تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 140 جنيه خلال أسبوع    النائب عمرو درويش يعترض على الصياغة الحكومية لقانون الإيجار القديم    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى أهل مصر بدمياط ومصر جميلة يصل البحيرة    رئيس اتحاد الكرة الآسيوي: أرفض بشدة مقترح زيادة عدد المنتخبات بكأس العالم    انخفاض درجات الحرارة وسقوط للأمطار بمحافظة القليوبية    إنقاذ 2000 رأس ماشية من حريق في مركز أبو صوير بالإسماعيلية    حجز محاكمة متهم بحيازة مفرقعات ومقاطع تحريضية للنطق بالحكم    رمضان صبحي يقود كتيبة بيراميدز أمام فاركو    أحمد السقا يفقد الذاكرة وأحمد فهمي يتورط معه في مطاردة بالصحراء في فيلم "أحمد وأحمد"    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    «الإسكان»: مبيعات مبادرة «بيت الوطن» للمصريين بالخارج تسجل 10 مليارات دولار    الإسماعيلي: هل القانون يتيح استدعاء تقنية الفيديو للحكم من أجل بطاقة صفراء؟    رسمياً.. تحديد موعد ومكان نهائي كأس مصر    إعلام إسرائيلي: شركات طيران أمريكية تعلق رحلاتها إلى تل أبيب    مصر وجزر القُمر توقعان على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة    استشهاد معتقل فلسطيني في مستشفى سوروكا الإسرائيلي    مصرع شخص وإصابة آخر إثر حادث تصادم في القرين بالشرقية    ليلة سقوط اللصوص.. القبض على 17 متهمًا بضربة أمنية بالقاهرة    الإحصاء: 3.6 مليون دولار قيمة التبادل التجارى بين مصر وجزر القمر خلال 2024    وكيل مجلس "الشيوخ" يقترح سن قانون شامل للأمن السيبراني وإنشاء هيئة مستقلة لإدارته    «لوفتهانزا» و«إير يوروبا» تعلقان جميع رحلاتهما الجوية إلى مطار بن جوريون    فتاوي المصريين في نصف قرن.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعبر الأزمنة على متن المقتنيات الأثرية    رئيس الوزراء: مواجهة مخالفات البناء والتعديات جزء من تقييم أداء أي محافظ    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    الحكومة: مشروع قومي للصوامع يضاعف السعة التخزينية ويقلل فاقد القمح في مصر    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 956 ألفا و810 جنود منذ بداية الحرب    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين بمحافظتي القاهرة والوادي الجديد    حماس تحذّر من كارثة إنسانية وشيكة في قطاع غزة بسبب استمرار إغلاق المعابر وتشديد الحصار الخانق منذ أكثر من 64 يومًا    ماجد الكدوانى ضيف شرف فيلم "المشروع إكس" مع كريم عبد العزيز    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    مستشفى سوهاج الجامعي تضم أحدث جهاز قسطرة مخية على مستوى الجمهورية    برلماني: كلمة السيسي باحتفالية عيد العمال تعكس تقديره ودعمه لدورهم في مسيرة التنمية    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    اليوم.. بدء تسليم قطع أراضي بيت الوطن المرحلة التاسعة للفائزين بمدينة دمياط الجديدة    13 شهيدا جراء قصف الاحتلال أنحاء متفرقة في قطاع غزة    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دي بروين: لا أعلم موقفي من المشاركة مع مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    بيان - "سلوك الجماهير رد فعل على غياب العدالة".. الزمالك يرفض عقوبات الرابطة ويتهمها بالتحيز    ضبط 37.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    محمد صلاح يستهدف 3 أرقام قياسية أمام تشيلسي في الدوري الإنجليزي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على نجاح القمة العربية المقبلة في بغداد    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون الممتدة بين البلدين في القطاع الصحي    إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    سر تصدر كندة علوش للتريند.. تفاصيل    بعد إخلاء المرضى.. اندلاع حريق محدود بمستشفى المطرية التعليمي    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)    أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين    كلام ترامب    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسامة بن لادن مات سياسيا في مصر وتونس قبل أن يموت إكلينيكيا في إسلام آباد
نشر في القاهرة يوم 10 - 05 - 2011

وقد واجه تنظيم القاعدة ضربات موجعة أعقبت حالة من الاستنفار الأمني بعد تفجير البرجين في نيويورك والحرب في أفغانستان 2001 التي أدت إلي تشتيت القيادات "أسامة بن لادن- أيمن الظواهري _ خالد بن شيخ-أبو الليث الليبي" وامتدت المواجهات إلي دول أخري لاسيما في منطقة الخليج واليمن والجزائر أدت إلي ضعضعة التنظيم وبعثرته ، وهو أصلا تنظيم يتسم بالسيولة والليونة ولا يحكمه هيكل تنظيمي متماسك ، الأمر الذي أدي إلي بعثرة خلاياه ، والقبض علي عناصره قبل تنفيذ العمليات مثلما تم مع عنصر نيجيري كان بصدد تفجير طائرة أمريكية وجري اعتقاله قبل الشروع فيها. أزمة فكرية في عقل القاعدة والأكثر من ذلك أن تنظيم القاعدة الذي اعتمد دائما علي قوة الفكرة وليس قوة التنظيم واجه مؤخرا مآزق فكرية مهمة ، ولعل أهمها سحب أكثر العلماء الجهاديين تشددا دعمهم لتنظيم القاعدة (بما في ذلك واحد من أعضائه المؤسسين، وهو "دكتور فضل" المصري، أو سيد إمام الشريف) الأمر الذي ترك فراغا علي مستوي التنظير لاسيما بعد طرح قضايا مهمة من نوع الحوار الدائر حول الدولة الدينية والدولة المدنية والعلاقة مع الآخر في إطار الدولة الوطنية، ورصد الخبراء تراجع فكرة الخلافة الإسلامية في الفكر السياسي الإسلامي برمته إلي بناء الدولة الإسلامية ثم تراجع هذه الفكرة وحصرها في مجرد تأسيس حزب مدني له مرجعية دينية . ويفسر كمال السعيد حبيب وهو أحد مؤسسي تنظيم الجهاد في السبعينات من القرن الماضي مدي التراجع في الفكر الإسلامي الجهادي من الخلافة إلي تأسيس الأحزاب بالتطورات المجتمعية في الوطن العربي متأثرة بما يجري في العالم، في حين يري المفكر الإسلامي مروان شحادة الباحث المتخصص في شئون الحركات الإسلامية أن تراجع الفكر الجهادي يرجع إلي نشوء البيئة الحاضنة للثورات الشعبية من تونس إلي اليمن ، وانكسار حركة القاعدة وتفككها من الداخل، خصوصا بعد نجاح أسلوب الردع الفكري والأمني لوزراء الداخلية العرب في شل حركتها والقضاء علي خلاياها النائمة. ويشير إلي نهاية عصر السلفية الجهادية وذلك من خلال تحليل أدبياتها ونظرياتها ومنظريها الذين كتبوا ما يعرف لدي الفقهاء مرحلة النكاية والنكاية سواء بالأنظمة أو ثورة بالمفهوم المعاصر، ولم يكتبوا عن مرحلة ما بعد النكاية أو ما بعد الثورة التي هي مرحلة التمكين بالمفهوم الفقهي وهذا يكشف أنهم لا يملكون مشروعا سياسيا مدنيا. ويقول (الحقيقة أن القاعدة في بنائها السياسي ورؤيتها السياسية فقيرة إلي حد كبير لانشغالها بالفتاوي والمسائل المتعلقة بالنكاية وبالوصول لمرحلة التمكين، لذلك فشل مشروعها السياسي في العراق فشلا ذريعا بسبب عدم امتلاكها لرؤية أو مشروع ما بعد الثورة وهي لم تستطع إقامة علاقات مستمرة مع شيوخ العشائر وانقلبت عليها الصحوات وهزمتها). هزيمة القاعدة في العراق ومصرع الزرقاوي إن تنظيم القاعدة لايستفيد من تجاربه المريرة، ولم يكتشف خطورة الصدام بين مشروع للجهاد العالمي ومشروع التحرر الوطني، ونتيجة الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، أعاد تنظيم القاعدة تكوين بعض إمكاناته، وتعاون مع المقاومة الوطنية. ولكن المسلحين المحليين استاءوا من استخدام الزرقاوي للعراق كقاعدة لتصدير الإرهاب إلي البلدان المجاورة، كما كان الحال في حادث عمان في نوفمبر 2005 . لذلك تصاعدت التوترات وطرد الجهاديون الوطنيون في نهاية المطاف تنظيم القاعدة من معقلهم في إقليم الأنبار غرب العراق في عام 2007 . وكانت هزيمة أتباع بن لادن، علي يد الميليشيات السنية وليس علي يد الجيش الأمريكي، ضربة قاصمة للجهاد العالمي، وتوالت الصدامات في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وأضعفت كبرياء تنظيم القاعدة وامتيازاته. وبلغت هذه المواجهة بين الجهاد العالمي والوطني أقصي مراحلها من الحرب الكلامية عندما بدأ تنظيم القاعدة حملة دعائية ضد حزب الله وحماس. وكانت القاعدة محبطة نتيجة غيابها عن لبنان وفلسطين. واتهم تنظيم القاعدة حزب الله وحماس "ببيع" أراضيهم وقضيتهم إلي إسرائيل بقبول وقف إطلاق النار أو الانتخابات، وحث التنظيم حركة حماس علي إقامة إمارة "إسلامية" في غزة، ولكن سحقت قوات حماس المتعاطفين مع بن لادن. واستخدمت القاعدة مرارًا أسلوب التشهير الطائفي للهجوم علي مقاتلي الشيعة في لبنان، دون تحقيق تقدم كبير علي أرض الواقع. وتحول الجهاد العالمي بصورة متزايدة إلي نداء ظاهري واعتمد بشكل كبير علي شبكة الإنترنت، بينما زاد الجهاد الوطني من جذوره في التمرد. ويتوقع جان بيير فيليو، الأستاذ بمعهد باريس للدراسات السياسية وجامعة جورج تاون مؤلف كتاب "أحداث النهاية في الإسلام" جامعة كاليفورنيا هزيمة الفكر المسلح المناوئ للأنظمة العربية الحاكمة بعد نجاح نموذج الثورات الشعبية التي تكلف قليلا من الدم وتكتسب أغلبية في الشارع وتجذب قطاعات من المواطنين لم يكن لديهم من قبل دراية بالعمل الاحتجاجي. ويشير إلي تراجع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي ليس فقط بسبب الضربات الأمنية الاجهاضية وإنما لرفض المجتمع المغاربي نمط العمليات القاعدية من نوع تفجير الفنادق والملاهي، أو عمل كمائن لقنص رجال الأمن ومهاجمة القري الآمنة وإرهابها بدعوي تخليصها من قوي الشر الرسمية. ويضيف الدكتور أعلية علاني أستاذ التاريخ المعاصر والمختص في الجماعات الجهادية المسلحة في منطقة المغرب العربي بعدا آخر هو نجاح سياسة تجفيف المنابع المالية والبشرية في أوروبا وأمريكا من خلال تعاون دولي لمواجهة الإرهاب، ويشير إلي أن بن لادن وفر الكوادر التي استعملها في ضرب البرجين من العرب المقيمين في أوروبا وأمريكا، ومن هنا تنبه الغرب إلي ضرورة مواجهة القاعدة بأساليب مختلفة، ويقول(تنوعت السياسات الأوروبية تجاه المسألة السلفية، فرغم أن هناك اتفاقا حول مبدأ الحرب علي الإرهاب، إلا أن الوسائل تختلف من بلد إلي آخر، ففرنسا مثلا تنتهج أسلوب الإجراءات الاستباقية لدرء ما تراه خطر الإرهاب كالتهجير القسري لبعض الأشخاص الذين تعتبرهم خطرا علي أمنها الداخلي وتنظيم حملات إعلامية حول الهوية والاندماج لدي صنف من المهاجرين الذين يهددون في رأيها القيم الكلاسيكية للجمهورية الفرنسية من خلال ارتداء بعض أنواع اللباس، وهناك انجلترا وألمانيا وإسبانيا مثلا الذين يتعاملون مع المسألة السلفية حالة بحالة، إذ لا يتدخلون في السلوك الفردي للأشخاص ويقتصر تدخلهم علي الممارسات التي تمثل انتهاكا واضحا للقانون. إن هذا التباين في التعامل بين الدول الأوروبية تجاه المسألة السلفية هو نتاج اختلاف في المقاربات من ذلك مثلا موقف ليزا ماننجهام المديرة السابقة للأمن الداخلي في بريطانيا التي صرحت مؤخرا (يوليو- 2010) أن الحرب علي العراق وأفغانستان زادت في خطر الإرهاب ودعمت التيارات الجهادية، في حين نجد في إيطاليا وسويسرا صعودا فجائيا لظاهرة الإسلاموفوبيا، وقد تمكن مؤخرا اليمين في سويسرا مثلا من كسب استفتاء شعبي (رغم أنف الحكومة) يقر بمنع بناء المآذن درءا لما يسميه بخطر أسلمة المجتمع السويسري، والي ذلك تم إغلاق ومصادرة حسابات عدد كبير من ممولي عمليات القاعدة، ولا شك أن أوروبا التي اكتوت بنار القاعدة سواء في أنفاق لندن أو قطار مدريد عملت بتنسيق كامل مع الدول العربية علي تجفيف منابع الإرهاب ، ومنع وصول الأموال والكوادر إلي حيث تم تخطيط عمليات مسلحة. القاعدة والجهاديون والعودة إلي العنف لكن هل يستطيع تنظيم القاعدة بعد مصرع زعيمه بن لادن أن يرتب أوراقه مرة أخري وان يتمكن البديل سواء أكان أيمن الظواهري أو غيره من العودة إلي الجهاد الأممي المسلح؟ هناك رأيان أولهما يري أن تنظيم القاعدة يلفظ أنفاسه الأخيرة بفعل المتغيرات الثورية والديمقراطية في العالم العربي، ومن ثم لم يعد تغيير نظم الحكم عن طريق العنف مقبولا بينما يري رأي آخر أن القاعدة سوف تستفيد من معطيات الصراع في ليبيا واليمن بل وفي مصر وتونس حيث فر عدد كبير من المتهمين من السجون وقد سرقوا أسلحة خفيفة ، كما سوف يستغلون الأوضاع في دول عربية أخري لم تدخل مرحلة التحولات الشعبية ومنها منطقة الخليج ، وقد يستعيد التنظيم عافيته ويعود لشن عمليات مسلحة وخطيرة. يقول دومينيك توماس المتخصص في شئون الحركات الإسلامية المتشددة في المعهد العالي للدراسات الاجتماعية إن 'أي ضعف في أجهزة الأمن يستفيد منه تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المتطرفة بشكل كبير ". ويضيف 'ما يحدث في المنطقة العربية خاصة ليبيا والعراق وسوريا وأيضا في اليمن يتيح للتنظيمات الجهادية المسلحة تكوين مخزون من الأسلحة يستخدمونه في هجمات لاحقة'. ويتابع 'في مصر، خرج آلاف الأشخاص من السجون، من بينهم جهاديون لهم تاريخ طويل في العنف وليس من السهل عليهم التنكر لثقافتهم وأساليبهم القديمة" ونشرت مؤسسة ستراتفور الأمريكية للدراسات الاستراتيجية تقريرا يؤكد أن النزاع في ليبيا من شأنه أن يمنح القاعدة حرية في التحرك لم تتح لهم منذ سنوات، ليس هذا فحسب بل من الممكن إنتاج جيل جديد من تنظيم القاعدة علي غرار ماجري في أفغانستان خلال الحرب ضد الاتحاد السوفييتي" ويضيف التقرير "يمكن لهذا الأمر أن يكون له ارتدادات في كل المنطقة، لاسيما بسبب الحصول علي السلاح، إن نهب الأسلحة من المستودعات في ليبيا يذكر بما جري في العراق بعد الاجتياح الأمريكي في عام 2003". والواقع أن ثمة مايؤكد أن تنظيم القاعدة تحديدا لن ينتهي بسهولة وهو قد يضرب عشوائيا في غير مكان ليس فقط للانتقام لمصرع زعيمه ومؤسسه بن لادن وإنما أيضا لإثبات الحضور ورفع الروح المعنوية للكوادر، وهم عادة يبحثون عن منافذ للخروج من المآزق التي يمرون بها ، ويختارون الأهداف وفق ماهو متيسر وليس ماهو ضروري، وهذا مانجده في كتاب «فرسان تحت راية النبي» والذي يعد بمثابة الوصية الأخيرة لأيمن الظواهري، وهو الكتاب الذي تم تسريبه من أفغانستان، قال الظواهري إنهم قرروا تفجير السفارة المصرية في إسلام آباد عام 1995، بعد أن تبين أن ضرب السفارة الأمريكية فوق إمكانات المجموعة المكلفة. وأضاف أن التنظيم قرر الرد علي ما سماه نقل الحكومة المصرية معركتها ضدهم خارج مصر بمساعدة الأمريكيين والحكومة الباكستانية، وشكلت مجموعة كلفت بضرب السفارة الأمريكية في إسلام آباد، وإن لم يتيسر، فليضرب أحد الأهداف الأمريكية، فإن لم يتيسر، فلتضرب سفارة دولة غربية مشهورة بعدائها للمسلمين، فإن لم يتيسر، فلتضرب السفارة المصرية، وفي النهاية استقر الأمر علي السفارة المصرية، رغم أنه قبيل التفجير أرسلت المجموعة المنفذة تخبر الظواهري عن إمكانها القيام بضرب السفارتين المصرية والأمريكية معاً، إذا دبروا لها مبلغاً إضافياً، ولكن الجماعة كانت قد قدمت ما معها للمجموعة، ولم تستطع تدبير المزيد، وهكذا ركزت المجموعة علي نسف السفارة المصرية. ماذا عن حركات إسلامية غير جهادية؟ والواقع أن التغيير لم يشمل فقط التنظيمات المسلحة بل شكل بشكل أكبر وأكثر فعالية الحركات غير المسلحة والتي هجرت العنف أو لم تنتهجه أصلا ومنها جبهة العمل الإسلامي في الأردن وحزب النهضة في تونس والإخوان المسلمون في مصر والتجمع اليمني للإصلاح في اليمن، والتي تخلصت من أمراضها القديمة واندمجت أكثر في المجتمع الديمقراطي، ودفعتها الي المشاركة في الثورات الشعبية والاستعداد لخوض استحقاقات تشريعية مهمة. يقول الخبير الأردني في شئون الحركات الإسلامية محمد أبو رمان ليونايتد برس " الثورات الشعبية بأعداد غير مسبوقة ساهمت في إنهاء حالة التردد التي سيطرت علي قرارات الحركات الإسلامية تجاه السلطات المحلية ، ولا شك أن الإسلاميين استفادوا كثيرا من الحراك الشعبي الذي شهدته عدة دول عربية مؤخرا برغم أنهم ليسوا البادئين بهذا الحراك الذي قادته القوي الشبابية في المنطقة " والشاهد أن الإسلاميين في تونس ومصر لم يشاركوا في التظاهرات الشعبية التي أطاحت بابن علي ومبارك منذ بدايتها، والمؤكد أنهم فوجئوا بها ، ، ولم تشارك جماعة الإخوان المسلمين إلا بعد ثلاثة أيام من الانتفاضة التي تحولت إلي ثورة، لكن الإسلاميين في تونس ومصر سرعان ما استثمروا نتائج الثورتين لمصلحتيهما، وكان رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية راشد الغنوشي عاد إلي بلاده بعد ما يزيد علي عشرين عاما من الإبعاد ليعلن
في رسالة تطمين للشارع أنه لن يشارك في الحكومة ولن يترشح للانتخابات الرئاسية ، وفي مصر، جلست جماعة الإخوان المسلمين المحظورة إلي طاولة الحوار مع النظام بعد عقود من عدم الاعتراف بها إلي حد وصفها بالمحظورة. يقول الكاتب التونسي صلاح الدين الجوروشي المتخصص في الحركات الإسلامية (إن الإسلاميين في تونس اعترفوا منذ البداية بأنهم لم يكونوا وراء الأحداث التي تفجرت بعدما أقدم الشاب محمد البوعزيزي علي إحراق نفسه)، وأضاف (أن الإسلاميين في تونس اعترفوا أيضا بأنهم فوجئوا بتحول تلك الأحداث إلي ثورة، كما أكدوا أنهم لا ينطقون باسمها، " وأعتبر أن الإسلاميين في تونس أظهروا بعد سقوط النظام وفرار بن علي شيئا من النضج عندما أكد الغنوشي أنه لن يترشح لرئاسة البلاد، وأنه لن يبقي علي رأس حركته التي ستكتفي بالمشاركة البرلمانية. ولم يختلف الحال في الأردن فقد خرج الشباب غير المسيس يطالبون بتعديلات دستورية تحد من صلاحيات الملك، لكن التحاق الإسلاميين بهذا الحراك أعطاه "زخما وقوة" بالنظر لما تتمتع به الحركات الإسلامية من حضور في الشارع حصدوا نتيجة هذا الحراك، وهكذا حظوا بلقاء نادر جمع عددا من قادتهم علي طاولة واحدة مع الملك عبدالله الثاني وذلك للمرة الأولي منذ أن اعتلي عرشه قبل 12 عاما إلا أن الكاتب الصحفي الأردني نبيل غيشان يري أن الانتفاضات الأخيرة التي شهدتها كل من تونس ومصر واليمن والأردن أثبتت أن هناك قوي اجتماعية جديدة برزت وان الإسلاميين لم يعودوا هم القوي التي تحرك الشارع ، وقال غيشان "الخطاب الديني للحركات الإسلامية لم يعد يؤثر في الجموع كما كان في السابق ، ورأي أن هذه الرسائل من الإسلاميين هي تطمينات للقوي السياسية التي بدأت تخشي من صعود الإسلاميين في ظل الحراك الشعبي الجاري ، ويتفق الخبراء علي انه هناك تغيير جذري نحو رفض هذه الأفكار الجهادية المتطرفة والتعامل بأساليب جديدة وما حدث في العالم العربي من ثورات لم تحدث من قبل أنشأ سننا كونية جديدة في إحداث التغيير.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.