قوات سورية على الحدود ترحيب دولي وعربي انسحاب 2005 تقرير: إيمان التوني "أطرق الحديد وهو ساخن" هكذا بدا الموقف السوري، بإصدار مرسوم رئاسي يعلن إقامة علاقات دبلوماسية بين سوريا ولبنان، ومن ثم توقيع وزراء خارجية البلدين بيانا مشتركا يؤكد تنفيذ وسريان هذه العلاقات اعتبارا من 15 أكتوبر/ تشرين الأول، وافتتاح سفارتين في بيروتودمشق قبل نهاية 2008. الموقف الذي يأتي بعد أيام من نشر قوات سورية بالقرب من الحدود السورية - اللبنانية. سفارة أم مربع أمني؟! موقف بدا متناقضا بعض الشيء، ما دعا إلى التشكك في دور السفارة السورية في بيروت ومهامها، وسؤال وزير الخارجية السوري "وليد المعلم" عن ذلك، فأجاب بأن "السفارة السورية في لبنان ستقوم بمهامها وتحترم الأنظمة والقوانين اللبنانية ونظام وزارة الخارجية، لكن إذا كان هناك خرق من سفارات أخرى وتجاوز للعرف الدبلوماسي، فإنه لا يوجد مندوبون ساميون في لبنان، هذا مسموح له وذاك غير مسموح له، مشيراً إلى أنه إذا طبق النظام على الجميع سيكون السفير السوري في مقدمة من يلتزم بهذا النظام". وبالرغم من عبارات الترحيب التي وردت على ألسنة المسؤولين في البلدين العربيين الجارين إلا أن البعض لم يستطع إخفاء قلقه وتشككه، ومن بين هؤلاء النائب اللبناني مروان حماده الذي أعرب عن أمله بأن تكون السفارة السورية في لبنان "سفارة بمعنى الكلمة لا مربعا أمنيا إضافيا ولا مرتعا للمخابرات" - على حد قوله - محذرا من نسيان ما جرى خلال السنوات الماضية. وحث على انتظار قرار المحكمة الدولية والتقرير النهائي ل "بيلمار"، في إشارة إلى قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وشبهة تورط سوريا في هذه القضية. وقال إن "هناك بعض الظلال التي لاتزال تحيط بالعلاقات اللبنانية السورية، نتمنى أن تزال ونعود إلى علاقات ندية مميزة، لايكون لسوريا فيها هيمنة على لبنان". كما طالب بضرورة مراجعة الاتفاقيات الأمنية، خاصة التي تجعل من الأمن اللبناني ملحقا بالأمن السوري، وكذلك ما يتعلق بالمجلس الأعلى للبلدين، وأن يعاد النظر بها بما يتناسب مع العلاقات الدبلوماسية بين الدول. وبينما يرى بعض المراقبين والمحللين أن إقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفارات من شأنهما إشاعة أجواء الاطمئنان والاستقرار لدى اللبنانيين من باب الحرص على تنظيم هذه العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية في إطار رسمي، خاصة بعد أن انتخب اللبنانيون رئيسا توافقيا وبعدما أصبح لديهم حكومة وحدة وطنية، يرى آخرون أن تصحيح الخلل الذي اعترى العلاقات السورية اللبنانية وتنقيتها من الشوائب وانتشالها من التبعية التي أريدت لها في يوم من الأيام - وفقا لما يعتقده بعض اللبنانيين - لن يتحقق إلا بالمصارحة واتخاذ خطوات ملموسة وفاعلة تجاه المشاكل العالقة من ترسيم للحدود، واعتراف بلبنانية "مزارع شبعا"، وإعادة المفقودين السوريين في لبنان. قوات سورية على الحدود من جهة أخرى، فإن الإعلان عن تبادل العلاقات الدبلوماسية وما تبعه من ردود أفعال - تجاوزت حدود البلدين المعنيين - لم يستطع أن يواري مسألة نشر سوريا قواتها على الحدود مع لبنان، والذي تقول سوريا أن الهدف من ذلك هو منع التهريب وضبط الحدود، معتبرة أي حديث في هذا الأمر تدخلا بالشأن السوري، مؤكدة أن ما تقوم به يخدم الأمن في سوريا ولبنان، وأن أي تأويلات أخرى لهذا العمل هي لأسباب سياسية "أنانية" لا تخدم مصلحة الشعبين. نشر القوات السورية على الحدود مع لبنان وربما هذا ما أثار التساؤل حول ما إذا كان تبادل العلاقات الدبلوماسية قد جاء نتيجة طلبات أو ضغوط خارجية، ما دعا "وليد المعلم" إلى التأكيد على أن هذا الموضوع أول ما أثير كان خلال اجتماع المجلس الأعلى السوري اللبناني من قبل الرئيس "بشار الأسد" وبحضور الرئيس اللبناني السابق "إميل لحود" ورئيس الحكومة آنذاك "عمر كرامي" ورئيس مجلس النواب "نبيه بري"، وأن الرئيس "الأسد" هو أول من طرح الحاجة إلى إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، ولدى زيارة الرئيس اللبناني الحالي العماد "ميشال سليمان" إلى دمشق صدر بيان بهذا الصدد. وقال المعلم "إن القرار السوري واللبناني والإرادة السياسية للبلدين تنبع من مصلحة وإرادة الشعبين الشقيقين وليست إرضاء لهذا أو ذاك". الأمر الذي أكده أيضا وزير الخارجية والمغتربين اللبناني "فوزي صلوخ"، مشددا على ضرورة وجود تنسيق أمني بين البلدين لإبعاد شبح المهربين وقمع من يحاول زرع الفتنة والتفجيرات. وقال إن مهمة السفارتين هي تكثيف العمل المشترك للحفاظ على الأمن والاستقرار في البلدين. ترحيب دولي وعربي وعلى الصعيد الدولي والعربي، لاقى إعلان إقامة علاقات دبلوماسية بين سوريا ولبنان ترحيبا واسعا، حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية "إيريك شوفاليه" سرور بلاده لذلك، لأن من شأنه العمل على تعزيز الاستقرار في المنطقة. كما رحبت الولاياتالمتحدة بالإعلان نفسه. ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "شون ماكورماك" إقامة هذه العلاقات بأنها خطوة إيجابية. ومن جانبه اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" أن هذا الأمر سيشجع البلدين على تعميق الحوار البناء بينهما. وقال المكتب الصحفي للأمم المتحدة - في بيان أصدره - إن الأمين العام يرحب بالخطوات لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين سوريا ولبنان. وأعلنت مصر أيضا ارتياحها إزاء الإعلان السوري اللبناني، معتبرة ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح. وأكد وزير الخارجية "أحمد أبو الغيط" - في بيان - ضرورة أن يتم البناء على تلك الخطوة بخطوات أخرى تدعم العلاقة المؤسسية بين البلدين في إطار من احترام كل طرف لسيادة الآخر. كما وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية "عمرو موسى" إقامة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان بأنها خطوة إيجابية مهمة تضاف إلى التطورات الصحية على مسار العلاقات بين البلدين. ومن جانبها، رحبت منظمة المؤتمر الإسلامي بالإعلان السوري اللبناني - في بيان لها - مؤكدة أنها خطوة سيكون لها أحسن الأثر في دعم وتطوير العلاقات بين البلدين، والارتقاء بها بما فيه خير وعزة الشعبين الشقيقين في سوريا ولبنان. انسحاب 2005 يذكر أن سوريا اضطرت إلى الانسحاب العسكري من لبنان عام 2005، لتنهي 3 عقود من وجودها بالأراضي اللبنانية، وذلك إثر ضغوط دولية مورست ضدها عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق "رفيق الحريري" واتهام دمشق بضلوعها في ذلك، ومن ثم اتهامها بأنها وراء تصفية وقتل عدد من الشخصيات اللبنانية المناهضة لها. فهل إعلان إقامة العلاقات في 2008 سيمحو انسحاب 2005 ؟!