فتش عن " إسرائيل " سعد محيو من قتل الشيخ صالح العريضي، الساعد الأيمن للأمير طلال أرسلان؟ بداية ابرم وليد جنبلاط والأمير طلال ارسلان شبه تحالف استراتيجي في منطقة الجبل. سرعان ما تبيّن أن له أبعاداً إقليمية (سورية بالتحديد) حين “كوع" وليد عن طريق قريطم الرياض ليضع نفسه على طريق خلدة دمشق. الشيخ العريضي، على ما يقال، كان الوسيط الرئيس الذي كلل هذا التحالف بالنجاح. وهو، بسبب صلاته الوثيقة بسوريا، كان يبذل جهوداً كثيفة أيضاً لتمديد وساطته من محور أرسلان جنبلاط إلى محور جنبلاط دمشق. وهذا يقودنا إلى الاستنتاج الثاني: ليس من مصلحة دمشق، التي اتهمت بمعظم الاغتيالات السياسية منذ العام ،2005 أن تشطب العريضي من المعادلة. من إذاً؟ الأمير أرسلان اتهم “إسرائيل" “التي لها مصلحة في إشعال فتيل الصراعات وتفجير الوضع الداخلي في لبنان". والرئيس ميشال سليمان حذّر من “المؤامرات التي تستهدف إجهاض المصالحة والتحضيرات للحوار الوطني" الذي يفترض أن يبدأ اليوم. بالطبع، تل أبيب لم تأل، ولن تألو، جهداً لتفجير الأوضاع الداخلية في كل لبنان وكل الدول العربية والشرق أوسطية الآن وغداً وبعد غد. لكن هل لها مصلحة حقاً في تعطيل حوار يستهدف وضع مسألة سلاح حزب الله وصواريخه ومبررات وجوده كمقاومة على بساط البحث؟ كلا بالطبع. وبالتالي، إذا ما قادت خيوط التحقيق إلى اكتشاف يد “إسرائيلية" ملوثة بالدم، فلن يكون هدف تل أبيب تعطيل الحوار الوطني حول سلاح المقاومة، بل ربما كان أحد أمرين: إما منع توحّد الطائفة الدرزية مجدداً حول “سياسة خارجية" وأمنية تبعدها عن محور تل أبيب واشنطن وتقرّبها من محور دمشقطهران. أو إطلاق رسالة تحذير بالغة العنف إلى كل الأطراف اللبنانية بأن سلاماً مع سلاح المقاومة كأمر واقع سيقابل بحرب “إسرائيلية" ضد كل لبنان. بكلمات أوضح: اغتيال العريضي كان بطاقة دخول تل أبيب إلى الحوار الداخلي اللبناني، بعد أن كانت هذه الأخيرة تكتفي في السابق بالتركيز على العوامل الخارجية المتمثلة أساساً بالقرار الدولي الرقم 1701 وبمواصلة فرض الحصار على حزب الله في جنوب لبنان وفي كل أنحاء العالم. وإذا ما كانت هذه الفرضية صحيحة، والأرجح أنها كذلك، سيكون علينا توقّع المزيد من عمليات نوعية “إسرائيلية" من هذا النوع، لا يستبعد هذه المرة أن يكون جنبلاط على رأس اللائحة فيها إذا لم يفهم رسالة اغتيال العريضي كما هي ويوقف “تكويعته" التدريجية ضد 14 مارس/آذار ومع 8 مارس/آذار. فهل يفعل؟ لا أحد يستطيع الجزم، ولا حتى الثعلب السياسي المحنك والحليف السابق المزمن لجنبلاط الرئيس بري. فالرجل غامض إيديولوجياً ومتقلب سياسياً. وعلى الرغم من انطلاقه البراغماتي الدائم من مصالحه الإنتخابية التي تحدد الكثير من سلوكياته، إلا أن خياراته هذه المرة ستكون في غاية الخطورة لأنها تسير على حد السكين الحاد للصراعات الإقليمية الأكثر حدة. عن صحيفة الخليج الاماراتية 16/9/2008