محيط/ زينب مكي: جاء القرار الكويت بالتخلي عن ربط عملتها بالدولار ليضفي قدرا من الواقعية على الآمال الطموحة المتعلقة بإقامة اتحاد نقدي خليجي على غرار الاتحاد الأوروبي، حيث دخل مشروع العملة "نفقا معتما" وأصبح في مهب ريح التصريحات والتحليلات، التي باتت تستبعد إصدارها في الوقت الذي حدده قادة مجلس التعاون بحلول العام 2010. ويرى الرئيس التنفيذي لشركة نور للخدمات المالية حسين العويد، أن العملة الخليجية الموحدة ان الفرصة لا تزال متاحة لتدارك أي صعوبات تمنع دول مجلس التعاون من الوفاء بموعد إعلان الوحدة النقدية الخليجية المزمع في 2010. ويعرب كوسيليا ماميس، الاقتصادي في شركة كاليون، عن اعتقاده بان " التزام دول مجلس التعاون الخليجي نحو الاتحاد النقدي قد تم نسفه، ومع الخطوة التي اقدمت عليها الكويت، فان اطلاق العملة الخليجية الموحدة بحلول عام 2010 اصبح على كف عفريت". ويؤكد العويد ،كما أوردت صحيفة "الشرق الأوسط" أن الظروف الاقتصادية التي تعيشها دول مجلس التعاون حاليا تسمح لها باستيعاب وهضم أي فوارق في مستويات التنمية التي ينظر إليها كعامل معيق للوحدة النقدية. فالتفاوت مثلا بين مستويات الدخل أو الأسعار أو أسعار صرف العملات ومستويات التضخم بل وحتى معدلات البطالة أو حجم الأعباء التي تتحملها الميزانيات الحكومية هي أمور يمكن التعامل معها بنفس الأسلوب التي تعاملت معه أوروبا مع مستويات تفاوت أعمق وأصعب بين دولها عندما قررت إنشاء اتحاد فيما بينها. سيادة الأعضاء في أمان! ============= وإذا كانت العملة الموحدة تعبيرا عن التكامل بين دول المجلس فهي أيضا وسيلة من وسائل تحسين القدرة التنافسية لاقتصادياتنا في مواجهة التكتلات الأخرى وتحصينها من التقلبات الاقتصادية العالمية التي تتسلل إلينا عبر تعاملاتنا التجارية واستثماراتنا وانتقالنا كأشخاص او أموال. ويقول العويد أنه على خلاف ما يظن البعض فإن إنشاء عملة خليجية موحدة لا يعني بالضرورة الانتقاص من سيادة الدول الأعضاء وقدرتها على السيطرة على مواردها. فالعملة الأوروبية الموحدة التي باتت منافسا قويا للدولار الأمريكي لم تؤد إلى اضمحلال الكيانات القومية الأوروبية، بل إن هذه العملة كانت من أهم العوامل التي ساهمت في تقوية الاقتصادات الوطنية المحلية وتوفير فرصة أفضل لها لتعميق وجودها الاقتصادي وتقوية مؤسساتها الإنتاجية. مصلحة "السمك الكبير" ============ ومن جهته يرى الكاتب حسن علي كرم : "أن قرار العملة الخليجية الموحدة لم يخرج من رحم المنفعة الاقتصادية الموحدة لدول المنظومة الخليجية، وإنما خرج من المزاج السياسي الذي يبدو انه يصب في صالح دول خليجية ذات اقتصاديات قوية على حساب الدول الأقل قوة وقدرة". وأكد كرم أنه إذا ما توحدت العملة فان ذلك يعني هيمنة الدولة القوية اقتصاديا على الدول الأقل اقتصاداً، الأمر الذي يندرج حسب المثل الشعبي تحت "السمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة". الاتحاد النقدي ======== وجدير بالذكر أن فكرة إصدار عملة موحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدأت مع نشأة المجلس ،فقد أشارت الوثيقتان الرئيسيتان للمجلس ، النظام الأساسي والاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981م ، إلى الخطوط العريضة والمعالم الأساسية والعامة لبرنامج تعاون وتكامل اقتصادي لدول مجلس التعاون بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود. وقد وافق المجلس الأعلى في ديسمبر 2001م على البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي ، والذي يقضي بتطبيق الدولار الأمريكي مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس في المرحلة الحالية قبل نهاية 2002م. كما يقضي البرنامج بأن تتفق الدول الأعضاء على معايير تقارب الأداء الاقتصادي ذات العلاقة بالاستقرار المالي والنقدي اللازمة لنجاح الاتحاد النقدي قبل نهاية 2005م ، وذلك تمهيدا لإطلاق العملة في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 2010م.