أزمة البورصات العالمية وعلى رأسهم وول ستريت للمصائب المالية العالمية قديمة وحديثا , خصوصا على الدول النامية والمتوسطة الحال , ووقوف دولنا العربية والإسلامية عاجزة عن درء المصائب عن شعوبهم ونخص بذلك الدول النفطية منهم.
توقظ هذه الحالة بداخل الإنسان العربي القومي والمسلم المنتمي لقضيته ووطنه ودينه من السبات العميق لنتذكر رجال ورؤساء أمثال جمال عبدالناصر وملوك أجلاء أمثال الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود صاحب أشهر قرار وأصعب تحدي في العصر الحديث أمام الطاغية أمريكا وبريطانيا ومن لف لفيفهم , حيث امتناع المملكة العربية السعودية في حرب 73 اكتوبر عن ضخ وبيع البترول للولايات المتحدةالأمريكية وأيضا مطالبته لأمريكا ملكها بتحرير المسجد الأقصى المبارك.
ولمن خانته ذاكرته بتاريخ العظماء ملوك ورؤساء نقول ولد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود بالسعودية عام 1906 ودخل العمل السياسي في سن 15 عام وشارك في تهدئة الوضع في عسير سنة 1922 وكان قائد الجيش وشارك في حرب السعودية واليمن سنة 1934 وكان قد أصبح وزيرا للخارجية سنة 1932 وكان رئيس مجلس الشورى ومن أهم صفاته الشخصية أنه لا يحب الكذب ويغضب بسببه وهو ممن يحفظ العهد ويوفي بالوعد ومن نزاهته أنه لم يتدخل في توظيف أبناءه للعمل .
وأزعم أن الميدان المالي الحالي والسياسي والإجتماعي اليوم في السعودية والعالم الإسلامي والخليج بحاجة لمثل هذا الرجل ليستطيع درء المفاسد عن مصالح الشعب العربي المسلم أمام تغول الأنظمة الإمبريالية الرأسمالية المجرمة في حق البشرية والإنسانية , لأنه يتميز بقول كلمة الحق ولو عند سلطان جائر, وهو صاحب النخوة العربية والجود والكرم حيث قدم المساعدات المباشرة للشقيقة مصر رغم الخلافات السياسية أحيانا وكان من أشد المتأثرين بهزيمة 67 .
أما مواقفه الإسلامية والقومية والوطنية بخصوص دروب السياسة وتعقيداتها في منطقتنا الشرق أوسطية فتميز بالمواقف الملتزمة تجاه شعبه المسلم والأمة العربية حيث أرسلت له الإدارة الأمريكية في عهد وزير الخارجية كيسنجر رسالة تهديد صريح تقول: ( إذا لم تتوقف المملكة العربية السعودية ومليكها الفيصل عن منع البترول عن أمريكا فإنها ستقوم بأي عمل يضمن مصالحها في المنطقة ) وبالطبع لم ينصاع الملك فيصل لهذه الرسالة (وكان ما كان) .
والملك فيصل هو الذي رفض عرض كيسنجر بالإنسحاب الجزئي للصهاينة من الأراضي العربية مقابل إعادة ضخ البترول السعودي لأمريكا , وقال للأمريكان دعونا نرى الإنسحاب على الواقع والأرض ثم نقرر.
والملك فيصل هو صاحب قرار المفاوضات مع روسيا بتزويد المملكة العربية السعودية بالوقود وهذه من مفارقات الحياة في تلك الايام (أول أيام تولي الملك فيصل زمام العرش الملكي السعودي).
أما مواقفه الدولية بما يخص قضية فلسطين فهو الذي طلب من والده قطع العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ولم يتحقق ذلك بعد قرار الأممالمتحدة لإنشاء دولتين على أرض فلسطين يهودية وعربية واستطاع قطع علاقات أكثر من 43 دولة مع الإسرائيليين وزار القدس سنة 1948 من خلال الأردن ووعد بزيارتها مرة ثانية بعد تحريرها من الصهاينة , وفاتني ذكر كيفية توليه العرش الملكي سنة 1964 فبقرار من العلماء والأمراء بعد تنحي أخيه سعود تولى المقاليد الملكية وكان الإجماع على هذا الإختيار سيد الموقف.
وطالب الملك فيصل بمؤسسة تشمل العالم المسلم ونجح في انشاء منظمة العالم الإسلامي التي تضم اليوم أكثر من 50 دولة إسلامية , وفي نفس الوقت كانت سياسته حماية الإستقلال للبلاد والإحتفاظ بميثاق جامعة الدول العربية بذلك كله كان من انشط المدافعيين عن التضامن الإسلامي في العالم الحالي.
استظل بعرش الفيصل أهم الشركات الصناعية والزراعية وأشار لتأسيس اقتصاد ممنهج ووضع خطة خمسية للبلاد ووضع نظام المناطق الإدارية ووهو من جلب الشركات الإستثمارية الخارجية لدعم الدولة ومؤسساتها , وهو من أسس بنك التأمين الزراعي لزيادة المساحة الزراعية وهو أيضا من أنشأ الشركة العامة للبترول والمعادن وكان هذا العمل المنظم في مجال الإقتصاد من أهم أسباب انتشال المملكة السعودية بعد إفلاس الخزينة في ذلك الوقت.
بعد هذا السرد من السيرة الطيبة والتاريخ لجلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود يتدخل القدر ليسدل الستار على تاريخ وبطولة وإلتزام ديني ووطني لجلالته يوم أن امتدت يد الغدر للمغفور له يوم 25/3/1985 على يد فيصل بن مساعد بن عبدالعزيز آل سعود.
عزاؤنا الوحيد ان من يعتلي عرش المملكة اليوم هو خير خلف لخير سلف , حمى الله البيت الحرام وأهله .