في واحدة من الندوات المهمة التي عقدت ضمن محور "كاتب وكتاب" لمناقشة كتاب الدكتور أحمد زكريا الشلق "الحداثة والإمبريالية" أثار المناقشون الكثير من القضايا والشجون حول عدد من المسائل الشائكة التي تطفو علي السطح ما بين الحين والحين حول قضايا الحداثة وما يرتبط بها من مفاهيم تتعلق بالتبعية والتحرر والغزو الثقافي. وقد شارك في الندوة د. أحد زكريا الشلق (مؤلف الكتاب) والمترجم المعروف بشير السباعي، والدكتورة نللي حنا أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية. وأدار الندوة الدكتور أحمد درويش. وقالت د. حنا أن الكتاب يناقش فكرة الحداثة، وكيف بدأت في مصر، و يقدم عبر فصوله العديد من وجهات النظر المختلفة والمتباينة ، منها ما يرى أن الحداثة بدأت مع قدوم الحملة الفرنسية إلي مصر، فقد ارتبطت نشأة هذا المفهوم مع الثورة الصناعية في بريطانيا ، ولكن د. حنا ترى أن الحداثة ارتبطت بالتأثير الأوروبي على ثقافتنا في الشرق. وعلق د. الشلق قائلاً: فكرة الكتاب بدأت بالفعل مع احتفال مصر وفرنسا بمرور مائتي عام على قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر، والتي كان لها دورها المهم علي بدء الحداثة في مصر. أما المترجم بشير السباعي فقد ذهب في مداخلته إلي أن الحملة الفرنسية لو ظلت مستوطنة في مصر لأصبح الشعب المصري متخلفًا مثلما حدث في الجزائر. فما حدث في مصر ليس بحداثة متطورة ولكنها حداثة استهلاكية، كما أنها لم تكن حداثة مفيدة علي الصعيد أو المستوي الصناعي فلم تحمل نهضة في هذا المجال حتى أننا مازلنا حتى الآن نستورد من الإبرة إلى الصاروخ . ومن جانبه قال د. سيد البحراوي أن مصر كان لديها من المقومات الذاتية التي تقودها إلي عصر الحداثة ما يتجاوز مجرد تأثير الحملة أو الغزو الفرنسي. ورأى أن الاستعمار يعد بمثابة ضرورة تاريخية قامت بها الإمبراطوريات الأوروبية لفتح أسواق جديدة لتصريف منتجاتها وجلب المواد الخام أو الاستيلاء عليها من مستعمراتها لتشغيل مصانعها إبان النهضة التي أحدثتها الثورة الصناعية في أوروبا. وقد استفادت الدول الأوروبية من تلك السياسات الاستعمارية وكونت ثروات طائلة عبر استنزاف ثروات تلك المستعمرات. ولذلك يمكن القول إن الحملة الفرنسية قد فشلت في تصدير الحداثة إلي مصر نظرًا لصغر المدة التي قضتها الحملة الفرنسية في مصر. وتحولت البداية الحقيقية لنهضة مصر وتحديثها إلي بداية حكم محمد علي الذي بدأت معه مصر مرحلة جديدة من التحديث والتطوير.