باريس: صدر هذه الأيام للمفكر الباحث الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، جيل كيبيل، كتاب جديد وهام، تحت عنوان "رعب وشهادة، تحدي الحضارة" عن دار فلاماريون الفرنسية للنشر والتوزيع، وقد صدر الكتاب في وقت يعتبره النقاد الوقت المناسب، حيث تزامن صدوره مع خطاب الرئيس جورج بوش للاحتفال بمرور خمس سنوات على دخول العراق. يؤكد كيبيل في كتابه وفقاً لجريدة "الوطن" السعودية فشل الخطابين الجهادي المتطرف كما خطاب الرئيس بوش. ويفند أسباب ومؤشرات الفشل، ويرى أن ما يحدث الآن في العراق هو إثبات كاف لفشل خطاب الحرب على الإرهاب، وأيضا فشل خطاب الجهاد والاستشهاد. فقد دخل الأمريكان العراق ولديهم تصور كامل حول تغيير كبير في منطقة الشرق الأوسط كلها، لكننا نرى الآن الرئيس الإيراني يستقبل في العراق في زيارة رسمية، بينما يذهب الرئيس العراقي من أصل كردي جلال طلباني إلى المنطقة الخضراء تحت حماية ما يقرب من 150 ألف جندي أمريكي. في الوقت ذاته تقلص مشروع القاعدة في العراق، وفشلوا في تجنيد الجماهير العربية العريضة تحت لوائهم كما كانوا يتصورون. بل إن مشروعهم كله في تراجع خصوصا بعد تراجع بعض قادة الجهاد الأخيرة. ويرى جيل كيبيل أن الجاليات المسلمة في أوروبا قد تأثرت إلى حد ما بفكر تنظيم القاعدة ونداءاتها، وأن الجميع قد لاحظ ذلك أثناء اعتداءات لندن أو إسبانيا. أما الجالية المسلمة في فرنسا، على وجه الخصوص، فهي بمنأى عن ذلك وهي مختلفة ومندمجة على عكس ما يروج عنها، وهذا الاندماج هو السلاح الكامل والشامل في مواجهة الإرهاب. ولقد حاول البعض سواء في أمريكا أو الوطن العربي تصوير أحداث الضواحي عام 2005 على أنها نوع من التأثر بالفكر المتطرف وعلى أنها انتصار للتيار الجهادي المتطرف. ولكن هذا بعيد تماما عن الحقيقة، فهذه الأحداث ما هي إلا طلب من الجاليات التي تشعر بالتهميش لمزيد من الاندماج في المجتمع الفرنسي، هذه الجاليات التي ثارت أرادت أن تشارك أكثر في المجتمع الذي تحيا فيه، ولكنها تجد نفسها دائما في مواجهة مشكلات اجتماعية واقتصادية وثقافية. الجاليات المقيمة في فرنسا والمجتمع الفرنسي ليسا لهما سوى هدف واحد هو الحضارة. ويفرق كيبيل في كتابه حسبما ذكرت "الوطن" بين الحضارة والحضارات حتى إن عنوان الكتاب يتضمن تحدي الحضارة. وذلك لأنه يرى أنه قد بات من الضروري بناء حضارات بينها شيء مشترك، فأوروبا تستخدم الطاقة والاستثمار الخليجي العربي وأيضا الشرق الأوسط كله في حاجة الصناعة والفكر الأوروبي، هذا هام لبناء منطقة كبرى في إطار عولمة القرن 21 وإلا تم افتراسنا بين الفك الأمريكي والآخر الآسيوي.