يؤرخ آلان جرينسبان في كتابه الذي سيصدر بعد أقل من شهرين بعنوان "عصر الاضطراب: مغامرات في عالم جديد"، لفترة ما بعد هجمات 11 سبتمبر، وما شهدته من دخول العالم لعصر اقتصادي جديد، يفخر بأنه كان أحد صناعه، وإن كان يعترف بأنه كما يتيح من فرص عظيمة، ينطوي أيضاً على مخاطر جسيمة، كما يروي مشواره مع من عمل معهم من الرؤساء الأمريكيين، وسمات شخصية كل رئيس منهم. ويحاول جرينسبان في كتابه الذي سيصدر عن دار بنجوين جروب، تحليل الظواهر الاقتصادية والسياسية ذات الصلة، التي شهدتها دول العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ليقدم رؤية مختلفة لرجل عايشها، وساهم بنصيب الأسد في تشكيلها. يبدأ جرينسبان كتابه بمشهد هجمات سبتمبر باعتباره بداية عصر الاضطراب، عصر الفرص والمخاطر، يقول جرينسبان: بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 "الثلاثاء الدامي"، وفي عامي الرابع عشر من عملي كرئيس لبنك الاحتياط الفيدرالي، اشتركت في أكبر جهد جماعي في التاريخ الأمريكي، لضمان عدم انهيار أمريكا اقتصادياً، لتجر معها العالم كله إلي كارثة. و يقول: كان لدينا سبب وجيه لكي نشعر بأن الأسوأ في الطريق، وبدرجة تفوق ما شهدناه من قبل من كوارث، ومنها ما ساهمت أنا في احتوائه بسرعة وذكاء، كتدهور أحوال البورصة في عام 1987، أول أزمة تواجهني كرئيس للبنك، بعد أسابيع قليلة من تولي مهام منصبي، حيث كاد النظام الاقتصادي بأكمله يدخل الثلاجة، بسبب الرعب الذي اجتاح -وقتذاك- الأسواق المالية والاقتصادية. و يقول: ولكن أزمة سبتمبر كانت مخيفة، وبدرجة أكثر مما كان عليه الحال عام 1987، عندما انهارت أسواق المال الأمريكية فيما عرف ب"يوم الاثنين الأسود"، وكانت الأكبر في تاريخ الاقتصاد الأمريكي منذ سنوات الكساد العظيم في بداية الثلاثينات، حيث انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 226%، وقمت بضخ الأموال في النظام المالي من أجل المحافظة على السيولة، لأعيد الطمأنينة للأسواق، وأضع نهاية للأزمة. ويلخص جرينسبان سر نجاحه في تجاوز المحنة في إقناعه الإدارة الأمريكية بتقديمه وصفة جيدة لإنعاش الاقتصاد بخفض الفائدة والضرائب، لبث الروح فيه من جديد، وحفز النمو، في الوقت الذي يتم فيه الضغط على منتجي ومصدري النفط لخفض أسعاره، وتوفير النفط بأسعار رخيصة للاقتصاد الأمريكي، بينما يقوم فيه مجلس الاحتياط الفيدرالي بضخ سيولة نقدية كبيرة لتمويل مواجهة الأزمة دون غطاء من الإنتاج أو المعادن النفيسة، ولكن اعتماداً على الدولار، عملة الاحتياط الدولية الرئيسية، ومن ثم دفع العالم لمشاركة واشنطن الأعباء التي ترتبت على الهجمات. وفي كتابه، يقدم جرينسبان أيضاً تحليلاً لشخصية كل رئيس أمريكي عمل معه، باستثناء الرئيس الحالي بوش الابن. يحاول جرينسبان سبر أغوار هذا العالم، وكيف كانت رحلة الوصول إليه، وتأثيراته علينا اليوم، ويحاول استشراف المستقبل والتنبؤ بما سنشهده، من خلال خبراته الشخصية كرئيس غرفة عمليات في الاقتصاد العالمي لأكثر من 18 عاما، وكرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، من 1987 إلى 2006، وهو الملقب ب"مايسترو الازدهار الاقتصادي الأمريكي"، كرمز للانتعاش الاقتصادي غير المسبوق الذي شهدته الولاياتالمتحدة خلال التسعينيات، و"مهندس التحولات الاقتصادية العالمية الكبرى".