حدوتة مصورة يسرق بطلها بنكاً أجهزة الأمن المصرية تصادر رواية "مترو" محيط - هاني ضوه غلاف الرواية شهد سوق الكتب المصرية مؤخراً مصادرة العديد من الأعمال الجريئة وبخاصة الروايات ، أما أحدث الروايات في تلك القائمة فكانت رواية "مترو" للكاتب مجدي الشافعي التي صدرت عن دار "ملامح" للنشر ويملكها المدون محمد الشرقاوي الناشط بحركة كفاية والمعتقل حالياً على ذمة قضية إضراب السادس من أبريل. وانطلقت أنباء تفيد بأن قوة من شرطة الآداب، قد اقتحمت عصر الثلاثاء 15 أبريل مقر دار نشر "ملامح" بجاردن سيتي بالقاهرة، وقامت بمصادرة جميع نسخ رواية "مترو" والتي تعد أول رواية جرافيك مصورة في مصر، وتدور أحداثها في إطار اجتماعي وسياسي ، وعللت الجهات الأمنية قرارها بخروج الرواية عن "الآداب العامة" باعتمادها مجموعة من العبارات العامية الشائعة. روت نيرة الشيخ المسئول الإعلامي بالدار وخطيبة مؤلف الرواية حسبما جاء في جريدة "البديل" المصرية ، أن الأمن أجبر محاسب الدار أحمد سمير الذي كان متواجدا وقت المداهمة على إمضاء إقرار يتعهد بتسليم كافة النسخ المرتجعة من المكتبات من رواية "مترو" ، موضحة أن مباحث الآداب ليس لها سلطة مصادرة أي كتاب لأن المصادرة والتحريز لابد أن تتم بسلطة قضائية وهو ما لم يتم. من جانبه أوضح مجدي الشافعي مؤلف الرواية أنه سيقوم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والذهاب إلي مركز هشام مبارك للمساعدة القانونية لرفع دعوي قضائية ضد مباحث الآداب للتراجع عن قرار مصادرة الكتاب. ويرى الشافعي أن مصادرة روايته جاء للتضييق على صاحب دار النشر المعتقل الآن، إضافة لكم " الصراحة والسخرية" بالكتاب ، ومؤكدا أنه لم يتعمد إيذاء مشاعر الناس مضيفا أن المؤذي حقا لمشاعر الجماهير هو القمع والتسلط من جانب الأمن. حقوق الإنسان : انتهاك للقانون وحرية التعبير معاً عبرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" عن إدانتها التامة لواقعة اقتحام دار ملامح للنشر ومصادرة رواية "مترو" معتبرة أن اقتحام دار النشر بدون إذن من النيابة العامة بالتفتيش هو إجراء غير قانوني أما مصادرة الرواية فهي انتهاك صارخ لحرية التعبير لا يمكن قبوله بأي حال. وعبرت الشبكة عن قلقها من تكرار قيام أجهزة تابعة لوزارة الداخلية في مصر بمصادرة عدد من الكتب، خصوصا وأنها الحادثة الثانية خلال أسبوع واحد، حيث صادرت الداخلية قبل أيام كتاب "عشان ما تنضربش على قفاك" لكاتبه ضابط الشرطة السابق عمر عفيفي والذي يشرح للمواطن بشكل مبسط وساخر كيف يحمي نفسه من بطش بعض رجال الشرطة إذا توفرت له المعرفة القانونية ، وبدون أن يتوجه بأي شكل من التجريح لوزارة الداخلية أو الضباط . أحداث الرواية تدور الرواية بالشارع المصري رواية "مترو" أول رواية مصورة للكبار، وهو نوع من الكتابة لم تعرفه مصر من قبل يسمي "جرافك نوفل"، وهذا النوع من الروايات تتمتع في أوروبا والولاياتالمتحدة بشعبية كبيرة جداً فهي أحد فنون التعبير التي تنتمي لل "بوب آرت" التي تمتد جذورها الى خمسينات القرن الماضي والتي سعت إلى تصوير مظاهر الحياة اليومية والأحداث، وعوالم الإستهلاك من خلال الرسومات. "مترو" تدور قصتها حول "شهاب" مهندس الإليكترونيات، الشاب الحانق على النظام الاجتماعي والفساد المنتشر في مصر، والذي يقترب من الإفلاس بسبب المنافسة التي يسحق فيها أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة سواهم، و"شهاب" ينتمي إلي أبناء الطبقة المتوسطة المندثرة لأسرة تعيش في حي "السيدة زينب" العريق، فهو تائه بين ما تربي عليه من أخلاقيات، وما حصل عليه من ثقافة، وكذلك بين ما يتطلع إليه من أحلام يتطلع إليها كافة أبناء تلك الطبقة، فهو يصف دائماً هذا السياق الاجتماعي ب "النفق" .. يحاول المهندس الشاب الإعتراض على تلك الأوضاع بأسلوب عنيف وهو سرقة أحد البنوك!!. استعان "شهاب" بصديقه "مصطفي" ذلك الشاب الفارغ الذي يسكن منطقة "المرج"، فهو ينتمي لعشوائيات القاهرة التي يعتبر أغلبها بؤر للفساد والإنحراف، لا يحكمه نسق أخلاقي أو طموح بعينه ، وفي نفس الوقت يحاول "شهاب" كشف سر مقتل "الحاج مصباح" رجل الأعمال الذي أوصاه بفضح من أسماهم "الخيالة" وهم مجموعة فاسدة من كبار رجال الأعمال بينما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. ولكن يفشل شهاب في المهمتين، فبعد سرقة خمسة ملايين دولار من بنك في وسط القاهرة يقوم شهاب وصديقه مصطفي بحفظها في إحدي محطات المترو في وسط المدينة، إلا أن "مصطفي" يغدر به ويهرب بالمال إلي خارج مصر، ويبقي ما يسمون ب "الخيالة" أو الفاسدون المتحكمون في مصير الوطن طلقاء أحراراً، إلا أنه من الغريب أن يتم تسوية السرقة في البنك ليس لتبرئة شهاب، ولكن لإنقاذ الموقف حتي لا يتورط أحد المسئولين الكبار. واقعية قاسية تقدم فصول الرواية العديد من القضايا التي حدثت في مصر مؤخراً منها قضايا الفساد وصراع الطبقات في مصر والمظاهرات التي توقفه أمام شخصية الصحفية "دينا" التي تعرضت للتحرش الجنسي خلال المظاهرات المنددة بالتعديلات الدستورية في مصر 2005م وتنشأ بينهما قصة حب.
مجدي الشافعي وضمن المؤلف الشافعي روايته المصورة بمخاوف الأقلية الدينية في مصر "الأقباط". فضمن شخصيات الرواية شخص يدعي "ونس" وهو رجل قبطي عجوز شبه ضرير مهمش اجتماعياً كان يعمل في إصلاح الأحذية، إلا أنه هجر عمله هذا وتحول لمتسول في الموالد الدينية للمسلمين بعد ملاحقة أجهزة الضرائب له وتعرضه لاعتداء وحشي بعد مشاركته في مظاهرة ضد النظام من قبل رجال الأمن، وضمن أحداث الرواية يقول "ونس" للمهندس "شهاب": "عاوز تقول ونس الاسم المسيحي ده في مولد السيدة زينب؟! .. دي الشغلانة الوحيد إللي ماحدش بيسأل فيها إن كنت مسلم ولا مسيحي". فقد استخدم المؤلف هذه العبارة كإسقاط على قول الاقباط في مصر بالتمييز بينهم وبين المسلمين. وفي النهاية .. لا يتبقي لشهاب سوي حبيبته الصحفية "دينا" والتي تقاوم الاوضاع بالاشتراك في المظاهرات والاحتجاجات، وتنتهي الرواية بشهاب يقف مع حبيبته "دينا"، شبه وحيدين، في محطة المترو شبه الخالية، تحديداً محطة جمال عبدالناصر، وهو يقول العبارة النهائية في الرواية: "ماتيجي نطلع برة النفق". الجديد في رواية "مترو" أن هذا النوع من الروايات لا يعتمد على المصطلحات والنص فقط في وصف أحداث الرواية، ولكن الإستعانه بالصورة وكأنك أمام فيلم سينمائي يعين القاريء على معايشة الأحداث . تنتمي الرواية إلي إحدي المدارس أو التيارات الفنية التي تأسست في الولاياتالمتحدة وانتشرت باسم ال "Under Ground" أو تحت الأرض، وقد تبني هذا الإسلوب مجموعة من الفنانين أبوا أن يسايروا الموجه السائدة في الأدب من تمجيد الأوضاع وإعطاء صورة وردي للأمور، وأغلب أحداث الرواية تدور في محطات المترو المختلفة والتي تشير أسمائها هي الأخري إلي بعض المعاني المقصودة، فهي تشير في معناها المجازي أن هناك بعد الهامشيين يعيشون تحت الأرض، بيعداً عن الحياة الحقيقية.