صدر مؤخرا كتاب "قضايا مقدسة: الدين والسياسة منذ الديكتاتوريين الاوروبيين حتى شبكة القاعدة" لمؤلفه ميخائيل بارليف، وفيه يروي قصة الدين السياسي منذ الحرب العالمية الاولى حتى الآن. ووفقا لصحيفة "الوطن" الكويتية يشمل هذا الدين السياسي بروز وتطور المعسكر الشيوعي ومن ثم انهياره، اضافة الى الدور الذي لعبته الكنيسة خلال فترات الاشتراكية القومية الالمانية والفاشية في ايطاليا واسبانيا والبرتغال، والصراع الطائفي المسلح في ايرلندا الشمالية ومرحلة التطرف والتشدد الديني، اي كل ما حصل خلال التسعين عاما الماضية من عمر أوروبا متناولا ذلك من زاوية مختلفة هي نقطة تقاطع الدين مع السياسة والثقافة مع الافكار. ويركز المؤلف في حديثه على الدول الديكتاتورية التي سادت انظمتها القمعية طيلة القرن العشرين، راصدا في الوقت نفسه "استمرارية مركزية الدين في الحياة الاوروبية وطابعه الاعلامي". يعتقد الكاتب أن الانظمة الديكتاتورية عملت ليس من اجل خلق بديل عن الدين، بل ايجاد دين بديل، موضحا "ان هذه الانظمة قامت على قاعدتين الرغبة الجامحة في التحكم بالسلطة، واستغلال الرغبة الشعبية في الحصول على الامن والطمأنينة" مشيرا إلى أن "الكثير من المتدينين الذين اعتقدوا بأن قيمهم قد قوضت من قبل جمهورية فايمار في المانيا، رحبوا بظهور هتلر في صورة دينية". وأضاف أن هتلر قصد أن يضفي على خطبه مسحة دينية الى درجه انها اصبحت أشبه بالمواعظ الدينية الكنسية. لقد كان الدين في يد هتلر "ضربا من القوة الذكورية" وكان يجب ان يكون مباركا من قبل "رهبان مجندين ذوي ملابس خاصة، يرتدون القمصان البنية وعلى سواعدهم شارات الصليب المعقوف". ويقول المؤلف "ان هتلر وستالين كانا في مبادرة استراتيجية مع الكنائس المسيحية، استغلاها حيثما كانت تناسب اهدافهما، واهملاها واضطهداها حينما كانت تشكل منافسا لهما في المرجعية والسلطة". ويحاول المؤلف اثبات أن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وقفت بشكل افضل في وجه الديكتاتورية مما فعلت الكثير من الكنائس البروتستناتية، ويقول "ربما تكون طبيعة الكنيسة الكاثوليكية التي تتخطى الحدود القومية تسمح لها بمجابهة، او على الاقل الوقوف بوجه المستبدين، وهو ما فشلت فيه الكنائس البروتستانتية القومية". ويتحدث المؤلف عن تغير موقف الكنيسة الكاثوليكية من الديموقراطية وميلها في اوقات متأخرة لاحقة الى تأييدها معتبرة "الشيوعية التهديد الاكبر للحضارة الاوروبية" وقال توصلت الى استنتاج أن "الديموقراطية وحدها بمقدورها ان ترعى الاعتدال والانضباط الذاتي وتوفير بعض الضمانات لرقابة الشعب على السلطة". ان نقطة التقاطع بين الدين والسياسة في رأي المؤلف تتخذ مظاهر متعددة بالنسبة للكثير من الناس منذ هجمات 11 سبتمبر الارهابية عام 2001 ، موضحا ان المتطرفين الاسلاميين هم من زوايا محددة يعتبرون حالة خاصة لم يسبق لها مثيل، كما يمكن القول انهم نسخة للحركات التي ظهرت ونشأت في المجتمعات الغربية الحديثة.