مع بداية ظهور ماسمي بفيرس إنفلونزا الطيور .. وحالة الرعب والهلع .. والتهويل من قبل منظمة الصحة العالمية وتهديدها لكافة الدول بتحميلها مسئولية تحويل الفيروس الضاري من الطيور الي البشر.. ليصبح وباء عام.. ورغم علم الجميع أن هذا الفيروس من أضعف الفيروسات .. وأنه بإجراءات بسيطة تتمثل في إجراءات الوقاية والسلامة ومبادئ الصحة العامة يمكن القضاء عليه وإحتوائه ، وأنه لاضرر من التناول .. حيث يقضي علي الفيرس في درجة حرارة 70 مئوية..
ونتيجة التهويل والمغالاة والخوف من هذا الوهم.. قام مواجهي الأزمة الي إتخاذ قرارات وإجراءات سريعة .. كانت لها إنعكاسات ضارة كادت تقضي علي صناعة الدواجن الناجحة والممثلة في إستثمارات ضخمة حققت لنا الأكتفاء الذاتي من اللحوم البيضاء .. بل لا إبالغ إذا قلت أنها مست كل إنسان في بلدي فالذي لايعمل في هذا المجال ..فهو متناول لهذه اللحوم..!!
وقد كتبت في حينه عشرات المقالات تناولت فيها جميع جوانب الأزمة والحلول اللازمة لمواجهتها.. وبعد مرور ثلاث سنوات .. فوجئ العالم .. بمنظمة الصحة العالمية .. تعلن عن ظهور أول إصابة بشرية ، وإنتقال فيرس الطيور الي البشر عن طريق الخنازير.. وتسارع المنظمة برفع حالة الطوارئ.. و تقسيم العالم الي مناطق..وحسب إنتشاره الي 6مستويات لكل مستوي إجراءات يجب علي كل الدول إتباعها .. أعلاها المستوي السادس – عندما يصل العالم الي حالة وباء.. !!
هل تطور الحالة ودرجة خطورتها يستدعي أن تقوم كل الدول بتدبير المبالغ الضخمة للحصول علي الفاكسين والتطعيم والكمامات وغيره من الأدوات والمستلزمات المصنعة من الشركات الكبري في الدول الكبري..؟؟ أم أن الحل هو أجراء بسيط جدا .. موصي عليه من قبل الأديان .. وزارة الصحة في كل البلدان .. وهو النظافة من الإيمان ..!! شوفوا علاجنا النهاردة للمشكلة وما تم من ثلاث سنوات... البلدي .. البلدي.. يا خوفي علي البلدي .. وبلدي .. وأهل بلدي. وأعني هنا بالبلدي... كل فرخة بلدي.. وكل بطة بلدي..!!
كل جوز زغاليل في البيت متربيين .. وفي أمان الله.. وكلين.. شاربين.. وحتي الوز المسكين.. كل دول .. من أصل الحضارة .. موجودين.. وعلي حيطان المعابد.. مرسومين..!! وعلي ضفاف النيل..طايرين .. حاطين .. وعلي إيد .. أجددنا.. وأبائنا وصلوا إلينا سالمين ..أمنيين.. بتعملوا أيه فيهم ..ياحلوين..؟؟ من غير تفكير.. عليهم بالإعدام حاكمين...!! عموما - الكل معذور.. فهذه ضريبة العولمة.. وطبعا .. التهويل.. والتخويف.. من انتشار وباء (وهمي).. يهدد البشرية.. وفي بلد مستهدف بالفيروسات ( الإشاعات) .. مستغل ظروف شعب طيب.. أثقلته الهموم00 تحولت فيها سلوكياته00الي السلبية ( اللي تفرس) .. معذور .. فهو ضمن منظومة الهرم المقلوب..!!
ودولة.. كل همها التغيير الي الأصلح..والناس مش مصدقين.. ويعيني معذورين.. ماشفوش يومين حلوين... حتي ياربي.. لما جم يفرحوا بكاس الأفريقيين .. رجعوا جري علي الهم .. مجابهين.. المهم ..لاأحد يختلف علي أن صحة الأنسان ..هي الهدف الرئيسي.. ولكن.. بعد زوال أثر الوهم .. وانجلاء الحقائق علي أرض الواقع.. تعالوا.. نفكر جميعا و بهدوء.. ومش لوحدكم.. فإذا أردتم أن تصلحوا..فشاركوا..!!
وهنا00أذكر.. متخذ القرار.. أن هناك واقع بياناته غير مدونة .. ولا حاضرة..وغير محصورة أصلا..!! وسأضرب مثالا علي ذلك..ودي حاجة كلنا عايشين فيها اليوم.. هل لدي متخذ القرار بيانات وإحصاءات عن حجم مزارع الدواجن المنتجة للدجاج البلدي ..والساسو (المهجن مع البلدي) نتيجة جهود خبرائنا في مراكز البحوث ..وتجارب المربيين..؟؟ هل هناك بيانات عن عدد مزارع البط من أمهات وتسمين لحم.. وحجم إنتاجها؟؟
هل هناك بيانات عن حجم إنتاج معامل التفريخ البلدي( والتي إزدادت ووصل عددها الي حوالي 1000% من المدون في موسوعة وصف مصر والمرصد من شباب وعلماء الحملة الفرنسية ) والمعامل الحديثة منها؟؟ وهل هناك بيان عن عدد وحجم وأنواع الإنتاج في المزارع الغير مرخصة في جميع أنحاء مصر؟؟؟ وبالطبع لن يكون هناك رصد لعدد العاملين في هذا القطاع الضخم.. لأنه ببساطة غير منظم وغير مقنن تصوروا الكم الهائل من العاملين في هذا القطاع في جميع حلقاته (( وهنا أذكر أن مشروع الرقم القومي وسرعة إتمامه)) سيساعد علي إنجاز وحل قضايا كثيرة في حياتنا..
نعود الي موضوعنا.. إن حجم الإستهلاك اليومي من الدواجن في مصر هو 2مليون طائر.. مليون بداري تسمين (فراخ بيضاء) ومليون (دجاج بلدي ومهجن وبط بأنواعه) الدجاح الأبيض رغم الخسائر المادية لايشكل مشكلة معقدة ..حيث أن الإجراءات التنظيمية مع تعويض المتضررين.. سيعيد التوازن خلال 6 أشهر علي الأكثر.. أما المليون الآخر فهو صاحب المشكلة الأكبر والأكثر تعقيدا.. حيث لايوجد بيانات أو إحصاءات حقيقية ..تساعد متخذ القرار علي معرفة مدي التأثير الهائل ..علي البلدي.. وبلدي .. وأهل بلدي..
طبعا كلنا عارفين الفرخة البلدي اللي حجمها " قلة " وطعمها لذيذ وأحلي من العسل واللي النسيرة منها تشفي العليل..!! وتفكرك بالزمن الجميل .. ويحضرني هنا قصيدة للشاعر السكندري أمين قاعود00 في أحد أيام يوليو من عام 1978م كنا في ضيافة الأستاذ / حمدي الشوبري .. بمنزله في قرية محلة مرحوم مركز طنطا – والمجاورة لقرية برما.. معقل إنتاج الفراخ البلدي والبط بأنواعة والذي يتم توزيعه علي كافة محافظات مصر .. حتي أسوان..!!
بيت مثله كثير في الريف المصري.. مكون من طابقين .. في مقدمته حديقة بحري مساحتها حوالي قيراطان..بها جلسة صيفي (شخشيخة) يعني.. مصنوعة من سعف النخيل .. لاتراها الا علي شواطئ هاواي..أو هونولولو.. وتكعيبة عنب في الممر المؤدي الي المنزل.. ويزدحم المكان بكافة أنواع الخضار.. فجل ..جرجير.. خضرة محشي .. ونعناع وملوخيا.. وكام زرعة فلفل.. علي طماطم وشجرتين ورد بلدي ..وكمان فل وياسمين..وفي وسطهم طرمبة ميه إرتوازي .. ويوجد عشتان أحدهما للفراخ .. والأخرى للبط.. وأمام البيت شجرة توت عريقة.. تظلل وتلطف المكان في أوقات الحر والقيظ الشديد..
وعند تقديم الطعام ، في صينية نحاس كبيرة ازدحمت بكافة الأطعمة الشهية يتوسطها دكر بط بلدي.. يحيطه حراسة من ثلاث دجاجات بلدي ..ووضعت الصينية عل الطبلية ..طبلية عمولة صنعها عم جرجس النجار ( واللي ميعرفش الطبلية هي تربيزة السفرة اللي أكلنا عليها كلنا جالسين00 وهي عبارة عن قرصة خشب كبيرة ومدورة لها أربع أرجل وارتفاعها لايزيد عن 30 سم) وتقدم صاحب الدار وقال لنا أتفضلوا بالهنا والشفا.. دكر البط والفراخ دول ..بلدي.. تربيتهم علي إيد أم حمدي ..من أكل البيت أكلتهم .. وبسم الله دبحتهم.. وسلقتهم .. وحمرتهم .. وبسماحة نفس قدمتهم..
وكنا جميعا حول الطبلية..جالسين.. وعلي المحمر باصين..وسيل اللعاب بالعيين.. وبالأيدي متحفزين ..وفجأة علي صوت الشاعر أمين قاعود من الأحلام صاحيين.. " عارفين النعمة اللي أنتو فيها يابني أدمين.." وأرتفعت الأصوات : طبعا .. طبعا .. والحمد لله رب العالمين.. وألقي علينا مقطع من قصيدة عنوانها ( الطبيخ) واعدا أن يلقيها علينا كاملة بعد الطعام.. وكانت الفرخة الجميلة.. لو يوم ذبحناها في ليلة..توري لعنينا العجب.. تقولش بنحمر دهب..!!
ولا.. الست زهية.. اللي تجاوزت الخمسين ..وبدون خلفة وهي و جوزها ..علي بعض محاجيين.. كل متعتها تجيب الشوية الفراخ ..وبكل حب ..وعشق ..تربيهم وتراعيهم وروحها فيهم.. ومعوضينها عن البنات والبنين..!! ولما أعلن عن اكتشاف حالات الفيرس.. واتخذت القرارات علي عجل.. و إنفجرمعها بركان التهويل الإعلامي..!!
ووقع البسطاء نهبا لإشاعة من هنا.. وأخري من هناك.. قام جوز الست زهية قالها : قومي إدبحي الفراخ..إحنا مش قد الغرامة.. ومع اعتراضها علي الذبح .. وإصرار جوزها اللي مش عاوز مشاكل.. وبكاء.. مع ولولة.. ونحيب.. ومرور السكين علي رقاب الدجاج المسكين.. وبعد مرور عشرة أيام علي يوم النحر العظيم..!!
وكل ليلة..يصحو زوجها المسكين.. مذعورا علي صوت وعويل.. ولادي..فراخي.. دبحتوهم .. يامفتريين..!! ومن الحالات دي كتير00 فرحمة.. يا أصحاب القرارت متخذين.. بالبلدي .. و بلدي.. وأهل بلدي.. وعلشان خاطر ربنا .. وإنتوا مجتمعين .. بالهدوء والتفكير .. حافظوا علي الباقيين..!!