أكد خبيران اقتصاديان أن منطقة الخليج ستكون من أسرع أسواق العالم عودة إلى الانتعاش الاقتصادي بفضل امتلاكها لفوائض نفطية كافية تمكنها من النمو الاقتصادي وتحمل فترات الانكماش مقارنة مع الأسواق الاخرى في العالم. وقال شادي شاهر الخبير الاقتصادي في بنك "ستاندرد تشارتر" أن دول المنطقة استفادت كثيرا من الطفرات النفطية السابقة وارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية الأمر الذي مكن جميع دول المنطقة دون استثناء من تسجيل وفورات مالية ضخمة وفوائض قياسية في موازناتها وحساباتها الجارية وهي عوامل ستضمن لها استمرار النمو الاقتصادي ومقاومة تداعيات الأزمة الحالية رغم تراجع نسب النمو المعلنة سابقا. وأضاف في تصريحات أوردتها صحيفة البيان الإماراتية أن عام 2008 كان عام الأزمة الاقتصادية وعام 2009 سيكون عام الانكماش العالمي في حين ان العام المقبل 2010 سيكون عنوان الركود الاقتصادي في معظم دول العالم باستثناء دول الشرق التي ستبدأ في الانتعاش التدريجي موضحا أن دول الخليج تمتلك سيولة تقدر ب1.2 تريليون دولار وهو عامل ايجابي سيمكنها من العودة بشكل أسرع إلى خارطة النمو الاقتصادي. وستحقق دولة قطر أعلى نسبة نمو في المنطقة تصل إلى 8.5 % بفضل اعتمادها على صادراتها واحتياطياتها الهائلة من الغاز, وفيما يتعلق بالإمارات قال شادي شاهر أن الدولة أعلنت عن زيادة كبيرة في حجم ميزانيتها وكذلك الحال في إمارة دبي التي توسعت في الإنفاق على البنى التحتية وهي عوامل ستعمل على تحريك القطاعات الاقتصادية الأخرى. وقال أن مشكلة السيولة في الإمارات تكمن في الفجوة بين الايداعات والديون وتعود جذور هذه المشكلة إلى عام 2008 عندما توقع الجميع قيام الإمارات بفك الارتباط مع الدولار وتدفقت الأموال الساحنة على شكل استثمارات وودائع على مصارف الإمارات لكنها وبعد نفي المصرف المركزي أي توجه نحو فك الارتباط تم سحب هذه الاموال عادت إلى الخارج في الوقت الذي كانت فيه المصارف تقوم باقراض هذه الاموال إلى الشركات والمؤسسات بآجال طويلة وتصل قيمة هذه المبالغ إلى 114 مليار درهم. وأكد ان الحاجة باتت ماسة لتدخل المصرف المركزي وضخ المزيد من الإيداعات لتضييق هذه الفجوة حتى تتمكن المصارف من معاودة عملياتها ومنح السيولة إلى الشركات والمؤسسات وهي خطوة لو تمت ستكون لها أثار ايجابية جيدة على مختلف القطاعات الاقتصادية. وأشار إلى أن دول المنطقة خطت خطوات جيدة نحو تنويع اقتصادياتها بالتقليل من الاعتماد على النفط وباتت تلك الدول تملك الأدوات اللازمة لمواجهة الأزمة الحالية خصوصا انها تمتلك مداخيل كبيرة مقارنة مع دول الغرب المثقلة بالديون. من جهتها قالت ماري نقولا الخبيرة الاقتصادية في البنك والمتخصصة في الأسواق العالمية ان الاوضاع الاقتصادية العالمية باتت اليوم اكبر تحد يواجهه العالم منذ ما يزيد على 60 عاما والركود في الغرب سيمتد إلى ما بعد 2010 بعكس دول الشرق. وحول تأثير الأزمة الحالية على الاقتصاديات الواعدة قالت أن العالم ينقسم اليوم إلى معسكرين أحدهما تلك الدول ذات العجز المالي العالي في حساباتها الجارية وصاحبة مستويات الإقراض والديون العالية وهي تشكل مصدر قلق للعالم ومنها دول أوروبا الوسطى والشرقية كما أن دول اميركا اللاتينية ستتأثر حتما بالأزمة الحالية في حين يتوقع أن تكون قارة إفريقيا أقل تأثرا وسيكون لديها القدرة على المقاومة بالرغم من تراجع أسعار السلع الذي ستتأثر به القارة السمراء. اما الشرق الأوسط فقد تعلم كثيرا من الدروس السابقة واستطاع الاحتفاظ بحجم بوفورات نقدية كبيرة من عوائد النفط ستعطيه ميزة ايجابية لمواجهة التحديات المقبلة وتعزز موقفه لتحمل فترة الانكماش. اما الوضع في اسيا فان اقتصاديات هذه المنطقة خصوصا المفتوحة فيتوقع لها ان تتأثر بدرجة اكبر مثل سنغافورة وهونغ كونغ وتايلاند وماليزيا. وكان صندوق النقد الدولي قد أكد قدرة دول الخليج على التعافي من تداعيات الازمة الحالية بشكل اسرع بالنظر لما تتمتع به هذه الدول من احتياطات مالية ضخمة وسيولة لا تتوفر في مناطق أخرى. وتوقع ان يعود النمو إلى معدلاته في العام 2010 وبمعدل قد يصل إلى 5.4 %, ويتوقع الصندوق نموا بواقع 3.5 % لاقتصاديات الخليج خلال العام الجاري 2009 مقارنة مع 6.8 % في عام 2008 و 5.3 % في 2007 . وأوضخ ان قيمة الصادرات النفطية في المنطقة ستصل إلى 298 مليار دولار مقارنة مع 584 مليار في العام الماضي في الوقت الذي ستنخفض فيه عائدات النفط إلى 257 مليار دولار مقابل 460 مليار في 2008 بنسبة تراجع تصل إلى 44 %. كما ان تراجع أسعار النفط سيؤدي إلى خسارة في الإيرادات الحكومية بواقع 300 مليار دولار مقارنة بعام 2008. وبالرغم من توقع الصندوق أن تتحول الحسابات الجارية في البلدان المصدرة للنفط من فائض بلغ 400 مليار دولار تقريبا في عام 2008 إلى عجز مقداره 30 مليار دولار في 2009، إلا انه أكد ان هذا التدهور يسهل احتواؤه ضمن حدود مريحة بالنظر إلى مخزون الاحتياطيات الكبير الذي تمكنت هذه الاقتصادات من تكوينه.