مما لاشك فيه أن دول مجلس التعاون خطت خطوات ايجابية في الشأن الاقتصادي كالوحدة الجمركية وتوحيد السياسات النقدية والاقتصادية من أجل اصدار عملة خليجية موحدة، في ضوء ذلك أكد عدد من الاقتصاديين البحرينيين بمناسبة الذكرى ال30 لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن المحصلة النهائية التي تتوج الانجازات الاقتصادية لدول الخليج هي تكوين عملة خليجية موحدة. وقال الاقتصاديون في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الكويتية "كونا": إن تطبيق العملة الخليجية الموحدة يتم من خلال تكوين اتحاد جمركي وسوق خليجية مشتركة ما يعني أن تكون جميع الانظمة والقوانين الموجودة في الدول الخليجية واحدة كنظام سوق العمل ونظام التقاعد ونظام التعامل مع المصارف والبنوك وغيرها من الأنظمة والقوانين الأساسية. وأوضح أحمد اليوشع ، رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتبر أفضل تجربة تكاملية في المنطقة العربية في التاريخ الحديث حتى الان اذ حققت الكثير من الانجازات المهمة خلال الفترة الماضية. وذكر أن من هذه الانجازات التي حققتها الدول الخليجية هي الاتفاقيات الاقتصادية ومنها الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي الخليجي، مضيفاً "على الرغم من وجود بعض النواقص في هذه الانجازات الا انها تبقى انجازات تاريخية كبيرة للمنطقة لا يمكن التقليل من شأنها". من جهته أكد الباحث الاقتصادي جعفر الصائغ ان دول مجلس التعاون خطت خطوات ايجابية على مستوى تحقيق الهدف الرئيس وهو تحقيق التكامل الاقتصادي بينها. وشدد الصائغ على أن دول المجلس مطالبة في الوقت الراهن بشكل استراتيجي وهام بالتقدم للأمام واتخاذ خطوات عملية من أجل تطبيق الوحدة النقدية، مؤكداً أنه دون الوحدة النقدية ودون العملة الخليجية الموحدة لن تكون هناك دفعة لما تم انجازه وتحقيقه في دول المجلس في الفترة السابقة وقال ان "جدوى الانجازات الاقتصادية التي توصلت اليها دول المجلس ستقل تدريجا". وأشار إلى وجود انجازات مهمة على مستوى القطاعات كالقطاع الصناعي والمالي فتم اتخاذ تشريعات وقرارات قطاعية موحدة والنقطة الأهم في هذا الجانب هي انه يجب ان تكون القرارات الاقتصادية وخاصة القرارات المستقبلية نابعة من قناعة من قبل دول المجلس وان لا يتغلب القرار السياسي على القرار الاقتصادي. وشدد الصائغ على أهمية أن يكون القرار الاقتصادي نابع من قناعة ويخدم الوحدة التكاملية ومصالح مواطني دول المجلس مبينا ان أي قرار اقتصادي يزيد من تقارب اقتصاديات دول مجلس التعاون هو قرار يصب في نهاية المطاف في مصلحة دول المجلس وسيحقق التكامل الاقتصادي. وأوضح هناك تباين وعدد من نقاط الاختلاف بين عدد من دول المجلس في ما يخص الوحدة النقدية ولذلك يجب أن يبحث أصحاب القرار في دول المجلس في حلحلة هذا التباين و الاختلافات. وقال الصائغ أن هناك بعض الدول الخليجية التي لديها موقفا من الوحدة النقدية معربا عن الاعتقاد ان من المهم جدا مناقشة كيفية حلحلة وبحث التقارب مع هذه الدول. وشدد على أن تحقيق التكامل الاقتصادي هو الهدف الأبرز وهو التحدي الأكبر لدول المجلس وما لم يتم تحقيق ذلك فاننا سنجد انفسنا في تراجع للخلف مؤكدا على تسريع الوحدة النقدية من عملية التكامل الاقتصادي ما يساهم بشكل كبير وبمنافع كثيرة في اقتصاديات دول مجلس التعاون. استبعاد اطلاقها قبل 2015 ومن جانبه، أكد خبير اقتصادي ضرورة تأني دول مجلس التعاون الخليجي في إطلاق عملتها الموحدة التي تشير التوقعات إلى أن موعده سيكون في عام 2015، ودراسة مشروع الاتحاد النقدي دراسة وافية تجنبه المصاعب التي وقع فيها الاتحاد الأوروبي. وقال الدكتور سالم باعجاجة، محافظ مصرف البحرين المركزي إلى صعوبة الوفاء بالموعد الجديد لإطلاق العملة، مشيراً إلى أن اتحاد "اليورو" يعاني من مشاكل نتيجة أزمة الديون التي تعيشها اليونان حالياً، الأمر الذي يتوجب معه توقف الخليجيين عند هذه الأزمة وأخذ العبر والدروس منها حتى لا تتكرر بعد قيام الاتحاد النقدي. وأوضح باعجاجة أنه رغم اختلاف الظروف بين السوقين الخليجي واليوناني، ووجود قيود وضوابط تحمي القطاع المصرفي والمالي في دول مجلس الخليج، إلا أن تجربة ديون اليونان يجب دراسة أسبابها وتأثيراتها على الاتحاد النقدي الأوروبي حتى لا تقع مثل هذه الأزمات بعد قيام الاتحاد النقدي الخليجي، كما يجب أن ييمم النظر إلى ديون دبي التي عاشتها خلال الأشهر الأخيرة ومسبباتها نظرة متأنية، ووضع خطة افتراضية لطريقة التعامل مع مثل هذه الأزمة فيما لو كان الاتحاد النقدي قائماً وقت حدوثها. وبين باعجاجة أن تكرر تأجيل دول الخليج لقيام اتحادها النقدي كان بسبب الظروف السيئة التي عاشها الاقتصاد العالمي خلال العامين الأخيرين والدور البارز للقطاع المصرفي فيها، والذي يحتم عليها أن تحتاط وتتخوف من هذا المشروع وتدرسه دراسة وافية قبل إطلاقه. وعلى صعيد متصل، استبعد خبير اقتصادي عربي ان يتوصل الخليجيون لإعلان الوحدة النقدية "العملة الخليجية الموحدة" قبل عشر سنوات على الأقل، مطالبا ببناء إطارمناسب للاتحاد النقدي يتفادى الأخطاء أو الهفوات التي وقعت فيها منطقة "اليورو". ربط العملة بالدولار شكلت قضية ربط العملة الخليجية بالدولار جدلاً اقتصادياً في الآونة الأخيرة بالقياس إلى الأداء المتذبذب والضعيف الذي سجله خلال السنوات الثلاث الأخيرة في مقابل العملات الأخرى، وما رافقه من الخسائر المتكبدة من جراء ذلك الربط، وتصاعدت الأصوات الداعية إلى فك الربط الخليجي للعملة بالدولار والبحث عن بدائل أخرى كان أبرزها اقتراح الربط بسلة للعملات الرئيسة المختلفة أو الربط بقيمة الذهب. ورجح الكثير من المراقبين الماليين الخليجيين كفة الذهب كأبرز مرشح يمكن اللجوء إليه لربط العملة الخليجية في ضوء الأداء المسجل للمعدن الأصفر خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وثبات نسبة التغير مقابل النفط والدولار حيث كانت نسبة متوسط التغير في أسعار النفط طوال 30 سنة هي 5% تقريبا، وأما الذهب فكانت نسبة التغير فيه 3% تقريبا خلال الفترة نفسها بين 1980 لغاية 2010، ثم احتفاظه بأداء متميز حاز بموجبه على نسبة متصاعدة في أعقاب العام 2000 لغاية 2010 بتسجيل ارتفاع بلغ 16%.