الله.. شائعة أم حقيقة؟    مساعد فليك: ارتكبنا أخطاء عديدة أمام ريال مدريد    محمد سلام يرزق ب5 توائم فى برومو كارثة طبيعية.. وعرضه 29 أكتوبر على Watch it    الشاعر هانى عبد الكريم بعد إشادة صابر الرباعى به: نتعاون قريبا فى أغان جديدة    أحمد مالك بعد جائزة أفضل ممثل فى الجونة: اتعلمت إن كلمة ليه هى أول طريق النجاح    الرئيس الإيطالي: نُقدر جهود شيخ الأزهر في نشر السلام وتعزيز الأخوة الإنسانية    أول فيديو للحظة تنفيذ جريمة طفلى الهرم.. توك توك وضعهما داخل عمارة وهرب    الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة وأمطار خفيفة على بعض المناطق.. وتدعو السائقين لتوخي الحذر    مصر تشارك في فعاليات مراسم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    نقيب الصحفيين: المرأة الفلسطينية عمود رئيس في النضال وسلاح للدفاع عن القضية    أحمد أبوالغيط: إسرائيل المستفيد الوحيد من 2011 والربيع العربي    مدبولي من السويس: تطوير الصحة أولوية رئاسية.. و73% من سكان المحافظة تحت مظلة التأمين الشامل    "شقوير": رقمنة السجلات وتحديث الرعايات ضمن خطة تطوير المؤسسة العلاجية    عرض مسلسل «جولة أخيرة» بطولة أحمد السقا على mbc.. قريبًا    أول تعليق من محمد سلام بعد مشاركته في احتفالية «وطن السلام»: عاشت فلسطين حرة عربية (فيديو)    الجيش الإسرائيلي يقول إنه قضى على تاجر أسلحة في عمق لبنان    تشكيل المصري لمواجهة الاتحاد الليبي في الكونفدرالية.. الساعي احتياطيًا    الوزير وأبوريدة معًا فى حب مصر الكروية    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    الطفلة الفلسطينية ريتاج: أشكر الرئيس السيسى لأنه السبب في إيقاف الحرب    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    ترتيبات خاصة لاستقبال ذوي الهمم وكبار السن في انتخابات الأهلي    محمود عباس يصدر إعلانًا دستوريًا بتولي نائب الرئيس الفلسطيني مهام الرئيس «حال شغور المنصب»    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    الأمن يكشف حقيقة فيديو فتاة «إشارة المترو» بالجيزة    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقى طلبات الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    لأول مرة في جنوب سيناء.. افتتاح وحدة علاج الأورام والعلاج الكيماوي بمجمع الفيروز الطبي    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عذرا محمود ... سامحني
نشر في محيط يوم 18 - 08 - 2008


عذرا محمود ... سامحني

* الدكتور احمد موسي سلامة

لم تكن مهمة الكتابة عندي بالمهمة العادية .. فانا أقف أمام حقيقة صعبة ترددت كثيرا عندما قررت أن أكتب شعوري وإحساسي وعاطفتي لأستاذي ومعلمي الذي تعلمت منه الكثير وحفظت كلماته وأنا في الصف الأول الابتدائي حيث كانت مناظراته مع سميح القاسم ورساؤله الينا بمثابة النبراس الذي نسترشد منه ودليلنا للثورة وعنواننا للوطن وطريقنا نحو الحرية ..

كم كانت قصاؤده بمثابة منشورات توزع علينا ونتناقلها بسرية تامة حيث كان ممنوع ان نتداول كتبه وقصاصات أشعاره وحرمت غزة التي تخضع للاحتلال الإسرائيلي من متابعة أي إصدارات جديدة للشاعر محمود درويش , فكم كانت كلماته لهيبا للانتفاضة الشعبية والإعداد الوطني والتربية والتنشئة الثورية .

أنها أيام مضت , ما أجملها وما أقساها على أنفسنا , جميلة لأنها تحمل معنى الأخوة والانتماء لفلسطين الأرض والشعب والقضية , وقاسية على أنفسنا لأنها تعود بذاكرتنا الى الجندي القاتل الذي أراد أن يقتل كل ما هو جميل في حياتنا , نتمنى أن تعود لأنها أفضل مائة ألف مرة من هذه الايام التي نحياها في غزة الحبيبة الأسيرة المختطفة والتي أصبحنا فيها رهائن ومجرد أرقام .. وأصبح عندنا القاتل هو فلسطيني والمقتول هو فلسطيني أيضا.. فهذا الزمن المهزوم فينا هو ليس لنا .. ليس زماننا .. انه زمن الغدر والانكسار .. انه زمن الهزائم .. زمن ممنوع فيه أن تحلم .. وممنوع فيه أن تقرأ الصحف .. وممنوع فيه أن تتنفس الهواء أو تخرج في نزهه خلوية أنت وأطفالك أو حتى تفكر في لون السماء ومتى سيسقط المطر في الصيف .. ممنوع فيه أن تعرف الأرصاد الجوية .. أو تبحث عن رغيف خبز ورشفة ماء .

لقد رحل درويش .. وبقيت في داخلي ثورته التي لن ولم تمت أبدا .. واعترف الآن بأن رحيل حبيبي وصديقي وأستاذي محمود درويش هو الذي حرك في مشاعر الكتابة .. وما كنت اكتب او أحاول الكتابة الا من أجل ان أكون وفيا لأستاذي ومعلمي محمود درويش فكرا وثورة وممارسة الذي طالما كسر خوفي وعلمني أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة .

لقد أصبحت مهمة الكتابة في أيامنا هذه بالمهمة الصعبة وأصبح قلمي جبان ويرتعش خوفا من سطوة الجلاد وبساطير الموت .. وأصبح الخوف هو المسيطر والمهيمن على أفكارنا .. فالقتل ليس له أي ثمن في شوارع غزة والتهمة سهلة جدا والوصفة أصبحت جاهزة فيكفي أن تكون فلسطينيا لكي تقتل او تشوه جسدا وتحطم روحا وتسجل رقما في سجلات القتلى ومقابر الظلمات في ظل أنغام الأمن والوحوش الكاسرة الهادرة التي تنساق وراء الشهوة اللذيذة لممارسة القتل .

في غزة تشعر أنك في مدينة أشباح مدينة موت والموت هنا لا يعني الا أن تكون جثة مجهولة الهوية والعنوان .. نحن في غزة موتى أحياء ننتظر القرار أو أحيانا بدون قرار , فيكفي أن يضغط على زناد الرشاش لينال منك برصاص الحقد الأعمى او يشوه جسدك ووجهك وتقلع عينيك وفي أغلب الأحيان تجتمع كل أصناف الموت في جثة واحدة , ولتكون الضحية الجديدة في زمن الموت الجديد .. في زمن الموت الرخيص .. يا الله .. يا الله ما أرخص الموت في بلادي .. ما أبشع أن تموت مرتين .. مرة وأنت تحاول قراءة الفاتحة على روح من سبقوك .. ومرة وأنت تتأمل بشاعة الموت البطيء من حولك.

نم واسترح حبيبي محمود لا تفكر أبدا في تلك الجدلية التي لا معنى لها في تاريخنا والتي هي خارجة عن نصنا وروحنا وهويتنا وعنوان دولتنا .. لا تفكر ابدا في قتل الجملة في غزة فغزة مهد العزة منهم تبرأ .. وغزة التي أحببتها ستنتفض على عصابات ابا جهل وتثأر للطفل الذي لم يولد بعد .

انها لحظات الألم التي نعيشها والحسرة التي تلاحق هزائمنا .

فيا غزة الحبيبة ويا معشوقتنا الجميلة .. يا غزة هاشم .. يا بوابة الشرق .. اليوم يرحل محمود وتبكيه غزة ألما وحسرة ويرحل كل شيء جميل سكن في مدينتنا الجميلة .. ولم يبقى فيها الا الغربان وأصوات البوم .. وغزة التي كانت أسطورة تاريخنا ..انتفاضتنا .. وحكايتنا .. ستنهض من جديد .. تنهض من الحلم الواعد , ومن أزقة الصبر , من بين الآهات ستنهض .. فهم لن ينالوا من غزة التي ترفضهم ولم يبقى لهم سوى الهزيمة فهم تناسوا يا محمود أن المنتصر في معركتهم هو المهزوم .. وتناسوا أننا نحن المهزومون سننتصر بقوة حقنا وارادتنا لأن على هذه الأرض الحبيبة ما يستحق الحياة يا شاعر الحياة .

لقد رحل شاعر الحياة محلقا فلا تحزن أبا عمار فاليوم هو يوم محمود , سيسرد عليك قصتنا وحكايتنا .. يوم أن قرأنا الفاتحة على قبرك متعاتبين .. ويوم أن كفروا وارتدوا وكانوا من عصر مسيلمة وهولاكو وأبي لهب.. ويوم أن ذبحوا غزة نحرا ومنحورين .

أرجوك يا محمود أن تسامحني ان حملتك رسالة لأبا عمار فهو صديقك ورفيق دربك وكم هو أحبك لأنك فلسطيني الهوية والعنوان والرؤية والحقيقة والهدف .. ولأنك من هذه الأرض الطيبة تشكلت منها وشكلتنا وكنت الفلسطيني الأول الذي تقدم وكتب آيات الانتصار .. باسم الله باسم الشعب العربي الفلسطيني نعلن قيام دولة فلسطين .. هذا هو أنت يا محمود وهذه هي كلماتك مؤمنا بالثورة ومؤتمنا على فلسطينيتك التي ستبقى لحنا خالدا عبر التاريخ .

سامحني حبيبي محمود ان ياسر عرفات هو قلق علينا الان ويبكي دما وحرقة على ما حل بنا فأقسم يا محمود أن غزة ستكون لنا لأنها فينا .. أقسم ان غزة لن ترحل .. فكلهم سيرحلون وهي باقية طالما بقينا .. فأقسم يا محمود أن فلسطين تكبر ودولتنا تكبر وحلمنا يتحقق رغم قتل اطفالنا ومعاهدات السلام وأسرانا في سجونهم , انها معادلة البطش والابادة فهم يريدون ان نكون موتى لأن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت , انهم يا محمود لم يدركوا بعد حقيقة قوة موتنا فموتنا يوحدنا , فامضي في نومك عميقا وارحل الى عالمك فها نحن اليوم كتبنا تاريخا لن نحيد عنه , وحققنا وعدا قطعناه على أنفسنا بأن تبقى أنت فينا طالما نحن أحياء .

لا تخف يا حبيبي لا تخف يا محمود أرجو أن تستريح لأن علم فلسطين بألوانه الأربعة سيبقي هو الأعلى .. لأنه هو الوطن الذي حلمنا به وعشنا معا من أجله فلن تسقط رايتنا ولن تهزم إرادتنا وسنكسر حواجز الخوف وننتصر لغزة فنم قرير العين يا حبيبي نم واسترح .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.