فى محاولة لشغل العالم العربى والغربى عن المطالبة بمحاكمة مجرمى الحرب الحقيقيين فى إسرائيل ، نجحت المنظمات الصهيونية فى اختيار توقيت صدور حكم المحكمة الدولية ضد البشير ليتحول العرب إلى موقف الدفاع ويضعونه على رأس القائمة فى مؤتمرهم القادم بالدوحة بديلاً عن الإرهاب الصهيونى فى فلسطين . وقد التقت المذيعة دينا عبد الرحمن فى برنامج "صباح دريم" مع خبراء شرحوا أبعاد هذه القضية وهم الفريق مجدى عمر مساعد رئيس المخابرات العامة المصرية السابق وهانى رسلان رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية . احتكار الموارد الطبيعية وقد أشار اللواء مجدى عمر أن الحركة الصهيونية العالمية تضع أعينها على المناطق الغنية بالموارد الطبيعية لتثير بها القلاقل إما لتطويع النظام القائم لتنفيذ رغباتها أو الإطاحة به أو تعرض الإقليم للانقسام بهدف احتكار الثروات الطبيعية فى هذا الإقليم وأن السودان هو المارد القادم الغنى باليورانيوم والبترول ولا بد من إضعافه وتقسيمه من الآن لجنوب وغرب وشمال . والسودان أيضا هو نافذة مصر على أفريقيا وله حدود مع عدة دول أفريقية وهناك خطة قديمة أعلن عنها منذ عشرة سنوات عن مد أنبوب بترول من شرق أفريقيا لغربها لميناء دوالا فى الكاميرون لوصول البترول للولايات المتحدةالأمريكية عبر الأطلنطى مباشرة دون المرور على قناة السويس وجبل طارق خصوصاً بعد ظهور البترول فى أنحاء كثيرة بالسودان . وأمريكا رغم أنها غير مشتركة فى المحكمة الجنائية الدولية ولكن لديها القدرة على تحريك المحكمة الدولية ومجلس الأمن عن طريق تأثيرها فى الدول الأوربية . التحالف الصهيونى ويشير رسلان إلى أن المحكمة الدولية انحدرت فى قضية دارفور لتحقيق أجندة بعض الدول ، وإسرائيل رغم أنها ليست عضواً فى المحكمة ولكن لديها حضور ومنظمات مجتمع مدنى فى الإعلام الغربى مسيطرة عليه وشكلت بما يسمى (تحالف إنقاذ دارفور) الذى انطلق من منظمتين صهيونيتين من متحف الهولوكست بنيويورك ، وهم أعضاء فى اللوبى الإسرائيلى . وأخذ هذا التحالف نفوذه عن طريق الإتحاد بين عدد كبير من الجمعيات واجتذب لعضويته بالنفوذ الصهيونى فى أمريكا عددا كبيرا من الساسة المشهورين وأصحاب النفوذ فى صنع القرار . ولقد أشاع النفوذ الصهيونى فى الإعلام الغربى أن هناك 300 ألف قتيل فى دارفور وهذا غير صحيح فأين مات كل هذا الكم؟ ودارفور مراقبة بالأقمار الصناعية والإعلام العالمى مقيم هناك ولقد رفضت الإذاعة البريطانية BBC نشر إعلانات سيف دارفور لعدم وجود أى دليل للأرقام المذكورة فى هذه الإعلانات . إسرائيل فى دارفور ويضيف رسلان أن هناك تقرير معروف ومنشور لوزير الأمن الإسرائيلى آفى دختر يتحدث عن تقديرات إسرائيل للمناطق الاستراتيجية المتعلقة بها فيما يخص السودان وقد جاء فى التقرير (نحن موجودون فى دارفور منذ عام 2003 بقرار من مجلس الوزراء الإسرائيلى بالإجماع فى عهد شارون ، نحن موجودون بشكل مباشر وغير مباشر عبر الأذرع المرتبطة بنا فى الغرب وفى الداخل ونعمل بمفردنا وأيضاً فى ظل التحالف الأمريكى البريطانى فى دارفور والذى سهل لنا هذا الوجود وبدونه لم نكن نستطيع تنفيذ الكثير وهدفنا النهائى فى دارفور هو أخذ أزمة هذا الإقليم إلى نفس المسار التى كانت عليه أزمة جنوب السودان أى حق تقرير المصير ثم انفصال لتقسيم السودان . وأضاف أن قرار المحكمة سيكون له أضرار جسيمة على وحدة واستقرار السودان وسيقطع الطريق على أى تسوية محتملة ويشير رسلان أن مشكلة دارفور لها خطورتها على الأمن القومى لمصر وإعادة رسم للتوازنات الاستراتيجية فى منطقة جنوب مصر وصولاً للقرن الأفريقى وإقليم البحيرات ويؤثر على أمن البحر الأحمر ويحاصر مصر من الجنوب ويضعها فى صندوق مغلق يشل حركتها ويمنعها من أى تعاون استرايجى أو شراكة مع انتمائها العريق فى وادى النيل وما يحدث فى السودان جزءاً منه هو حصار لمصر لذلك فهناك حاجة ماسة لدعم عربى وأفريقى قوى وتنسيق مع روسيا والصين حتى لا يتحول السودان لمناطق حرب عصابات وحروب لا نهاية لها . ويجب أن يحذر العرب والمسلمون من الوقوع فى هذا الفخ التى تنصبه لنا إسرائيل لتشغلنا عن قضايانا الأساسية فى المطالبة بالحقوق العربية فى فلسطين ومحاكمة الإرهابيين الحقيقيين قتلة أطفال غزة وحماية المسجد الأقصى الذى أوشك على الإنهيار .