إسرائيل تهدد وأميركا تشرح عمق ومدى التهديد! د.علي حمد إبراهيم قامت القوات الاسرائيلية بمناورات كبيرة في الايام الاولى من شهر يونيو. وكانت المناورات من الضخامة والتعقيد بالدرجة التي جعلت الاميركيين يعتبرونها تمهيدا لضرب المرافق النووية الايرانية. و قال المسؤولون الاميركيون ان اسرائيل تطور خططا وقدرات تتيح لها ضرب اهداف بعيدة من حدودها.وقال الاميركيون ايضا ان ما تقوم به اسرائيل من تخطيطات يوضح مدى الخطورة التي تنظر بها اسرائيل الى البرنامج النووي الايراني. اذن ماذا بقي من سر لم تذعه اسرائيل واميركا من اسرار المناورات الاسرائيلية. فاسرائيل تقوم بالمناورات الضخمة. واميركا تتولى نشر الخوف والتهديد من تلك المناورات. انها حرب نفسية مدروسة بمكر شديد. ويمضي التهويل والتخويف مدى ابعد: وتبلغ اميركا العالم بأن اكثر من الف طائرة من طراز إف 16 وإف 15 المقاتلة الهجومية قد اشتركت في المناورة. وأن المناورة اجريت في منطقة شرق البحر الابيض المتوسط. وتحديدا فوق اليونان. وأن بعض طائرات الهليكوبتر التي تعمل في مجال انقاذ الافراد الذين تسقط طائراتهم قد اشتركت في المناورات. بمعنى آخر أن معركة كبيرة قادمة، وهي معركة تسقط فيها طائرات تحتاج طواقمها لعمليات انقاذ لا تنجح فيها الا الطائرات الطوافة. ويستمر التخويف المدروس فطائرات الهليكوبتر الاسرئيلية ومعها الطائرات التي تحمل خزانات الوقود تستطيع الطيران لمسافة 900 ميل. وهي نفس المسافة بين اسرائيل ومفاعل ناتانز الايراني الذي يجرى فيه تخصيب اليورانيوم. هل بقي من سر في هذه الحدوتة؟ ومع ذلك يقال للاعلام العالمي ان المسؤولين الاسرائيليين رفضوا التعليق على الاخبار الخاصة بهذه المناورات؟ ولكنهم يتبجحون بأن قواتهم تتدرب عادة على مهام تمكنها من مواجهة اية اخطار تتعرض لها اسرائيل.ويقول مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية ان المناورات الاسرائيلية يبدو انها تخدم اكثر من هدف. وواحد من هذه الاهداف هو ان تتمرن القوات الاسرائيلية على بعض (التكتيكات) في مجال الطيران. وفي مجال التزود بالوقود في الجو، وفي مجال احتمال توجيه ضربات للمنشآت النووية الايرانية وضربات اخرى ضد صواريخ ايران التقليدية طويلة المدى. مرة اخرى هل بقي من سر؟ ويقول محللون اميركيون ان اسرائيل تريد ان توجه رسالة واضحة الى الولاياتالمتحدة والدول الاخرى تقول ان اسرئيل مستعدة للتصرف عسكريا اذا فشلت الجهود الدبلوماسية في منع ايران من انتاج اليورانيوم الذي يمكنها من انتاج الاسلحة النووية. وبعد: هل تحتاج اميركا الى ان يحمل اليها احد من البشر مثل هذه الرسالة؟ ولكن عددا كبيرا من المسؤولين الاميركيين يقولون انهم لا يصدقون ان اسرائيل ستقوم بقصف المواقع النووية الايرانية، ولا يصدقون ان هذا الهجوم وشيك. اذن هو نوع من الحرب النفسية المدروسة بمكر شديد. هذا يبدو واضحا ولا يحتاج الى محللين. هو نوع من تقاسم الادوار.فشاؤول موفاز، وزير الدفاع الاسرئيلي السابق، ونائب رئيس الوزراء الاسرائيلي في الوقت الحاضر، يخبران صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية ان اسرائيل ربما وجدت انه ليس امامها من خيار غير القيام بالهجوم على مواقع ايران النووية اذا اصرت ايران على المضي في تخصيب اليورانيوم. ولكن مسؤولين اسرائيليين آخرين يهاجمون موفاز بسبب هذا التصريح. ويتهمونه بأنه يريد ان يقوي مركزه السياسي وعينه على المنصب الذي قد يخلو اذا لم يستطع رئيس الوزراء ايهود اولمرت المحافظة على منصبه كرئيس للوزراء. ومسؤولون اسرائيليون آخرون يخبرون رصفاءهم الاميركيين بأن تصريحات المستر موفاز لا تمثل السياسة الخارجية الاسرائيلية الرسمية وهو نائب رئيس الوزراء. حدوتة من معيار ثقيل فعلا. ورغم ظهور حبكة الحرب النفسية في الرواية الاميركية - الاسرائيلية المشتركة، الا أن ايران اخذت التهديدات الاسرائيلية مأخذا جادا، وذلك بتقوية دفاعاتها الجوية وزيادة المراقبة الجوية. والتشدد فيها. ووضع قواتهم الدفاعية الجوية في حالة استعداد. صحيح ان محللين كثيرين اثاروا غبارا كثيفا حول مآلات اي هجوم اسرائيلي على المنشآت النووية الايرانية. وقال اولئك المحللون ان الهجوم الاسرائيلي سيواجه بعدة تحديات. من هذه التحديات أن البنى التحتية للبرنامج النووي الايراني مدفونة تحت الارض بحوائط اسمنتية قوية، وداخل انفاق وممرات يصعب معها تحديد مكان تلك البنى التحتية. وهناك احتمال ان تكون بعض المواقع غير معروفة اساسا. يضاف الى هذا ان الامر قد يحتاج الى عدة هجمات متكررة. وتكرير هذه الهجمات هو عمل لا تستطيع اسرائيل انجازه في الوقت الحاضر. ويرى محللون صادقون مع انفسهم ان الخطر الحقيقي على اسرائيل هو ما يعتقده الاسرائيليون انفسهم- من ان ايران اصبحت على مقربة من تطوير التكنولوجيا التي تسمح لها بان تقوم بتخصيب اليورانيوم للاغراض العسكرية بنفسها ودو ن مساعدة من احد. واذا حدث هذا، فان الاسرار النووية الاسرائيلية تصبح عسيرة على الاكتشاف من اي جهة. كذلك يدور حديث ان ايران قد طورت قدرتها الدفاعية لحماية هذه المنشآت. مثلا تم تركيب رادارين روسيين في الفترة الاخيرة. وهذان الراداران يستطيعان التقاط الطائرات المهاجمة التي تطير على علو منخفض. السيد مايك مكونيل مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية صرح في فبراير الماضي بأن ايران باتت على مقربة من الحصول على الصواريخ الروسية20 SA- ارض - جو. ويقول مسؤولون اميركيون ان تركيب هذه الصواريخ سينهي قدرة اسرائيل على تدمير المرافق النووية الايرانية. واذا كانت اسرائيل تريد تدمير هذه المرافق، فعليها ان تسابق الزمن وتقوم بهذا العمل قبل تركيب هذه الصواريخ في ايران. ويكرر محللون كثيرون القول بأن البرنامج النووي الايراني كان مصدر قلق دائم لكل من الولاياتالمتحدة واسرائيل. ويشيرون الى تقرير الوكالات الاستخبارية الاميركية المسمى national intelligence estimate أي «التقدير الاستخباري الوطني» الذي صدر في ديسمبر الماضي الذي ذكر ان ايران قد جمدت برنامجها النووي منذ عام 2003. ولكن ذلك التقرير ذكر ايضا انه لا يعرف على وجه الدقة اذا كانت ايران قد استأنفت العمل في برنامجها النووي من جديد أم لا. كما ذكر ذلك التقرير ان ايران تعمل على انتاج اليورانيوم وانتاج الصواريخ في نفس الوقت. وهاتان خطوتان مترادفتان لانتاج السلاح النووي. بل حتى وكالة الطاقة الذرية الدولية تعاني من القلق إزاء نشاط ايران النووي. ومن الشكوك التي تحوم حوله، الأمر الذي جعل الوكالة تطالب ايران بالتوضيح الكامل حول الأمر. وكفذلكة تاريخية يذكر المحللون ان اسرائيل هاجمت مرتين مواقع نووية في الشرق الاوسط. في عام 1981 هاجمت اسرائيل مواقع نووية عراقية في منطقة اوزيراك.وفي سبتمبر الماضي هاجمت اسرائيل موقعا في سوريا قال الاميركيون انه موقع يضم مفاعلا نوويا تم تشييده بواسطة كوريا الشمالية. في عام 1981 احتجت الولاياتالمتحدة على الهجوم الاسرائيلي على الموقع العراقي بينما كان تعليقها على الهجوم الاسرائيلي على الموقع السوري في العام الماضي يشبه التأييد هذه المرة. ويقول مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية ان القوات الجوية الاسرائيلية اعتادت القيام بمناورات صيفية تطير فيها فوق البحر الابيض المتوسط وتمارس فيها بعض التدريبات وعمليات التزود بالوقود في الاجواء التركية.ولكن في هذا الشهر لوحظ ان عدد الطائرات المشتركة في المناورات كان كبيرا، كما لوحظ طول وقت المناورات. وفسر المحللون كل ذلك بأن اسرائيل تنوي شيئا كبيرا. ومن يدري: فقد يكون العدوان القادم ضد دولة اسلامية اخرى قد صمم بالفعل. ولم يبق الا ايجاد المبرر. عن صحيفة الوطن القطرية 8/7/2008