فرق تسد عاطف عبدالجواد الاستراتيجية الأميركية والإسرائيلية في فلسطين اليوم هي الاستراتيجية البريطانية. اسمها فرق تسد. الانفصال الفلسطيني الفلسطيني بين فتح في الضفة الغربية وحماس في غزة يجب ان يستمر لأطول فترة ممكنة وفقا لهذه الاستراتيجية. والهدف هو اعطاء فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس ما قد يكون الفرصة الأخيرة لتحسين حياة الفلسطينيين العاديين وبالتالي تعزيز موقف الفلسطينيين المعتدلين الراغبين في سلام يقوم على المفاوضات مع اسرائيل وعلى دولتين تعيشان جنبا الى جنب. ولكن كلما طال الانقسام الفلسطيني كلما استفادت الحكومة الإسرائيلية الراهنة بسبب ضعفها السياسي والانتخابي. وكلما تأخر ايضا الإجماع السياسي الفلسطيني اللازم لدولة فلسطينية ديموقراطية حية. والانقسام الفلسطيني الفلسطيني ليس جديدا. في الفترة من عام 1936 الى عام 1939 انتهت الثورة او التمرد الفلسطيني ضد الحكم البريطاني في فلسطين الى نتيجة مماثلة لما حدث بين فتح وحماس. كان هذا التمرد في الثلاثينيات موجها ايضا ضد زيادة هجرة يهود اوروبا الى فلسطين والتي تزامنت مع ظهور الفاشية الأوروبية. في ذلك الوقت نشأ واشتد النزاع الفلسطيني الفلسطيني بين فئتين سياسيتين ترتبطان بقبيلتين او عائلتين هما عائلة الحسيني وعائلة النشاشيبي. ونجح البريطانيون في اشعال نار المنافسة بينهما باستخدام التكتيك البريطاني المألوف: فرق تسد. وكانت نتيجة ضرب البريطانيين القبيلتين احداهما بالأخرى ان سقط من القتلى في الصراع بين العائلتين، وبيد الفلسطينيين انفسهم، اكثر من عدد القتلى الفلسطينيين الذين سقطوا بيد البريطانيين. يقول البروفيسور رشيد الخالدي، وهو من اصل فلسطيني، ان ثورة الفلسطينيين ضد البريطانيين تفككت وتبددت بسبب فشل في الزعامة. من المفارقات اليوم ان بريطانيا هي التي تأتي لمساعدة الفلسطينيين على بناء دولتهم ومؤسساتهم. عن قريب سيصل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الى رام الله لمحاولة بناء الدولة الفلسطينية. وهو في مهمته الجديدة يمثل اللجنة الرباعية الدولية التي تشمل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والامم المتحدة وروسيا. ورغم ان اميركا واسرائيل ترغبان في اطالة امد الانقسام الفلسطيني الفلسطيني فقد يكتشف توني بلير بسرعة ان هناك حاجة عاجلة الى عقد صلح عربي بين فتح وحماس تذبح فيه الخراف وتتعانق فيه الأطراف اذا كان لدولة فلسطينية موحدة ومسالمة ان تقوم جنبا الى جنب مع اسرائيل. لكن انقسام اليوم بين الفلسطينيين اكثر عمقا من انقسامهم في الثلاثينات. فهناك اولا الانقسام الجغرافي بين الضفة الغربيةوغزة. ثم هناك الانقسام الايديولوجي. كيف سيتمكن حفيد اصحاب فرق تسد ان يوحد الفلسطينيين بتكتيك ناجح؟ وكيف سيوفق توني بلير بين الحاجة الى الوحدة وبين رغبة واشنطن واسرائيل في اطالة امد الانقسام؟ سيكون من السهل على توني بلير ان يدعو الى انتخابات فلسطينية جديدة. ولكن سيكون من الاصعب، والأكثر اهمية، ان تسفر الانتخابات عن حكومة قوية توفر الخدمات والأمن والسلامة وفرص العمل والحياة الأفضل للفلسطينيين، وتوفر ايضا مؤسسات فلسطينية ثابتة لا تخضع للتحزب. بدون هذا كله سوف يستمر الاحتلال الإسرائيلي اربعين عاما اخرى. عن صحيفة الوطن العمانية 10/7/2007