القاهرة: أكد الدكتور محمد المختار المهدي: أن فروض الكفاية في الإسلام تعتبر كنز من كنوز الفقه الاسلامى ، موضحاً عدم تقصير الأئمة في بيان تلك فروض ومجالاتها الواسعة التي تشمل كل شيء في المجتمع، مشيرا إلى أن الفقهاء قد قسموا الفروض إلى فروض كفاية وفروض أعيان . وقال المختار في الندوة الشهرية لمجلة التبيان لسان حال الجمعية الشرعية في مصر: إن فروض الأعيان مفروضة على كل إنسان بعينه ، موضحا: أن الإنسان يجب عليه أن يصلى ويصوم ويحج إن استطاع بنفسه، أما فروض الكفاية فهي مفروضة على الأمة كلها وهى مطلوبة شرعاً من كل مسلم ولكن إذا قام بها بعض أفرادها سقط الإثم عن الباقين ولا يتخلص أي إنسان في الأمة من الإثم والذنب إلا إذا قام أحد منها أو طائفة منها بإنجاز هذا الفرض. وأشار إمام أهل السنة والجماعة إلى أن فرض الكفاية واجب على الجميع عند الجمهور ، ويسقط الطلب الجازم والإثم بفعل من يكفي من الأمة، مبينا أن من ظن أن غيره لا يقوم به ، يكون واجباً عليه هو، و موضحا أنه في حال بدأ الإنسان في فرض من فروض الكفاية وجب عليه إتمامه. وتحدث المهدي عن أهمية فروض الكفاية قائلا : إن الفقهاء حين قارنوا بين فرض العين وفرض الكفاية من حيث الفضل والأجر، قالوا: إن القائم بفروض الكفاية له خيرية عن القائم بفروض العين وذلك لإسقاط الحرج عن المسلمين . و ذكر: أن سقوط فرض الكفاية عن الأمة يكون إما بالقيام به أو بعدم القدرة على القيام به ، مؤكدا: أنه في الحالة الثانية يجب حض الآخرين على فعله ، مستدلا بما أشار إليه القرآن الكريم من العقاب الذي يلحق بمن لا يحض على طعام المسكين كما في قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ في سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ} (الحاقة: 30-34). وأضاف قائلا: إن فروض الكفاية تشمل مناحي الحياة وكل ما تتم به المعايش كالبيع والشراء والحرث والطب وتولى الإمامة والشهادة وأدائها والقضاء وإعانة القضاة على استيفاء الحقوق وحتى تزويج العزب والعانس؛ إذ أن حل مشكلة العنوسة في المجتمع تدخل في إطار فروض الكفاية لأن القرآن الكريم قال: { وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور: 32). واعتبر إمام أهل السنة إن إغاثة الملهوف وكسوة العاري وإطعام الجائع وكفالة اليتيم وتعلم الطب والزراعة والتجارة وتعلم اللغات الأجنبية وتعلم الصنائع والحرف. من فروض الكفاية معللا ذلك بإن الأمة لا تستطيع أن تحيا وتتقدم بدونها، معتبرا أيضا الجهاد والتحصينات فروض كفاية لأن الأمة لابد أن تكتفي في كل مجال يقودها إلى القوة لأن الله سبحانه وتعالى طالبها بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُم اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ في سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} (الأنفال: 60)، ولم يحدد الله تعالى نوع هذه القوة فهي شاملة لكل قوة تصلح الأمة سواء كانت قوة روحية أم علمية أم فنية أم جسدية. وأوضح: أنه مثلما هناك فروض كفاية فإن هناك سنة كفاية مثل تشميت العاطس وعيادة المريض وصلاة الجماعة وصلاة العيد وصلاة الكسوف والخُسوف والاستسقاء والاعتكاف في شهر رمضان.