مازالت توابع انسحاب الإمارات من مشروع الوحدة النقدية الخليجية تتواصل, حيث أعلن سلطان بن ناصر السويدي محافظ المركزي الإماراتي أن قرار اختيار الرياض مقرا للمركزي الخليجي بدلا من أبوظبي "كان سياسيا" أكثر من كونه قرارا اقتصاديا, ولم يأخذ في الحسبان الميزات التنافسية لدولة الإمارات ولقطاعها المصرفي. كانت الإمارات قد أعلنت يوم الإربعاء أنها لن تكون طرفا في مشروع الوحدة النقدية الخليجية المقرر لها أن تنطلق العام القادم 2010, وهو القرار الذي أثار مخاوف لانهيار المشروع من الأساس خاصة أن الإمارات ثاني أكبر اقتصاد خليجي, ومع انسحابها يتبقي أربعة دول فقط هي السعودية والبحرين وقطر والكويت. حيث أن سلطنة عمان أعلنت انسحابها قبل 3 سنوات. وأوضح السويدي أن بلاده تستضيف علي أرضها عدد كبير من البنوك, تحظي بأكبر حجم من الأصول وأكبر حجم لودائع العملاء في المنطقة, فضلا عن حركة التحويلات العالمية التي يمثل نصيب الإمارات منها 50 % على مستوى الخليج. وفي حديث لبرنامج "اقتصاد الخليج" نقله تلفزيون دبي مساء أمس, ونقلته وكالة أنباء الإمارات, قال السويدي أنه تفاجأ بقرار اختيار الرياض مقرا للمصرف المركزي الخليجي باعتبار أن بلاده كانت أول من تقدم بطلب استضافته, لكنه أكد أن اختيار الرياض لم يكن "السبب الوحيد لانسحاب بلاده بل تضاف إليها تحفظات أخرى أبدتها الإمارات على بعض بنود اتفاقية الاتحاد النقدي ولم تؤخذ بعين الاعتبار". وأوضح أن الإمارات كانت لها ملاحظات جوهرية وأخرى ثانوية على اتفاقية الاتحاد النقدي, ومن التحفظات الجوهرية "تهميش الاتفاقية للعملة الحسابية" وخلوها من آلية مناسبة تؤمن "تسلسل الدخول في العملة الحسابية لدول مجلس التعاون لفترة معقولة تتم خلالها تجربة السياسة النقدية وتقييم الأمور التي يجب إصلاحها فيها وانتقالها إلى الاقتصاد وتأثيرها على النظم المصرفية لدول الخليج". وقال السويدي أن التحفظ الجوهري الثاني للإمارات يتعلق بدور المجلس النقدي الخليجي "الذي حُصر في إجراء الدراسات في وقت كان يجب أن يكون له دور في السياسة النقدية وبقية الجوانب العملية". وأضاف أن الإمارات أبدت ملاحظات أخرى على اتفاقية الاتحاد النقدي لكنها ليست جوهرية ومنها "غياب مقياس موحد للتضخم" وشرط تغطية احتياطي العملة لأربعة شهور من الواردات. وعن هذا الشرط قال السويدي إنه "أصبح متجاوزا" كما أنه "لم يراع الفرق بين الواردات من أجل إعادة التصدير والواردات من أجل الاستهلاك". يذكر أن 70 % من واردات الإمارات موجهة لإعادة التصدير ما يجعل من الإمارات وخاصة إمارة دبي ثاني أكبر مركز لإعادة التصدير في العالم. وجدد التأكيد على أن انسحاب الإمارات من اتفاقية الاتحاد النقدي ليس مبررا لتغيير سياستها النقدية, موضحا أن هذه السياسة ستبقى انفتاحية وأن سعر الخصم الرسمي فيها سيظل متدنيا, كما أن سعر صرف الدرهم سيبقى مربوطا بالدولار الأميركي. وفي الجانب المتفائل لإنهاء الأزمة, جدد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الأمل بعودة بلاده لمشروع الاتحاد النقدي, فبعدما أعلن يوم الخميس إن بلاده غير مهتمة في الوقت الحالي بالعودة للوحدة النقدية الخليجية، و"أن الباب ليس مغلقا وانه ليس هناك حدود أو قيود في لعبة السياسة", إلا أنه عاد أمس الجمعة وأكد أن بلاده ستدرس العودة للانضمام إلى اتفاقية الوحدة النقدية إذا تغيرت الشروط وسُمح لها باستضافة مقر البنك المركزي المشترك. وعلي صعيد الجهود الخليجية لاحتواء الأزمة, أكد مصدر خليجي لصحيفة "الشرق الأوسط" أن هناك مساعي خليجية بدأت لإذابة الخلاف الإماراتي الخليجي. مشيرا إلى أن هناك تحركات دبلوماسية على مستوى عال ستتم خلال الأسبوع المقبل، للسعي إلى عودة الإمارات من جديد للوحدة النقدية واحتواء الخلاف "خشية من انعكاسه على أداء المجلس التعاوني بأكمله".