دمشق: دعا نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري اليوم إلى التعاون الدولي والاقليمي لمواجهة الازمة المالية العالمية ووضع تصور شامل حول كيفية تجاوز المنطقة العربية هذه الازمة للخروج منها كلاعب فاعل موحد في المنظومة الاقتصادية العالمية التي يتم تشكيلها من جديد الان. جاء ذلك في كلمة افتتح بها الدردري الملتقى الاقليمي التشاوري حول آثار الازمة المالية العالمية على الدول الاعضاء في الاسكوا والذي تعقده اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (اسكوا) في دمشق تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري. واكد اهمية هذا الملتقى نظرا للموضوعات التي سيناقشها حول تداعيات الازمة المالية العالمية على الجوانب المالية والاقتصادية والاجتماعية في الدول الاعضاء في الاسكوا وافضل السبل لمعالجة اثار هذه الازمة. ودعا الدردري الدول الاعضاء الى ضرورة التنسيق المشترك فيما بينها وتبادل الخبرات والاراء حول ما قامت به لمعالجة الازمة وتوحيد وجهة النظر قبل انعقاد مؤتمر الاممالمتحدة الدولي رفيع المستوى حول آثار الازمة المالية والاقتصادية العالمية على التنمية في الاول من يونيو المقبل. وقال في كلمته التي اوردتها وكالة الأنباء الكويتية "كونا" انه في النظام الاقتصادي العالمي الجديد الدول الصغيرة والنامية تمتلك نفس اهمية الدول الاخرى ولقد أثبتت التجربة في هذه الازمة أن اهمية الدول ليس بحجمها الاقتصادي بل بمدى تحملها المسؤولية في ادارة الاقتصاد ومدى تحملها للمسؤوليات الاقليمية والدولية وادارة اسواق المال وحرية التجارة وانتقال رؤوس الاموال والايدي العاملة وحرية انتقال السلع والخدمات. واشار الى ان بلاده وان تأثرت بالازمة الاقتصادية العالمية فهي ستبقى بين دول الاسكوا الاقل تاثرا والاقوى على مواجهة التحدي لان مستوى الدين الخارجي منخفض جدا فهي من اقل دول المديونية في العالم اضافة الى التنوع الاقتصادي القوي حيث نشهد موسما سياحيا لم نره منذ سنوات طويلة وسنشهد موسما زراعيا متميزا. واضاف ان "التنوع الاقتصادي السوري يسمح نسبيا بان يواجه الازمة ولكن هذا لن يكفي حيث لم يعد بالامكان للاقتصاد القطري وحده ان يواجه هذه الازمة " داعيا في هذا الصدد الى المزيد من التنسيق والتعاون والعمل لتعزيز الطلب الداخلي والاستعاضة عن التراجع الشديد في الطلب الخارجي على السلع. كما دعا الى تنظيم اسواق المال لتقوم بتمويل عمليات التنمية والنمو المستدام وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة وفرص العمل لضمان تحقيق الاهداف التنموية للاستثمارات العربية في المنطقة. واشار الدردري في كلمته الى حجم الخسائر التي تعرضت لها الصناديق العربية في الاسواق العالمية داعيا هذه الصناديق الى الاستثمار في المنطقة العربية. وطالب بوضع مقترحات لصناع القرار في المنطقة العربية للعمل مع بعضهم البعض من اجل النهوض بالمنطقة لتحقيق دورها الذي يجب ان تحتله في النظام العالمي الاقتصادي القائم والمشاركة في بلورة هذا النظام من جديد. وشدد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية على ضرورة التنسيق والتعاون العربي المشترك والتعاون الدولي التنموي ورسم السياسات لمستقبل الشباب العربي. من جهته توقع وكيل الامين العام للامم المتحدة والامين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا (اسكوا) بدر المدفع ان تسجل البلدان المصدرة للنفط في منطقة الاسكوا التي شهدت اسواقها خسائر بمئات المليارات جراء الازمة المالية العالمية عجزا كبيرا في ميزانها التجاري في العام 2009 مقارنة بما حققته من فائض قدره 400 مليار دولار في عام 2008. وقال المدفع في كلمة له ان الازمة المالية العالمية ستؤثر كذلك على النفط واسواق المال واصول الصناديق السيادية في الدول المصدرة للنفط في منطقة الاسكوا وهي الكويت والسعودية والامارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان. واعرب عن الاعتقاد ان هذه الدول التي صنفت ضمن المجموعة الاولى في منطقة الاسكوا التي تضم اربع مجموعات سوف تستطيع التعامل مع هذه الازمة ومواجهتها. وقال ان المجموعة الثانية في منطقة الاسكوا التي تضم سوريا ومصر ولبنان والاردن تتميز باقتصادات متنوعة تاثرت بالازمة المالية من خلال عودة عدد كبير من العاملين في الخارج وتراجع عائدات السياحة وانخفاض حجم الاستثمار الاجنبي المباشر وتراجع المساعدات الرسمية للتنمية. واوضح ان هذا الامر سيحد من قدرة تلك الدول على تحقيق الاهداف الانمائية للالفية. وقال المدفع ان المجموعة الثالثة التي تضم البلدان الاقل نموا وهي اليمن والسودان ستواجه تحديا كبيرا في زيادة نسبة البطالة متوقعا عدم قدرتها على تحقيق الاهداف الانمائية للالفية بحلول العام 2015. واضاف انه بالنسبة للمجموعة الاخيرة التي تضم العراق وفلسطين فهي تشهد تفككا في بنيتها الاقتصادية والاجتماعية من جراء دورات العنف المتتالية التي تعاني منها وتبدو الان عاجزة عن التقدم ولو ببطء نحو عملية التنمية. وقال ان العمل لن يجدي اذا لم تعالج الازمة من خلال انعكاس الوقائع الناتجة عن الخلل العالمي القائم ومن خلال معالجة التفاوت بين الدول المتقدمة والدول النامية في اطار اعادة صياغة سياسات دورية اساسية وتوفير ضمانات اجتماعية اضافية وخلق فرص العمل والتخفيف من وحدة الفقر ضمن الاولويات وارساء الاسس لتنمية مستدامة حقيقية. وطالب المدفع في هذا الصدد بضرورة توفير المشورة للبلدان الاعضاء على مستوى وضع السياسات حول كيفية مواجهة الازمة المالية وادارة مراحلها الانتقالية وكذلك توفير الارضية المناسبة للحوار والنقاش بين صانعي القرار والهيئات الدولية والاقليمية حول كيفية الخروج من الازمة. ودعا الى المساعدة على تطوير قدرات اصحاب القرار في المنطقة لوضع خيارات متعددة للخروج من الازمة من خلال دورات تدريبية معنية وحلقات نقاش حول هذا الموضوع مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة مشاركة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في وضع الحلول الايلة الى الخروج من الازمة. كما دعا المدفع الى توفير قاعدة بيانات حول الممارسات الافضل التي قامت بها المناطق الاخرى لادارة الازمة المالية ومواجهتها موضحا ان المرحلة المقبلة ستشهد اعادة صياغة السياسات الاقتصادية والمالية في العالم. واكد اهمية ان تشارك المنطقة العربية في هذه العملية بشكل فعال وان تكون جزءا من الحل معربا عن الامل في ان يخرج الملتقى بتوصيات وتدابير تساعد بلدان المنطقة على ادارة الازمة وتدارك نتائجها. من جهته قال المدير التنفيذي في منظمة العمل الدولية موريزيو بوسي في كلمة له ان هذا الملتقى يعقد في وقت تزداد فيه تداعيات الازمة المالية يوما بعد يوم. واوضح ان معدل النمو الشامل في منطقة الاسكوا انخفض من 7.2% إلى 3.9% مشيرا الى ان الازمة المالية ستؤدي الى تأثيرات اكبر على الاقتصاد العربي اضافة الى ازدياد نسبة البطالة. واضاف ان فرص العمل والاسر العاملة تأثرت جراء هذه الازمة المالية التي تستدعي عملا جادا من جميع الدول بغض النظر عن نسبة تأثرها بالازمة وبناء سوق عمل عادل. وقال ان ازمة العمالة في الشرق الاوسط استبقت الازمة المالية وتجاوزت نسبة 7.6% مطالبا باعطاء الاولويات للتحرك من مرحلة الاجراءات القصيرة المدى الى اجراءات طويلة المدى لمعالجة جذور الازمة المالية العالمية من الاساس ووجوب حماية سوق العمل من تأثيرات هذه الازمة.