مشروع المسجد الأعظم في جملة متاعب الجزائر * محمد بوكحيل المتتبع لمسألة بناء المسجد الأعظم في الجزائر، يذرك وجود اتجاهين متفقين في التدخل، مختلفين في وجهات النظر حول سير المشروع وصيرورته من جهة، وكيفية التدخل من جهة ثانية.الاتجاه الأول نظر إلى المشروع من حيث الغاية والمآل،دون تقديرا لمؤثرات الجانبية لهذا الإنجاز الضخم مستقبلا.أما الاتجاه الثاني والذي سار بوثيرة أسرع فقد انصب اهتمامه على القدرات المادية المتوفرة مجردة ،دون النظر إلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية الراهنة،فراح يعد ما يمكن تخصيصه من الاعتماد المالية دون الالتفات إلى غايات المشروع ومراميه،مكتفيا في ذلك بما يرضي أطرافا، ويكون في ذات الوقت دفعا لما يصرف النظر ويحمل الناس على الأخذ بالألفاظ والمظاهر دون النيات متناسيا أن الأمور كبيرة كانت هي أو صغيرة تحي بمقاصدها ففي تقديرنا أن كلا الاتجاهين يحمل في خباياه بيان عدم جدواه وعوامل فشله يسبح خارج دائرة المنطق والواقع، بعيدا عن الموضوعية.
إن فكرة إنجاز مسجد الجزائر أو ما يُعرف بالمسجد الأعظم هي حسب المستشار الإعلامي بالوزارة- طمين- في فكرة قديمة تعود لسبعينيات القرن الماضي، ولكن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة جسد ها ،عام2003. حين أدرجت مادة في قانون المالية لبناء المسجد، قبل أن تبدأ الفكرة في التجسد عام 2004 بإنشاء الوكالة الوطنية لإنجاز وتسيير مسجد الجزائر، وفي غشت 2005 تم تعيين مدير عام الهيئة،ومجلس إدارتها المتشكل من 13 دائرة وزارية لها صلة بالمشروع، وأكد ذات المسئول أن الهدف من الانجاز هو التأريخ لحقبة في تاريخ الجزائر،ونفى أن في إطار المنافسة مع المغرب الذي شيد قبل نحو عقد من الزمن مسجد الحسن الثاني، وهو واحد من أضخم المساجد، وأكبر مساجد إفريقيا حاليا. وردا على ا انتقادات أوساط ،وصفت بالعلمانية المحلية لحجم الإنفاق على بناء ثالث أكبر مسجد في العالم على أرض الجزائر، قال مدير الديوان أن المشروع الذي تبلغ تكلفته المبدئية 200 مليون دولار سيمتد على مساحة 20 هكتارا، وستنتزع مئذنة المسجد (300 متر) "لقب أعلى مئذنة في العالم من نظيرتها في مسجد الحسن الثاني والتي تعدّ الأعلى حاليا بارتفاع 210 أمتار، و يستوعب 120 ألف مصلّ به مساحات أرضية وما تحت أرضية ومركزا للقرآن فيه مكتبة تضم كتبا ومراجع في شتى العلوم الإسلامية، ومدرسة تضم قاعات للمحاضرات والندوات تستوعب 1500 شخص،.فمن شأنه المساهمة في مكافحة البطالة ،وتشغيل هذا المجمع الديني ستوفر عمليا، 2800 منصب عمل دائم، بجانب الآلاف من فرص العمل المؤقتة . للإشارة فإن الجزائر تضم حاليًّا أكثر من 18 ألف مسجد، وأكبرها الجامع الجديد بالعاصمة الذي يعود إلى عام 1660، والجامع الكبير الذي يعود إنشاؤه إلى القرن التاسع عشر، ومسجد القصبة الذي بناه الأتراك في نهاية القرن الثامن عشر،هذا التباين بين الواقع والمفترض،والتوازي بين الرأي والرأي الآخر،يطرح ألف سؤال حول سير المشروع ومآله،ويدرجه في دائرة متاعب الجزائر. وللتوضيح أكثر ارتأينا أن نوجز مسار المشروع خلال الفترة (2003.-2007)،حسب ما يسمح به المقام ،يرجع البدء في مشروع المسجد الأعظم إلى كما أسلفنا إلى2003،عندما أدرجت مادة في قانون المالية تخص بناء المسجد ،قبل أن تبدآ الفكرة في التجسيد عام 2004بإنشاء الوكالة الوطنية لإنجاز وتسيير المشروع،وعين مديرها العام في أوت 2005 إلى جانب مجلس إدارة من13دائرة إدارية كشف مصدر في وزاره الشؤون الدينية و الأوقاف الجزائرية انه تم إقصاء العرض الذي قدمته إيران الخاص بانجاز التصميم الهندسي للمشروع ،وقال ذات المصدر إن الإقصاء مس كل من إيران التي قدمت ادني عرض 5.971مليون أورو، لا يكفي، وألمانيا التي قدمت علي عرض12.918مليون أورو فهو غال جدا.وبعد إقصاء ايران وألمانيا لم يبق في سباق الفوز بهذه المناقصة سوي ثلاثة مكاتب من فرنسا وبريطانيا وتونس، لم يعلن بعد رسميا عن الفائز بينهم. وقد آثار موضوع هندسه المسجد الأعظم بالجزائر جدلا في أوساط المهندسين الجزائريين، و كثيرا من التعاليق الإعلامية بين مناصر للهند سه ألإسلاميه ،ومناصر لهندسة حديثة،كماأن الرئيس بوتفليقة لم يعلن على العرض الفائز بإنجاز مسجد الجزائر الأعظم ليلة القدر مثلما كان متوقعا، حيث أخذ الوقت لاختيار التصميم الأحسن للمسجد أكثر وقتا مما كان متوقعا، وتؤكد مصادر من محيط الرئيس أن بوتفليقة يولي أهمية خاصة للمشروع ما جعله يوسع الاستشارة إلى خبراء في الميدان ويتحاشى التسرع. وقد يتبادر إلى الر الأذهان اسم صحراوي و المهندس المعماري المقاول في الوقت ذاته الذي قيل عنه أنه قدم الفكرة للمسئولين الجزائريين وأبدو نية حسنة لدعمه وإخراجه إلى النور لتتباهى بمنارته جرائرنا البيضاء أمام العواصم الإسلامية ، ويستفيد من نور علمه وهديه شعبنا العظيم .لكن بعد نشر المناقصة وجد نفسه مقصيا حسب علمنا. بعد هذه المدة قرر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، تجميد المسار المتعب في التصميمات الفنية والهندسية للمشروع بسبب تقارير وصلته من مكاتب المشاركين في مناقصة السنة الماضية، أحدهما فرنسي وآخر كندي، قدما طعونا في العملية ومصداقية مكتب الدراسات الكندي (مؤسسة : دايسو سيوبران)، المختار في المناقصة الدولية في جوان 2006 من بين أربعة مكاتب متخصصة و-اتهامه بالتحايل- في الإجراءات. لكن الوكالة الوطنية لإنجاز المسجد الأعظم لم ترد عليهما وكان قد أفاد مصدر رسمي أن المرحلة التقنية لهذا الانجاز ستعرف تأخرا بسبب تحفظات الرئيس بوتفليقة بشأن طريقة اختيار مكتب المرافقة كما لفتت انتباهه إلى وجود نزاعات دولية كثيرة ،وسلطات ببلدان تتهم المكتب بالإخلال بالتزاماته، ومن بين هذه البلدان( الفيتنام والفيليبين). مع أن الدولة تعهدت بدفع 137 مليار سنتيم ، لتكاليف الدراسات الهندسية للمشروع ، بالإضافة إلى ملاحظة رئيس اتحاد المهندسين الجزائريين حول الدراسة المخبرية واختيار الأرضية والمكان،ذلك ما جعل الرئيس يتوجس من الظروف التي أحاطت بكامل العملية ويقرر تجميدها مؤقتا وطلب من مدير ديوانه، محمد مولاي قنديل،إيفاده بتقرير معمق عن القضية. بعد هذه اللمحة المختصرة جدا يمكننا القول أن الارتجال والذاتية في تسيير شؤون الأمة لا ولن تكون نتائجها في صالح الأمة،لهذا نضم صوتنا إلى المحتجين على تكلفة المشروع ،فهي فوق طاقة البلاد في الوقت الراهن،ثم إن تسيير المؤسسة التي من المقرر أن تنطلق بها أعمال الإنشاء التي تتولى شركة كندية القيام بها في عام2009م،وتنتهي عام2013مقد يكون أصعب من البناء،لكبرها وطبيعة نشاطها،خاصة وبلادنا تفتقر إلى الأمن، إضافة إلى موقعه في البوابة الشرقية للعاصمة،وقربه من قصر المعارض، ونزل *هلتون*ولنتصور معا المشهد كيف تصبح بوابة العاصمة،إضافة إلى الازدحام واختناق الطرقات أوقات الصلوات وصلاة الجمعة على الخصوص، وأيام الملتقيات والندوات التي سيحتضنها المجمع، فيما يتعلق بنظام المرور .ومن جانب آخر ضبط النظام العام مقاطعة المحمدية والتحكم الأمني في الجهة الشرقية للعاصمة. ** الجزائر