كيف تتعامل البلغارية "بوكوفا" مع هدم وتهويد الآثار العربية ؟ بوكوفا محيط – عبد الرحيم ريحان يحق للعالم العربي بدوله الأعضاء في منظمة التربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو" وبعد تسمية رئيسة المنظمة الجديدة البلغارية بوكوفا ، ان يعيدوا رفع مطالباتهم للمنظمة الدولية بالتحقيق في انتهاك مقدساتهم وآثارهم من قبل جيوش الاحتلال. ومن أهم تلك القضايا مسألة عروبة القدس وانتهاك مقدساتها بآلة الاحتلال الإسرائيلية وتدمير آثارها أو تحويلها لمراقص ، والحال نفسه يجري في لبنان وفي العراق وفي الجولان ، ولكن القدس تحديدا يعتبر مأساة المآسي الإسلامية ؛ حيث تسعى إسرائيل لتسجيلها كتراث عالمى إسرائيلى لدى منظمة اليونيسكو ، نفس الدولة التي خالفت قرارات اليونسكو الخاصة بحماية التراث الثقافى فى الأرض المحتلة . القدس تحت الاحتلال سيطرت إسرائيل فى عدوان 1948على الجزء الغربى من القدس بينما خضع الجزء الشرقى للأردن بما فيها المدينة القديمة التى تضم المواقع الدينية واستولت إسرائيل عام 1967على القدس بأكملها . وكان قرار ضم المدينة المقدسة للدولة الصهيونية فى 27/6/1967 بعد ثلاثة أسابيع من احتلالها رغم احتجاجات الرأى العام العالمى والمؤسسات الدولية وقرارات الأممالمتحدة التى نددت بهذا الإجراء . ثم بدأت إسرائيل بتوطين أعدادا هائلة من اليهود فى المنطقة العربية وحولها بينما لم يكن هناك يهوديا واحدا فى القدس العربية قبل عام 1967 ، كما وأخذ عدد العرب يتناقص من جراء الضرائب الفادحة والقوانين الجائرة والإرهاب الصهيونى ، ثم تمت إحاطة القدس العربية بأحياء يهودية أشبه ما تكون بالحصون العسكرية تلتف حول المدينة لفصلها عما جاورها . وبدأت ممارسات تغيير ملامح المدينة وطمس هويتها العربية الإسلامية بالعبث بالمعالم التاريخية والدينية للمدينة وتحويلها لبارات وملاهى ليلية وبيوت دعارة للجذب السياحى وتنمية اقتصاد الدولة الصهيونية. القدس والتراث العالمى .. فى عام 2000 وبمنتهى التبجح طالبت إسرائيل بضم مدينة القدس على لائحة التراث العالمى على أنها موقع ثقافى إسرائيلى فاجتمع وزراء الثقافة العرب بالرياض وأصدروا بيانا لمدير عام اليونسكو ورئيس لجنة التراث العالمى مطالبين برفض قبول الطلب الإسرائيلى المنافى لقرارات الشرعية الدولية ، ولم تيأس إسرائيل فحاولت عام 2003 شطب مدينة القدس من قائمة التراث العالمى المهدد بالخطر وكانت الأردن قد سجلت القدس عام 1982 كتراث عالمى وذلك لعدم وجود دولة فلسطينية كاملة العضوية فى اليونسكو حتى الآن . القدس و قرارات اليونسكو .. تقوم سلطة الاحتلال الإسرائيلى حالياً بأعمال حفر بشكل عشوائي في منطقة مجمع عين سلوان وعين سلوان التى تبلغ مساحتها 57 ألف متر مربع تبعد 300م عن الزاوية الجنوبيةالشرقية لسور الأقصى وتحوى العديد من المساجد منها مسجد عين سلوان ومسجد عين اللوزة ومسجد بئر أيوب ومسجد بلال بن رباح ويرتبط تاريخها بتاريخ القدس حيث شكلت مصدر المياه الأساسى منذ الفترة الكنعانية عبر قنوات بناها اليبوسيون (بناة القدس الأصليين) وما زالت آثارها قائمة حتى اليوم . كما تحاول سلطة الاحتلال هدم المنازل بحى سلوان بحجة أنها بدون ترخيص وهى بيوت تاريخية يعود تاريخ بناء عدد كبير منها للفترة ما بين 1860 إلى 1920 أى قبل الاحتلال الإسرائيلى للقدس ونتج عن اعمال الحفر نفق أرضى تحت مسجد عين سلوان بعمق أكثر من 12 متر يعرف أوله فقط والباقى مخفى بحاجز خشبى ، و عملية الحفر مستمرة وبعدة اتجاهات أدت إلى انهيار ترابى كبير تحت ساحة وملتقى الشباب التراثى المقدسى تحت ادعاء باطل بأن الهيكل المزعوم يقع شمال هضبة سلوان أى مكان المسجد الأقصى . وتستمر أعمال الحفر بهضبة سلوان بطول ما بين 500 إلى 600م لتحقيق المخطط الصهيونى بالامتداد مئات الأمتار في سلوان لإنشاء مدينة سياحية دينية يهودية تحت الأرض ، الأمر الذي أدى لتفريغ للأتربة والصخور أسفل المسجد الأقصى ليكون عرضة للانهيار بفعل هزة أرضية بسيطة أو هزات صناعية أوعمل عدوانى وشيك تخطط له المنظمات الصهيونية والحفريات مستمرة حتى تنهار المنازل الفلسطينية ويتشرد الآلاف وتحت المسجد الأقصى حتى ينهار ضمن خطة استيطانية لتهويد القدس بشكل كامل وطمس الهوية العربية الإسلامية بها و تقوم بالحفر جمعية "العاد" الاستيطانية بالتعاون مع بلدية القدس . الحفريات الاسرائيلية بجوار المسجد الاقصى غزة وقررات اليونسكو دمرت إسرائيل مساجد غزة الأثرية وخالفت إتفاقية لاهاى لحماية الممتلكات الثقافية فى حالة النزاع المسلح لعام 1954 المادة 4 الخاصة باحترام الممتلكات الثقافية حيث ورد فى النقطة الرابعة (تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بالامتناع عن أية تدابير إنتقامية تمس الممتلكات الثقافية) ومخالفتها المادة 5 الخاصة بالاحتلال حيث ورد فى النقطة الثانية (إذا اقتضت الظروف اتخاذ تدابير عاجلة للمحافظة على ممتلكات ثقافية موجودة على أراضى محتلة منيت بأضرار نتيجة لعمليات حربية وتعذر على السلطات الوطنية المختصة اتخاذ مثل هذه التدابير فعلى الدولة المحتلة أن تتخذ بقدر استطاعتها الإجراءات الوقائية الملحة وذلك بالتعاون الوثيق مع هذه السلطات) . فإذا كانت دولة الاحتلال هى التى تقوم بالحرق والتدمير والتدنيس لهذه المواقع فمن المسئول غير المنظمة صاحبة هذه الاتفاقية؟ والمطلوب من اليونسكو تطبيق المادة 28 الخاصة بالجزاءات على دولة الاحتلال الصهيونى وفيها ( تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ – فى نطاق تشريعاتها الجنائية – كافة الإجراءات التى تكفل محاكمة الأشخاص الذين يخالفون أحكام هذه الاتفاقية أو الذين يأمرون بما يخالفها وتوقيع جزاءات جنائية أو تأديبية عليهم مهما كانت جنسياتهم)
فى السادس من يونيو عام 2000 أرسل يوسى ساريد وزير التعليم الإسرائيلى رسالة إلى مركز التراث العالمى تضمنت أسماء 29 موقعاً مرشحاً للتسجيل فى قائمة التراث العالمى بوصفها مواقع تراثية إسرائيلية ومن بينها - مما يثير العجب - طريق الحج من مكة إلى القدس ، إضافة لوادى الأردن وخليج العقبة وأعطت لهذه المواقع أسماءا عبرية مخالفة لشروط الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى بتجنبها ذكر الأسماء التاريخية التى كانت معروفة ومستعملة فى سجل المواقع والمبانى التاريخية قبل عام 1948 . وفى القسم الثانى من القائمة نجد المواقع متعددة القوميات ؛ حيث اقترحت إسرائيل تسجيل خمسة مواقع هى وادى الأردن ونهر الأردن ومنابعه ووادى عربة وخليج العقبة ، وفى القسم الثالث مواقع المجموعات حيث طالبت بضم الحصون الصليبية والقصور الأموية والأديرة الصحراوية ومدن الموانئ والفنون الصخرية وغيرها ؛ وتقع مواقع هاتين المجموعتين فى فلسطين والأردن وسوريا ولبنان . أما القسم الرابع من قائمة المطالبات الإسرائيلية فيتعلق بالطرق الحضارية منها طريق الحج وخط القطار العثمانى وطريق البخور الساحلى وتصدى العرب لهذه المحاولة من السطو على التاريخ وتمكنت مصر والمغرب فعلياً من تجميد مناقشة الطلب الإسرائيلى ، ورغم ذلك تضع إسرائيل آثار مصر والأردن فى الكتيبات السياحية الإسرائيلية بصفتها آثاراً إسرائيلية يمكن للسائحين زيارتها ! نهب سوريا ولبنان بوابة تل الجولان بسوريا عقب احتلال الجولان عام 1967 بدأت أعمال التخريب والتنقيب الإسرائيلية عن الآثار ملحقة بها أضراراً جسيمة حيث تحوى الجولان تسلسلاً حضارياً منذ عصور ما قبل التاريخ ثم الآشوريين الكنعانيين والآراميين والأنباط والغساسنة والعرب المسلمين . وبعد ثلاثة سنوات من احتلال الجولان كانت الجرافات الإسرائيلية قد دمرت عدداً من المواقع الأثرية وفى عام 1974 - قبل انسحاب إسرائيل من مدينة القنيطرة - دمروا المساجد الأثرية وسرقوا أحجار المدينة البازلتية وأعمدتها الرخامية وتماثيلها والأبنية الأثرية فى دير قروح ، كما شرعوا فى سرقة مدن الجولان وقراها مثل بانياس ، الحمة ، فيق ، رجم فيق ، العال ، خسطين وغيرها . وكانت كل هذه السرقات مصحوبة بمحاولات ذات صبغة علمية لإثبات أى تواجد تاريخى لليهود دون فائدة لذلك قاموا بتحوير أسماء المدن والقرى فى الجولان لتتطابق مع ما هو وارد فى التوراة دون سند علمى ؛ فقد تم تحريف "خسفين" إلى "خسفو" التوراتى و"كرسى" إلى "خمرسيا" التلمودى و" تل القاضى" إلى " دان القديمة " وفى الفترة من 1967 إلى 1968 قامت إسرائيل بمسح أثرى فى عدد 209 موقعاً بالجولان وقد أشارت أحد التقارير السورية لعدد 42 موقع كأمثلة للمواقع التى طالتها يد العدوان إما بالتخريب أو التنقيب وفى محاولة لإثبات وجود تاريخى لأنبياء الله داود وسليمان عليهما السلام نهبت إسرائيل أثناء اجتياح لبنان 1978 موقع قبر حيرام الفينيقى ؛ لأن المؤرخ اليهودى يوسفينوس أشار لارتباط الملك حيرام بعلاقات صداقة لأنبياء الله داود وسليمان امتدت لمجال التجارة بعد ذلك . وقامت إسرائيل عام 1983 بتحويل هذا الموقع لمقر عسكرى ، كما قام جنود الاحتلال بتجريف المواقع الأثرية فى جنوب لبنان . فى مدينة "صور" دمرت إسرائيل الأسواق القديمة ونهبت قطعا أثرية بيزنطية ، وقد أكدت مديرية الآثار اللبنانية عقب المعاينة بعد الانسحاب الإسرائيلى أن هناك مبانى أثرية بالكامل تم تفريغها من كنوزها . وفى موقع رأس العين جنوب صور نقلت قوات الاحتلال توابيت تعود للفترة الرومانية والبيزنطية إلى خارج لبنان عام 1985 . كما قامت بنهب آثار مزارع شبعا أثناء احتلالها ودمرت العديد من المواقع الأثرية واستخدمتها طرقاً عسكرية من بينها قلاع رومانية وصليبية ومغاور وهياكل كما سرقوا كميات كبيرة من آثار جبل الشيخ وجبل الوسطانى ومحور كامد اللوز كما نقلت قطعا أثرية تعود إلى الحقب الفينيقية والبيزنطية من جنوب لبنان لمتاحف إسرائيلية فى فلسطينالمحتلة . متحف عراقي بعد تخريبه تدمير آثار العراق نهب تراث العراق الحضارى بدأ مع اجتياح بغداد يوم 9 أبريل 2003 ؛ حيث سرق المتحف العراقى ببغداد يوم 10 أبريل وشملت أعمال النهب نحو 24 ألف قطعة أثرية جمعت من 6555موقعاً أثرياً تعود لحضارات العراق منذ عصور ما قبل التاريخ مروراً بالحضارات السومرية والآشورية والبابلية والإسلامية . ومن المسروقات العراقية الهامة لوحة السبى البابلى وثمانون ألفاً من الرقم الطينية المكتوبة بالخط المسمارى التى تمثل أقدم مكتبة فى العالم لدراسة اللغات القديمة . إلى جانب سرقة المتحف العراقى أشرفت قوات الإحتلال الأمريكي على إحراق مكتبة القرآن فى وزارة الأوقاف والشئوون الإسلامية ببغداد التى تضم مخطوطات لمشاهير الخطاطين المسلمين ، كما تم إحراق جميع المخطوطات الموجودة فى دار صدام للمخطوطات التى كان يوجد بها 20214 مخطوطاً باللغات العربية والفارسية والتركية والكردية ، كما أحرقوا ذاكرة العراق المتمثلة فى المكتبة الوطنية بمحتوياتها التى تضم ملايين الوثائق الخاصة بالوزارات والسجلات ووثائق الملكية منذ العهد العثمانى وفترة الاحتلال البريطانى والعهد الملكى والعهد الجمهورى . شهد العراق سرقة 300 مخطوط منها كتاب "القانون فى الطب" الشهير لابن سينا ، وتم نهب متحف نبوخذ نصر ومتحف حمورابى ، وفى اغسطس 2003 قام وفد من الآثاريين الإسرائيليين بزيارة العراق تفقدوا خلالها المواقع الأثرية ومتحف نينوى بالموصل ، وقام ثلاثة حاخامات بعمليات تنقيب عن الآثار فى بابل تحت حماية قوات الحملة ، كما قام أحد تجار الآثار فى يونيو 2007 بتهريب 650 إناء عليها كتابة بالخط الآرامى تم تهريبها لمعهد الدراسات العبرية واليهودية بجامعة لندن
اقرأ أيضاً حسني يخسر اليونيسكو .. ومثقفون يتحدثون ل"محيط" عمن يخلفه بوزارة الثقافة