سؤال لماكين: متى يتم استخدام القوة الأميركية؟ ترودي روبين صرحت سارة بالين بأننا يمكن أن ندخل في حرب مع روسيا بسبب جورجيا. لا اعتقد انها مسئولة عن هذا التعليق المذهل بشكل حقيقي. فمع عدم وجود أي خبرة لها في السياسة الخارجية، قام موظفو ماكين بتقديم مختصرات مكثفة لها قبل اول مقابلة تليفزيونية لها مؤخرا. ومن المفترض انها كانت تعبر عن موقف جون ماكين. فقد أوضحت انه لو أن جورجيا انضمت لحلف الاطلسي(الناتو) وهاجمتها موسكو مرة اخرى ربما لكان على اميركا ان تحارب الروس. بمعنى اخر فان اكبر قوتين نوويتين في العالم يمكن أن ينخرطوا في معركة بعدما تفادوا هذه الكارثة طيلة كل سنوات الحرب الباردة. ذكرتني كلمات بالين بحجم القفز على الواقع الذي باتت تتسم به هذه الحملة الانتخابية. وبعدما قالت ذلك عن روسيا أود معرفة متى يعتقد المتسابقان الجمهوريان أنه من المناسب لاميركا استخدام القوة. كي نكون منصفين فإن كلا من المرشحين الرئاسيين وكلا من نائبيهما يوافقون على قبول عضوية جورجيا واوكرانيا في الناتو. وهذا بالتأكيد نوع من اللعب على وتر العواطف مع التسليم بالتصرف الروسي في جورجيا. لكن هل نحن مستعدون حقيقة للدخول في حرب بشأن تبليسي؟ لم يثر اي احد عدا باليلن هذه الاحتمالية ونود الا يوجد اي احد اخر يثير مثل هذه الاحتمالية. (على الديمقراطيين توضيح فكرهم في هذه القضية.) في الحقيقة فان المادة الخامسة من معاهدة الناتو التي تدعو الاعضاء الى مساعدة بعضهم البعض حال تعرضهم لهجوم بها ثغرات؛ فأغلب الاعضاء الاوروبيين يمكن ان يستخدموا حق النقض او يعترضوا على حرب بشأن جورجيا. مع ذلك فان حديث الحرب من قبل بالين يثير اسئلة حقيقية بشأن ما الذي يفكر فيه المتسابقان الجمهوريان؟ فقد أسس مستشار السياسة الخارجية الرئيسي لماكين راندي سشونيمان شركة استشارية حصلت على اكثر من 700 الف دولار للعمل كجماعة لمصلحة جورجيا( أوقف سشونيمان عمله كجماعة ضغط في مطلع هذا العام). وماكين هو رئيس المعهد الجمهوري الدولي الذي راقب الانتخابات الجورجية وساعد في تدريب النشطاء الديمقراطيين فيها. يعلن ماكين انه يريد تأسيس رابطة الديمقراطيات التي يمكن ان تقف في وجه نظم الحكم الاستبدادية، دون ان يهتم بأن الديمقراطيات الكبيرة مثل الهند واندونيسيا ليس لها اهتمام كبير بمنظمة موجهة بشكل مباشر ضد روسيا والصين وايران. واغلب العالم غير مهتم بتقسيمات الخير والشر هذه. القضية هنا ليست فيما اذا كانت جورحيا تستحق الديمقراطية ام لا، بل فيما اذا كان على اميركا ان تستخدم القوة للترويج للديمقراطية ودعمها. لا تزال اجابة ماكين غير واضحة. يصف ماكين نفسه بالمثالي الواقعي في مقابلاته. والواقعية الجمهورية تنطبق على اشخاص أمثال وزيري الخارجية الاسبقين جيمس بيكر او هنري كيسينجر اللذين كانا يمكن ان يستخدما القوة حال تعرض المصالح الحيوية للخطر فقط. يريد المثاليون المتشددون او الصقور استخدام القوة للترويج للمبادئ الاميركية بما في ذلك الديمقراطية وتغيير النظم المستبدة. وهو يؤيدون العمل الوقائي حتى عندما لا يكون هناك اي تهديد مباشر. ويعتقدون ان اميركا يمكنها ان تعيد صياغة الشرق الاوسط. ويقع المحافظون الجدد الذين روجوا فيما قبل لحرب العرق في هذه الخانة. ويندرج في هؤلاء ماكين. ونحن نعرف كيف تم العمل على شن هذه الحرب. وقد حصل ماكين على كثير من المصداقية للاسهامه في تغيير الاستراتيجية التي حسنت الوضع الامني في العراق. غير ان الفكرة الرئيسية للحرب كانت خطأ فادحا. والعراق تحكمه الان الاحزاب الدينية وهو ابعد ما يكون عن الديمقراطية. وزادت الحرب من طهران وقوضت الحركات العربية الليبرالية في انحاء الشرق الاوسط. يستطيع ماكين بوصفه واقعي اثارة دافع قوي للحذر بشان سرعة الانسحاب الاميركي خشية انهيار العراق مجددا. لكن على الواقعي ان يدرك أيضا ان وقتنا في العراق محدود بقدر غضب وعدم صبر العراقيين على الاحتلال. الواقعي كان عليه ألا ينظر للعراق بوصفها الجبهة المركزية في النضال ضد الارهابيين. فهذه الجبهة هي الان على الحدود الباكستانية-الافغانية الخطيرة جدا. على الواقعي ان يدرك ان أميركا يتعين عليها ان تركز الموارد العسكرية بشكل ذكي على استراتيجية تصدي للمقاومة لضرب الجماعات المتطرفة في المواقع الرئيسية. وعليه ان ينظر للوسائل غير العسكرية بنفس قدر اهمية القوة العسكرية. وعلى الواقعي ان يدرك ان اميركا تحتاج الى التعاون مع روسيا فيما يتعلق بمصلحة الامن القومي بالغة الاهمية لنا المتمثلة في ابقاء المواد والاسلحة النووية بعيدة عن ايدي الارهابيين الذين يريدون صناعة قنابل نووية. ليس هذه هي اللحظة المناسبة في تاريخنا لشن حملة لنشر الديمقراطية. فقد حاولت ذلك ادارة بوش؛ وسيكون على الرئيس المقبل التعاطي مع العواقب. ان بلدنا جديرة بمعرفة ما اذا كان ماكين سوف يواصل حملات بوش وعما اذا كان لديه نظرة الواقعي للعالم. وتضع اجابة بالين بشان جورجيا هذه القضية في الواجهة والبؤرة. ان بالين جديدة على السياسة الخارجية. ويمكن ان يكون مستشارو ماكين قد ضللوها. لكن ما نريد معرفته اين يكمن موقف ماكين. صحيفة " الوطن " العمانية 23/9/2008