طاهر العدوان انتهى مؤتمر وزراء داخلية دول الجوار العراقي في شرم الشيخ ببيان ختامي لا يغني ولا يُسمن من جوع رغم توالي حضور كلمات فيه, مثل (أكد) و(دان) و(عزم), فالواقع ان (امن وسلامة العراق) ليسا من مهمات دول الجوار, كما يدّعي وزير خارجيته زيباري. فهذا الامن وهذه السلامة هي مهمة حكومة بغداد من الالف الى الياء.
من غرائب الامور وعجائب السياسات الراهنة, ان نسمع زيباري يهدد جيرانه العرب بالذهاب الى الاممالمتحدة ومجلس الامن ليقي العراق من التدخلات الاجنبية ودعوته لارسال بعثة دولية خاصة لذلك.
وكأن التدخلات الاجنبية, بجيوشها الجرارة, ووكالاتها الامنية (من المرتزقة) لم تأت تحت غطاء زعماء العراق الحاليين, والنتيجة, ان الشعب العراقي اصبح مجرد ارقام تظهر على لوائح (الكوارث العالمية), وآخر هذه الارقام ذلك الذي اعلنته حكومة المالكي امس بسقوط (85) الف عراقي منذ عام 2004 بسبب العنف (اي الارهاب).
فماذا عن تلك الارقام التي سقطت بفعل الغزو والاحتلال. بل ماذا عن آخر رقم رسمي, صدر عن مجموعات نيابية عراقية تتحدث عن وجود (100) الف مواطن في السجون والمعتقلات.
اذا كان لا بد من الذهاب الى مجلس الامن وفق دعوة زيباري لتشكيل لجنة, فان المقترح العادل الذي يتناسب مع قدسية الضحايا العراقيين وكرامة البلد المدمر, ان تشكل لجنة دولية للتحقيق اولا في مسؤولية مجلس الامن والمجتمع الدولي كله عن جلسة الكذب الشهيرة التي عقدها المجلس عشية احتلال العراق, حيث جلس وزير الخارجية الامريكي الاسبق كولن باول, وخلفه مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس والى جانبها مدير السي اي ايه جورج تينت. ليعرضوا ما وصفوه بالحقائق المصورة عن اسلحة الدمار الشامل التي يهدد بها صدام العالم بأسره.
الا يستحق المليون قتيل من ابناء العراق وال 4 ملايين مُهَجّر, ومئات الالاف من المعتقلين, ومليارات بل بليارات الدولارات التي اهدرت في تدمير بنية العراق, الا يستحق كل ذلك تحقيقا في جرائم انسانية بالجملة نجمت عن كذبة عصابة جورج بوش, التي استخدمت مجلس الامن الدولي لغزو بلد صغير من بلدان العالم الثالث, بالاستناد الى جملة ذرائع ثبت الآن بشكل قطعي انها اختلاق وكذب مفضوح وجريمة تحت الشمس.
اذا كان هناك تدخل ايراني, وهو موجود فعلا في شؤون العراق الامنية والسياسية, فليست دمشق وعمان والكويت والرياض هي التي شرّعت الابواب له, انما الاحتلال الامريكي, والاحزاب الطائفية التي جاءت في ركابه لتسيطر على الحكم في بغداد.
واذا كان هناك ارهاب وقاعدة في العراق, وهي موجودة فعلا فتلك لم يكن لها حضور في عراق قبل الاحتلال انما هي صنيعة الظروف والاحوال المظلمة التي نشأت بفضل ومساعدة قيادات العراق الجديد, التي ينتمي اليها زيباري, قيادات شرّعت ابواب البلد للاجنبي لاستباحته من الوريد الى الوريد.
عن اي تدخل اجنبي اذن يتحدث زيباري, اليس هو ومن يمثل رأس حربة هذا التدخل?0