طاهر العدوان الاجابة على هذا التساؤل يُخشى ان تكون (بنعم). فالاحتلال الصهيوني يسعى خلف هذا الهدف كما اعلن ذلك الشيخ رائد صلاح, رئيس مؤسسة الاقصى في ام الفحم داخل فلسطينالمحتلة عام ,48 وكما حذر منه ايضا, النائب الفلسطيني في الكنيست الدكتور احمد الطيبي.
تحتفظ اسرائيل بإرث حافل من الاعتداءات والسيطرة على الاماكن الدينية الاسلامية والمسيحية. وهي تريد تكرار ما قامت به في الحرم الابراهيمي في الخليل في بداية التسعينيات. عندما قسّمت الحرم الى قسمين, واحد يصلي فيه اليهود وآخر للعرب.
وقد جاءت تلك الخطوة بعد مجزرة غولدشتاين الرهيبة عندما فتح النار على المصلين الفلسطينيين وقتل العشرات منهم وهم ركعا سجدا. وبدل ان تقدم سلطات الاحتلال اعتذارها للخليل واهلها, وللعرب والمسلمين, سارعت الى فرض التقسيم في المسجد مكافأة لغولدشتاين ومجزرته, وبذلك تكون اسرائيل قبل غيرها من يقدم الجوائز للارهابيين.
على طريق هدفها, تدفع حكومة نتنياهو قطعان المتطرفين الصهاينة للقيام بمحاولة اقتحام المسجد الاقصى واقامة الشعائر اليهودية فيه, ان هذا العمل يتم كل يوم احد, منذ عدّة اسابيع. والغاية واضحة تماما, وهي جعل محاولة اقتحام الاقصى خبرا رئيسيا في وسائل الاعلام الاقليمية والعالمية. وبغياب اي رد فعل فلسطيني وعربي حاسم, فان تكرار الخبر سيعطي الانطباع بان هناك مشكلة في القدس, وهي حرمان اليهود من الصلاة فيما يعتقدون انه مكان الهيكل المزعوم, وبعد جعل هذه المشكلة امراً واقعا, تأتي الخطوة الاسرائيلية بتقسيم المسجد كحل للمشكلة!.
من المحزن ان نشهد هذا التراجع الفلسطيني في مهمة الدفاع عن الاقصى والقدس. ويوم الاحد الماضي, كان الشيخ رائد صلاح يتحدث (بمرارة) بان الذين يدافعون عن الاقصى هم اليوم, المقدسيون المرابطون, والفلسطينيون داخل الخط الاخضر, في الجليل والناصرة, فيما لف الصمت والهدوء مدن الضفة المحتلة وبينما كان حفنة من الشباب يتصدون بالحجارة وصدورهم العارية لقوات الاحتلال وهي تقتحم الاقصى, كانت قوات الامن الفلسطينية تجري عرضا عسكريا في جنين, محتفية بانجازاتها في قمع الروح الوطنية وشعلة المقاومة والانتفاضة التي ميزت الفلسطينيين في الضفة على مدى 20 عاما!
نعم اسرائيل ستنجح في تقسيم المسجد الاقصى, بعد ان فشلت في اكتشاف اي دليل يعطيها اي حق ديني في المكان بعد 42 عاما من الحفريات تحته. وسيكون هذا النجاح سهلا ومجانيا اذا ما استمرت مواقف السلطة في رام الله ومواقف العواصم العربية على حالها, من اللامبالاة وادارة الظهر لما يجري. وترك مهمة الدفاع لمجموعة قليلة من الشبان المرابطين في الاقصى.
التخاذل الرسمي الفلسطيني في ادنى مستويات انحداره, وبدلا من ان ترسل السلطة وفودا لاجراء مفاوضات غير مباشرة مع حكومة نتنياهو في واشنطن كان عليها ان تجند كل قدراتها السياسية والدبلوماسية والاعلامية للتخييم في جوار مجلس الامن الدولي, وقيادة التحرك العربي والاسلامي لخوض معارك سياسية حقيقية ضد الاحتلال, وضد المستوطنات والتهويد ومن اجل الاقصى.
وطرح مشاريع القرارات واحدا بعد الآخر في جلسات مفتوحة لمجلس الامن من دون خوف من الفيتو الامريكي. بل باستخدام مثل هذا الفيتو ان حدث وسيلة ضغط على ادارة اوباما وعلى اوروبا من اجل جلب اسرائيل الى مظلة احترام القانون الدولي واتفاقيات جنيف واليونسكو.. الخ.
لكن, الاموات لا يسمعون, وفي الوضع الراهن يستحق الشيخ رائد صلاح ومن معه من المرابطين في الدفاع عن الاقصى.
وكذلك الشباب المقدسي, الذين يملكون الكرامة حتى وان كانوا تحت الاحتلال, هؤلاء يستحقون من الامة ومن جميع الغيورين على القدس والمقدسات جميع اشكال الدعم والتأييد. ولهم الدعوات بالصبر والصمود, وللاقصى رب يحميه.0