ابن امه، أصغر أنجال ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري بعد تدخل ميلانيا    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. مبابي يرحل عن باريس سان جيرمان وموقف الأهلي من التعاقد مع نجم صن دارونز    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    إصابة 10 أشخاص في تصادم ميكروباص مع سيارة نقل بالطريق الدائري (صور)    التصريح بدفن جثة شخصين لقيا مصرعهما فى حادث تصادم على الصحراوى الغربى بسوهاج    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    بوكانان يوقع على هدفه الأول مع إنتر ميلان في شباك فروسينوني    بكام سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 11 مايو 2024    سعر الذهب اليوم في بداية التعاملات الصباحية وعيار 21 الآن السبت 11 مايو 2024    الحماية المدنية تسيطر على حريق جراج بأبو النمرس    780 جنيها انخفاضًا ب «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    عمال الجيزة: الطرق الجديدة أهم المشروعات الجاذبة للاستثمارات | خاص    حركة القطارات | 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 مايو    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    تفاصيل إعلان أمير الكويت حل مجلس الأمة وتوقيف العمل ببعض بنود الدستور.. فيديو    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    تعليم الجيزة تحصد المراكز الأولى في مسابقة الملتقى الفكري للطلاب المتفوقين والموهوبين    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    إحالة جميع المسؤولين بمديرية الصحة بسوهاج للتحقيق    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    مأمورية من قسم الطالبية لإلقاء القبض على عصام صاصا    ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    اليوم.. الاجتماع الفنى لمباراة الزمالك ونهضة بركان فى ذهاب نهائى الكونفدرالية    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    ل أصحاب برج الثور والعذراء والجدي.. من هم أفضل الأصدقاء لمواليد الأبراج الترابية في 2024    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسامة بن لادن مات سياسيا في مصر وتونس قبل أن يموت إكلينيكيا في إسلام آباد
نشر في القاهرة يوم 10 - 05 - 2011

وقد واجه تنظيم القاعدة ضربات موجعة أعقبت حالة من الاستنفار الأمني بعد تفجير البرجين في نيويورك والحرب في أفغانستان 2001 التي أدت إلي تشتيت القيادات "أسامة بن لادن- أيمن الظواهري _ خالد بن شيخ-أبو الليث الليبي" وامتدت المواجهات إلي دول أخري لاسيما في منطقة الخليج واليمن والجزائر أدت إلي ضعضعة التنظيم وبعثرته ، وهو أصلا تنظيم يتسم بالسيولة والليونة ولا يحكمه هيكل تنظيمي متماسك ، الأمر الذي أدي إلي بعثرة خلاياه ، والقبض علي عناصره قبل تنفيذ العمليات مثلما تم مع عنصر نيجيري كان بصدد تفجير طائرة أمريكية وجري اعتقاله قبل الشروع فيها. أزمة فكرية في عقل القاعدة والأكثر من ذلك أن تنظيم القاعدة الذي اعتمد دائما علي قوة الفكرة وليس قوة التنظيم واجه مؤخرا مآزق فكرية مهمة ، ولعل أهمها سحب أكثر العلماء الجهاديين تشددا دعمهم لتنظيم القاعدة (بما في ذلك واحد من أعضائه المؤسسين، وهو "دكتور فضل" المصري، أو سيد إمام الشريف) الأمر الذي ترك فراغا علي مستوي التنظير لاسيما بعد طرح قضايا مهمة من نوع الحوار الدائر حول الدولة الدينية والدولة المدنية والعلاقة مع الآخر في إطار الدولة الوطنية، ورصد الخبراء تراجع فكرة الخلافة الإسلامية في الفكر السياسي الإسلامي برمته إلي بناء الدولة الإسلامية ثم تراجع هذه الفكرة وحصرها في مجرد تأسيس حزب مدني له مرجعية دينية . ويفسر كمال السعيد حبيب وهو أحد مؤسسي تنظيم الجهاد في السبعينات من القرن الماضي مدي التراجع في الفكر الإسلامي الجهادي من الخلافة إلي تأسيس الأحزاب بالتطورات المجتمعية في الوطن العربي متأثرة بما يجري في العالم، في حين يري المفكر الإسلامي مروان شحادة الباحث المتخصص في شئون الحركات الإسلامية أن تراجع الفكر الجهادي يرجع إلي نشوء البيئة الحاضنة للثورات الشعبية من تونس إلي اليمن ، وانكسار حركة القاعدة وتفككها من الداخل، خصوصا بعد نجاح أسلوب الردع الفكري والأمني لوزراء الداخلية العرب في شل حركتها والقضاء علي خلاياها النائمة. ويشير إلي نهاية عصر السلفية الجهادية وذلك من خلال تحليل أدبياتها ونظرياتها ومنظريها الذين كتبوا ما يعرف لدي الفقهاء مرحلة النكاية والنكاية سواء بالأنظمة أو ثورة بالمفهوم المعاصر، ولم يكتبوا عن مرحلة ما بعد النكاية أو ما بعد الثورة التي هي مرحلة التمكين بالمفهوم الفقهي وهذا يكشف أنهم لا يملكون مشروعا سياسيا مدنيا. ويقول (الحقيقة أن القاعدة في بنائها السياسي ورؤيتها السياسية فقيرة إلي حد كبير لانشغالها بالفتاوي والمسائل المتعلقة بالنكاية وبالوصول لمرحلة التمكين، لذلك فشل مشروعها السياسي في العراق فشلا ذريعا بسبب عدم امتلاكها لرؤية أو مشروع ما بعد الثورة وهي لم تستطع إقامة علاقات مستمرة مع شيوخ العشائر وانقلبت عليها الصحوات وهزمتها). هزيمة القاعدة في العراق ومصرع الزرقاوي إن تنظيم القاعدة لايستفيد من تجاربه المريرة، ولم يكتشف خطورة الصدام بين مشروع للجهاد العالمي ومشروع التحرر الوطني، ونتيجة الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، أعاد تنظيم القاعدة تكوين بعض إمكاناته، وتعاون مع المقاومة الوطنية. ولكن المسلحين المحليين استاءوا من استخدام الزرقاوي للعراق كقاعدة لتصدير الإرهاب إلي البلدان المجاورة، كما كان الحال في حادث عمان في نوفمبر 2005 . لذلك تصاعدت التوترات وطرد الجهاديون الوطنيون في نهاية المطاف تنظيم القاعدة من معقلهم في إقليم الأنبار غرب العراق في عام 2007 . وكانت هزيمة أتباع بن لادن، علي يد الميليشيات السنية وليس علي يد الجيش الأمريكي، ضربة قاصمة للجهاد العالمي، وتوالت الصدامات في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وأضعفت كبرياء تنظيم القاعدة وامتيازاته. وبلغت هذه المواجهة بين الجهاد العالمي والوطني أقصي مراحلها من الحرب الكلامية عندما بدأ تنظيم القاعدة حملة دعائية ضد حزب الله وحماس. وكانت القاعدة محبطة نتيجة غيابها عن لبنان وفلسطين. واتهم تنظيم القاعدة حزب الله وحماس "ببيع" أراضيهم وقضيتهم إلي إسرائيل بقبول وقف إطلاق النار أو الانتخابات، وحث التنظيم حركة حماس علي إقامة إمارة "إسلامية" في غزة، ولكن سحقت قوات حماس المتعاطفين مع بن لادن. واستخدمت القاعدة مرارًا أسلوب التشهير الطائفي للهجوم علي مقاتلي الشيعة في لبنان، دون تحقيق تقدم كبير علي أرض الواقع. وتحول الجهاد العالمي بصورة متزايدة إلي نداء ظاهري واعتمد بشكل كبير علي شبكة الإنترنت، بينما زاد الجهاد الوطني من جذوره في التمرد. ويتوقع جان بيير فيليو، الأستاذ بمعهد باريس للدراسات السياسية وجامعة جورج تاون مؤلف كتاب "أحداث النهاية في الإسلام" جامعة كاليفورنيا هزيمة الفكر المسلح المناوئ للأنظمة العربية الحاكمة بعد نجاح نموذج الثورات الشعبية التي تكلف قليلا من الدم وتكتسب أغلبية في الشارع وتجذب قطاعات من المواطنين لم يكن لديهم من قبل دراية بالعمل الاحتجاجي. ويشير إلي تراجع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي ليس فقط بسبب الضربات الأمنية الاجهاضية وإنما لرفض المجتمع المغاربي نمط العمليات القاعدية من نوع تفجير الفنادق والملاهي، أو عمل كمائن لقنص رجال الأمن ومهاجمة القري الآمنة وإرهابها بدعوي تخليصها من قوي الشر الرسمية. ويضيف الدكتور أعلية علاني أستاذ التاريخ المعاصر والمختص في الجماعات الجهادية المسلحة في منطقة المغرب العربي بعدا آخر هو نجاح سياسة تجفيف المنابع المالية والبشرية في أوروبا وأمريكا من خلال تعاون دولي لمواجهة الإرهاب، ويشير إلي أن بن لادن وفر الكوادر التي استعملها في ضرب البرجين من العرب المقيمين في أوروبا وأمريكا، ومن هنا تنبه الغرب إلي ضرورة مواجهة القاعدة بأساليب مختلفة، ويقول(تنوعت السياسات الأوروبية تجاه المسألة السلفية، فرغم أن هناك اتفاقا حول مبدأ الحرب علي الإرهاب، إلا أن الوسائل تختلف من بلد إلي آخر، ففرنسا مثلا تنتهج أسلوب الإجراءات الاستباقية لدرء ما تراه خطر الإرهاب كالتهجير القسري لبعض الأشخاص الذين تعتبرهم خطرا علي أمنها الداخلي وتنظيم حملات إعلامية حول الهوية والاندماج لدي صنف من المهاجرين الذين يهددون في رأيها القيم الكلاسيكية للجمهورية الفرنسية من خلال ارتداء بعض أنواع اللباس، وهناك انجلترا وألمانيا وإسبانيا مثلا الذين يتعاملون مع المسألة السلفية حالة بحالة، إذ لا يتدخلون في السلوك الفردي للأشخاص ويقتصر تدخلهم علي الممارسات التي تمثل انتهاكا واضحا للقانون. إن هذا التباين في التعامل بين الدول الأوروبية تجاه المسألة السلفية هو نتاج اختلاف في المقاربات من ذلك مثلا موقف ليزا ماننجهام المديرة السابقة للأمن الداخلي في بريطانيا التي صرحت مؤخرا (يوليو- 2010) أن الحرب علي العراق وأفغانستان زادت في خطر الإرهاب ودعمت التيارات الجهادية، في حين نجد في إيطاليا وسويسرا صعودا فجائيا لظاهرة الإسلاموفوبيا، وقد تمكن مؤخرا اليمين في سويسرا مثلا من كسب استفتاء شعبي (رغم أنف الحكومة) يقر بمنع بناء المآذن درءا لما يسميه بخطر أسلمة المجتمع السويسري، والي ذلك تم إغلاق ومصادرة حسابات عدد كبير من ممولي عمليات القاعدة، ولا شك أن أوروبا التي اكتوت بنار القاعدة سواء في أنفاق لندن أو قطار مدريد عملت بتنسيق كامل مع الدول العربية علي تجفيف منابع الإرهاب ، ومنع وصول الأموال والكوادر إلي حيث تم تخطيط عمليات مسلحة. القاعدة والجهاديون والعودة إلي العنف لكن هل يستطيع تنظيم القاعدة بعد مصرع زعيمه بن لادن أن يرتب أوراقه مرة أخري وان يتمكن البديل سواء أكان أيمن الظواهري أو غيره من العودة إلي الجهاد الأممي المسلح؟ هناك رأيان أولهما يري أن تنظيم القاعدة يلفظ أنفاسه الأخيرة بفعل المتغيرات الثورية والديمقراطية في العالم العربي، ومن ثم لم يعد تغيير نظم الحكم عن طريق العنف مقبولا بينما يري رأي آخر أن القاعدة سوف تستفيد من معطيات الصراع في ليبيا واليمن بل وفي مصر وتونس حيث فر عدد كبير من المتهمين من السجون وقد سرقوا أسلحة خفيفة ، كما سوف يستغلون الأوضاع في دول عربية أخري لم تدخل مرحلة التحولات الشعبية ومنها منطقة الخليج ، وقد يستعيد التنظيم عافيته ويعود لشن عمليات مسلحة وخطيرة. يقول دومينيك توماس المتخصص في شئون الحركات الإسلامية المتشددة في المعهد العالي للدراسات الاجتماعية إن 'أي ضعف في أجهزة الأمن يستفيد منه تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المتطرفة بشكل كبير ". ويضيف 'ما يحدث في المنطقة العربية خاصة ليبيا والعراق وسوريا وأيضا في اليمن يتيح للتنظيمات الجهادية المسلحة تكوين مخزون من الأسلحة يستخدمونه في هجمات لاحقة'. ويتابع 'في مصر، خرج آلاف الأشخاص من السجون، من بينهم جهاديون لهم تاريخ طويل في العنف وليس من السهل عليهم التنكر لثقافتهم وأساليبهم القديمة" ونشرت مؤسسة ستراتفور الأمريكية للدراسات الاستراتيجية تقريرا يؤكد أن النزاع في ليبيا من شأنه أن يمنح القاعدة حرية في التحرك لم تتح لهم منذ سنوات، ليس هذا فحسب بل من الممكن إنتاج جيل جديد من تنظيم القاعدة علي غرار ماجري في أفغانستان خلال الحرب ضد الاتحاد السوفييتي" ويضيف التقرير "يمكن لهذا الأمر أن يكون له ارتدادات في كل المنطقة، لاسيما بسبب الحصول علي السلاح، إن نهب الأسلحة من المستودعات في ليبيا يذكر بما جري في العراق بعد الاجتياح الأمريكي في عام 2003". والواقع أن ثمة مايؤكد أن تنظيم القاعدة تحديدا لن ينتهي بسهولة وهو قد يضرب عشوائيا في غير مكان ليس فقط للانتقام لمصرع زعيمه ومؤسسه بن لادن وإنما أيضا لإثبات الحضور ورفع الروح المعنوية للكوادر، وهم عادة يبحثون عن منافذ للخروج من المآزق التي يمرون بها ، ويختارون الأهداف وفق ماهو متيسر وليس ماهو ضروري، وهذا مانجده في كتاب «فرسان تحت راية النبي» والذي يعد بمثابة الوصية الأخيرة لأيمن الظواهري، وهو الكتاب الذي تم تسريبه من أفغانستان، قال الظواهري إنهم قرروا تفجير السفارة المصرية في إسلام آباد عام 1995، بعد أن تبين أن ضرب السفارة الأمريكية فوق إمكانات المجموعة المكلفة. وأضاف أن التنظيم قرر الرد علي ما سماه نقل الحكومة المصرية معركتها ضدهم خارج مصر بمساعدة الأمريكيين والحكومة الباكستانية، وشكلت مجموعة كلفت بضرب السفارة الأمريكية في إسلام آباد، وإن لم يتيسر، فليضرب أحد الأهداف الأمريكية، فإن لم يتيسر، فلتضرب سفارة دولة غربية مشهورة بعدائها للمسلمين، فإن لم يتيسر، فلتضرب السفارة المصرية، وفي النهاية استقر الأمر علي السفارة المصرية، رغم أنه قبيل التفجير أرسلت المجموعة المنفذة تخبر الظواهري عن إمكانها القيام بضرب السفارتين المصرية والأمريكية معاً، إذا دبروا لها مبلغاً إضافياً، ولكن الجماعة كانت قد قدمت ما معها للمجموعة، ولم تستطع تدبير المزيد، وهكذا ركزت المجموعة علي نسف السفارة المصرية. ماذا عن حركات إسلامية غير جهادية؟ والواقع أن التغيير لم يشمل فقط التنظيمات المسلحة بل شكل بشكل أكبر وأكثر فعالية الحركات غير المسلحة والتي هجرت العنف أو لم تنتهجه أصلا ومنها جبهة العمل الإسلامي في الأردن وحزب النهضة في تونس والإخوان المسلمون في مصر والتجمع اليمني للإصلاح في اليمن، والتي تخلصت من أمراضها القديمة واندمجت أكثر في المجتمع الديمقراطي، ودفعتها الي المشاركة في الثورات الشعبية والاستعداد لخوض استحقاقات تشريعية مهمة. يقول الخبير الأردني في شئون الحركات الإسلامية محمد أبو رمان ليونايتد برس " الثورات الشعبية بأعداد غير مسبوقة ساهمت في إنهاء حالة التردد التي سيطرت علي قرارات الحركات الإسلامية تجاه السلطات المحلية ، ولا شك أن الإسلاميين استفادوا كثيرا من الحراك الشعبي الذي شهدته عدة دول عربية مؤخرا برغم أنهم ليسوا البادئين بهذا الحراك الذي قادته القوي الشبابية في المنطقة " والشاهد أن الإسلاميين في تونس ومصر لم يشاركوا في التظاهرات الشعبية التي أطاحت بابن علي ومبارك منذ بدايتها، والمؤكد أنهم فوجئوا بها ، ، ولم تشارك جماعة الإخوان المسلمين إلا بعد ثلاثة أيام من الانتفاضة التي تحولت إلي ثورة، لكن الإسلاميين في تونس ومصر سرعان ما استثمروا نتائج الثورتين لمصلحتيهما، وكان رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية راشد الغنوشي عاد إلي بلاده بعد ما يزيد علي عشرين عاما من الإبعاد ليعلن
في رسالة تطمين للشارع أنه لن يشارك في الحكومة ولن يترشح للانتخابات الرئاسية ، وفي مصر، جلست جماعة الإخوان المسلمين المحظورة إلي طاولة الحوار مع النظام بعد عقود من عدم الاعتراف بها إلي حد وصفها بالمحظورة. يقول الكاتب التونسي صلاح الدين الجوروشي المتخصص في الحركات الإسلامية (إن الإسلاميين في تونس اعترفوا منذ البداية بأنهم لم يكونوا وراء الأحداث التي تفجرت بعدما أقدم الشاب محمد البوعزيزي علي إحراق نفسه)، وأضاف (أن الإسلاميين في تونس اعترفوا أيضا بأنهم فوجئوا بتحول تلك الأحداث إلي ثورة، كما أكدوا أنهم لا ينطقون باسمها، " وأعتبر أن الإسلاميين في تونس أظهروا بعد سقوط النظام وفرار بن علي شيئا من النضج عندما أكد الغنوشي أنه لن يترشح لرئاسة البلاد، وأنه لن يبقي علي رأس حركته التي ستكتفي بالمشاركة البرلمانية. ولم يختلف الحال في الأردن فقد خرج الشباب غير المسيس يطالبون بتعديلات دستورية تحد من صلاحيات الملك، لكن التحاق الإسلاميين بهذا الحراك أعطاه "زخما وقوة" بالنظر لما تتمتع به الحركات الإسلامية من حضور في الشارع حصدوا نتيجة هذا الحراك، وهكذا حظوا بلقاء نادر جمع عددا من قادتهم علي طاولة واحدة مع الملك عبدالله الثاني وذلك للمرة الأولي منذ أن اعتلي عرشه قبل 12 عاما إلا أن الكاتب الصحفي الأردني نبيل غيشان يري أن الانتفاضات الأخيرة التي شهدتها كل من تونس ومصر واليمن والأردن أثبتت أن هناك قوي اجتماعية جديدة برزت وان الإسلاميين لم يعودوا هم القوي التي تحرك الشارع ، وقال غيشان "الخطاب الديني للحركات الإسلامية لم يعد يؤثر في الجموع كما كان في السابق ، ورأي أن هذه الرسائل من الإسلاميين هي تطمينات للقوي السياسية التي بدأت تخشي من صعود الإسلاميين في ظل الحراك الشعبي الجاري ، ويتفق الخبراء علي انه هناك تغيير جذري نحو رفض هذه الأفكار الجهادية المتطرفة والتعامل بأساليب جديدة وما حدث في العالم العربي من ثورات لم تحدث من قبل أنشأ سننا كونية جديدة في إحداث التغيير.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.