يستكمل عالم اللاهوت الألماني البروفيسور هانز كونج، أستاذ الأخلاق والأديان بجامعة تونغن بألمانيا في كتابه الجديد: "الإسلام الماضي، الحاضر والمستقبل" ، ثلاثيته التي بدأها باليهودية ثم أتبعها بالمسيحية، بتخصيص مجلده الثالث للإسلام، متناولاً القوى الروحية في هذا الدين، محاولاً تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة التي يروج لها البعض عنه في الغرب. ويحذر كونج في الفصل الأول من كتابه الذي يحمل عنواناً "ضد صدام الحضارات" من الانسياق وراء ما أسماه ب"وهم الصدام"، ويقول - وفق جريدة "الوطن" السعودية -: إن هذا الصدام ليس إلا في مخيلة صموئيل هنتنجتون المريضة، وإن ما روج له في كتابه حول حتمية هذا الصدام أكذوبة كبرى ابتلعها المغيبون الذين لا يعرفون شيئاً عن حقيقة الأديان وخاصة الإسلام. ويقول كونج في فصل بعنوان "صورة مشوهة عن الإسلام": إن ما يسمعه المرء أو يقرأه عن الإسلام في وسائل الإعلام الغربية المختلفة أمر مخيف بسبب الاعوجاج والأحكام المغلوطة، وإذا فهم الغرب الإسلام على حقيقته فهماً موضوعياً، كما توضح ذلك مصادره الأصلية فإن هذا الفهم الموضوعي سيكون له أثره في إزالة الكثير من أسباب سوء الفهم، التي ترسخت على مدى قرون عديدة، وتمهيد الطريق لإقامة تعاون بناء على أسس وقواعد متينة وسليمة دون توجس أو خوف. ويتناول كونج في فصل بعنوان "الصورة الحقيقية للإسلام" - وفق مجدي كامل بجريدة "الوطن" السعودية - سيرة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم على مدى 30 صفحة بداية من تلقيه الرسالة ثم هجرته إلى المدينة، وكيف كان قائداً ومعلماً لأقلية آمنت به وصدقته، قبل أن يصبح نبياً لأمة بأكملها. ويطالب كونج الكنائس المسيحية بأن: تعترف دون تحفظ بأن الرسول من خلال القرآن الذي نزل عليه قد أعطى أمته أسس حياة كريمة وجديرة بالاحترام، وأن المسلمين أتباع ديانة عظيمة بغض النظر عن قلة قليلة تسيء إليها، ولا تعبر عنها، ولا يجب أن يشار إليها باعتبارها تمثل الأمة الإسلامية. ويدحض كونج في كتابه ما ذكره جوزيف راتسينجر (البابا بندكت السادس عشر) زميل دراسته ب"كلية اللاهوت الكاثوليكية"، عن الإسلام من أنه دين عنف انتشر بحد السيف، ويدحض أيضاً ما قاله البابا عن نبي الإسلام مؤكداً أن البابا بدا وكأنه لا يعرف شيئاً لا عن الإسلام ولا عن نبيه!. وعن موقف الإسلام من قضية الحوار الديني بين الأديان، وفي فصل بعنوان "هل حوار الأديان ممكن" يقول كونج: إن الدعوة إلى حوار الأديان انطلقت في أساسها من القرآن الكريم في توجيه مباشر إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويستشهد كونج بالآية الكريمة: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله". ثم يؤكد كونج في فصل بعنوان "سحر الإسلام" ومن خلال استشهاده بعدد من الآيات سماحة الإسلام، وكيف دعا القرآن الكريم إلى ضرورة تعرف كل على الآخر، وتفهم مواقفه على قاعدة من المساواة التامة: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا". ويشير كونج إلى أن الإسلام - في أي حوار بين الأديان - له ميزة فريدة لا تتوافر لغيره من الأديان، وهى - وفقا لنفس المصدر - إيمانه بكل الديانات السماوية السابقة، كما أنه رسم الطريقة للمسلمين في محاوراتهم لأصحاب الديانات الأخرى كما هو في القرآن: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن". وفق تقرير صحيفة "الوطن" فإنه وبعد تناوله لمسيرة الإسلام عبر تاريخه، يؤكد كونج أن ماضي هذا الدين يضم الكثير من العلامات المضيئة، بل وكانت الحضارة الإسلامية حافزاً لكي تنهض أوروبا المسيحية من سباتها، وأن العرب المسلمين لهم فضل لا ينكره إلا جاحد، ويؤكد كونج أنه يثق في أن "المسلمين الآن لديهم رغبة قوية في إحياء دينهم، وبدرجة تفوق ما كانت عليه في أي وقت مضى".