في الخامس والعشرين من ابريل عام 1982 قام الرئيس محمد حسنى مبارك برفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي بالطبع كان هذا هو المشهد الأخير في سلسة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية لم تبدأ الملحمة المصرية في السادس من أكتوبر عام 1973 ، بل بدأت منذ عام 1968 مع انطلاق حرب الاستنزاف التي نقلت الإستراتيجية المصرية من مرحلة الصمود إلى مرحلة الردع . وقد كانت حرب الاستنزاف تمثل ضرورة عسكرية ملخصها ان الجيش المصرى و ان كان فى هذه المرحلة لا يستطيع استعادة سيناء ولكنه يستطيع كسر معنويات إسرائيل بواسطة الاستنزاف . وتستمر مشاهد البطولة حتى تنتهى عام 1973 بحرب العبور المجيدة حيث تجلت أعظم ملاحم الشجاعة والفداء في حرب خاضتها مصر كلها قلبا وقالبا فى مواجهة إسرائيل ، فقد تزلزل الكيان الصهيوني وقضت مصر علي أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. باقتحامها لقناة السويس اكبر مانع مائي واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف.. واستيلائها خلال ساعات قليلة علي الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها.. ثم إدارتها لقتال شرس في عمق الضفة الشرقية وعلي الضفة الغربية للقناة..
أكتوبر و ما بعد النصر توقف القتال تماما يوم 28 أكتوبر 1973 بعدما أدركت إسرائيل انها خسرت المعركة وان الجيش المصري متمسك بمواقعه التي حررها من إسرائيل ووافقت إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار والدخول فورا في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات لتبدأ مراحل المفاوضات من خيمة الأممالمتحدة في الكيلو101 طريق القاهرةالسويس وهي المسيرة التى استمرتا حتى التحرير الكامل للأرض .
ولقد شهدت عملية الانسحاب من سيناء ثلاث مراحل أساسية حسبما ذكر الدكتور طه المجدوب فى مقاله بجريدة الأهرام حيث مثلت المرحلة الأولي النتيجة العملية المباشرة للحرب.. والتي انتهت في عام1975 بتحرير8000 كم مربع ، وتحقيق أوضاع عسكرية تمثل سلاما عسكريا بين الطرفين . وقد تم خلال هذه المرحلة استرداد منطقة المضايق الإستراتيجية وحقول البترول الغنية علي الساحل الشرقي لخليج السويس، ثم نفذت المرحلتان الثانية والثالثة في إطار معاهدة السلام(1979 1982) وتضمنت المرحلة الثانية انسحابا كاملا من خط العريش - رأس محمد والتي انتهت في يناير1980 وتم خلالها تحرير32000 كم مربع من سيناء ليصبح اجمالي الأراضي المحررة40000 كم مربع وتمثل ثلثي مساحة سيناء أما المرحلة الثالثة والأخيرة.. فقد أتمت خلالها إسرائيل الانسحاب إلي خط الحدود الدولية الشرقية لمصر.. وتحرير21000 كم مربع من سيناء . وفي يوم 25 إبريل1982 تم تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء ، وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المكثف.. وانتهت باسترداد الشبر الأخير من أرض سيناء, ورفع عليه الرئيس حسني مبارك علم مصر في مارس1989 بعد إزالة الوجود الإسرائيلي من المنطقة ، لتكتمل مسيرة نضال شعب دامت خمسة عشر عاما. سيناء بعد التحرير بمجرد انتهاء المرحلة الثانية للانسحاب في يناير1980.. انطلقت القيادة المصرية نحو تعمير الجزء الذي تم تحريره في سيناء أكثر من65% من مساحة سيناء ، وبدأت مشروعات ربطه بوادي النيل والعمل علي تحويل سيناء الي منطقة إستراتيجية متكاملة تمثل درع مصر الشرقية. ومن أجل ذلك تمت اعادة تقسيم سيناء اداريا الي محافظتين.. بعد أن كانت محافظة واحدة فقسمت الي محافظة شمال سيناء ومحافظة جنوبسيناء فيما انضمت شريحة من سيناء شرق قناة السويس بعرض20 كيلو مترا الي محافظات القناة الثلاث: بورسعيد والإسماعيليةوالسويس.. تأكيدا لارتباط سيناء بوادي النيل.. حيث لم تعد القناة تمثل حاجزا إداريا يعزل شبه جزيرة سيناء عن وادي النيل وبدأ تنفيذ العمليات الكبري لتحقيق الربط الجغرافي بين وادي النيل وسيناء عبر قناة السويس، فأنشئ نفق أحمد حمدي شمال السويس.. ليمر تحت القناة ويربط غربها بشرقها برا.. كما شقت ترعة السلام جنوب بورسعيد إلي سيناء لكي تروي بمياه النيل ما يقرب من نصف مليون فدان في شمال سيناء . وفي إطار الخطة القومية لإعادة تعمير سيناء والتي ستستمر حتي عام2017.. استكملت عملية الربط العضوي بإنشاء جسرين فوق القناة هما: الكوبري المعلق جنوب القنطرة وكوبري الفردان المتحرك للسكك الحديدية فضلا عن مد خط السكة الحديد بين الإسماعيلية ورفح ويبلغ طوله217 كيلو مترا . وبعد .. فمن حق مصر ان تفخر بدماء أبنائها الطاهرة والتي سالت من اجل تحرير أراضيها وصون كرامتها .. فلنرفع رؤوسنا عاليا احتفالا بهذا اليوم العظيم .