انتخابات الشيوخ 2025.. اصطفاف العشرات أمام لجنة عابدين الثانوية بنات    بدء ماراثون انتخابات مجلس الشيوخ 2025 في دمياط.. وزحام أمام اللجان في أول أيام التصويت    أسعار الدواجن والبيض اليوم الاثنين 4 أغسطس 2025    الرئاسة الفلسطينية: لا أمن في المنطقة دون حقوق الفلسطينيين.. وعزلة دولية متزايدة لإسرائيل    جوزيف عون: الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة في حادث تفجير مرفأ بيروت    انتخابات الشيوخ 2025.. اصطفاف الناخبين أمام اللجان بالوراق| صور    توافد المواطنين على لجنتي مدرسة ياسر الحديدي والملك فهد بمدينة نصر للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الشيوخ (صور)    تنسيق الثانوية العامة 2025.. كليات تقبل من 65% في المرحلة الثانية أدبي «قائمة كاملة»    أسعار الذهب في مصراليوم الاثنين 4 أغسطس 2025    أسعار الدولار اليوم الاثنين 4 أغسطس 2025    أسعار اللحوم بشمال سيناء اليوم الاثنين 4 أغسطس    طوارئ بالسكك الحديد لنقل القضاة والمشرفين على الانتخابات    فتح لجان التصويت أمام المواطنين ب«عابدين الثانوية بنات» في أول أيام انتخابات الشيوخ 2025    بدء ماراثون انتخابات الشيوخ بشمال سيناء.. وتوافد كبير للناخبين علي لجان العريش وبئر العبد    الدفاع الروسية: إسقاط 11 مسيرة أوكرانية في أجواء عدد من المقاطعات الروسية خلال ساعتين    موقف الزمالك من ضم وسام أبوعلي (خاص)    موعد مباراة ليفربول وأتلتيك بلباو الودية والقنوات الناقلة    تمهيدًا لإنتقاله إلى الزمالك؟ سر استبعاد مصطفى فتحي من وديتي بيراميدز أمام سيراميكا وأسوان    أجواء آمنة ومنظمة.. انطلاق عملية التصويت بلجان انتخابات الشيوخ في الإسماعيلية    تجديد حبس عاطل بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين في الزيتون    الأرصاد: الأقمار الصناعية ترصد سحبا منخفضة على القاهرة والوجه البحري    ميرنا جميل تكشف عن أعمالها الفنية المقبلة    قبل «ابتدينا».. جانا وعبدالله عمرو دياب حاضرين في مشوار «الهضبة» منذ 13 عامًا    ليلى عز العرب: كنت أتمنى الاتجاه للغناء.. وما زال الحلم مستمرًا    حملة «100 يوم صحة» تقدم 28 مليونا و901 ألف خدمة مجانية خلال 19 يوما    70 شهيدا من طالبي المساعدات في قطاع غزة.. و"أوكسفام" تحذر من إبادة جماعية    أستراليا تتعهد بتقديم مزيد من المساعدات لغزة بعد مسيرة حاشدة في سيدني    ارتفاع عدد ضحايا غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل اليمن إلى 140 شخصا    حدث استثنائي لياسر إبراهيم.. 20 صورة ترصد أبرز أحداث مباراة الأهلي الودية ومنتخب مصر للشباب    اشتعال النيران في سيارة ملاكي بطريق كورنيش النيل بمدينة أسوان    «اللقب الغائب والحلم الأهم».. تحديات تنتظر زيزو مع الأهلي في الموسم الجديد    4 لاعبين أثاروا الجدل خلال فترة الانتقالات الصيفية الجارية    إعلام عبري: إسرائيل وأمريكا قد تستغرقان عدة أشهر للتوصل إلى اتفاق جديد مع حماس    النادي في أزمة.. النفطي يكشف تفاصيل محادثته مع حمزة المثلوثي    أحداث ساخنة بعد منتصف الليل.. تغطية لليوم السابع حول ما يحدث فى العالم (فيديو)    الزمالك يعلن قبول اعتذار أحمد سالم.. تفاصيل    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 4 أغسطس    بشرط تسجيل المواشي.. رئيس شعبة القصابين: الحكومة ستوفر الأعلاف المدعومة لصغار المربين    بعد تضارب أقوالها.. قرار عاجل من النيابة بشأن والدة أطفال المنيا الستة المتوفين    القليوبية تنتهي من الاستعدادات النهائية لانتخابات مجلس الشيوخ| صور    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال شهر يوليو 2025    مصرع شاب مجهول الهوية صدمه قطار في قنا    ال 92% ب 12 ألف جنيه، القبض على سيدة زعمت قدرتها على تعديل درجات الثانوية العامة    تعانى من ألم شديد.. تفاصيل تطورات الحالة الصحية للمطربة أنغام    «لا تقلق.. أنا بجانبي» للكاتب عمرو فؤاد.. خواطر أدبية تغوص في أعماق المشاعر الإنسانية    ليلى عز العرب: لم أعاصر جدي الموسيقار أبو العلا محمد.. لكنه كان متفتحا وعظيما    بعد القبض على تيكتوكرز.. محمد هنيدي يعلق: «إللي بيشتم أهله بيكسب أكتر من الشقيان»    حدث بالفن | أزمات حفلات الساحل وورطة تامر حسني على المسرح والحالة الصحية ل أنغام    ما حكم عدم تنفيذ الابن لوصية الأم برعاية أخواته؟.. أمين الفتوى يجيب    القبض على ليلى الشبح عقب بث مباشر في منزلها    «القومى للاتصالات» يختتم فعاليات المرحلة الثالثة من مسابقات المنتدى الأفرو- آسيوى للابتكار    طريقة تحضير أفضل صلصة طماطم في مطبخك.. أحلى من الجاهزة وبدون مواد حافظة    وكيل صحة شمال سيناء يوجّه برفع معدلات الأداء ضمن مبادرة "100 يوم صحة"    مديرية الصحة بشمال سيناء تضع ضوابط جديدة لتنظيم العمل بالإدارات الفنية والإدارية    الإفتاء: فقدان قلادة السيدة عائشة كان سببًا في تشريع رخصة التيمم للمسلمين    كتب ممنوعة (1)    دعاء الفجر | اللهم فرج همي ويسّر لي أمري وارزقني رزقًا مباركًا    "الدنيا ولا تستاهل".. رسالة مؤثرة من نجم بيراميدز بعد وفاة بونجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باكستان ما بعد المسجد الأحمر
نشر في محيط يوم 24 - 07 - 2007


باكستان ما بعد المسجد الأحمر
بدر عبدالملك
بدا انقلاب برويز مشرف عام 1999، آخر انقلاب عسكري عرفته باكستان ضمن سلسلة الانقلابات العسكرية منذ تأسيسها، إذ أكدت حكومة مشرف قبضتها القوية على النظام، في ظل ظروف وأوضاع وتوازنات داخلية وخارجية مختلفة. فعشية الانقلاب أعلن الرئيس أن فترته العسكرية لن تطول، حالما يرتب الوضع الداخلي، فقد كان نموذجه الأعلى تركيا العلمانية المسلمة بمجلسها العسكري، بوضع القبضة العسكرية على البلاد بينما يترك المجتمع المدني ومؤسساته الدستورية تمارس سلطاتها وصلاحياتها.

في تلك الفترة كان التحالف مع الإسلاميين مهما ضد أقوى مجموعتين مدنيتين علمانيتين مناهضتين لحكمه، مجموعة نواز شريف ومجموعة بناظير بوتو، وكلاهما يتمتعان بنفوذ شعبي واسع في الوسط المدني والعسكري، غير أن القوى الإسلامية وجدت فرصتها في تحقيق مكاسب تخدم مصالحها البعيدة، بل ولم يكن في صالح مشرف معاداة التيارات الإسلامية في الداخل، بينما في الجوار القريب هناك حكومة طالبان تتحكم وتدير أفغانستان، التي كانت على تناسق وتحالف وتعاون كبير مع كل الحكومات الباكستانية المتعاقبة.

ودخلت باكستان مع انقلاب مشرف حقبة جديدة، مارس فيها سياسة العصا والجزرة مع الإسلاميين، فمن جهة بدت الملاحقات والتضييق على العناصر المتشددة في باكستان واضحة للعيان، خاصة بعد تفجيرات الخبر وكينيا، في وقت بدأ الغزل والتفاهم مع التيارات الإسلامية المعتدلة، يفتح آفاقاً لقياداتها ويحقق لهم مواقع سياسية ومهنية في الحكومة الانقلابية الجديدة.

لم يدم التحالف وتماسكه الداخلي مع الإسلاميين أكثر من عامين، فمع تفجيرات أحداث سبتمبر عام 2001 وجدت حكومة مشرف نفسها معنية بتمتين تحالفها مع شريكها الاستراتيجي في مكافحة الإرهاب، خاصة وان باكستان وأفغانستان شكلتا خزان الإرهاب الذي هدد الولايات المتحدة ونفذ عمليات تاريخية مروعة لن تنساها الذاكرة العالمية، والأميركية على وجه الخصوص.

ونتيجة للضغط الأميركي اهتز التحالف الداخلي، حيث دمرت الولايات المتحدة حكومة طالبان، وتشرد عناصرها في الجبال والشريط الحدودي ما بين الدولتين، وكان على مشرف أن ينشر هناك 80 ألف جندي لتعقب المسلحين، الذين احتموا بالمنطقة الجبلية الوعرة، وكان عليه أن يحارب في تلك المنطقة، عاملي الطوبوغرافيا والديموغرافيا، وفي بيئة ثقافة إسلامية متشددة، وأمية عالية، وتقاليد قبلية معقدة وفقر شديد.

وعلى الرغم من تعليق عضوية باكستان في الكومنولث عشية الانقلاب احتجاجا على طريقة إدارة الحكم، غير أن أحداث سبتمبر أعادت أهمية دور مشرف في الكومنولث في مكافحة الإرهاب. وفي الوقت ذاته حاول مشرف تحقيق توازن بينه وبين القوى الإسلامية المعتدلة والمعارضة العلمانية، بإقامة محادثات سلام مع زعماء القبائل والمسلحين الموالين لطالبان، والذين كانوا على الدوام قادرين على تحريك تظاهرات في الشارع، مؤيدة بهتافاتها لأسامة بن لادن والملا عمر.

شهدنا احتقانا متزايدا منذ 2001-2005، وسلسلة من محاولات الاغتيال الفاشلة للرئيس، ونزاعات وخلافات مدنية في مناخ سياسي واجتماعي تسيطر عليه ذهنيات قبلية ودينية في الأطراف، وفساداً مالياً وإدارياً مستشرياً في المركز والعواصم الرئيسية.

ولم تنفع خطب مشرف وتعهده بنشر الإسلام المعتدل، إذ أغضبت المتشددين سلسلة الإجراءات التي بدأت تطالهم، فمن واشنطن كانت الضغوط مستمرة، بل وحتى من جارها ورئيسها قرضاي (2006) لاحقت باكستان تهمة التراخي في عدم جديتها في ملاحقة الإرهاب. وترك الجماعات الطالبانية تجول وتصول في أراضيها التي أصبحت مرتعا لهم ولمعسكراتهم التدريبية في المدارس الدينية، وصارت المنطقة الحدودية خزانهم ومركز خططهم وقادتهم ومحل إيواء الهاربين من الجنسيات المختلفة.

بين ضغطين داخلي وخارجي، وجد مشرف نفسه معنيا «بتنظيف اصطبلات اوجياس» فجاءت خطبه بأنه لن يتسامح مع التطرف، وسوف يستمر في مكافحة تهديد الإرهاب بتصميم وقوة. فانصبت تلك المكافحة في ملاحقات العناصر، إجراء سلسلة مراقبة المدارس الدينية وتوثيق طلابها، ترحيل الطلاب الأجانب ووقف تأشيرات الدخول لهم، مراقبة سجلاتها المالية، منع المتطرفين من جمع التبرعات والظهور بأسلحتهم، منع انتشار المطبوعات والتسجيلات التي تحض على الكراهية.

وبذلك شهد عام 2005 تصاعدا في المواجهة والاحتقان بين الإسلاميين وحكومة مشرف، حيث وجدنا شودري شوهات حسين رئيس حزب رابطة مسلمي باكستان، وهو الحزب الرئيس في الحكومة، قد حث الرئيس على إعادة التفكير في خطواته وإجراءاته.

ولكن الشرخ اخذ في الاتساع يوما بعد يوم، كلما لاحقت السلطات الحكومية بؤر الجماعات المتشددة، ابتداء من محاصرة 13000 مدرسة دينية، ومتابعة مدارس عند الحدود غير مسجلة. وأصرت الحكومة على التسجيل الرسمي وشددت قبضتها، في أعقاب تفجيرات يوليو 2005 في لندن.

وكان هناك ترابط دائم بين تفجيرات بريطانيا في عامي 2005-2007 وبين المدارس الدينية في باكستان. تلك المعلومات الاستخباراتية، عن دور المدارس المعلن والخفي، برزت أثناء الحوار بين هيئة الأوقاف المسؤولة عن 10 آلاف مدرسة، والاتحادات الخمسة التي تمثل المعاهد الدينية الإسلامية، حيث رفضت المدارس الدينية التسجيل إلا في حالة إلغاء اشتراط أن تكشف عن حساباتها المالية !!

وقد حاولت بعض الأصوات استنكار التهم، مثل مفتي منيب الرحمن الناطق باسم اتحاد تنظيم المدارس الدينية بقوله «إن المدارس لم تتورط بأعمال إرهابية ونشاطات مسلحة»، أما مولانا ولي خان المتحدث باسم هيئة الأوقاف فقد أشار بأصبعه لاتهام مشرف بأنه ينفذ أوامر أميركية قائلا «كنا نعلم انه سيتخذ هذه الخطوة لإرضاء أميركا والدول الغربية الأخرى».

وتزايد غضب المناطق الجبلية والإسلاميين المتشددين في أكتوبر 2006، عندما شنت طائرات باكستانية غارة على إحدى المدارس الدينية، وأدت إلى مقتل حوالي 80 شخصا، باعتبار أن المدرسة كانت معسكرا للتدريب، وكان من بين القتلى رجل الدين المتشدد مولاي لياقة الله حسين، وقد كان حسين من المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية في المنطقة.

سيتكرر المسلسل مع المسجد الأحمر، الذي قاده عبد الرشيد غازي وكان يمارس تطبيق نمط طالباني في محيط إسلام آباد، ومع موتهما صارا شهيدي العقيدة في نظر الشبيبة والطلاب. ويقبع حاليا في السجن شاهزاد تنوير، احد المتهمين في أحداث بريطانيا الأخيرة، وبأنه درس في مدرسة إسلامية لمدة شهرين بباكستان، مما يجعل حكومة مشرف تحت ضغوطات جديدة، كان على أثرها تصعيد العمليات ضد المسجد الأحمر.

فماذا كانت نتائج العملية وتحقيقاتها الأمنية، تصعيد بين الطرفين، فمن جهة بدأت الحكومة في التمشيط وإعادة النظر في سياساتها، ومن جهة أخرى تصاعدت العمليات الانتحارية والتفجيرات في مناطق مختلفة من البلاد، كمؤشر جديد لامتحان القوة، وبأن باكستان مقبلة على منعطف تاريخي خطير يتجاذب فيه الصراع بين قوى العسكر والمجتمع المدني بكافة أطيافه، ويتم الاصطفاف والتحالف بين قواها.

فأين سيقف التيار العلماني المناهض لحكومة مشرف في هذا المأزق التاريخي؟ وكيف سيتصرف الإسلام المعتدل بعد مذبحة المسجد الأحمر، في مجتمع تتجذر فيه المسألة الدينية بطريقة مشوشة، تحكمها النزعة القبلية والأمية والفقر والتشدد والتقاليد؟ وكيف ستكون حال المدن الرئيسية والأطراف الصعبة ؟ وما هو مصير الدستور ومستقبل الحكومة في ظل وضع ينتظر إما الانتخابات الدستورية أو الدخول في حالة طوارئ مزمنة؟

ما قالته إحدى الطالبات في مقابلة مع قناة الجزيرة، ينذر بكلام خطير - وان كان قائماً على الحماس - ويدلل على الاستعداد الصارم والتحدي بمواجهة حكومة مشرف «وبأنهم - طلاب المسجد الأحمر - سيجعلون البرلمان احمر»، فهل تدخل باكستان حربا أهلية كحرب التنين، حيث رأسه قابع في الجبال وعند الحدود، وذيله المتعرج في كافة باكستان؟

أما أن يقتل التنين مشرف من خلال الاغتيال أو الإطاحة بالحكومة عبر العصيان المدني المدعوم بالعنف، أو الانقلاب العسكري، أو ينتصر الرئيس على التنين ويقتله في معقله الأخير، ويصطاد رؤوسه الكبرى.

عن صحيفة البيان الاماراتية
24/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.