قفزة جديدة بجميع الأعيرة.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    «نقل الكهرباء» توقع عقدًا جديدًا لإنشاء خط هوائي مزدوج الدائرة    التشكيل الرسمي لقمة الإنتر ضد ريفر بليت فى كأس العالم للأندية    حماس تدعو السلطة الوطنية الفلسطينية للإفراج الفوري عن كافة المقاومين والمعتقلين السياسيين    لحظة حنية.. «ترامب» يتعاطف مع صحفية أوكرانية يقاتل زوجها في الحرب ضد روسيا    ثنائي هجومي في تشكيل الإنتر لمواجهة ريفر بليت    بعد إعلان رحيله.. ماذا قدم المثلوثي في 153 مباراة بقميص الزمالك؟    مؤتمر إنزاجي: سنحاول استغلال الفرص أمام باتشوكا.. وهذا موقف ميتروفيتش    يورو تحت 21 عاما - من أجل اللقب الرابع.. ألمانيا تضرب موعدا مع إنجلترا في النهائي    شديد الحرارة وتصل 41 درجة.. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الخميس    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    تمريض حاضر وطبيب غائب.. رئيس الوحدة المحلية لنجع حمادي يفاجئ وحدة الحلفاية الصحية بزيارة ليلية (صور)    قافلة طبية لعلاج المواطنين بقرية السمطا في قنا.. وندوات إرشاية لتحذير المواطنين من خطر الإدمان    مينا مسعود يزور مستشفى 57357 لدعم الأطفال مرضى السرطان (صور)    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تُلزم بإضافة تحذير عن خطر نادر للقلب بسبب لقاحات كورونا    صحة مطروح تنظم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    الزمالك يستقر على قائمته الأولى قبل إرسالها لاتحاد الكرة    وزير الشباب يهنئ أبطال السلاح بعد حصد 6 ميداليات في اليوم الأول لبطولة أفريقيا    «كوتش جوه الملعب».. ميدو يتغنى بصفقة الأهلي الجديدة    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    رئيس البرلمان الإيراني: الوكالة الدولية للطاقة الذرية سربت معلومات عن المراكز النووية الإيرانية لإسرائيل    تامر عاشور ل جمهور حفله: «اعذروني.. مش قادر أقف» (فيديو)    الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مسيّرة مجهولة قرب الحدود مع العراق    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    ضياء رشوان: ترامب أدرك عجز إسرائيل عن الحسم مع إيران وحوّل الأزمة لفرصة دبلوماسية    الكرملين: كوبا ومنغوليا والإمارات وأوزبكستان يشاركون في قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي    محافظ قنا يتفقد مشروع تطوير ميدان المحطة.. ويؤكد: نسعى لمدينة خضراء صديقة للبيئة    رئيس شركه البحيرة يتفقد عدد من الفروع التابعة لقطاع الساحل الشمالي    3 أيام متتالية.. موعد إجازة ثورة 30 يونيو 2025 للقطاع العام والخاص بعد ترحيلها رسميًا    مصطفى نجم: الزمالك يسير بخطى ثابتة نحو استقرار كروي شامل    رئيس هيئة الدواء المصرية: نحرص على شراكات إفريقية تعزز الاكتفاء الدوائي    حادث تصادم..وفاة وإصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة بالمنيا    عاجل- هل حررت مها الصغير محضرًا رسميًا ضد طليقها أحمد السقا؟ (تفاصيل)    إصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين فى الإسماعيلية    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    خبير ذكاء اصطناعي: التكنولوجيا تحولت لسلاح رقمي لنشر الفوضى واستهداف الدول العربية    ابنة وزير شؤون مجلس الشورى الأسبق تكشف تفاصيل مشكلة بشأن ميراث والدها.. ومحامية تعلق    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المؤبد لطالب أنهى حياة آخر    ضياء رشوان: إيران وأمريكا لم تعودا خصمين    محمد رمضان: رفضت عرضًا ب 4 ملايين دولار في الدراما علشان فيلم «أسد» (فيديو)    بلاغ رسمي ضد أحمد السقا.. طليقته تتهمه بالاعتداء عليها وسبّها أمام السكان    جمال الكشكي: سياسة مصر تدعم الاستقرار وتدعو دائما لاحترام سيادة الدول    ممر شرفي من المعتمرين استعدادا لدخول كسوة الكعبة الجديدة (فيديو)    بعد الانفصال... وليد سامي يستعد لطرح أغنية "أحلام بسيطة"    براد بيت يكشف الكواليس: لماذا تنحى تارانتينو عن الإخراج وتولى ديفيد فينشر مهمة "مغامرات كليف بوث"؟    رسميًا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 26 يونيو 2025    مروة عبد الجواد: الإنسان يتحرك داخل قفص تاريخه الرقمي في زمن الذكاء الاصطناعي    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    لجنة إعداد الانتخابات بتحالف الأحزاب المصرية في حالة انعقاد مستمر    30 مليون يورو قرض أوروبي لمؤسسة ألمانية تغذي صناعة السيارات    محافظ الإسماعيلية يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد الروضة الشريفة    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمتين الإسلامية والعربية بالعام الهجري الجديد    مجمع إعلام شمال سيناء يحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو "إرادة شعب.. حماية وطن ".. اعرف التفاصيل (صور)    النيابة العامة بالمنيا تقرر تشريح جثة مدير المخلفات الصلبة بالمحافظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرة النار الكردية تلهب لعبة الأمم
نشر في محيط يوم 23 - 10 - 2007

كرة النار الكردية تلهب لعبة الأمم
غسان الإمام
نعم للامركزية الإدارية. لا، وألف لا كبيرة للفيدرالية. فهي خطر على وحدة التراب الوطني والانسجام الاجتماعي، ومقدمة لتمزيق الدولة دويلات عرقية أو دينية ومذهبية. الفيدرالية العراقية عبرة كبيرة للعرب، لا سيما في الأزمة الراهنة مع تركيا. كشف التهديد التركي بالتوغل في شمال العراق ضعف وهزال الحكومة الفيدرالية العراقية.
فهي غائبة عن التأثير على الأحداث. كم فرقة يملك نوري المالكي ل «تخويف» تركيا وردعها؟! الحقيقة العارية تقول إن هذه الحكومة لا تملك جنديا واحدا على الحدود مع تركيا. السبب بسيط للغاية، وهو أن منطقة الحكم الذاتي الكردية لا تسمح للجيش العراقي الفيدرالي بالتمركز في المنطقة «المستقلة» عمليا عن ... العراق!
بدلا من إيفاد المسكين طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية إلى أنقرة لتبويس شوارب إردوغان وعسكر تركيا، كان الأحرى إرساله إلى برزاني وطالباني لإقناعهما بطرد، أو على الأقل، بلجم ضيوفهما من «الإخوة» أكراد تركيا الذين يستخدمون أرض العراق في عمليات عنف دموية ضد المدنيين والعسكريين الأتراك.
كتبت هنا في الأسبوعين الماضيين، ما فيه الكفاية، عن غياب الأمن السياسي والاستراتيجي العربي، وانهيار شعار «التضامن» القومي. مشكلة العراق مع تركيا أكبر شاهد ودليل على هذه الحال العربية الانقسامية أمام الخطر الخارجي: بشار من أنقرة متحمس أكثر من الأتراك لغزو أكراد العراق. ديبلوماسية أبو الغيط «متفهمة» لمشروع التوغل التركي. الخليج صامت. الأشقاء في المغرب الكبير ممتنعون عن الكلام.
حتى نجاد سَنَد النظام الشيعي في بغداد لم «يدبّ الصوت» ضد تركيا. فقد اكتشف أن إيران مربوطة إلى تركيا منذ سبعين سنة بميثاق سعد أباد ضد «العصابات المسلحة». الأطرف أن برزاني استغنى عن حكومة العراق، فطالب الأتراك بالتفاوض مباشرة مع «حكومة كردستان»!
أما طالباني فقد سبق برزاني إلى الاستغناء عن العراق كله دولة وكيانا. أيُّ هوان للعرب أن يرحب رئيس دولة عربية بمشروع تمزيق دولته إلى دويلات فيدرالية، مواكبا مسعى اللوبي الصهيوني/ المسيحي الأميركي لتمريره في أحد مجلسي الكونغرس؟ بل أي هوان لشيعة العراق أن يرافق طالباني زعيم بعمامة (عبد العزيز الحكيم) في الترحيب بمشروع التقسيم الأميركي، إرضاء لمستمعيه في إيران؟
مبدئيا، ارتكبت حكومة إردوغان خطأ دستوريا وقانونيا في انتزاع موافقة مجلس النواب التركي على انتهاك حدود وسيادة بلد مجاور. مكره أخاك لا بطل. في حذره وذكاء حرفته السياسية، أودع إردوغان كرة النار الكردية في عهدة العسكر، محملا إياهم مسؤولية النجاح أو الفشل في غزو العراق، ومطاردة فلول أوكالان الذين يبدو أنهم غادروا الجبال فارِّين إلى الجنوب الكردستاني.
أمضي في تفسير لعبة الأمم في المنطقة، متناولا الملابسات التاريخية للأقليات في تركيا، فأقول إن الوطن التركي حفرته بالأظافر شجاعةُ القبائل التركية المهاجرة بإسلامها من آسيا الوسطى منذ ألف سنة فقط. تم تأمين هذا الوطن الحديث بإسقاط الإمبراطورية البيزنطية التي أخفق العرب مرارا في القضاء عليها. فتحُ استنبول (1452) مهّد الطريق أمام الأتراك لغزو أوروبا الشرقية، وصولا إلى أبواب فيينا، فيما كان العرب بعد خمسين سنة يسلمون على ضفة المتوسط الغربية مفاتيح الأندلس للاسبان.
استكمل الأتراك استدارة وطنهم الجديد في القرون الوسطى، باحتلال ممرات المنطقة الجبلية الجنوبية الشرقية لهضبة الأناضول. كان الغرض حماية الوطن من تحرشات وحملات الدولة الفارسية. غير أن الأتراك اكتشفوا أن هذا الوطن يغص بأقليات كثيرة: أرمن وسريان وعرب ويهود وأكراد، وبمذاهب متعددة، شيعة وعلوية وأورثوذكس. تعايشوا مع المذاهب، لكن في خوفهم على الوطن، فقد كبتوا الحقوق الثقافية واللغوية لهذا المرجل الذي يغلي بالأقليات.
في العصر الحديث، خسرت تركيا إمبراطوريتها. تحرر العرب، لكن لم يعرفوا كالأتراك كيف يدافعون عن وحدتهم ووطنهم! قاتل الأتراك بقيادة مصطفى كمال بالسلاح الأبيض. طردوا المستوطنين اليونان. «أبادوا» الأرمن الذين انحازوا وتجسسوا لصالح روسيا. فتكوا بالقوة الأنجلو/ فرنسية التي نزلت بالقرب من استنبول حلما باستعادة مجد بيزنطة المسيحي. قتل في حرب غاليبولي ربع مليون تركي. وذبح ستون ألف جندي بريطاني وفرنسي وهم في خنادقهم.
تمت التسوية والمصالحة بإشراف «عصبة الأمم» في معاهدة لوزان (1923) اعترفت تركيا الكمالية بحقوق ثلاث أقليات فقط: اليهود والأرمن واليونان. لدهشتها، وجدت تركيا أن الخطر على خاصرتها الجنوبية الشرقية لا يأتي من الفرس، وإنما من سكان الجبال الأكراد. ثار الأكراد على مصطفى كمال مرتين (1926/ 1937) قمعهم بشدة. بقيت قضية الأقليات دخانا تحت الرماد.
كبرت الأقليات عددا ووعيا. ثار الأكراد مرة ثالثة (1984) بقيادة شاب يساري متحمس اسمه عبد الله أوكالان كان مرفوضا لعصبيته الكردية الشديدة في معسكر اليسار التركي. قتل في هذه الثورة المستمرة بشكل متقطع أربعون ألف تركي وكردي. شُرد أيضا مليون إنسان.
في جولة القتال الأخيرة، فر أوكالان إلى سورية. استقبل هناك بحفاوة ليس لكرديته، وإنما لكونه علويا من جنس النظام الحاكم. أصبح أوكالان مستشارا وجليسا للأسد الأب الذي فتح الحدود أيضا أمام عشرات ألوف الأكراد الأتراك الذين لا يتكلمون العربية. هؤلاء وأبناؤهم هم الذين يطالبون اليوم بالجنسية السورية والحقوق الكردية، ويوقظون الذاكرة الكردية لدى ألوف الأسر الكردية التي استعربت وتشربت الثقافة العربية منذ مئات السنين.
ضاقت تركيا ذرعا بالأسد وجليسه أوكالان. هددت بغزو سورية، كما تهدد اليوم بغزو العراق. في فن المراوغة، طرد الأسد ضيفه. سهل على الأتراك اعتقاله في كينيا (1999). في القتال منذ عام 2004، قتل المئات. الأتراك شديدو الحساسية إزاء الأقليات المتزايدة عددا. إردوغان في تخليه عن استاذه «الاخواني» نجم الدين إرباكان، مارس بعض الانفتاح المتسامح. لكن أوكالان عاد لتحريكهم من سجنه، محرضا على اقتطاع قطعة من الوطن التركي، وضمها الى كردستان العراق، كنواة لوطن كردي يستوعب مستقبلا جزءا من سورية وايران وروسيا.
في ضوء هذه الملابسات التاريخية، تبدو كرة النار الكردية المنطلقة من كردستان برزاني وطالباني شديدة التعقيد في الهاب لعبة الأمم في المنطقة. حتى اسرائيل ليست ببعيدة.
فقد شاركت في تدريب متمردي أوكالان. البيش ميرغا تستغل المدرَّبين الأكراد في عمليات سطو واغتيال ضد العرب والتركمان في الموصل وكركوك. تركيا تطمئن العرب بأن اجتياحها لشمال العراق سيكون محدودا ومؤقتا. لكن في غياب الأمن والردع العربي، فمن يضمن عدم تقدم الأتراك نحو الموصل وآبار النفط في كركوك؟ لا سيما أنهم طالبوا يوما بضمها؟
في «التشنيعات» الانفصالية السورية ضد المصريين، دعابة تقول ان ضابطا مصريا سأل زملاءه الضباط السوريين، خلال احتفال بذكرى «سلخ لواء اسكندرون»: واللواء اسكندرون ده استشهد من إمتى؟. الواقع ان «اللواء» مات وشبع موتا منذ عام 1939 عندما تنازل عنه الانتداب الفرنسي الى تركيا. أذكر اني سألت في أوائل السبعينات وزيرَ خارجيةٍ تركياً نسيت اسمه عما إذا كانت محادثاته في دمشق تناولت قضية اللواء. غضب الرجل غضبة تركية. اهتزت شوارب الرسميين السوريين. تلقيت توبيخا على «سؤال لم يكن في محله».
زار بشار منذ أيام أنقرة، لا ليسأل عن «اللواء» انما وجد الفرصة مناسبة لمشاركة الأتراك في هَمِّ معالجة كرة النار الكردية التي تدحرجت هي أيضا نحو سهول سورية الشمالية، مستغلة غيبة القبائل والعشائر العربية التي سحبت شبابها وأبناءها للعمل في دول الخليج، بل غزت كرة النار «المعارضات» السورية التي باعت العروبة في سبيل الحصول على الديمقراطية، فضيَّعت الاثنتين!
عن صحيفة الشرق الاوسط
23/10/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.