أكد محللون ومختصون أن إسرائيل لديها جدية حقيقية في حديثها حول شن حرب على إيران لثنيها عن مواصلة العمل في برنامجها النووي ومنعها من امتلاك قنبلة نووية, وأشار هؤلاء أن إسرائيل لا تحتمل أبداً وجود دولة أخرى في الشرق الأوسط تشاركها في امتلاك السلاح النووي, جاء ذلك خلال ندوة سياسية بعنوان "إيران وإسرائيل حرب على قائمة الانتظار", عقدها معهد فلسطين للدراسات الإستراتيجية التابع لمؤسسة إبداع بغزة بمشاركة نخبة من المثقفين والمهتمين. من جهته أوضح د. إبراهيم حبيب الباحث والمختص في شؤون الأمن القومي أن الصراع بين إسرائيل وإيران والقوى الدولية يتجه بشكل عام نحو مزيداً من التصعيد والتوتر, مشيراً إلى أن إسرائيل تقوم بتجييش القوى الدولية الكبرى في اتجاه محاربة إيران بشتى الطرق والوسائل والوقوف في وجه مصالحها وإعاقة تقدمها. وأضاف أن إسرائيل تحاول دفع الولاياتالمتحدةالأمريكية لمهاجمة إيران عسكرياً, مشيراً أن الولاياتالمتحدة غير معنية بالدخول في حروب جديدة في الوقت الراهن بسبب الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها, والمأزق الاستراتيجي الذي وقعت به في أفغانستان والعراق بالإضافة إلى انتشار جماعات القاعدة في شمال أفريقيا, وتصدر الإسلاميين للمشهد السياسي في الشرق الأوسط. وتحدث حبيب عن السيناريوهات المتوقعة للحرب على إيران مرجحاً أن تبادر إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية استباقية لعدد كبير من الأهداف الإستراتيجية الإيرانية مع عدم المساس بالمنشآت النووية الإيرانية, مشيراً أن هدف الضربة هو إيلام إيران وتأخير مشروعها النووي لسنوات عديدة قادمة. وأكد حبيب أن الحرب بين إيران وإسرائيل في حال وقوعها ستأخذ عدة أبعاد وستؤدي إلى إغلاق مضيق جبل هرمز مما يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط وتدهور الأوضاع الاقتصادية في المجتمع الأوروبي مما يستدعي تخلي الحكومات الأوروبية عن إسرائيل واللهث وراء مصالح شعوبها وهو ما سينعكس إيجابياً على القضية الفلسطينية والمنطقة بشكل عام. من جانبه تحدث الباحث والمختص في الشؤون الفلسطينية د. حاتم أبو زايدة عن تأثير الحرب بين إيران وإسرائيل في حال وقوعها على المشهد الفلسطيني, حيث أشاد في بداية حديثه بالدور الإيراني في دعم القضية الفلسطينية مستعرضاً العديد من الشواهد التاريخية على تأييد ومناصرة إيران للشعب الفلسطيني منها إغلاق السفارة الإسرائيلية بعد الثورة الإيرانية وتحويلها إلى مكتب تمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية. وأشار أبو زايدة أن الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية موقف أيديولوجي واضح وراسخ في دعم كل ما من شأنه أن يزعزع استقرار الإحتلال وكيانه الغاصب ويقوي الجبهة الفلسطينية, مؤكداً أن أي تغيير يمس إيران سواء إيجابي أو سلبي سينعكس بالضرورة على القضية الفلسطينية. وقسّم أبو زايدة الفصائل الفلسطينية من حيث موقفها من إيران الي قسمين القسم الأول ويضم الفصائل المنخرطة في عملية التسوية والمفاوضات, والقسم الأخر الفصائل الإسلامية الرافضة للاعتراف بإسرائيل وتتبنى نهج المقاومة المسلحة ضد الكيان الصهيوني, مؤكداً أن موقف الأولى لن يتعدى الشجب والاستنكار العلني مع تمني قدوم نظام إيراني جديد متحالف مع الولاياتالمتحدة ويسير في فلكها. وقال أبو زايدة: "أن فصائل المقاومة الإسلامية ستُساند بشكل صريح وعلني النظام الإيراني وشعبه في أي مواجهة مع الإحتلال", مستبعداً التدخل العسكري من طرف حركة حماس في الحرب وفتح جبهة جديدة مع الاحتلال من جهة قطاع غزة. وأضاف أن المواجهة ستكون ساخنة وشاملة ولا يمكن التنبؤ بنتائجها, مبيناً أن دخول حزب الله بإمكانياته العسكرية الهائلة إلى المواجهة سيُدخل قادة الإحتلال في حالة من التخبط وفقدان التوازن, مشيراً أن أي تحرش عسكري من جانب قطاع غزة سيتبعه رداً إسرائيلياً مؤلماً ودموياً وقاسياً. من جانبه تحدث د. ناصر اللحام عن الاستعدادات الإسرائيلية للحرب على إيران وتأثير ذلك على إسرائيل, مشيراً أن الحرب العسكرية على إيران هو في الأساس خيار جنرالات الجيش الإسرائيلي وليس خيار القيادة السياسية, مؤكداً أن الحرب في حال وقوعها ستكون حرباً تكنولوجية حديثة تعتمد على طرق تكتيكات جديدة وأسلحة متطورة لم نشاهدها من قبل. وأكد د. اللحام أن قراءته لسيناريوهات الحرب تقوم على أن تبادر إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية هائلة لإيران ومن ثم يأتي الرد الإيراني مشيراً إلى أنه قد يكون جارحاً ومؤلماً جداً لإسرائيل. وأضاف أن التدخل الأمريكي في الحرب سيكون مرتبطاً بحجم الخسائر التي توقعها إيران في صفوف الإسرائيليين ففي حالة كانت خسائرها فادحة فمن الممكن أن تتدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية عسكرياً وتقوم بإحتلال إيران, مشيراً إلى أن ذلك قد ينذر باندلاع حرب عالمية جديدة. وأشار د. اللحام أن الجيش الإسرائيلي قام بتطوير عدد من الأسلحة الفتاكة التي لم تستخدم من قبل كالأسلحة التي تُسقط المطر والأسلحة التي تغير المناخ وغيرها, مؤكداً أن هذه الحرب قد تكون من أكثر الكوارث الإنسانية مرارةً بعد الحرب العالمية الثانية, معتبراً أن إسرائيل وأمريكا لا تمتلك أي وازع أخلاقي يمنعها من استخدام أية أسلحة لتحقيق النصر وحماية وجودها ومصالحها. وبيّن اللحام أن للحرب على إيران أبعاد اقتصادية بحتة تتمثل في سعي الولاياتالمتحدة لتسويق السلاح المتكدس في مخازنها بشكل هائل من خلال ترهيب دول الخليج من الخطر الإيراني, بالإضافة إلى الطمع في السيطرة على الثروات الإيرانية الهائلة كالبترول, وكذلك السيطرة على مضيق جبل هرمز.