45 دقيقة متوسط تأخيرات قطارات «طنطا - دمياط».. 14 ديسمبر    العدالة الذكية.. النيابة العامة تتجاوز حدود التحول الرقمي وتواكب التطور التكنولوجي    حادث جامعة براون وتحذير الأرصاد الأبرز.. جولة إخبارية لأهم الأحداث الساخنة (فيديو)    مصرع حداد سقطت عليه رأس سيارة نقل بالدقهلية    «ضحية الدارك ويب».. مستأنف شبرا الخيمة تستكمل اليوم محاكمة قتلة طفل شبرا الخيمة    Pluribus المسلسل الأكثر مشاهدة في تاريخ AppleTV    السودان يدين هجوم قوات الدعم السريع على مقر الأمم المتحدة بكادقلي    إعلام إسرائيلي: إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة    المغرب.. حريق مهول في سوق التمور بمدينة أرفود    نائب وزير الإسكان يعقد اجتماعا لمتابعة الاحتياجات من الطلمبات لشركات مياه الشرب والصرف الصحي    محمد علي خير: الأجور في مصر تحتاج إلى ثورة.. لا يمكن فتح بيت بأقل من 15 ألف جنيه    السعودية.. السماح للأجانب بتملك العقار وتطبيق النظام المحدث ينطلق قريبا    بعد مقتل 3 أمريكيين، قوات أمريكية وسورية تشن حملة تفتيش موسعة في "تدمر"    حبس مدير كيان تعليمي بدون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    لميس الحديدي: اتفرجت على "الست" مرتين.. الناس بتصفق بعد كل مشهد    ستار بوست| عبلة كامل تتحدث بعد غياب.. وقرار غير حياة عمرو يوسف    مصدر أمني ينفي ادعاءات إخواني هارب بوجود دعوات لتجمعات بالمحافظات    في دورته الثالثة.. محافظ المنيا يشهد ختام مهرجان المنيا الدولي للمسرح    حفاظًا على صحة الأم والطفل.. الصحة تدعو للمباعدة «بين كل مولود وآخر»    نائبة بالأقصر تزور مصابي حادث انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    فيلم فلسطين 36 يفتتح الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية بحضور مخرجته وكامل الباشا    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    الصحة: لقاح الإنفلونزا يقلل الإصابة بنسبة 60% ويخفف شدة الأعراض    أوروبا.. تعاون مشروط وتحمل مسئولية الحماية    آرسنال ينتزع فوزًا مثيرًا من وولفرهامبتون ويواصل الابتعاد في الصدارة    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    توروب: الشناوي وشوبير؟ لست هنا لأصنف الحراس.. وهذا موقفي من عبد الكريم وديانج    نائب وزير الصحة: نسبة الإصابات بكورونا لا تتجاوز ال 2% والإنفلونزا الأعلى 60%    محامي عروس المنوفية: إحالة القضية للجنايات.. ووصف الجريمة قتل مقترن بالإجهاض    توروب عن إمام عاشور: عودته من الإصابة تمنح الأهلي قوة إضافية    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    أخبار مصر اليوم: الاحتياطي الاستراتيجي من زيت الطعام يكفي 5.6 أشهر، بدء الصمت الانتخابي في 55 دائرة بجولة إعادة المرحلة الثانية من انتخابات النواب غدا، الصحة تكشف حقيقة انتشار متحور جديد    رئيس أريتريا يزور ميناء جدة الإسلامي ويطّلع على أحدث التقنيات والخدمات التشغيلية    تراجع حاد في صادرات النفط الفنزويلية بعد مصادرة الناقلة والعقوبات الأمريكية    أخبار 24 ساعة.. موعد صرف معاشات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر    الزراعة: التوعية وتغيير سلوكيات المجتمع مفتاح حل أزمة كلاب الشوارع    خالد لطيف ل ستوديو إكسترا: الكل مسئول عن تراجع الكرة المصرية    وزراء رحلوا وسيرتهم العطرة تسبقهم    خلال ساعات نتيجة كلية الشرطة 2025    مصرع شاب تناول حبه غله سامة لمرورة بضائقة ماليه في العدوة بالمنيا    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا الموسم أكثر شراسة    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    الداخلية تعلن نتيجة القبول بكلية الشرطة غدًا    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    الليجا على نار.. برشلونة يواجه أوساسونا في مواجهة حاسمة اليوم    بيراميدز أمام اختبار برازيلي ناري في كأس القارات للأندية.. تفاصيل المواجهة المرتقبة    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذوق خُلق
نشر في محيط يوم 07 - 07 - 2008


الذوق خُلق..!!

* عبد القادر مصطفى عبد القادر

الذوق خلق؟!..نعم هو خلق بكل ما تحمل الكلمة من معان ودلالات، بل قل إن شئت إنه خلق رفيع المستوى، فلئن رأيت أدباً في الحديث، ورقياً في الحوار، وتحضراً في الطرح والمناقشة..فهذا من قبيل الذوق، ولئن شاهدت حياء وخجلاً من إتيان المنبوذ من القول والفعل..فهذا من بنود الذوق، ولئن رأيت سلوكاً متحضراً في الشارع والجامع والجامعة..فهذا من إنتاج الذوق، ولئن رأيت احتراماً للقيم والآداب العامة بلا رقابة أو وصاية..فهذا من فروض الذوق، ولئن رأيت نقيض كل ذلك..فاعلم أنه لا ذوق..!!.

إذاً فالذوق خلق ذا خصوصية شديدة، لامتلاكه ناصية التعبير عن الإنسانية الراقية المهذبة بدلالات الأقوال والأفعال والسلوكيات العفوية أو التلقائية، التي تصدر عن صاحبها وهو يمارس حياته العادية بلا تكلف ولا تمثيل ولا تقعر، بحيث تشعر أنها عادة ولازمة سلوكية لا تنفصل عن الإنسان أو ينفصل عنها مهما كانت المنغصات أو المشكلات أو الضغوط التي يتعرض لها وهو يسعى متحركاً بين الناس، يتعامل مع كبيرهم وصغيرهم، وقويهم وضعيفهم، وسيدهم وخادمهم، فلا ترى اختلافاً في التعامل بين هذا وذاك، فعندئذٍ يوضع الذوق على المحك العملي لبيان صدقه من زيفه.

إن من السهل واليسير أن نجلس في الغرف المكيفة، وعلى المقاعد الوثيرة، وتحت الإضاءة المبهرة ثم ننظم شعراً وكلاماً منمقاً حول موضوع الذوق و"الإتيكيت"، لكن العلة لا تتمحور حول الكلام والتنظير رغم أهميته، إنما تتمحور حول الممارسة العملية في واقع الحياة حتى لا يكون هنالك انفصام وانفصال بين النظرية والتطبيق والقول والفعل، ومن ثم يصبح الكلام بلا أثر ملموس فتتلاشى قيمته وتذهب هيبته، لأن كل قول لا يترتب عليه عمل يعد عبثاً وإهداراً للوقت وتشويهاً للحقيقة محل الكلام.

ولذلك فإن من الأولى ألا نتحدث عن الذوق كإحساس جمالي فقط، بل يجب أن نتحدث عنه كسلوك حياتي أيضاً، بحيث نرسى لدى الناس فهماً و إدراكاً بكيفية أدائه وخطوات تنميته ليصبح اسماً على مسمى، لا أن يصبح حبراً على ورق. حدثني أحد الأصدقاء وقال لي: سافرت إلى فرنسا في بعثة دراسية، وذات مرة أشعلت سيجاراً وأنا أترجل في أحد شوارع باريس الجميلة، ومع الدخان المتطاير من فمي وأنفى أخذتني سنة من التفكير في أحد القضايا، فسهوت وألقيت بكعب السيجار على الأرض، وأنا أعلم أن ذلك لا يليق بشارع على هذا القدر من الجمال، ومضيت ولا زال السهو يغلف ذاكرتي، حتى انتبهت على يد تجذبني، وإذا بها يد صبى في التاسعة أو العاشرة من عمره، أخذني الطفل إلى المكان الذي ألقيت فيه كعب السيجار، وأشار بأدب جم إلى أن أعقاب السجائر لا تُلقى هنا، بل هنا، وأشار إلى صندوق للمهملات قريب، تصبب العرق رغم البرد القارص من جبيني حياءً وخجلاً، ثم مضيت أقول إن الذوق يجب أن يحتل دائماً بؤرة الشعور، والمغزى من وراء الواقعة يحتاج إلى تحليل طويل وعميق.

إن الحقيقة التي لا تقبل الجدل أن الذوق فطرة بشرية جميلة، لكن من الممكن أن تنطمس معالم هذه الفطرة وتصبح أثراً بعد عين إذا ما تحقق هذا الثالوث:- 1/ افتقاد القدوة العملية. 2/ الغرور والكبر. 3/ الفقر والجهل. هذه أضلاع ثلاثة..تطرد مجتمعة أو متفرقة الذوق عملياً من سلوك أي مجتمع، وإن بقى الحديث عنه نوعاً من الترف يُمارس بين الحين والآخر، فكيف نربى أولادنا على الذوق بينما تخترق آذانهم وعيونهم وقلوبهم تلك المشاهد التي يذبح فيها الذوق ذبحاً؟ كيف يحترم أولادنا معنى الذوق، بينما صورته بعض الأفكار على أنه نوع من الخيبة، وقلة والحيلة من خلال التكريس لمفاهيم (الفهلوة) و"اللماضة" و"المفهومة"، وغيرها من عاميات قبيحة تحكمت في كلماتنا وأفعالنا؟ كيف يقيم أولادنا للذوق وزناً بينما لا نضحك فرحاً إلا من إتيان نقيضه؟.

يا سادة، إن الذوق العام يعانى خطراً محدقاً، وما المشاهد المؤسفة للتلوث السمعي والبصري إلا دليل حي على فقدانه وغيابه، هل رأيت من يلقى بقاذوراته في النيل؟ هل رأيت سيل عربات "التوك توك" وهى تكسر كل قواعد المرور، وتملأ الأرض ضجيجاً عبر أغاني السوق المشهورة؟ هل رأيت مكبرات الصوت في الأفراح، والمآتم، ومع الباعة الجائلين؟ هل رأيت كيف نستخدم المرافق والمتنزهات والأماكن العامة؟ هل رأيت كيف نختلف ويقدح بعضنا بعضاً، لك أن تضع ألف هل، وكل واحدة منها تبحث عن حل، والأدهى أن صارت كل هذه السلوكيات السيئة حقاً مكتسباً يدافع عنه صاحبه بضراوة واستماتة، تحت مبررات لا أصل لها، فكيف تمضى الحياة على هذا النسق؟!.

من أجل ذلك فإنه من الأهمية القصوى أن نعيد ضبط كلماتنا و آرائنا وتصرفاتنا على ميزان الذوق، حيث لا غنى أو استغناء لأي مجتمع يسعى إلى ترسيخ قيمة الإحساس بالجمال، والحرص على الممتلكات العامة، والإبقاء على البيئة نظيفة جميلة بلا تلوث، من ممارسة الذوق كسلوك عملي في كل مناحي الحياة.

** مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.