الكويت: في الوقت الذي توقعت فيه المنظمات المعنية بشؤون الطاقة بتراجع الطلب على النفط الخام خلال العام الجاري إلى ما يقرب من 800 ألف برميل في اليوم توقع مصدر مطلع في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" تراجع الطلب على الخام بواقع 200 ألف برميل في اليوم. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته بتصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن هذا الرقم الذي حددته بيانات وتقارير المنظمة تصفه بعض التقارير والبيانات الأخرى من المنظمات المعنية بشؤون الطاقة بأنه مفرط في التفاؤل. وأضاف أن الطلب على الخام يشهد تراجعا ملحوظا خلال المرحلة الراهنة في ظل الانكماش الاقتصادي العالمي والزيادة المضطردة في مستوى المخزونات لدى الدول المستهلكة بشكل غير مسبوق. وحذر المصدر من الصورة القاتمة للوضع الاقتصادي العالمي الهش التي "تزداد سوءا يوما بعد يوم حيث انتشرت بشكل سريع في مختلف أنحاء العالم" مشيرا إلى الصين التي حققت نموا وصل معدله إلى 13% خلال الأعوام الأربعة الماضية وتأثرت بالأزمة العالمية إذ تراجع نموها العام الماضي إلى 9% ومن المرجح أن يستقر خلال العام الجاري عند معدل 7%. وحول أسباب هذا التراجع الحاد في أسعار الخام بالسوق العالمية قال المصدر أنها الأزمة المالية العالمية وتباطؤ الأداء الاقتصادي العالمي إضافة إلى زيادة المخزونات في منظمة البلدان الصناعية التي وصلت إلى 76 مليون برميل في اليوم وهي أعلى نسبة تصلها منذ خمس سنوات. وقال المصدر إن تداعيات الأزمة الأخيرة في قطاع غزة وقطع الإمدادات الروسية من الغاز إلى أوروبا ساهمت في ارتفاع الأسعار خلال الفترة الأخيرة موضحا انه بدون هذين العاملين لكانت أسعار الخام قد وصلت اليوم إلى حدود 20 دولار للبرميل بدلا من 40 دولارا الحالية. وحول توقعاته لمستويات الأسعار خلال المرحلة المقبلة ذكر المصدر أن هناك تقارير متباينة بهذا الخصوص ففي الوقت الذي تتوقع فيه بعض المؤسسات المعنية بشؤون النفط والطاقة بان أسعار الخام ستستقر عند معدل 45 إلى 50 دولار للبرميل خلال العام الجاري تتوقع تقارير أخرى أن تشهد الأسعار مزيدا من التراجع خلال النصف الأول من العام الجاري لترتفع خلال النصف الثاني من العام المقبل إلى حدود 60 دولارا للبرميل و 72 دولار للبرميل في 2010 و85 دولارا في 2011. وردا على سؤال حول مدى التزام دول "أوبك" بقرار خفض الإنتاج الأخير بواقع 2.2 مليون برميل في اليوم أشاد المصدر بالتزام الدول الأعضاء في المنظمة بهذا التخفيض موضحا أن تقارير مستقلة لمراقبين ومحللين في شئون الطاقة تؤكد الالتزام القوي من قبل أعضاء "أوبك" بقراري المنظمة الأخيرين في شهري سبتمبر وديسمبر الماضيين. ولفت المصدر إلى أن توصيات الجزائر بتخفيض الإنتاج بواقع 2.2 مليون برميل في اليوم لن تظهر ملامحها بشكل واضح إلا بعد منتصف شهر فبراير المقبل معربا عن يقينه بان الأسعار ستتأثر بشكل إيجابي بمجرد أن يفعل قرار مؤتمر الجزائر، قائلا "إننا لن نلمس تحسنا في أسعار الخام إلا بعد التأكد من مدى الالتزام بخفض الإنتاج". وردا على سؤال حول احتمال عقد مؤتمر طارئ للمنظمة في شهر فبراير المقبل مثلما لمح إلى ذلك وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل استبعد المصدر عقد مثل هذا الاجتماع خصوصا وان السوق لم يلمس لغاية الآن تأثير مقررات مؤتمر الجزائر على أسعار الخام فضلا عن أن هناك اجتماعا عاديا للمنظمة سيعقد منتصف شهر مارس المقبل في العاصمة النمساوية فيينا. وأكد المصدر ضرورة توازن السوق النفطية بما يحقق مصالح السوق والعالم برمته محذرا من أن إلغاء المشاريع الاستثمارية في مجالات إنتاج النفط سيتسبب في مشاكل كبيرة لصناعة النفط مثلما حصل في 2003 و 2004 وبالتالي قد نعود إلى أسعار قياسية بعد اختفاء هذه الأزمة المالية العالمية وتزايد الطلب على الخام. ودعا القائمين على إنتاج النفط في العالم إلى وضع توازن للعرض والطلب في السوق لكي تصل الأسعار إلى مستوى يساعد على زيادة الاستثمارات التي تتطلب عادة وقتا طويلا قبل أن نرى نتائجها على أرض الواقع، قائلا أنه طالما استمرت حالة الانكماش الاقتصادي في العالم فان الطلب على الخام سيواصل تراجعه.