أجلت محكمة جنح عابدين صباح السبت قبل الماضي النظر في قضية "مترو" أول رواية مصرية مرسومة، المتهم فيها مجدي الشافعي "الرسام والمؤلف" والناشر محمد الشرقاوي، لمدة أسبوعين لحين نظر الطعن المقدم في محكمة جنوبالقاهرة ضد قرار ضبط ومصادرة نسخ الرواية، والذي كان من المقرر نظره في اليوم نفسه. كما طالبت لجنة الدفاع من قاضي جنح عابدين السماح بتشكيل لجنة من المجلس الأعلي للثقافة لتقدم رأيها في الرواية موضع الخلاف، وإضافة شهادات مكتوبة لعدد من المثقفين إلى ملف القضية. ترأس لجنة الدفاع عن الشافعي والشرقاوي المحامي نجاد البرعي، الذي طالب بتشكيل لجنة من المجلس الأعلي للثقافة، وإستدعاء وزير الثقافة، فاروق حسني، بصفته كفناناً تشكيلياً، كما طالب المحامي حمدي الأسيوطي- أحد أعضاء لجنة الدفاع- بإستدعاء شاهد الإثبات، ومقدم البلاغ، العقيد أحمد سالم بالإدارة العامة للآداب. شهدت قاعة المحكمة تواجد عدد من المثقفين بينهم الروائي صنع الله إبراهيم الذي حضر ليتقدم بشهادة ضد مصادرة العمل، وللدفاع عن المتهمين، الشافعي والشرقاوي، وإلى جانب صنع الله كان الفنان أحمد اللباد متواجدا للشهادة، كما تضامن عدد من الكتاب الشباب بالحضور منهم أحمد العايدي، حمدي الجزار، محمد علاء الدين، والشاعر أشرف يوسف، ورسام الكوميكس وائل سعد. نقلت صحيفة "أخبار الأدب" الإسبوعية المصرية عن الروائي صنع الله إبراهيم قوله: أن مبدأ مصادرة أي عمل أدبي مرفوض، لكونه يحد من حرية المبدع، ويهدد كل الكتّاب والمبدعين. مضيفا "من طبيعة العمل الفني أن يكون فيه إختراق لثوابت المجتمع، أما رواية "مترو" فتعتبر تجربة جيدة جدا، تأخر ظهورها في مصر كثيرا، فقد كان من المفترض أن تظهر الروايات المرسومة أو المصورة في مصر منذ زمن بعيد، خاصة أن هذا الفن متواجد وراسخ في الغرب. واعتبر صنع الله إبراهيم أن ما يؤخذ علي رواية "مترو" في هذه المحاكمة عرضها لصورة يظهر بها "ثدي" فتاة عاريا، ويعلق علي ذلك بقوله: "...إنما هذه التهمة ما هي إلا حجة لمنع وقتل هذا العمل - مترو- لما يحتوي عليه من انتقاد للأوضاع السياسية الموجودة في مصر حاليا". أما المحامي حمدي الأسيوطي ، فوفق "أخبار الأدب" ، اعتبر أن التراث العربي يحتوي علي عدة كتب من الممكن اعتبارها مسيئة للآداب العامة مثل "طوق الحمامة" للإمام ابن حزم، تاريخ الادب العربي اعتبر الكلام حول آداب النكاح نوعا من الكتابة الأدبية، رغم اقتراب هذه الكتابة بالنسبة للبعض من الإباحية. "مترو" تدور قصتها حول "شهاب" مهندس الإليكترونيات، الشاب الحانق على النظام الاجتماعي والفساد المنتشر في مصر، والذي يقترب من الإفلاس بسبب المنافسة التي يسحق فيها أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة سواهم، و"شهاب" ينتمي إلى أبناء الطبقة المتوسطة المندثرة لأسرة تعيش في حي "السيدة زينب" العريق، فهو تائه بين ما تربي عليه من أخلاقيات، وما حصل عليه من ثقافة، وكذلك بين ما يتطلع إليه من أحلام يتطلع إليها كافة أبناء تلك الطبقة، فهو يصف دائماً هذا السياق الاجتماعي ب "النفق" .. يحاول المهندس الشاب الإعتراض على تلك الأوضاع بأسلوب عنيف وهو سرقة أحد البنوك!!. استعان "شهاب" بصديقه "مصطفي" ذلك الشاب الفارغ الذي يسكن منطقة "المرج"، فهو ينتمي لعشوائيات القاهرة التي يعتبر أغلبها بؤر للفساد والإنحراف، لا يحكمه نسق أخلاقي أو طموح بعينه، وفي نفس الوقت يحاول "شهاب" كشف سر مقتل "الحاج مصباح" رجل الأعمال الذي أوصاه بفضح من أسماهم "الخيالة" وهم مجموعة فاسدة من كبار رجال الأعمال بينما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. ولكن يفشل شهاب في المهمتين، فبعد سرقة خمسة ملايين دولار من بنك في وسط القاهرة يقوم شهاب وصديقه مصطفي بحفظها في إحدى محطات المترو في وسط المدينة، إلا أن "مصطفي" يغدر به ويهرب بالمال إلى خارج مصر، ويبقي ما يسمون ب "الخيالة" أو الفاسدون المتحكمون في مصير الوطن طلقاء أحراراً، إلا أنه من الغريب أن يتم تسوية السرقة في البنك ليس لتبرئة شهاب، ولكن لإنقاذ الموقف حتي لا يتورط أحد المسئولين الكبار. تقدم فصول الرواية العديد من القضايا التي حدثت في مصر مؤخراً منها قضايا الفساد وصراع الطبقات في مصر والمظاهرات التي توقفه أمام شخصية الصحفية "دينا" التي تعرضت للتحرش الجنسي خلال المظاهرات المنددة بالتعديلات الدستورية في مصر 2005م وتنشأ بينهما قصة حب، أيضا ضمن المؤلف الشافعي روايته المصورة بمخاوف الأقلية الدينية في مصر "الأقباط".