سألت المذيعة الفضائية "المودرن" ضيفها الطبيب الشاب المتخصص في العلاقات الزوجية وغير الزوجية: كيف يستثير الرجل زوجته ويلهب مشاعرها الجنسية؟! ابتسم الطبيب وقال: مطلوب منه أن يفعل كذا وكذا وأفاض في شرح ما يحدث داخل غرفة النوم بين رجل مكتمل الفحولة وزوجة تعاني العطش الجنسي وردد أقوالا وأورد أوصافا وأفعالا تخدش حياء الأزواج والزوجات المتحررين والمتحررات.. فما بالنا بالفتيات العفيفات والأطفال القاصرين والقاصرات الذين يجلسون أمام شاشة هذه الفضائية التي يتولي الإنفاق عليها رجل يمتلك جامعة خاصة مهمتها التربية والتعليم.. تربية الفتيات والشباب الذين يدرسون بجامعته ويشاهدون قنواته علي الفضائل. وفي قناة فضائية أخري يمتلكها أحد الذين يحملون لقب "دكتور" سألت المذيعة ضيفها الطبيب المتخصص في الضعف الجنسي: ماذا يفعل الرجل مع زوجته "الثلاجة" وكيف يحرك مشاعرها؟ وأخذ الطبيب يشرح ويوضح ويفصل ويقدم روشتة علاج لكل رجل زوجته "باردة" وبالطبع جاء كلام الطبيب يحمل أوصافا ومعاني هابطة تخدش حياء الكبار والصغار.. وعقبت المذيعة المثيرة علي كلام ضيفها المثير بقولها: شكراً يا دكتور لقد قدمت نصائح مفيدة لكل رجل يعاني "برود" زوجته دون أن تخرج عن النص.. مع ان الطبيب خرج عن النص وعن الأدب وعن الذوق وعن الأخلاق الفاضلة وعن حدود المسموح بالكلام عنه في مثل هذه الموضوعات حيث تحدث عن تفاصيل ما يحدث داخل غرف النوم من مشاعر وحركات وانفعالات وشهوات. وفي فضائية مصرية ثالثة سمحت المذيعة لزوجة شابة أن تتحدث علي الهواء مباشرة لتروي للمشاهدين مظاهر الشذوذ الذي يمارسه معها زوجها علي فراش الزوجية وكأن هذه الزوجة "البجحة" تتحدث عن طبخة جديدة تشرح تفاصيلها للمشاهدين. وعندما تجاوزت هذه المرأة كل الخطوط الحمراء قطع البرنامج كلامها وعقبت المذيعة علي كلام ضيفتها المصطنعة التي استأجروها لاضفاء المزيد من الاثارة علي البرنامج وقالت: لا حياء في الحديث عن مثل هذه الأمور لكن لا داعي لهذه التفاصيل حرصا علي حياء الفتيات الصغيرات!! وفي فضائيات كثيرة عامة ودينية أدمن كثير من مقدمي برامج الفتاوي الحديث عن أمور الفراش وما يحدث بين الرجل وزوجته علي فراش الزوجية وكأن كل مشكلاتنا الأسرية والاجتماعية قد انتهت ولم يبق منها إلا العلاقات الحميمة لكي نتحدث عنها بالتفصيل علي الهواء مباشرة. ہ ہ ہ الشعار الذي يرفعه هؤلاء من مذيعات وأطباء ومشايخ الفراش انه "لا حرج في التعلم.. ولا حياء في الدين" وهذا الشعار للأسف كلمة حق يراد بها باطل.. فما تقدمه الفضائيات من ثقافة جنسية لا تهدف من ورائها التعلم والتثقيف وعلاج الظواهر المرضية وتوضيح موقف الشرع من السلوكيات والتجاوزات الشائعة في العلاقة الخاصة بين الزوجين.. بل الهدف من كل ما نشاهده من حديث متواصل عن العلاقات الزوجية الحميمة هو خلق مناخ من الإثارة لجذب المشاهدين والمشاهدات إلي هذه النوعية من البرامج وبالتالي تأتي الاعلانات.. وفي سبيل الحصول علي الاعلانات يهون كل شيء. فقد أصبح إعلامنا الفضائي والأرضي والمقروء والمتداول عبر الإنترنت بلا رقيب ولا حسيب. وأصبح كل شيء يجذب القارئ أو المشاهد مباحا حتي ولو كان كفرا أو فسوقا وعصيانا وتخريبا لنفوس أبنائنا وبناتنا الذين ننفق عليهم المليارات كل عام لنعلمهم بعض القيم الايجابية داخل المدارس والمساجد فتأتي فضائيات الإثارة لتدمر وتحطم كل شيء!! منذ فترة شاهدت علي فضائية مصرية أستاذة متخصصة في العلاقات الزوجية تشرح للمشاهدين والمشاهدات مكونات الجهاز التناسلي للمرأة وكيف يتم الاحتكاك وتتحقق اللذة والمتعة بين عضو الرجل وعضو المرأة.. وفجأة أدركت ان ابنتي الصغيرة التي كانت تجلس علي مقربة مني قد انصرفت من المكان حياء وخجلا مما سمعته من الاستاذة الجامعية المتخصصة في العلاقات الزوجية والتي تخلت عن كل معاني الحياء وانساقت وراء رغبة محمومة في الاثارة وجذب المشاهدين ونوعية معينة من المشاهدات لهذه البرامج المثيرة. ہ ہ ہ للأسف.. أصبح الربح وحده هو هدف هذه الفضائيات.. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تتحطم كل القيم التربوية والأخلاقية.. في سبيل أن توفر القناة الفضائية لصاحبها ما يهدف إليه من ربح وشهرة ودعاية شخصية يهون كل شيء ولا يهم أي شيء.. وهذا هو حال إعلامنا الفضائي الذي يضاعف من هموم ومتاعب المشاهدين وأزماتهم النفسية ويتلاعب بمشاعرهم ويتاجر بقضاياهم ولا يسهم إلا القليل منه في حل مشكلاتهم. ميثاق الشرف الإعلامي الذي يتغني به البعض أصبح للأسف دخانا في الهواء.. هو شعار للاستهلاك السياسي والإعلامي.. شعار يردده البعض عندما تحدث أزمة أو مشكلة.. ثم سرعان ما يتجاهل الجميع ما ينص عليه هذا الميثاق ويبدع المذيعون والمذيعات في كل ما لذ وطاب من تجاوزات مهنية وأخلاقية في معالجاتهم الإعلامية. ہ ہ ہ لا خلاف علي أن رسالة الإعلام بكل أدواته ووسائله أن يعبر عن نبض الناس ويتعامل مع مشكلاتهم وهمومهم وأزماتهم.. لكن: هل أصبحت كل أزماتنا محصورة في الحديث عن فراش الزوجية والعلاقات الشاذة بين الزوجين؟ هل هذه هي أبرز مشكلة يعاني منها شعب يواجه موجات متتالية و مسعورة من غلاء الأسعار وحوادث الطرق و التلوث البيئي وفوضي المدارس وفشل خطط وبرامج التعليم وزيادة أعداد الفقراء وتضاعف طوابير العاطلين وجنون أسعار اللحوم فضلا عن همومنا السياسية والاقتصادية والتهديد بسرقة حصتنا من مياه النيل؟! الإسفاف الجنسي الذي نشاهده كل يوم في الفضائيات المصرية والعربية يجب أن يتوقف للحفاظ علي ما تبقي من قيم وأخلاقيات لأبنائنا وبناتنا. [email protected]