إن الولوج في أزقة صنعاء القديمة يشبه العبور إلى بوابات الأساطير والخيال حيث يمتزج عبق التاريخ بأصالة الحاضر وتتجسد عبقرية المعماري اليمني الذي عزفت أنامله سيمفونية رائعة ورسمت لوحة إبداعية يندهش العالم إعجابا بها ، هذا اليمني الذي أحب بلاده وتجسد عشقه إلى عطاء وفن ليثبت للدنيا أن المعجزات تشرق من بين شرفات صنعاء القديمة . إن صنعاء بكل تدفقها وجماليتها المتعددة تحملك إلى مدن الخيال والروعة وتثبت للزائرين أنها معجزة متجددة وان الإنسان اليمني هو فنان وعاشق من الدرجة الأولى، حيث تحول التراب على يديه إلى لوحات يندهش الخيال إعجابا بها، لنكتشف إن الحب والعشق شَكلا جمال معمار صنعاء القديمة وتشاركت أيدي الحب وأيدي الفنان الإنسان في صنعها للتأكيد على أن الإنسان اليمني فنان وعاشق بامتياز . في زيارتك لصنعاء القديمة فإنك تعيد اكتشاف نفسك قبل اكتشاف الأمكنة حيث يبوح لك كل حجر وكل زاوية وكل مئذنة بأشعار وحكايات ينسج العصفور موّالها ويكتبها الندى على شرفات كل فجر جميل يقبل وجه صنعاء مطلع كل يوم جديد. تشكل صنعاء القديمة تحفة فنية رائعة يندر وجود شبيه لها.. بكل أزقتها المتموجة وأسواقها الشعبية ونسائها وأطفالها الذين تمتزج في وجوههم البساطة والتلقائية .. وعجائزها اللاتي تبوح قسماتهن عن ماضٍ يحمل الكثير من الأسرار والسحر والجمال .. فيأخذك الإعجاب إلى سماء أخرى، وتجد نفسك تحلق عاليا دون أجنحة .. وتتساقط من شفتيك عبارات الإعجاب والغزل وتتحول كل نظرة منك إلى قصيدة يغزلها الحب والانبهار بهذه الأرض وهذه التحفة الخالدة وهذا الإنسان الذي اختلط فنه بالحب والعشق وصنع لوحة للسحر تتجسد فيها قوة الحضارة بكل عنفوانها وعظمتها ومجدها . انك لا تخرج من صنعاء القديمة كما دخلت ..بل تولد من جديد وتمتلئ بالمعرفة والجمال وحب الأرض والإنسان الفنان . عن صحيفة الثورة بتاريخ 1 يوليو 2007