المشهد اللبناني السوري الجديد ممدوح طه في أول زيارة له لدولة عربية وفي ثاني لقاء له مع الرئيس السوري بشار الأسد دشن الرئيس اللبناني ميشيل سليمان في بداية عهده الوطني الجديد مشهدا تاريخيا جديدا للعلاقات اللبنانية السورية، يؤشر على قدرة الشعبين العربيين والعقلاء والحكماء في البلدين الشقيقين على إعادة إثبات أنه إلا يصح إلا الصحيح.
وذلك بالعمل المشترك على تصحيح الخلل الذي أفسد العلاقات بين بيروت ودمشق، وتجاوز مرحلة القطيعة والمنازعات والشكوك والاتهامات التي شابت العلاقات بينهما بفعل التجاوزات والأخطاء المتبادلة وبفعل المؤامرات الأجنبية المقررة للفصل بين البلدين، وعلى بداية صفحة جديدة تعيد صياغة علاقات الأخوة التاريخية بينهما على أسس من الثقة والتكافؤ والاحترام.
ومن بشائر الخير أن هذه الزيارة التاريخية تأتي متواكبة مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية ومع الذكرى الثانية لانتصار المقاومة اللبنانية على العدوان الإسرائيلي الفاشل في حرب تموز2006. عابرة كل العوائق والعراقيل التي حاول بها أعداء وحدة لبنان الوطنية، وأعداء الأخوة العربية اللبنانية السورية، منع هذه الزيارة أو تأجيل حدوثها حتى تستمر القطيعة وتنجح المؤامرة على البلدين معا.
لقد كان الإدراك السائد لدى معظم المراقبين السياسيين العرب بأن ما جرى في لبنان من جرائم وفتن، وما جرى بين لبنان وسوريا من شكوك ومواجهات،إنما هو نتاج مؤامرة دولية عقابا لهما على مواقفهما المشتركة مع المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب اللبناني والجولان السوري، ودعمهما المشترك للمقاومة الفلسطينية، ورفضهما معا للتوجهات الأميركية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، ولمشاريعهما في المنطقة..
وهو ما سبق أن أكده الأمين العام لجامعة الدول العربية بإعلانه من بيروت أن «هناك أيادي شريرة تسعى لضرب الاستقرار في لبنان، وتعمل على الفصل بين لبنان وسوريا».
ولقد كان يقينا ثابتا رغم كل الغيوم الداكنة التي غطت سماء البلدين هو أن العلاقات بين البلدين الجارين التوأمين علاقات استراتيجية لا يمكن فصلها، وأن ما يجمع الشعب العربي الواحد في سوريا ولبنان برباط التاريخ والجغرافيا يجعل منهما شعبا واحدا في دولتين، ويبقى أكبر من أن يفرقه المتآمرون على سلامة سوريا وأمن لبنان..
كما أكدنا هنا مرارا أنه لا حلول ممكنة للأزمة اللبنانية يمكن أن تأتي من خارج دائرة الوفاق والاتفاق الوطني اللبناني، بمظلة أو بوساطة عربية لا غربية وصولا إلى توافق سياسي وطني جامع. ولا علاقات صحية لبنانية عربية إلا بعيدا عن التبعية أو الارتهان لعواصم أو سفارات أجنبية بتدخلها السافر وانحيازها وسعيها الخبيث المعلن للفتنة اللبنانية اللبنانية،والسورية والفلسطينية اللبنانية، أو للوقيعة بين دول عربية ودولة عربية أو إسلامية..
لقد كان الهدف هو استمرار الأزمات بغير حل للسماح بحالة الفوضى المدمرة المطلوبة لتبرير التدخل الأجنبي وتدويل القضايا العربية وفقا لمشروع الشرق الأوسط الجديد. لكن ما تم منذ اتفاق الدوحة وحتى الآن من تطورات إيجابية بانتخاب رئيس الجمهورية والثقة المئوية لحكومة الوحدة الوطنية، والتحركات الإيجابية لتصحيح العلاقات اللبنانية السورية منع المؤامرة على لبنان وسوريا من أن تمر وقطع الطريق على المتآمرين الذين سيحاولون من جديد.
وحتى لا ينقلب الأشقاء مرة أخرى من حلفاء إلى أعداء كما تريد لهم «الأيدي الشريرة» لشغلهم عن عدوهما المشترك، يبقى مطلوب من قادة لبنان وسوريا حل المسائل العالقة وإغلاق الملفات الشائكة بروح من العدالة والمساواة والثقة والتسامح أيضا، بما يحقق إرادة الشعب العربي الواحد في البلدين الشقيقين. عن صحيفة البيان الاماراتية 18/8/2008