أسعار الفراخ اليوم الإثنين 18-8-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    مطاردة الواحات المميتة.. الداخلية والإعلام يضعان الجناة في قبضة العدالة    وصول القطار الخامس للأشقاء السودانيين إلى محطة السد العالى بأسوان..صور وفيديو    ليلة فى حب ياسين التهامى.. الجمهور يتفاعل مع الشعر الصوفى وقصائد المديح النبوى والابتهالات في الدورة 33 لمهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. والموسيقار عمرو سليم يعزف أجمل موسيقى أغنيات نجوم الزمن الجميل.. صور    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    قد يكون مؤشر على مشكلة صحية.. أبرز أسباب تورم القدمين    متحدث الصحة عن خطف الأطفال وسرقة أعضائهم: "مجرد أساطير بلا أساس علمي"    الرئيس اللبناني: واشنطن طرحت تعاونًا اقتصاديًا بين لبنان وسوريا    ستارمر يخطط للتشاور مع حلفاء أوكرانيا بعد تقارير عن سعي ترامب لاتفاق حول الأراضي    أمير هشام: غضب في الزمالك بعد التعادل أمام المقاولون    رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    موعد فتح باب التقديم لوظائف وزارة الإسكان 2025    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    بين السَّماء والأرض.. زائر ليلي يُروّع أهل تبسة الجزائرية على التوالي بين 2024 و2025    الأمم المتحدة: نصف مليون فلسطيني في غزة مهددون بالمجاعة    أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال لقائه نظيره الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى    احتجاجات غاضبة أمام مقر نتنياهو تتحول إلى مواجهات عنيفة    الأونروا: ما يحدث في قطاع غزة أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    أمير هشام: الأهلي سيقوم بتحويل قيمة جلب حكام اجانب إلى الجبلاية    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    أتلتيكو مدريد يسقط أمام إسبانيول بثنائية في الدوري الإسباني    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    بحضور وزير قطاع الأعمال.. تخرج دفعة جديدة ب «الدراسات العليا في الإدارة»    وزارة التربية والتعليم تصدر 24 توجيهًا قبل بدء العام الدراسي الجديد.. تشديدات بشأن الحضور والضرب في المدراس    مصرع طفل أسفل عجلات القطار في أسيوط    مصرع سيدة في حادث سير على الطريق الدولي بالشيخ زويد    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    البنك المصري الخليجي يتصدر المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    سامح حسين يعلن وفاة الطفل حمزة ابن شقيقه عن عمر يناهز ال 4 سنوات    هاجر الشرنوبي تدعو ل أنغام: «ربنا يعفي عنها»    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    "بفستان جريء".. نادين الراسي تخطف الأنظار من أحدث جلسة تصوير    السكك الحديدية تعلن تشغيل 49 رحلة يوميا على هذا الخط    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الخطوات والشروط والأوراق المطلوبة (تفاصيل)    انطلاق المؤتمر الدولي السادس ل«تكنولوجيا الأغشية وتطبيقاتها» بالغردقة    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن خطف الأطفال وسرقة الأعضاء البشرية (فيديو)    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    طارق مجدي حكما للإسماعيلي والاتحاد وبسيوني للمصري وبيراميدز    الخارجية الأمريكية: لن نتعاون مع أى جماعات لها صلات أو تعاطف مع حماس    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    «الصيف يُلملم أوراقه».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض جوى قادم    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    انطلاق دورة تدريبية لمديري المدارس بالإسماعيلية    4 أبراج «مرهقون في التعامل»: صارمون ينتظرون من الآخرين مقابل ويبحثون عن الكمال    حماية المستهلك: نلمس استجابة سريعة من معظم التجار تجاه مبادرة خفض الأسعار    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    وائل القباني عن انتقاده ل الزمالك: «ماليش أغراض شخصية»    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالى الإسكندرية ضمن حملة 100 يوم صحة    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممدوح الشيخ يتساءل: هل يكون شنودة الثالث البابا الأخير؟
نشر في المراقب يوم 28 - 06 - 2011

بعد أن أثار خبر قرب صدوره ردود فعل مسيحية غاضبة بين الأقباط صدر كتاب "خريف الباباوات من الفاتيكان إلى كرسي الاسكندرية: هل يكون شنودة الثالث البابا الأخير" لخبير الاجتماع الديني ممدوح الشيخ (نشر مكتبة بيروتالقاهرة/ مسقط). والكتاب حسب مقدمة تسبق المقدمة: "بدأت كتابته خلال الشهور الأخيرة من حكم نظام حسني مبارك" وبعد الثورة انتبه المؤلف في القراءة الأخيرة إلى أن الكتاب بني على فرضية حدوث تحول ديموقراطي في مصر، وكأن الفرضية تحولت إلى نبؤة!
والكتاب الذي ما زالت نبؤته موضوع اختبار كونه ينطلق بوضوح من أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية لكن تكون قابلة للاستمرار في ظل مناخ ديموقراطي وأن هذا التحول بداية "خريف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية".
وبعد مقدمة طويلة تستعرض ملامح تاريخ العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها يستخلص المؤلف أن الجانب الذي لم يحظ بالقدر الكافي من اهتمام المتابعين لقضية الأقباط هو البعد الداخلي في أزمة مسيحي مصر. فالعالم يشهد تطورات لم تكن الكنيسة لتنجو من تأثيراتها منها أن العالم يشهد حضوراً متزايداً للدين في العالم، وفي الوقت نفسه تصدعاً خطيراً في بنيان البابويات (وبالدرجة الأولى الفاتيكان). ويستتبع هذا ما يطلق عليه "النزيف الصامت" من الكاثوليكية إلى المذاهب الأكثر تحرراً، وأحياناً خارج المسيحية.
كما تشهد "المسيحية" عالمياً أزمة هي الأكبر في تاريخها منذ عصر النهضة بسبب الأضرار البالغة التي ألحقتها الانتهاكات الجنسية الواسعة في الكنسية الكاثوليكية التي أفقدت كثيراً من المسيحيين الثقة في الإكليروس الديني عموماً، وبعضهم فقد الثقة في المسيحية كدين. وشهدت السنوات القليلة الماضية جدلاً عقائدياً "مؤلماً" لكل المسيحيين كان من أهم نماذجه الضجة التي أحدثتها أعمال الروائي البريطاني دان بروان، وبخاصة "شفرة دافنشي" و"ملائكة وشياطين". وشهدت مصر ضجة مماثلة أحدثتها رواية "عزازيل" للدكتور يوسف زيدان. بل إن استعادة مصر "إنجيل يهوذا" وهو في النهاية قطعة أثرية بغض النظر عن محتواه العقائدي، أثار ردود فعل مسيحية تكشف عن أزمة داخلية مسيحية كبيرة. وهي أكبر من كل ما يثار عن حقوق منقوصة أو اضطهاد رسمي أو تحامل اجتماعي.
وقد ارتكب البابا شنودة عدة أخطاء تاريخية كان الدافع لارتكابها طموح البابا الشخصي أولاً وأخيراً، فلم تكن رد فعل على ضغوط داخلية ولم تكن استجابة لتحولات خارجية، بل كانت "قفزة في الفراغ" ستظل تبعاتها تثقل كاهل الكنيسة المصرية لسنوات. أول هذه الأخطاء وأخطرها الرهان على التحول إلى "فيتو" على حقوق الأغلبية. وثانيها: الرهان على جدوى تحالف "قصير النظر" مع العلمانيين الأكثر تشدداً ضد كل رمز للإسلام في الشأن العام، وهو تحالف أغفل حقيقة أن النجاح في تحقيق أهدافه سيفتح الباب – في المرحلة التالية – لعملية تهميش لكل ما هو مسيحي لا تقل قسوة. وثالث الأخطاء التاريخية هو بناء "وعي زائف" للأقباط محوره الرئيس مقولات: "استعادة مسيحية مصر"، واستتبعت المقولة معجماً شاملاً مفرداته: "السكان الأصليين"، "إبادة الأقباط"، "الإكراه على اعتناق الإسلام"،......إلى آخر مفردات قاموس الصراع الذي حاول به تحقيق هدفين:
إجبار الدولة – والأغلبية المسلمة – على وضع يكون فيه للأقباط وضع يحصلون فيه على نوع من "التمييز الإيجابي"، ولإدراكه أن ما يريد تحقيقه لا يمكن أن يتم في مناخ من المشروعية الدستورية والقانونية، فإن البابا اختار أن يكون رهانه على تأييد الاستبداد. وحدث هذا رغم أن كنائس أخرى اتخذت في مواقف مشابهة مواقف داعمة للديموقراطية، دون أن تخرج عن دورها الكنسي.
فالبابا شنودة أراد أن يحصل للأقباط على وضع لا يمكن الحصول عليه إلا من سلطة مطلقة مستبدة، وخطؤه في هذا لا يقف عند حد أنه لم يختر الرهان "الرابح" بالمعنى النفعي المحض، بل لم يستطع أن يرتقي بكرسي الإسكندرية إلى مستوى الالتزام الأخلاقي الذي وصلت إليه الفاتيكان في موقفها الداعم لحرية مواطني أوروبا الشرقية، ولا إلى موقف القس ديزموند توتو الذي قام بدور تاريخي في مواجهة "نظام الفصل العنصري" ولا استطاع أن يتخذ موقفاً مبدئياً كالذي اتخذه قساوسة زيمبابوي ضد الطاغية روبرت موجابي.
وعندما تعالج الكنيسة تصدعات عقائدية داخلية بتحريض أتباعها على الأغلبية المسلمة وبناء "صورة نمطية" مشوهة للإسلام والمسلمين والثقافة الإسلامية فإن هذا - على الأرجح – لن ينقذ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية من التصدع، صحيح أنه قد يؤخر التصدع لكنه لمن يمنعه. ولا نبالغ إذا قلنا إنه لولا الضغوط – الكنسية والأمنية والاجتماعية – التي تمارس لتقييد حرية انتقال المسيحيين لاعتناق الإسلام فسوف تختفي الكنيسة الأرثوذكسية المصرية خلال خمسة وعشرين عاماً، أو في أكثر الأحوال تفاؤلاً، سيتحول أتباع المذهب الأرثوذكسي القبطي إلى أقلية مجهرية لا تكاد ترى بالعين المجردة.
فبسبب مشكلات التقليد الكنسي الأرثوذكسي تحولت مشكلة الطلاق إلى سبب من أهم أسباب "النزيف الصامت" من الأرثوذكسية للمذاهب المسيحية الأخرى – ولاعتناق الإسلام – وبسبب السيل الهادر من الدراسات التي تهدد بتقويض الإيمان المسيحي تواجه الباباويات العريقة أزمة كبيرة. والنزيف عادة يحدث من الطوائف الأكثر تشدداً، وفي حالة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فأن مواجهة الأزمة كانت بالانحياز لخيارات خاطئة!
والكتاب نبوءة ستتكفل الأيام باختبارها، إذ سيتصاعد النزيف من جسد الكنيسة الأرثوذكسية – أكثر من غيرها من الطوائف – وقد يكون البابا شنودة الثالث آخر الباباوات الكبار، لا باعتبار مؤهلاته الشخصية التي قد تتوافر لكثيرين من المرشحين لخلافته، بل باعتبار الوزن النسبي لأتباع كنيسته، و"صورتها الذهنية".
وتحت عنوان "الدين يتقدم...الباباويات تتراجع" يرسم المؤلف ملامح "المشهد الديني العالمي"، حيث يعود الدين بقوة للعلاقات الدولية وتتشكل خطوط مواجهة جديدة لا حول المناطق الأغنى بالموارد الطبيعية ولا الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية بل حول نقاط التماس بين الجماعات الدينية والمذهبية. ويمكن القول بأن العالم يبدو كما لو كان قد عاد إلى ما قبل صلح وستفاليا، تلك الاتفاقية التي عقدت عام 1648 ويعتبرها المؤرخون البداية الحقيقية للعصر الحديث وقد أنهى "صلح وستفاليا" حروباً ضارية بين الدول الدينية والعلمانية في أوروبا وأسس "الدولة القومية الحديثة". وقد كانت الاتفاقية نتيجة غير مباشرة للإصلاح الديني الذي قاده مارتن لوثر فأسس المذهب البروتستانتي. وبعد قرون يحتضن المذهب البروتستانتي عملية تاريخية لإعادة الصلة بين الدين والسياسة بل بين الدين والحياة العامة كلها تبدو معها البشرية كما لو كانت تعود إلى ما قبل صلح وستفاليا (1648) الذي وضع نهاية للحروب الدينية وجرد السلطة البابوية من حق التدخل في شؤون الكيانات السياسية الأوروبية ومن ثم تأسيس العلمنة السياسية في عالم الغرب.
والآن يشهد العالم إحياءً دينياً متزامناً عابراً، ليس فقط لحدود الدولة القومية، بل للقارات والتشكيلات الحضارية والقوميات منذ الربع الأخير من القرن العشرين، فهناك إحياء ديني بين أتباع الأديان السماوية الثلاثة وبعض الأديان غير السماوية. ومع مطلع القرن الحادي والعشرين، الذي بدأ مضطربا وعاصفا، يشهد العالم درجة غير مسبوقة من الاهتمام والجدل بشأن علاقة الدين بالسياسة فالقضية مطروحة بقوة في الدولة الأهم والأكبر في العالم. وما يشهده القرن الحادي والعشرون يمثل انقلاباً تاريخياً شاملاً على ما كان سائداً خلال القرن الماضي.
ففي إيطاليا – مثلا –أرسلت أم إيطالية أطفالها لمدرسة رسمية لتكتشف انتشار الصلبان في فصولها فشنت حملة لإزالتها لتناقضها مع ما تعتبره "حق أطفالها في حرية الاعتقاد". المواطنة في نهاية الشوط حصلت على حكم قضائي من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بستراسبورغ يقضي بضرورة إزالة الصلبان المعلقة بالمدارس الإيطالية مع تعويض الشاكية، ونص الحكم على أن الصليب رمز ديني مسيحي يتعارض مع حرية العقيدة. وبالعودة إلى الناس كانت النتائج مدهشة، فمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية لا يتعارض حكمها مع قناعات الفاتيكان وحسب، بل أيضا تتعارض مع قناعات الناس، فقد أفاد استطلاع رأي أجراه معهد "إيسبو" بإيطاليا أن 84% من الإيطاليين يؤيدون تعليق الصليب في المدارس، والطريف أن 68% من الأشخاص الذين لا يحضرون أبداً القداس في الكنائس أيدوا وجود الصليب في المدارس، ما يعني أن الدين تحول – أو يكاد – إلى رمز هوية، لا نهج عبادة، وهو حضور مختلف عن المفهوم البابوي للدين.
وقد أطلق الحكم موجة من النقاشات في عدة دول أوروبية في مقدمتها النمسا، كما ترافق مع تصاعد الاهتمام بعلاقة الدين بالحياة العامة، ففي ألمانيا مؤشرات تنطوي على مفارقة كبيرة، حيث تشهد ألمانيا تراجع دور الكنسية مترافقاً مع تصاعد مشهود لدور الدين (الإسلام والمسيحية معا). والشهادة هذه المرة تأتي من واحدة من أعرق المؤسسات الإعلامية الرسمية الألمانية.
وتحت عنوان: "طوفان الاستغلال الجنسي....فاتيكان جيت" يرصد ممدوح الشيخ الانتهاكات الجنسية ضد الأطفال في أيرلندا، بلجيكا، ألمانيا، هولندا، استراليا، وأمريكا، فضلا عن اغتصاب الراهبات في 23 دولة، بينها أمريكا، البرازيل، الفلبين، الهند، إيرلندا وإيطاليا نفسها. وقد أثارت الفضائح المتلاحقة تساؤلات بشأن عزوبية الكهنة. وهذا الربط بين البذرة (أي المسيحية) والثمرة (الانتهاكات الجنسية) ليس ربطاً افتراضياً، فغير قليل من ردود الأفعال على الكارثة الجنسية في الكنيسة الكاثوليكية تجاوز الغضب على الإكليروس إلى فقدان الثقة في المسيحية، بل إن محتجين على زيارة البابا إلى بريطانيا هددوا بإحراق نسخ من الإنجيل.
القسم الثاني من الكتاب: "خريف الكنيسة الأروذكسية القبطية" ويتناول فيه المسار المتوقع للكنيسة المصرية التاريخية بعد زوال نظام مبارك. وفيه يشير إلى أن ثمة رواية مسيحية لوفاة البطريك كيرلس الرابع بالسم في فصل غير معروف من فصول الصراع بين الكنيسة والدولة.
وينقل المؤلف جزءا من حيثيات حكم المحكمة الإدارية بمصر في القضية التي باشرها البابا شنودة لإلغاء قرار السادات بعزله جاء فيه: "إن البابا شنودة خيَّب الآمال وتنكَّب الطريق المستقيم الذي تمليه عليه قوانين البلاد، واتخذ من الدين ستاراً يخفي أطماعاً سياسية – كل أقباط مصر منها براء – وأنه يجاهر بتلك الأطماع واضعاً بديلاً لها بحراً من الدماء تغرق فيه البلاد من أقصاها إلى أقصاها، باذلاً أقصى جهده في دفع عجلة الفتنة الطائفية بأقصى سرعة على غير هدي في كل أنحاء البلاد، عير عابئ بوطن يأويه أو دولة تحميه، وبذلك يكون قد خرج عن ردائه الذي خلعه عليه أقباط مصر".
ويتوقف ممدوح الشيخ أمام ردود الفعل التي أعقبت رفض الكنيسة تنفيذ حكم قضائي بشأن الطلاق والزواج الثاني ناقلا عن حسنين كروم مدير مكتب جريدة القدس العربي اللندنية بالقاهرة (وهو قومي ناصري) قوله إن "هناك فريق من اليساريين والعلمانيين الذين كان شغلهم الشاغل مهاجمة التيار الإسلامي والتحذير من تأثيرات الوهابية القادمة من السعودية وتحميلها مسؤولية الفتنة الطائفية، فقد التزم معظمهم الصمت، واتضح أن كل ما يعنيهم مهاجمة التيار الإسلامي بالحق وبالباطل، لا العلمانية ومدنية الدولة، ومحاربة ارتداء المرأة الحجاب أو النقاب واعتباره الخطر الأهم الذي يجب التصدي له، وكان فريق منهم - للأسف - يفعل ذلك تقرباً للأقباط – وبخاصة أقباط المهجر – ...... وقد انكشفوا الآن، ولم تعد لديهم جرأة لاستنكار موقف الكنيسة".
وفي تناوله لجماعة "الأمة القبطية" يقول المؤلف إن من الحقائق التي كشفت عنها وقائع الدعوى التي باشرها مؤسسو "جماعة الأمة القبطية" ضد قرار وزير الداخلية بحل الجماعة أن الدكتور إدوارد غالي الدهبي العضو المختص بمباشرة قضايا الحكومة تقدم بمذكرتين بدفاع وزارة الداخلية بين فيهما الأغراض الخفية لتلك الجمعية وأنها جمعية سياسية تهدف إلى إقامة "دولة قبطية" باستعمال القوة المسلحة وانتهى الأمر بتأييد قرار الحل.
وتحت عنوان "التصدع العظيم" يتناول المؤلف بالتحليل وقائع ما يوصف باحتجاز مسلمات تحولن من المسيحية إلى الإسلام على يد الكنيسة معتبرا حالة وفاء قسطنطين الأهم، فما جعل رد الفعل القبطي يتسم بالعصبية الشديدة أن اعتناقها الإسلام كان مؤشراً على وصول تصدع عقائدي، ولا سيما أنها زوجة كاهن! ومما يشير إلى هذا التصدع ما صدر عن الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس في بحثه المعنون: "الميديا وتأثيرها على الإيمان والعقيدة" في فقرة من 4 صفحات كاملة تتحدث عن القرآن الكريم، ومعاني بعض آياته، ومدى تناسق ما تذكره بعضها مع ما تذكره آيات أخرى. أي أنه لم يكن جملة عارضة على سبيل التساؤل كما صور الإعلام.
وفي بيان له صدر عقب توالي ردود الأفعال أصدر الأنبا بيشوي بياناً طالب فيه "عقلاء مصر مفكريها ومثقفيها من المسلمين والمسيحيين بأن يعتبروا العقائد الدينية لجميع المصريين خطاً أحمر لا يجوز المساس به"، ويعقب المؤلف على ذلك بأن ما يعرضه الأنبا بيشوي هو صفقة على قاعدة: باطل "نا" مقابل "حق" كم، وليس المقصود هنا أن الإسلام حق والمسيحية باطل فذلك أمر يفصل فيه رب العزة يوم القيامة، بل المقصود امتناع المسلمين عن تناول عقائد المسيحيين، وهناك حقائق يتم القفز عليها عمداً، أولها أن من بين النصوص التي تنفي ألوهية عيسى عليه وتنفي عقائد الصلب والقيامة وتقطع بتحريف "الإنجيل" و"التوراة" آيات قرآنية لا يمكن لأحد كائناً من كان أن يضع قيوداً على تلاوتها وتفسيرها حتى لو كان الهدف "المعلن" حماية الوحدة الوطنية. وثانيها أن الإنجيل بحكم نزوله قبل الإسلام لا يضم نصوصاً تتحدث عنه لا سلباً ولا إيجاباً، وبالتالي لا يسوغ منطقاً أن يفرض قيد على اللاحق لهذا السبب. زثالثها أن اللاحق "الإسلام"، وقد تضمن نصوصاً تطرح تصوراً مغايراً عن المسيحية – في المقابل – لم يكن موضع اعتراف منها، ولا يمكن أن يتخيل منصف أن يطالب المسلمون باعتراف من الكنيسة بأن الإسلام دين سماوي مقابل "الوحدة الوطنية"!
ويعقب ممدوح الشيخ قائلا إن مثل هذه الصفقة لن تمنع المسيحيين من مطالعة آلاف الكتب التي أصبحت متاحة عند أطراف الأصابع تتناول المسيحية والأناجيل بالنقد وكثير منها كتبه لاهوتيون مسيحيون، فهذه الصفقة – بالإضافة إلى ما فيها من ظلم بين يمنع قبولها – لا يمكن أن تفيد في منع التصدع العقائدي الذي تواجهه الباباويات وبينها "كرسي الإسكندرية"!
كما أن "القرآن الكريم" تم جمعه وتدوينه في حياة الرسول ثم تمت كتابة النسخة التي اجتمع عليها المسلمون مبكرا جدا (مصحف عثمان)، وحدث هذا في الجيل نفسه الذي شهد النتزيل وقام بالتدوين. أما الحقائق التاريخية المتصلة ب "تدوين" الإنجيل فتعكسها أعمال هذه ندوة بحثية شارك فيها لاهوتيون غربيون في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا (ندوة عيسى)، وهو يستعرض نتائج دراستها لصحة الأناجيل بشيء من التفصيل.
وقد ألحق الكاتب بكتابه ثلاثة ملاحق الأول عنوانه: "أطفيح المصرية: الفتنة الطائفية بلون الدم وطعم الأسطورة" وهو يشير في الهامش إلى أنه مقال أرسل إلى جريدة عربية ولم تنشره. وفيه يركز على ما نشرته الوفد المصرية من معلومات عن أوراق تتضمن أعمالا سحرية يفترض أنها وجدت داخل الكنيسة وتم تسليمها إلى اللواء حسن الرويني عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وحذر المؤلف من أن هذا الأمر يمكن أن يتسبب في شرخ يصعب رأبه في الثقة بين الطرفين، وبخاصة في المجتمعات ذات الثقافة الريفية مثل أطفيح، والثاني أن العبرة ليست بمدى عقلانية الإيمان بالسحر وحدود تأثيره من عدمه، بل العبرة بالأثر النفسي للمعلومات التي لم يتم الفصل فيها، فالثقة أولا وأخيرا موقف نفسي.
ويروي ممدوح الشيخ أنه خلال إعداد الفيلم التسجيلي "دولة المنظمة السرية" الذي عرضته قناة الجزيرة عام 2009 وكان موضوعه التنظيم الطليعي السري الذي أنشأه عبد الناصر، سمع وقائع عن علاقة الرئيس عبد الناصر والبابا كيرلس السادس تتحدث عن أن البطريرك أخبر الرئيس عبد الناصر بإصابته بأول أزمة قلبية عندما كان الأطباء يشخصونها "نزلة برد حادة"، ويفترض أن البطريرك توثقت علاقته بالرئيس عبد الناصر حتى كان واحدا من قليلين يستطيعون لقاء الرئيس في أي وقت.
وفي نهاية الملحق يستعرض المؤلف مخطوطا نشر محققا قبل سنوات عنوانه: "مزامير داوود في السحر والتنجيم" وعرفه المحقق بما نصه: "واسم هذا الكتاب "استخدام المزامير في عمل السحر" وهو مخطوط مسيحي باللغة العربية المصرية حققه وشرحه وترجمه إلى الفرنسية نسيم هنري حنين وتياري بيانكي وطبعه المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة".(الكتاب ص 23). والكتاب دليل عملي لمن يريد ممارسة السحر إذ يضم التعويذات مكتوبة ومرسومة وتحت كل منها عمود يضم البيانات التالية بعد كل تعويذة سحرية: عدده – طرحه – جبره – يومه – الساعة.
وتشمل نصوصه تعويذات لكل شيئ تقريبا: الأمان من اللصوص، خراب البيوت، قضاء الحاجات، الصلح مع العدو، إهلاك العدو، جلب السمك للشباك، علاج المسحور والمسموم والمصروع والمجنون، تزويج العانس، علاج العقم والعجز الجنسي، دفع الحسد، تيسير الولادة، التفريق بين الأزواج، قتل النساء بالنزيف الرحمي، كشف السارق، عقد اللسان، قمع المعارضين.. .. .. وهو يختم المقال متسائلا: هل تفتح الواقعة "الأسطورية" بابا لسيل من الأسئلة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.