بعد جفاء بين البلدين وصل إلى ما يشبه العداء، وبعد ثلاث سنوات من خروج القوات العسكرية السورية من لبنان. يعاود البلدان الشقيقان بداية مرحلة جديدة من التواصل والحوار حيث اتفق الرئيسان السوري بشار الأسد واللبناني ميشال سليمان على إقامة علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء. الاتفاق الاخير هدفه المعلن التطبيع بين البلدين وإقامة علاقات متوازنة تحفظ مصالح كل منهما، وينطلق من اعتراف سوريا بسيادة لبنان واستقلاله وقبولها بالمساواة والندية. ولاشك ان العلاقات السورية - اللبنانية هي علاقات مميزة في بعدها التاريخي، وهي مميزة في واقعها الحالي، ما يدعو إلى التنبؤ بتميز هذه العلاقات في المستقبل. ولعل من أسباب تميز العلاقات السورية - اللبنانية، انها لا ترتكزفقط على المعطيات الجغرافية البشرية والتاريخية ، بل أن الأهم في تميزها استنادها إلى الاحتياجات الاقتصادية والمصالح المشتركة للبلدين، فضلا عن معطيات اخرى تتعلق بالصراع العربي - الإسرائيلي الذي ما زالت سوريا ولبنان، تمثل قاعدة المواجهة السياسية فيه،وذلك بعد أن ذهبت كل من مصر والأردن، والفلسطينيين في اتجاه التسوية السياسية مع إسرائيل، وتوقيع اتفاقات سلام معها. المحطات الرئيسية في تطورالعلاقات بين البلدين : - يونيو1976 : دخلت القوات السورية الى لبنان بعد اندلاع الحرب الاهلية في1975 ، بطلب من تشكيلات مسيحية كانت تواجه وضعا صعبا في مواجهة القوات الفلسطينية و"التقدمية". - اغسطس - /سبتمبر1982 : انسحاب الجيش السوري من بيروت تحت ضغط القوات الاسرائيلية، الى سهل البقاع (شرق). - فبراير1987 : انتشار ثمانية آلاف جندي سوري في بيروتالغربية، وسط معارك بين قوات اليسار والتشكيلات الموالية لسوريا. - اكتوبر1989 : ابرام اتفاق الطائف بين اللبنانيين الذي اقام توازنا جديدا بين الطوائف وحدد اطار وجود سوري "موقت" في لبنان. - مايو1991 : توقيع اتفاقية التعاون والتنسيق والاخوة بين سوريا ولبنان. - اكتوبر1998 : انتخاب العماد اميل لحود القريب من سوريا، رئيسا للبنان. - ابريل2001 : غارة اسرائيلية على موقع سوري بعد هجوم لحزب الله. وانسحاب الجزء الاكبر من القوات السورية من بيروت. - سبتمبر2004 : بمبادرة من باريس وواشنطن، مجلس الامن الدولي يتبنى القرار1559 الذي يدعو الى انسحاب القوات الاجنبية من لبنان. واقرار تعديل دستوري في لبنان لتمديد ولاية الرئيس لحود ثلاث سنوات. - فى اكتوبر استقال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. - فبراير2005 : اغتيال رفيق الحريري. واتهام المعارضة المناهضة لسوريا دمشق بالوقوف وراء الاعتداء بينما نفت سوريا اي تورط لها. وقد انشئت محكمة دولية للتحقيق في الاغتيال في العاشر من يونيو2007 . 14- مارس من نفس العام : مئات الآلاف من المتظاهرين في بيروت ضد "الوصاية السورية" - وفى ابريل: آخر الجنود السوريين ينسحبون من لبنان. - يونيو: اغتيال الصحافي سمير قصير. واستهداف عدة شخصيات اخرى مناهضة لسوريا من بينها وزير الصناعة بيار الجميل الذي اغتيل في نهاية 2006 . - مايو /يونيو: الانتخابات التشريعية تحمل اكثرية مناهضة لسوريا الى البرلمان على رأسها تيار المستقبل الذي يقوده سعد الدين الحريري نجل رفيق الحريري. - اغسطس2006 : وزير الخارجية السوري وليد المعلم يزور بيروت فى اول زيارة لمسؤول سوري بهذا المستوى منذ2005 ). - مايو2008 : اعمال عنف بين معارضين يتقدمهم حزب الله المدعوم من سوريا وايران، وموالين للاكثرية الحاكمة في لبنان. - مايو: وقع اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين، الذي سمح بانتخاب قائد الجيش السابق العماد ميشال سليمان رئيسا للبنان في24 مايو. - يونيو: سوريا تقول انها تنوي فتح سفارة لها في لبنان بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية. - يوليو: شكلت حكومة وحدة وطنية. -12 يوليو: لقاء في باريس بين الرئيسين السوري واللبناني بشار الاسد وميشال سليمان. اعلن عن قرب فتح سفارتين للبلدين. -21 يوليو: وليد المعلم يزور لبنان. ولقد ترتب على أهمية وتميز العلاقات السورية - اللبنانية، أن تم وضع ملف العلاقات بين البلدين في مستوى اهتمام أول في السياسة السورية، وحصر ملف العلاقات بأيدي أصحاب أعلى المناصب السورية منذ ثلاثين عاماً مضت، فكان الملف في يد الرئيس الراحل حافظ الأسد، كما كان موضع المتابعة الأولى من وزير خارجيته الأسبق ونائبه لاحقاً عبد الحليم خدام، قبل أن ينتقل لاحقاً إلى يد نجل الرئيس وخليفته د. بشار الأسد، يعاونه في ذلك وزير الخارجية فاروق الشرع. شكل جديد للعلاقة وعلى ذلك فقد مهدت وكرست هذه التطورات لشكل جديد للعلاقة السورية مع لبنان، وهو ما بدا واضحاً في ابتعاد سوريا عن التدخل في الانتخابات النيابية الأخيرة، وفي محاولة وقوفها على مسافة واحدة من الأطراف اللبنانيين المتنافسين بشدة، وهو موقف سوري جديد في الشأن اللبناني، وقد أضافت دمشق إليه، الدخول على خط التهدئة بين المتصارعين، عندما أفسح الرئيس السوري حيِّزًا من وقته لاستقبال القادة اللبنانيين من كل الاتجاهات على مدى عدة أيام متتالية خلال الانتخابات اللبنانية، مما اعتبر بمثابة رسالة ضمنية إلى القادة اللبنانيين بحياد دمشق، ورسالة أخرى غير مباشرة إلى الرئيس اللبناني أميل لحود بضرورة الوقوف على مسافة واحدة من المرشحين . ولا شك أن البلدين يقفان الآن على أبواب مرحلة جديدة من شأنها أن تؤسس لعلاقات مميزة بينهما، إلا أن الوصول إلى هذا الهدف تحيطه صعوبات لا يستهان بها، وربما سيواجه عقبات تحتاج لمزيد من النوايا الحسنة والثقة المتبادلة وبعض التضحيات للتغلب عليها ..