الرياض: وقعت كل من السعودية والكويت وقطر والبحرين اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي في خطوة تعد بمثابة انجاز لمرحلة جديدة في إطار تكوين اتحاد نقدي والاتفاق على عملة موحدة وذلك بالرغم من انسحاب الإمارات وعمان. وجاء ذلك التوقيع بعد المخاوف التي أثيرت حول انهيار الوحدة النقدية الخليجية أثر انسحاب الإمارات صاحبة ثاني أكبر اقتصاد عربي من الوحدة النقدية بعدما أبدت تحفظات علي اختيار الرياض مقرا للمصرف المركزي الخليجي, وقالت إنها كانت أول من تقدم لاستضافة مقر المركزي, كما أنها تحظي بنظام مصرفي قوي, واقتصاد مفتوح, بالاضافة إلى أنها لا تستضيف أي مقر خليجي. ووقع الاتفاقية عن جانب السعودية وزير الخارجية الامير سعود الفيصل وعن جانب دولة الكويت نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح فيما وقع عن جانب دولة قطر رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني وعن جانب البحرين وزير الخارجية الشيخ خالد بن احمد ال خليفة. وذكرت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أن مراسم توقيع الاتفاقية حضرها أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية ووزير المالية السعودي الدكتور ابراهيم العساف اضافة إلى رئيس الاستخبارات العامة السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز. ويتكون النظام الأساسي للمجلس النقدي الخليجي من 28 مادة، ويستهدف تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوى بين دول المجلس. ويتطلب قيام الاتحاد النقدي تنسيق السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء لضمان إسهامها في الاستقرار المالي والنقدي، وبما يكفل تحقيق درجة عالية من التقارب الاقتصادي المستدام في منطقة العملة الموحدة. وأيضا تهيئة البنى المتعلقة بنظم المدفوعات ونظم تسويتها اللازمة للعملة الموحدة، وتبني تشريعات مصرفية وقواعد مشتركة في مجال الرقابة المصرفية بما يحقق الاستقرار النقدي والمالي. وكذلك إنشاء مجلس نقدي يُعد لإنشاء بنك مركزي يتمتع بالاستقلالية التامة ويكون من أغراض البنك المركزي الأساسية رسم وتنفيذ السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف للعملة الموحدة، وإصدار عملة موحدة تحل محل عملات الدول الأعضاء. كما ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء فور دخول هذه الاتفاقية حيز النفاذ باتخاذ الإجراءات المطلوبة لإنشاء المجلس النقدي، على أن ينشأ المجلس النقدي ويمارس مهامه ووظائفه طبقاً لأحكام هذه الاتفاقية ونظامه الأساسي إلى حين قيام البنك المركزي الذي سيحل بصفة تلقائية محل المجلس النقدي فور الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بإنشاء البنك المركزي. وفيما يتعلق بالشخصية القانونية للمجلس النقدي، أكدت مسودة الاتفاقية تمتع المجلس النقدي بالشخصية القانونية المستقلة في الدول الأعضاء في حدود الأهداف والمهام الموكلة إليه طبقاً لهذه الاتفاقية ونظامه الأساسي. هذا وقد أكد خبير اقتصادي سعودي أن التضخم هو أكبر مشكلة تواجه الاتحاد النقدي الخليجي، بالنظر إلى الفروق الكبيرة في معدلاته بين دول المجلس، موضحا أنه قد يجادل البعض بأن موجة التضخم مؤقتة وأن الفروقات بين الدول في طريقها للانحسار. وأفاد كبير اخصائيين اقتصاديين سابق في وزارة المالية السعودية الدكتور صالح السلطان متخصص في الاقتصاد الكلي والنقدي والمالية العامة، أنه يجب أن يكون معدل التضخم في كل دولة من دول الاتحاد النقدي الخليجي ضمن 2% من المعدل الموزون للجميع، إلا أن السؤال هو عن مدى عملية هذا القيد. وأضاف في تصريحات له ذكرتها جريدة "الرياض" أن التضخم المحلي المنشأ أكثر ما يرتبط بالسياسات النقدية والسياسات المالية، لذلك يجب أن تراعي دول الخليج وجود إطار مؤسسي وحوكمة للتأكد من تناغم وشفافية القرارات في ممارسة السياسة النقدية، موضحا أن دول المجلس قد تلجأ إلى التنظيم المؤسسي من خلال مرحلتين أو أكثر، مثل وضع سلطة مالية خليجية ثم البنك المركزي الخليجي. وقال السلطان إنه لمعالجة الفروقات في التضخم بين الدول فإن الحاجة ماسة إلى رفع جودة البيانات وتبادلها وشفافيتها، بالإضافة إلى الحاجة لبناء قانوني متين، وعمل بنية مالية مثل نظام الدفع، وارتباط الأسواق المالية. وأبان السلطان وهو باحث ومستشار اقتصادي حالي، أنه من المعروف أن ميزانيات أكثر دول الخليج خلال السنوات الأربع الأخيرة مرت بفائض، ونسبة الفائض إلى الإنفاق تتفاوت بينها، وكلما زاد الفائض كلما كان معدل الزيادة في الإنفاق العام أعلى، وهذا يؤثر تأثيرا مباشرا على معدلات التضخم.