الرباط: أحالت الشرطة القضائية بمدينة الدارالبيضاء بالمغرب متهما بالقتل العمد بعد أن تدخل لفك نزاع بين شخصين يعملان معه الى محكمة الاستئناف وتوبع بتهمة القتل العمد دون سبق الإصرار. كانت عقارب الساعة تشير إلى منتصف الليل، حين تقدم شاب في مقتبل العمر، يعمل حارسا ليليا، نحو مصلحة الشرطة القضائية بالحي المحمدي عين السبع, وعلامات الارتباك بادية عليه، وكانت فرائسه ترتعد وكأن شيئا رهيبا أفزعه، طمأنه ضابط الشرطة المناوب وأمره بإخباره عن سبب ما جرى معه، فقال بكلمات متقطعة أريد التبليغ عن جريمة قتل وقعت بالقرب من المكان الذي أعمل فيه حارسا ليليا. كان وقع كلمات الحارس الليلي على مسامع ضابط الشرطة كالصاعقة، فأمر باقي عناصر الشرطة القضائية بتقييد الحارس كشاهد على جريمة قتل، في حين انتقل برفقة عناصر أخرى والحارس إلى مسرح الجريمة. هناك عثر رجال الشرطة على الضحية مضرجا في دمائه، وبعد إجراء المعاينة الأولية لم يعثر رجال الشرطة المحققون على أداة الجريمة، فجرى الاتصال بمصلحة الطب الشرعي والوقاية المدنية، وجرى نقل الضحية إلى مستودع الأموات لمعرفة أسباب الوفاة الحقيقية . باشر رجال الشرطة التحقيق من مسرح الجريمة، ليتبين أن مرتكبها يعمل بالقرب من المكان الذي عثر فيه على الجثة، وتمكنت من إلقاء القبض عليه بعد تحريات معمقة وتفتيش في محيط الضحية الذي جرى التعرف على هويته، وتمكن رجال الشرطة من اعتقال المتهم بمنزله وبحوزته أداة الجريمة. أثناء التحقيق مع المتهم ويدعى "جميل" اعترف بارتكابه الجريمة بعد أن وجه للمجنى عليه طعنات مميتة وشدد في اعترافاته على عدم نيته قتل الضحية موضحا أن شجارا نشب بينهما حين تدخل لفك نزاع بين الضحية وشخص آخر، فاجأه خلاله الضحية بلكمتين قويتين أفقدتاه الوعي, ولم يشعر وهو يوجه طعنات بسكينه إلى صدره ولم يستفق من الصدمة إلا والضحية جثة هامدة. وأوضح المتهم في اعترافاته أمام المحققين أن وقائع الجريمة، انطلقت في صباح يوم الحادث، إذ جمع زميل ثالث لهما بعض اللوائح الخشبية التي يستخدمها في عمل النجارة, وأنه بسبب الإرهاق لم يقو على التحمل, لأنه كان يحمل لوائح خشبية كثيرة، وأشار إلى أنه وبرفقة الضحية محمد كانا يراقبان زميلهما الثالث من بعيد . لكن محمد لم يتحمل تهاون زميلهم في العمل، وتوجه بسرعة نحوه، وأمره بالإسراع في العمل، لكن زميلهم الثالث لم يتحمل غضب الضحية وكلماته القاسية التي وجهها إليه بصوت عال، سمعه بقية العمال في الورش المجاورة، فدخل معه في شجار تبادلا خلاله السباب والشتائم، قبل أن يتحول الشجار إلى عراك حاد، تشابكا فيه بالأيدي ووجه كل واحد منهما للآخر لكمات قوية، فتدخل بينهما المتهم لفض النزاع بسرعة منهيا العراك وأبعد كل واحد من المتعاركين عن الآخر, وطلب منهما أن يوقفا الشجار. وعندما قاربت عقارب الساعة العاشرة ليلا من اليوم نفسه, التقى المتهم بالضحية الذي كان يحمل بعض اللوائح الخشبية, فجلس برفقته لمدة ربع ساعة تقريبا, وطلب منه المتهم أن يترك اللوائح الخشبية ويمضي معه المزيد من الوقت لتجاذب أطراف الحديث. أثناء حديثهما المطول الذي دام لأزيد من ساعة تقريبا، عاود الضحية الحديث عن الشجار الذي نشب بينه وبين زميلهم الثالث فنصحه المتهم بالابتعاد قدر الإمكان عن الشجار ومواصلة عمله, احتسيا معا القليل من الشاي وفي هذه الأثناء حضر مرة أخرى صديقهم الثالث، وعاود الشجار مع الضحية، فتدخل المتهم من جديد لفض النزاع، لكن هذه المرة، حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ فقد الضحية أعصابه واستشاط غضبا، وبدأ في توجيه السب والشتائم لكلا زميليه، وأمطرهما بالكلمات البذيئة، لكن المتهم ترك الضحية وغادر المكان. وبعد مرور ساعتين، عاود الضحية الحديث مع المتهم، الذي كان جالسا بإحدى زوايا الورشة يحتسي الشاي، وبدأ في لومه على تدخلاته المتكررة بينه وبين خصمه، وطلب منه المتهم أن يبتعد عن طريقه لأنه يريد الانصراف، فاعترض الضحية سبيله، وحاول منعه ووجه له لكمتين قويتين على وجهه وأسقطه على الأرض, وهو ما جعلهما يدخلان في نزاع قوي وتعالى صراخهما, الذي انتبه إليه الحارس الليلي بهذه المنطقة, وعندما احتدم الصراع بينهما، استل المتهم سكينا من بين تلابيبه, وطعن به الضحية، وأمطره بوابل من الطعنات في القلب والصدر .