هل تستطيع الولاياتالمتحدة خوض حرب الكترونية مع اكبر جيش في العالم يضم 380مليون مستخدم للشبكة العنكبوتية؟ هل تفلح واشنطن في تحريك 80 ألف أمريكي مجهزين بأكثر من ألفي فيروس معلوماتي" في تهديد اجهزة الكمبيوتر الصينية؟ سؤالان مطروحان اليوم في الشبكة العنكبوتية بين واشنطنوبكين في ضوء ثلاث ازمات جديدة هي : الدلاي لاما وشبكة الإنترنت وتصدير الاسلحة الي تايوان ...وهي ازمات تهدد مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية تصفها بكين بأنها "استفزازات رأسمالية" لامبرر لها، ويمكن الرد عليها بطريقة اعقد خاصة وان الصين تمتلك اكبر مخزون دولاري في العالم ويبلغ تريلوني دولار"2000مليار دولار" وهو رصيد متنام بسبب الصادرات السلعية الصينية التي غزت أمريكا في عقر دارها . وتدور رحي المعركة اليوم في الانترنت، وقد انتجت الصين عشرات البرامج التي تسخر فيها من "الكاوبوي الأمريكي" وتصفه بالاندفاع والمغامرات غير المحسوبة،وردت أمريكا ببرامج تحرض اهل تايوان والتبت علي الانفصال عن التنين الصيني،واشتعلت المعركة بينهما في اكثر من 70ألف موقع اليكتروني تتنوع بين السياسة والثقافة والفن،وتتركز علي انتقادات الصين للادارة الأمريكية لأنها "تدس أنفها في شئون الصين" وتستضيف الدلاي لاما ،و استدعت بكين السفير الأمريكي لتقدم له احتجاجا رسميا بحسب ما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة،وادانت اللقاء الذي جري بين الرئيس الأمريكي باراك اوباما والدلاي لاما مؤخرا في واشنطن، استقبل الزعيم الروحي لبوذيي التبت لحوالي الساعة ونصف الساعة رغم تحذيرات بكين المتكررة، من أنه يلحق "ضررا فادحا" بالعلاقات الصينية الأمريكية المتوترة أساسا. وشن المدونون الصينيون هجوما لاذعا علي الرئيس اوباما لأنه اشاد بالدلاي لاما ووصفه بالرجل المعتدل الذي ينتهج (طريق الوسط) والتزامه باحترام اللاعنف ومواصلة الحوار مع الحكومة الصينية". أزمة الدلاي لاما وتتهم السلطات الصينية الدلاي لاما المقيم في المنفي منذ 1959، بالترويج لانفصال التبت وتعارض عقد اي لقاء بينه وبين قادة اجانب. وفي هذا السياق شهدت العلاقات الصينية-الفرنسية فتورا استمر عدة اشهر بعدما عقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في ديسمبر 2008 لقاء مع الدلاي لاما،وكانت الصين حذرت الولاياتالمتحدة قبل زيارة الدلاي لاما من أن مثل هذا اللقاء مع أوباما "سيقوض بشكل كبير" العلاقات الثنائية. أزمة أمريكا وتسخر مواقع الإنترنت الصينية من فشل الرأسمالي الأمريكي في حل مشكلاته ،وتظهر في المقابل كيف استطاعت الصين في السنوات الأخيرة أن تستفيد من عثرات الإدارات الأمريكية بدءا برد الفعل البطيء حيال الأزمة المالية الآسيوية في عهد الرئيس كلينتون ووصولا إلي قصر نظر إدارة الرئيس بوش في مواجهة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001- وانعكس ذلك في اتباع الصين لسياسة القوة الناعمة واستخدامها سياسة الإقناع في تعظيم قدرتها علي جذب الآخرين عبر وسائل ثقافية ودبلوماسية واقتصادية،وقد نجحت الصين في استخدام القوة الناعمة في فرض نفوذها الإقليمي في الفلبين وكمبوديا وتايلاند وبورما وفيتنام الشمالية.. وتحاول الصين أن تبعد اليابان وتايوان وحتي أمريكا عن التأثير الإقليمي لمنطقة جنوب شرق آسيا. ويفسر المدونون الصينيون لجوء أمريكا إلي ورقة - الدلاي لاما- بالعودة الي المنهج الاستعماري الكولونيالي ،باعتبار ان بريطانيا هي التي صنعت أزمة التبت وتايوان يوما كعامل من عوامل إقلاق الصين التي تسير اقتصاديا بسرعة الصاروخ . صنع في بريطانيا العظمي وفي مواقع الإنترنت الصينية حكايات مثيرة عن الدلاي لاما الرابع عشر الذي يمثل القيادة الدينية العليا لبوذيي التبت ، ويقول المدونون إن هذه الشخصية صنعتها يوما بريطانيا وروج لها الغرب حتي حصل علي جائزة نوبل للسلام عام 1989 بوصفه أحد دعاة السلام ،وان أمريكا تستخدم الدلاي لاما في محاولة للنيل من الصين وهي تعلم أن التبت ما هي إلا جزيرة قارية في قمة العالم وان الوصول إليها يعني اختراق المارد الصيني الجبار ولأسباب كثيرة ستعجز أمريكا عن النيل من الصين في مقدمتها أن الصين تملك كل عناصر قوة الدولة ، ومن هنا تشعر القيادة الصينية بالثقة استنادا الي مقولة الزعيم الصيني- ماو تسي تونج- أن الإمبريالية الأمريكية ما هي إلا نمر من ورق،وان الصراع معها لن يكون حربيا بل اقتصاديا وعلميا. يقول خبير غربي في الشؤون الصينية : "إن معظم المسئولين الصينيين يدركون مساوئ أي توتر في العلاقات الصينية الأمريكية، لكن كثيرين مستعدون لدفع ثمن ذلك لأنهم لا يريدون الظهور ضعفاء قضية جوجل انتقل النزاع القائم بين بكين وعملاق الإنترنت جوجل الذي يهدد بوقف نشاطاته في الصين بعد تعرضه لهجمات الكترونية انطلاقا من هذا البلد، إلي المجال السياسي ويهدد العلاقات الصينية الأمريكية بعواقب وخيمة برأي بعض الخبراء،وقال راسل ليه موزيس المحلل السياسي: "بدأ الاتجاه نحو توتر". واندلعت قضية جوجل منذ نحو شهرعندما ندد محرك البحث الأمريكي العملاق بهجمات معلوماتية ضخمة جاءت من الصين، وبالرقابة المفروضة في هذا البلد، مهددا بوقف كل عملياته فيه. وما زاد في أجواء التوتر هو تعبير البيت الأبيض عن "قلق" الرئيس باراك أوباما إزاء "الثغرة الأمنية المعلوماتية التي تنسبها شركة جوجل إلي الصين"، وكذلك خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي حذرت فيه: "الأفراد والبلدان التي تشن هجمات معلوماتية"وهذا ما دفع بكين أيضا إلي نفي أي ضلوع في الهجمات المعلوماتية علي جوجل كما رفضت المحاولات ل"تشويه سمعة الصين". وتعتبر سارة ماكدوال المحللة السياسية لدي مركز الدراسات آي اتش اس جلوبال انسايت، أن خطاب هيلاري كلينتون وتأييدها لإنترنت بدون رقابة دفع بكين إلي تشديد موقفها،وقالت: "الحكومة الصينية لا يمكنها تفادي تسييس هذه المسألة" لكن "ينبغي عليها أن تلتزم بالتشريع الوطني بشأن الرقابة لأسباب تتعلق بالاستقرار السياسي". وأطلقت صحيفة جلوبال تايمز تحت إشراف الحزب الشيوعي هجوما علي الولاياتالمتحدة ووصفتها بأنها: "أول بلد يشن الحرب الالكترونية" مع "جيش من 80 ألف شخص مجهزين بأكثر من ألفي فيروس معلوماتي"،وتعتبر السيطرة علي الإنترنت والهجمات الالكترونية من المسائل الأمنية الأساسية بالنسبة للقوتين العظميين، ولا يري الخبراء أن الصين التي تعد أضخم مجموعة انترنت في العالم مع 380 مليون شخص، يمكن أن تتساهل في موضوع الرقابة علي الشبكة،إلي ذلك، قال بول هاريس في مؤسسة التربية في هونج كونج من جهته: "إن انطباعي هو أن جوجل لن تتراجع" في مفاوضاتها مع بكين، وتوقع أن: "تتدهور العلاقات، بسرعة وبعمق". صفقة أسلحة لتايوان وكانت العلاقات وصلت الي مأزق عندما علقت الصين مبادلاتها العسكرية مع الولاياتالمتحدة احتجاجا علي بيع أسلحة أمريكية لتايوان في صفقة تصل قيمتها إلي 6.4 مليار دولار - لتايوان الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي التي تنظر إليها بكين علي إنها إقليم انفصالي غير شرعي،وهي خطوة من شأنها توتير العلاقات بين البلدين بعد أزمة قضية جوجل. كما أعلنت وزارة الخارجية الصينية في بيان تجميد المحادثات الأمنية الرفيعة المستوي بين البلدين وهددت بفرض عقوبات تجارية علي شركات الأسلحة الأمريكية المعنية بصفقة الأسلحة مع تايوان في تحرك غير مسبوق يشير إلي قوة الصين المتنامية في العالم. وبدا واضحا ان أمريكا تلاعب الصين بأوراق خطيرة اهمها الاتجاهات الانفصالية في التبت وتايوان في حين ان الرد الصيني يتركز في التجارة وايران....واخيرا انتقل اللعب الي شبكة الإنترنت ،ومازال الملعب مفتوحا علي المفاجآت.