رسائل عمار الإيجابية طه خليفة جاء عمار الحكيم إلي مصر وبقي فيها عدة أيام والتقي مسؤولين مصريين كما التقي مسؤولين بالجامعة العربية وكان لقاؤه بشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي لافتاً للانتباه وإن كنت لم أستسغ وقوف الإمام الأكبر إلي جواره وهو يتحدث للصحفيين داخل المشيخة لأن مقام فضيلته باعتباره أكبر مرجعية سنية في العالم الإسلامي لا بد أن يحتم عليه ألا يتبسط في مثل هذه الأشياء خاصة أن ضيفه ليس مرجعية شيعية بوزن شيخ الأزهر ولا حتي قائداً سياسياً كبيراً، لكن علي العموم يشكر الدكتور طنطاوي علي بساطته وتواضعه وكرمه الذي أغدقه علي الحكيم الابن. زيارة هذا السياسي الشاب إلي مصر تؤشر إلي دور جديد يقوم به المجلس الإسلامي الأعلي، وهذا الدور بدأ يتبلور عقب انخراط المجلس في منظومة الحكم بالعراق والدور الذي يلعبه في توجيه دفة هذا الحكم. وقد بدأ الدور الجديد الواقعي للمجلس يظهر بشكل أوضح بعد تخليه عن تسميته التي ظلت لصيقة به منذ تشكله وإلي ما بعد سقوط نظام صدام بسنوات وهي المجلس الأعلي للثورة الإسلامية ، إذ أنه لم يعد منطقياً وربما لم يعد مستساغاً أمريكياً أن يظل حاملاً اسم الثورة الإسلامية بعد تحقق هدفه وأهداف الأحزاب والجماعات والتنظيمات العراقية المعارضة في الخارج بإحداث التغيير بالعراق وإسقاط النظام السابق، وهو التغيير الذي لم يتم بأيد وبنضال جماعات المعارضة إنما بالقوة الأمريكية البريطانية ثم دخلت تلك الجماعات إلي بغداد علي الدبابات الأمريكية لتحصل علي نصيبها من كعكة الحكم الذي لم يستقر أو يتوقف التصارع حوله لليوم بين المعارضين السابقين المتنافسين المشتاقين حالياً علي الكراسي والثروات ولو علي جثث الشعب العراقي. القدر وحده هو الذي تدخل ليجعل الفتي عمار الحكيم قائداً بارزاً وأحد ملوك العراق الجدد في غضون سنوات قليلة، إذ ان اغتيال عمه زعيم المجلس الأعلي محمد باقر الحكيم بعد أسابيع قليلة من عودته للعراق من المنفي الإيراني الاختياري أفسح المجال لشقيقه عبدالعزيز - والد عمار - ليتزعم المجلس ثم جاء المرض ليمنعه قسراً عن الظهور والمشاركة في العملية السياسية إلا مرات قليلة وبالتالي لم يكن هناك إلا عمار ليقود هذا الإرث السياسي عملياً كقائد فعلي للمجلس وصاحب كلمة وقول في الائتلاف الموحد الحاكم وفي الحكومة وفي العملية السياسية كلها. ومن هنا تأتي زيارات عمار الحكيم الي مصر ومن بعدها سوريا وغيرهما من بلدان عربية وإسلامية وأجنبية فهو يسير علي طريق الزعامة الروحية والسياسية للمجلس الإسلامي الأعلي في ظل استمرار غياب والده عن الظهور إلا نادراً. في دمشق استقبله الرئيس بشار الأسد بينما في مصر لم يتم استقباله من جانب مبارك لكنه أفاض في كيل المديح لمصر قيادة وحكومة وشعباً وبعث كثيراً من الرسائل الايجابية لمصر خصوصاً وللعرب عموماً من قلب القاهرة للتعاون مع العراق وبناء شكل جديد من العلاقات لإحداث توازن مع إيران وتركيا. إنه توجه مهم وجيد يبعث علي الأمل في ولادة عراق جديد يؤمن بالعروبة ويرفض سياسة المحاور والأحلاف ويريد بناء علاقات مصلحية متوازنة مع أشقائه العرب ومع جاريه إيران وتركيا. عن صحيفة الراية القطرية 5/8/2008