بابل: ترك آخر زوار المواقع الأثرية فى بابل جنوب بغداد ذكرى سيئة فى المكان الذى اقتحموه بمعداتهم العسكرية من دبابات ومروحيات لكن المدينة الأثرية ما تزال تنتظر علماء الآثار لكشف خفاياها التى تمثل إضافة هامة إلى الحضارة البشرية. فقد غادرت وحدات بولندية وأمريكية معسكرها فى موقع للتنقيب عن الآثار فى أهم موقع تاريخى فى العالم لكن المسؤولين عن المكان يخشون عودتهم مجددا. ويقول عالم الآثار العراقى هادى موسى الذى يعمل دليلاً فى الموقع وفقاً لجريدة "العرب الندنية" أن تحليق المروحيات وحركة المجنزرات الحقا اضرارا بالجدران الهشة. ويؤكد تقرير لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونيسكو" إن "الاضرار الناجمة عن الاحتلال العسكرى جسيمة جدا". ويعدد التقرير مصادر القلق الرئيسية مشيرا إلى أعمال الحفر وبناء مهبط للمروحيات واستخدام التراب الذى يحتوى بقايا آثار وتسرب الوقود إلى باطن الأرض وغير ذلك، وقد صدر التقرير الذى يتضمن كشفا حول المكان قبل اجتماع مقرر لخبراء من اليونيسكو والعراق يعقد فى برلين الشهر المقبل بغرض تحديد الاضرار بشكل نهائي. وتمركز الجنود الأمريكيون على مساحة 150 هكتارا فى الموقع فى ابريل 2003 قبل أن تحل مكانهم قوة بولندية غادرته فى يناير 2005، وما تزال أكياس الرمل والأسلاك الشائكة ظاهرتين للعيان فى موقع القاعدة العسكرية. ولا تنفى القيادة الأمريكية فى العراق حسبما ذكرت "العرب" إلحاق ضرر بالمواقع الأثرية خلال العامين 2003 و 2004. ويقول متحدث عسكرى أمريكى انه منذ ذلك الوقت "أصبحت غالبية القواعد العسكرية بعيدة عن مواقع الآثار المهمة". فى المقابل، ينفى الأمريكيون مشاركتهم فى نهب المواقع الأثرية بعد غزو العراق فى اذار/مارس 2003 وسقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين، وبعد مغادرة القوة البولندية المكان، وضعت هيئة الآثار العراقية يدها على بابل التى أقيمت قرب نهر الفرات حوالى العام 3000 قبل الميلاد وخضعت لملك الأخمينيين الفرس قورش "557-528 قبل الميلاد" ثم داريوس قبل أن يستولى عليها الأسكندر الأكبر فى القرن الرابع قبل الميلاد. لكن أعمال الحفر والتنقيب متوقفة وكذلك الترميم. ويقول موسى إن وحدة باب عشتار "آلهة الحب عند البابليين" استعاد رونقه مع الأسود والثيران والتنين المبنية من الآجر الأزرق، وباب عشتار هو المدخل إلى ما تبقى من القصر والمعابد ومقار السكن المبنية من الآجر الذى يحمل نقوشا بابلية وآشورية. يشار حسب "العرب اللندنية " إلى أن باب عشتار الحقيقى معروض فى متحف بيرجام فى برلين، وكان صدام حسين أطلق فى الثمانينات مشروعاً ضخماً يعيد بناء بابل بشكل يتضمن إعادة تعمير أطلال المدينة القديمة لتكون مماثلة لحالها الأصلى فى سالف العصور. وأمر رجل العراق القوى حينذاك بحفر اسمه على الآجر تيمنا بما كان يفعله أسياد بابل قديما. وقد كتب على احدى اللوحات "ترميم قصر الملك نبوخذ نصر ابان عهد المهيب صدام حسين". ويسعى علماء الاثار الى ادراج بابل على لائحة التراث العالمى لاستئناف أعمال الحفر والتنقيب وعودة خبراء الآثار من العالم اجمع الى هذا المكان الاسطوري. ويشدد موسى على "ضرورة بذل الجهود المضنية من الجانب العراقى للوصول إلى هذا الهدف يجب أن نحضر خطة عمل من اجل ذلك". من جهته، يقول ممثل اليونيسكو فى العراق محمد جليد المقيم فى عمان إن العراق ليس مطروحا فى الوقت الراهن، ويضيف جليد إن توصيات اتخذت خلال اجتماع خاص عقد اواخر العام 2007 ما تزال تنتظر تطبيقها. وتدعو التوصيات السلطات العراقية إلى المصادقة على سلسلة من الاتفاقات حول حماية المواقع الأثرية ومحاربة تهريب القطع الفنية.