رئيس جامعة الأقصر تهنئ الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالعام الدراسي الجديد    وزير الري الأسبق: ملء مخزون الطوارئ بسد النهضة يهدد السودان.. ومصر تتأثر في فترات الجفاف الممتدة    منع الهواتف المحمولة والشعر الطويل.. أبرز تعليمات المدارس مع العام الدراسي الجديد    الطيران: انتظام الرحلات رغم الهجوم السيبراني على مطارات أوروبية.. وتأخيرات محدودة في بعض الرحلات    بعد عرضه في مهرجان بورسعيد.. علياء داوود: فكرة فيلم «الجذور» انطلقت من مفهوم الانتماء    وقفة في فاس المغربية دعما لفلسطين ورفضا للإبادة الإسرائيلية بغزة    القناة 12 العبرية: نتنياهو يعقد اجتماعا حاسما يوم الأحد بشأن التفاوض مع سوريا    بيراميدز يصل جدة لمواجهة الأهلي السعودي في كأس إنتركونتيننتال    رئيس الاتحاد السكندري: رحيل أحمد سامي بالتراضي.. وانتخابات الإدارة 26 ديسمبر    الأهلي يهزم فاركو بثنائية في بطولة الجمهورية للناشئين    تأجيل محاكمة متهم بنشر فيديوهات خادشة للحياء على الإنترنت بالإسكندرية ل27 سبتمبر    وزير السياحة والآثار: تراخ وثقة زائدة وراء سرقة أسورة المتحف المصري.. ولا توجد كاميرات بمركز الترميم    ظلام مفاجئ في عز النهار.. موعد ذروة كسوف الشمس اليوم وأماكن رؤيته (يستمر 4 ساعات)    عن معاناة النزوح وقسوته.. مهرجان ميدفست يعرض مجموعة من الأفلام بعنوان حدود    بعد تصدرها الترند.. من هي مي كمال الدين بعد انفصالها عن أحمد مكي؟    2 أكتوبر.. هبة طوجى تفتتح مهرجان «هى للفنون» وعايدة الأيوبى نجمة حفل الختام    كارول سماحة ترد على انتقادات عودتها السريعة للمسرح بعد وفاة زوجها: محدش يعرف أنا مريت بإيه    مدير عام الآثار يكشف تفاصيل زيارة ملك إسبانيا لأكثر من مكان في الأقصر    جبهة المنيا :تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل نقلة نوعية في الخدمات الطبية    «خدي بريك بعد ما الأولاد تروح المدرسة».. طريقة تحضير كيكة الشاي العادية (هشة ولذيذة)    تفاصيل زيارة وزير الري ل "مشروع تنمية جنوب الوادى"    إحداها بمليون جنيه.. 20 صورة لأغلى إطلالات نسرين طافش    صلاح يحقق 5 أرقام قياسية خلال أول 7 مواجهات بموسم 2025/26    ترامب يهدد فنزويلا: أعيدوا المجانين والمجرمين فورا وإلا ستدفعون الثمن    البيت الأبيض: اتفاق «تيك توك» سيوقع قريبًا.. ويشمل سيطرة أمريكا على خوارزمية التطبيق    الأربعاء.. «بروفة» حفل افتتاح بطولة العالم لأندية كرة اليد بالعاصمة الإدارية الجديدة    مودريتش يقود ميلان أمام أودينيزي في الدوري الإيطالي    سامسونج تطلق الدورة السابعة من برنامج «الابتكار» لتأهيل الشباب المصري رقمياً    «نور مكسور».. بداية مشوقة للحكاية الأخيرة من مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو»    اليابان: قوات أمريكية تواصل التدريب على نظام الصواريخ المضادة للسفن    أنغام تطرح أحدث أغانيها بعنوان سيبتلى قلبى بتوقيع تامر حسين وعزيز الشافعى    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    سوريا.. قسد تستهدف بقذائف الهاون محيط قرية شرق حلب    الأمم المتحدة: جوتيريش يدعم بشكل كامل تعزيز حل الدولتين باعتباره السبيل الأوحد لحل الصراع    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    بمشاركة رامي ربيعة.. «هاتريك» لابا كودجو يقود العين لاكتساح خورفكان بالدوري الإماراتي    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    تجديد حبس البلوجر محمد عبد العاطي 45 يوما لنشره فيديوهات خادشة للحياء    الأقصر تستعد لتنفيذ تجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    إزالة 11 حالة تعد على الأراضى الزراعية ب5 قرى بمركز سوهاج    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    «الكازار» تعتزم إطلاق مشروعات جديدة بمجال الطاقة المتجددة في مصر    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    بطلق ناري في الظهر.. الأمن يكثف جهوده لكشف لغز مقتل خمسيني بطما    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باكستان ما بعد المسجد الأحمر
نشر في محيط يوم 24 - 07 - 2007


باكستان ما بعد المسجد الأحمر
بدر عبدالملك
بدا انقلاب برويز مشرف عام 1999، آخر انقلاب عسكري عرفته باكستان ضمن سلسلة الانقلابات العسكرية منذ تأسيسها، إذ أكدت حكومة مشرف قبضتها القوية على النظام، في ظل ظروف وأوضاع وتوازنات داخلية وخارجية مختلفة. فعشية الانقلاب أعلن الرئيس أن فترته العسكرية لن تطول، حالما يرتب الوضع الداخلي، فقد كان نموذجه الأعلى تركيا العلمانية المسلمة بمجلسها العسكري، بوضع القبضة العسكرية على البلاد بينما يترك المجتمع المدني ومؤسساته الدستورية تمارس سلطاتها وصلاحياتها.

في تلك الفترة كان التحالف مع الإسلاميين مهما ضد أقوى مجموعتين مدنيتين علمانيتين مناهضتين لحكمه، مجموعة نواز شريف ومجموعة بناظير بوتو، وكلاهما يتمتعان بنفوذ شعبي واسع في الوسط المدني والعسكري، غير أن القوى الإسلامية وجدت فرصتها في تحقيق مكاسب تخدم مصالحها البعيدة، بل ولم يكن في صالح مشرف معاداة التيارات الإسلامية في الداخل، بينما في الجوار القريب هناك حكومة طالبان تتحكم وتدير أفغانستان، التي كانت على تناسق وتحالف وتعاون كبير مع كل الحكومات الباكستانية المتعاقبة.

ودخلت باكستان مع انقلاب مشرف حقبة جديدة، مارس فيها سياسة العصا والجزرة مع الإسلاميين، فمن جهة بدت الملاحقات والتضييق على العناصر المتشددة في باكستان واضحة للعيان، خاصة بعد تفجيرات الخبر وكينيا، في وقت بدأ الغزل والتفاهم مع التيارات الإسلامية المعتدلة، يفتح آفاقاً لقياداتها ويحقق لهم مواقع سياسية ومهنية في الحكومة الانقلابية الجديدة.

لم يدم التحالف وتماسكه الداخلي مع الإسلاميين أكثر من عامين، فمع تفجيرات أحداث سبتمبر عام 2001 وجدت حكومة مشرف نفسها معنية بتمتين تحالفها مع شريكها الاستراتيجي في مكافحة الإرهاب، خاصة وان باكستان وأفغانستان شكلتا خزان الإرهاب الذي هدد الولايات المتحدة ونفذ عمليات تاريخية مروعة لن تنساها الذاكرة العالمية، والأميركية على وجه الخصوص.

ونتيجة للضغط الأميركي اهتز التحالف الداخلي، حيث دمرت الولايات المتحدة حكومة طالبان، وتشرد عناصرها في الجبال والشريط الحدودي ما بين الدولتين، وكان على مشرف أن ينشر هناك 80 ألف جندي لتعقب المسلحين، الذين احتموا بالمنطقة الجبلية الوعرة، وكان عليه أن يحارب في تلك المنطقة، عاملي الطوبوغرافيا والديموغرافيا، وفي بيئة ثقافة إسلامية متشددة، وأمية عالية، وتقاليد قبلية معقدة وفقر شديد.

وعلى الرغم من تعليق عضوية باكستان في الكومنولث عشية الانقلاب احتجاجا على طريقة إدارة الحكم، غير أن أحداث سبتمبر أعادت أهمية دور مشرف في الكومنولث في مكافحة الإرهاب. وفي الوقت ذاته حاول مشرف تحقيق توازن بينه وبين القوى الإسلامية المعتدلة والمعارضة العلمانية، بإقامة محادثات سلام مع زعماء القبائل والمسلحين الموالين لطالبان، والذين كانوا على الدوام قادرين على تحريك تظاهرات في الشارع، مؤيدة بهتافاتها لأسامة بن لادن والملا عمر.

شهدنا احتقانا متزايدا منذ 2001-2005، وسلسلة من محاولات الاغتيال الفاشلة للرئيس، ونزاعات وخلافات مدنية في مناخ سياسي واجتماعي تسيطر عليه ذهنيات قبلية ودينية في الأطراف، وفساداً مالياً وإدارياً مستشرياً في المركز والعواصم الرئيسية.

ولم تنفع خطب مشرف وتعهده بنشر الإسلام المعتدل، إذ أغضبت المتشددين سلسلة الإجراءات التي بدأت تطالهم، فمن واشنطن كانت الضغوط مستمرة، بل وحتى من جارها ورئيسها قرضاي (2006) لاحقت باكستان تهمة التراخي في عدم جديتها في ملاحقة الإرهاب. وترك الجماعات الطالبانية تجول وتصول في أراضيها التي أصبحت مرتعا لهم ولمعسكراتهم التدريبية في المدارس الدينية، وصارت المنطقة الحدودية خزانهم ومركز خططهم وقادتهم ومحل إيواء الهاربين من الجنسيات المختلفة.

بين ضغطين داخلي وخارجي، وجد مشرف نفسه معنيا «بتنظيف اصطبلات اوجياس» فجاءت خطبه بأنه لن يتسامح مع التطرف، وسوف يستمر في مكافحة تهديد الإرهاب بتصميم وقوة. فانصبت تلك المكافحة في ملاحقات العناصر، إجراء سلسلة مراقبة المدارس الدينية وتوثيق طلابها، ترحيل الطلاب الأجانب ووقف تأشيرات الدخول لهم، مراقبة سجلاتها المالية، منع المتطرفين من جمع التبرعات والظهور بأسلحتهم، منع انتشار المطبوعات والتسجيلات التي تحض على الكراهية.

وبذلك شهد عام 2005 تصاعدا في المواجهة والاحتقان بين الإسلاميين وحكومة مشرف، حيث وجدنا شودري شوهات حسين رئيس حزب رابطة مسلمي باكستان، وهو الحزب الرئيس في الحكومة، قد حث الرئيس على إعادة التفكير في خطواته وإجراءاته.

ولكن الشرخ اخذ في الاتساع يوما بعد يوم، كلما لاحقت السلطات الحكومية بؤر الجماعات المتشددة، ابتداء من محاصرة 13000 مدرسة دينية، ومتابعة مدارس عند الحدود غير مسجلة. وأصرت الحكومة على التسجيل الرسمي وشددت قبضتها، في أعقاب تفجيرات يوليو 2005 في لندن.

وكان هناك ترابط دائم بين تفجيرات بريطانيا في عامي 2005-2007 وبين المدارس الدينية في باكستان. تلك المعلومات الاستخباراتية، عن دور المدارس المعلن والخفي، برزت أثناء الحوار بين هيئة الأوقاف المسؤولة عن 10 آلاف مدرسة، والاتحادات الخمسة التي تمثل المعاهد الدينية الإسلامية، حيث رفضت المدارس الدينية التسجيل إلا في حالة إلغاء اشتراط أن تكشف عن حساباتها المالية !!

وقد حاولت بعض الأصوات استنكار التهم، مثل مفتي منيب الرحمن الناطق باسم اتحاد تنظيم المدارس الدينية بقوله «إن المدارس لم تتورط بأعمال إرهابية ونشاطات مسلحة»، أما مولانا ولي خان المتحدث باسم هيئة الأوقاف فقد أشار بأصبعه لاتهام مشرف بأنه ينفذ أوامر أميركية قائلا «كنا نعلم انه سيتخذ هذه الخطوة لإرضاء أميركا والدول الغربية الأخرى».

وتزايد غضب المناطق الجبلية والإسلاميين المتشددين في أكتوبر 2006، عندما شنت طائرات باكستانية غارة على إحدى المدارس الدينية، وأدت إلى مقتل حوالي 80 شخصا، باعتبار أن المدرسة كانت معسكرا للتدريب، وكان من بين القتلى رجل الدين المتشدد مولاي لياقة الله حسين، وقد كان حسين من المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية في المنطقة.

سيتكرر المسلسل مع المسجد الأحمر، الذي قاده عبد الرشيد غازي وكان يمارس تطبيق نمط طالباني في محيط إسلام آباد، ومع موتهما صارا شهيدي العقيدة في نظر الشبيبة والطلاب. ويقبع حاليا في السجن شاهزاد تنوير، احد المتهمين في أحداث بريطانيا الأخيرة، وبأنه درس في مدرسة إسلامية لمدة شهرين بباكستان، مما يجعل حكومة مشرف تحت ضغوطات جديدة، كان على أثرها تصعيد العمليات ضد المسجد الأحمر.

فماذا كانت نتائج العملية وتحقيقاتها الأمنية، تصعيد بين الطرفين، فمن جهة بدأت الحكومة في التمشيط وإعادة النظر في سياساتها، ومن جهة أخرى تصاعدت العمليات الانتحارية والتفجيرات في مناطق مختلفة من البلاد، كمؤشر جديد لامتحان القوة، وبأن باكستان مقبلة على منعطف تاريخي خطير يتجاذب فيه الصراع بين قوى العسكر والمجتمع المدني بكافة أطيافه، ويتم الاصطفاف والتحالف بين قواها.

فأين سيقف التيار العلماني المناهض لحكومة مشرف في هذا المأزق التاريخي؟ وكيف سيتصرف الإسلام المعتدل بعد مذبحة المسجد الأحمر، في مجتمع تتجذر فيه المسألة الدينية بطريقة مشوشة، تحكمها النزعة القبلية والأمية والفقر والتشدد والتقاليد؟ وكيف ستكون حال المدن الرئيسية والأطراف الصعبة ؟ وما هو مصير الدستور ومستقبل الحكومة في ظل وضع ينتظر إما الانتخابات الدستورية أو الدخول في حالة طوارئ مزمنة؟

ما قالته إحدى الطالبات في مقابلة مع قناة الجزيرة، ينذر بكلام خطير - وان كان قائماً على الحماس - ويدلل على الاستعداد الصارم والتحدي بمواجهة حكومة مشرف «وبأنهم - طلاب المسجد الأحمر - سيجعلون البرلمان احمر»، فهل تدخل باكستان حربا أهلية كحرب التنين، حيث رأسه قابع في الجبال وعند الحدود، وذيله المتعرج في كافة باكستان؟

أما أن يقتل التنين مشرف من خلال الاغتيال أو الإطاحة بالحكومة عبر العصيان المدني المدعوم بالعنف، أو الانقلاب العسكري، أو ينتصر الرئيس على التنين ويقتله في معقله الأخير، ويصطاد رؤوسه الكبرى.

عن صحيفة البيان الاماراتية
24/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.