بدعوى أنه يستخدم لحشد المتشددين الأممالمتحدة تطالب بالرقابة على الانترنت والإرهاب السبب محيط - عبدالمنعم فريد منذ ظهور شبكة الإنترنت وهى تكتسب أهمية تزداد يوماً بعد يوم حتى أصبحت أداة رائعة للترفيه والتثقيف شأنها شأن جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وطالما امتدت يد الرقابة إلى إحدى هذه الوسائل فهى بالطبع ستطال الإنترنت، فبدأت العديد من الدول وضع قيود اجتماعية أو مادية على تصفح المواقع ووصل الأمر إلى غلقها أو تعليقها لأنها تنشر مواد فى نظر الحكومات محرمة. ولكن تكمن المشكلة بالفعل حينما تدعو أعلى منظمة دولية فى العالم "الأممالمتحدة" والمفروض أنها تساند التحرر ومنع الرقابة بكافة أشكالها إلى فرض الرقابة على الإنترنت بزعم أنه يدعم الإرهاب. ففى هذا الصدد، قال مسؤول مكافحة الإرهاب الجديد بالأممالمتحدة مايك سميث أن مخاطر الإرهاب العالمي بدأت تتراجع في بعض المناطق لكن شبكة الانترنت سلاح قوي يستخدم لحشد المتشددين ويجب مراقبتها بطريقة أفضل. وذكر سميث وهو استرالي يعمل فى منصب رئيس الادارة التنفيذية لمكافحة الارهاب بالامم المتحدة في نيويورك "الإنترنت تسبب قلقاً حقيقياً ولا اعتقد أننا توصلنا إلى حل حتى الآن"، مضيافاً أنه وقال سميث "في الماضي كان يتعين على الارهابيين ان يعبروا الحدود ليعدوا خططا ويهاجموا مواقع" وأكد أن هذه الأيام يمكن عمل جزء كبير من هذه الأشياء على الإنترنت حيث يمكنهم اعطاء تعليمات ويمكنهم التنسيق ويمكنهم تجنيد أفراد من خلال مواقع الجهاديين. والرقابة على الإنترنت تأخذ شكلاً يختلف كلياً عن الوسائل الأخرى نظراً لصعوبة تطبيقها على هذا العدد الهائل من المواقع وهو ما أكده بيل جيتس، رئيس عملاق الكمبيوتر مايكروسوفت حينما رأى أن محاولات بعض حكومات العالم لتضييق الخناق على المواقع الإلكترونية لا تجدي نفعاً لأن المعلومات التي تحجب في مكان ما يمكن قراءتها بكل سهولة في مكان آخر أو من خلال تبادلها عبر رسائل البريد الإلكتروني. وكانت الرقابة على الإنترنت قد شهدت زيادة كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، فقد أظهرت دراسة نشرت مؤخراً أن 25 دولة من بين 41 دولة، أجرت مؤسسة "أوبن نت إنيشياتف" فيها مسحاً، تمارس الرقابة على الإنترنت. وبين الدول ال 25 التي تفرض رقابة على الإنترنت، يمنع بعضها (إيران والصين والسعودية) مجموعة واسعة من المواضيع، فيما تحظر دول أخرى موضوعا محددا. فهدف كوريا الجنوبية مثلا واحد وهو المواقع الكورية الشمالية. وتركز ست دول خصوصا على الرقابة السياسية مثل بورما والصين وإيران وسوريا وتونس وفيتنام. كما تمارس أربع دول (السعودية وإيران وتونس واليمن) رقابتها على مواضيع اجتماعية. وتستهدف خمس دول (بورما والصين وباكستان وكوريا الجنوبية) مواقع المنشقين والمتطرفين. تحذيرات من تلاشي حرية الإنترنت فى نفس السياق، حذر كتاب صدر في بريطانيا من إمكانية ضياع الحرية التي تتمتع بها شبكة الانترنت، الامر الذي يهدد بتحويلها الى واحدة من اكثر وسائل النشر تقييداً. ففي الوقت الحالي يجد كل مستخدم للانترنت أن أدوات البحث شائعة الاستخدام كثيرا ما تقدم له الكثير من المواقع ذات المضامين المتطرفة او الخارجة عن قواعد الذوق العام. وتتنوع هذه المواقع ما بين تلك التي تنشر مواد جنسية او آراء عنصرية، وقد حدث ان استخدم بعض المجرمين الانترنت لنشر تبريراتهم لجرائمهم. والاشكالية التي تواجه الحكومات في شتى ارجاء العالم الآن هي امكان وكيفية حماية عامة الناس، والاطفال بصفة خاصة من مخاطر الانترنت، دون المساس بحرية النشر والابداع المكفولتين فيها حاليا. ويطرح كتاب صدر اخيرا للصحافي البريطاني الان ترافيس استعراضا لتاريخ الرقابة في بريطانيا ونظرة متشائمة لمستقبل الانترنت، إذ أعرب المؤلف عن اعتقاده بان الزوال هو مصير ما تتمتع به شبكة الانترنت من حرية جعلت منها حتى الآن وسيطاً لم يسبق له مثيل لنقل المعلومات الى اي مكان في العالم. وذكر الكاتب ان موقف الحكومة البريطانية في هذا الصدد يقوم على وجوب عدم استثناء الانترنت من قوانين النشر والبث المعمول بها في وسائل الثقافة والاعلام التقليدية. وحذر الكاتب من ان الفشل في ايجاد القوانين الصالحة للتطبيق على الانترنت سيؤذن بنهايتها وضياع كل ما تتمتع به من سمات فريدة وسيفتح المجال لوقوع الكثير من المظالم. جوجل تقود حملة عالمية ضد الرقابة على مواقع الإنترنت وفى مواجهة هذه الظاهرة السلبية شنت شركة جوجل حملة لمكافحة التزايد العالمي في فرض الرقابة على الإنترنت، رغم أن هذه القضية تقابل بالتجاهل النسبي من جانب الإدارة الأمريكية. وطالبت الشركة التى تمتلك أكبر محرك بحث على شبكة الإنترنت مسئولى التجارة فى الولاياتالمتحدة اعتبار الرقابة المفروضة على مواقع الإنترنت مثل العوائق المفروضة على التجارة الدولية كالتعريفات الجمركية التى تفرضها البلدان على بعض السلع . وتعتبر جوجل الرقابة الحكومية المتزايدة على مواقع الإنترنت خاصة في دول الشرق الأوسط وآسيا بمثابة تهديداً محتملاً للعمليات الإعلانية التى تجريها عبر الشبكة ، مناشدة مسئولى تلك الحكومات لإعادة النظر فى تلك المسألة من منظور اقتصادى بدلا من اتخاذه بناء على اتجاهات سياسية فقط . ورداً على هذه الخطوة، أعرب نشطاء حقوق الإنسان عن سعادتهم بجهود شركة جوجل في مكافحة الرقابة على الإنترنت، بالرغم من أنهم سبق وأن انتقدوا الشركة في العام الماضي بسبب موافقتها على فرض الصين التى تعتبر ثانى أكثر دولة من حيث عدد مستخدمى الإنترنت رقابة على محرك بحثها.