أثارت وقائع محاكمة رواية "مترو" الصادرة عن دار ملامح من تأليف الكاتب مجدى الشافعى، غضب كثيرين من أصحاب دور النشر ومديريها، فأمس السبت كانت الجلسة الخاصة بها، مما أثار مخاوف عديد من الناشرين واستياءهم، واعتبروا هذه المحاكمة تهديداً مباشراً لهم، وتعبيراً عن اتجاه معادٍ للثقافة والنشر، مما ينذر بحالة من الركود الثقافى الناتج عن قمع الإبداع والمبدعين الناشرين. الناشر محمد صلاح مدير دار "الدار" صرح بأنه بدلاً من أن تتم محاكمة المبدعين، بواسطة قضاة متخصصين فى القانون، ومصادرة كتبهم بواسطة ضباط مباحث يتحركون بناء على البلاغات، وينفذون بالحرف إجراءات الضبط والإحضار، يجب أن يتم تشكيل لجنة من المثقفين، حيث إن الأمر يعنيهم فى المقام الأول، وتكون هذه اللجنة مكونة من مبدعين ونقاد على درجة عالية من التخصصية فى الإبداع. ووصف محمد صلاح القضية كما نقلت عنه صحيفة "اليوم السابع" المصرية بأنها "مهزلة"، فضابط المباحث الذى قام بالمصادرة تحرك فقط بواسطة بلاغ، والقاضى الذى ينظر القضية لم يقرأ الرواية، أى لم يقرأ محور القضية، وكل ما قيل فيها من مرافعات للنيابة لايمت للرواية بأى صلة وغير متخصص. وفى تعليقها على الأزمة، قالت الناشرة د.عفاف عبد المعطى صاحبة دار "هيفن" إن هناك كارثة فى المجتمع المصرى تكمن فى إحالة أوراق الإبداع إلى المفتى بطريقة محاكم التفتيش. وقالت: الثقافة لا تتحقق فى حفلات تقام عند سفح الأهرامات، الثقافة تتحقق فى مجتمع ملئ بالمثقفين، كفانا ظلامية وكفانا مصادرة، إذا كنتم تريدون الارتقاء بهذا المجتمع المقبل على كارثة. أيضا دعا الناشر محمد هاشم، فى بيانه عن المصادرة، للتضامن مع الرواية المصادرة وناشرها محمد الشرقاوى ومؤلفها مجدى الشافعى، حيث يقول بيان دار ميريت "إن مصادرة السلطات للرواية المصورة "مترو" وتقديم مؤلفها وناشرها دار ملامح للنشر، إلى المحاكمة، يمثل جزءاً من ظاهرة مطاردة بعضهم للإبداع المصرى على نحو أدّى، ولا يزال، إلى الإساءة لصورة مصر الدولية والعربية فى الإعلام العالمى والمنظمات الحكومية والطوعية والجماعة الدولية على نحو أساء، ولا يزال، لمكانة بلادنا العظيمة". ولم يتخيل المؤلف مجدى الشافعى أن التحقيق قد ينتهى بهذه المحاكمة وأن توجه له اتهامات صنع وحيازة وعرض مطبوعات ورسوم يدوية بقصد خدش الحياء العام. أيضا نقلت صحيفة "أخبار الأدب" الإسبوعية المصرية عن الروائي صنع الله إبراهيم قوله: أن مبدأ مصادرة أي عمل أدبي مرفوض، لكونه يحد من حرية المبدع، ويهدد كل الكتّاب والمبدعين. مضيفا "من طبيعة العمل الفني أن يكون فيه إختراق لثوابت المجتمع، أما رواية "مترو" فتعتبر تجربة جيدة جدا، تأخر ظهورها في مصر كثيرا، فقد كان من المفترض أن تظهر الروايات المرسومة أو المصورة في مصر منذ زمن بعيد، خاصة أن هذا الفن متواجد وراسخ في الغرب. أما المحامي حمدي الأسيوطي ، فوفق "أخبار الأدب" ، اعتبر أن التراث العربي يحتوي علي عدة كتب من الممكن اعتبارها مسيئة للآداب العامة مثل "طوق الحمامة" للإمام ابن حزم، تاريخ الادب العربي اعتبر الكلام حول آداب النكاح نوعا من الكتابة الأدبية، رغم اقتراب هذه الكتابة بالنسبة للبعض من الإباحية. "مترو" تدور قصتها حول "شهاب" مهندس الإليكترونيات، الشاب الحانق على النظام الاجتماعي والفساد المنتشر في مصر، والذي يقترب من الإفلاس بسبب المنافسة التي يسحق فيها أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة سواهم، و"شهاب" ينتمي إلى أبناء الطبقة المتوسطة المندثرة لأسرة تعيش في حي "السيدة زينب" العريق، فهو تائه بين ما تربي عليه من أخلاقيات، وما حصل عليه من ثقافة، وكذلك بين ما يتطلع إليه من أحلام يتطلع إليها كافة أبناء تلك الطبقة، فهو يصف دائماً هذا السياق الاجتماعي ب "النفق" .. يحاول المهندس الشاب الإعتراض على تلك الأوضاع بأسلوب عنيف وهو سرقة أحد البنوك!!. استعان "شهاب" بصديقه "مصطفي" ذلك الشاب الفارغ الذي يسكن منطقة "المرج"، فهو ينتمي لعشوائيات القاهرة التي يعتبر أغلبها بؤر للفساد والإنحراف، لا يحكمه نسق أخلاقي أو طموح بعينه، وفي نفس الوقت يحاول "شهاب" كشف سر مقتل "الحاج مصباح" رجل الأعمال الذي أوصاه بفضح من أسماهم "الخيالة" وهم مجموعة فاسدة من كبار رجال الأعمال بينما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. ولكن يفشل شهاب في المهمتين، فبعد سرقة خمسة ملايين دولار من بنك في وسط القاهرة يقوم شهاب وصديقه مصطفي بحفظها في إحدى محطات المترو في وسط المدينة، إلا أن "مصطفي" يغدر به ويهرب بالمال إلى خارج مصر، ويبقي ما يسمون ب "الخيالة" أو الفاسدون المتحكمون في مصير الوطن طلقاء أحراراً، إلا أنه من الغريب أن يتم تسوية السرقة في البنك ليس لتبرئة شهاب، ولكن لإنقاذ الموقف حتي لا يتورط أحد المسئولين الكبار. تقدم فصول الرواية العديد من القضايا التي حدثت في مصر مؤخراً منها قضايا الفساد وصراع الطبقات في مصر والمظاهرات التي توقفه أمام شخصية الصحفية "دينا" التي تعرضت للتحرش الجنسي خلال المظاهرات المنددة بالتعديلات الدستورية في مصر 2005م وتنشأ بينهما قصة حب، أيضا ضمن المؤلف الشافعي روايته المصورة بمخاوف الأقلية الدينية في مصر "الأقباط".