الطفل اليابانى يعد من أذكى أطفال العالم وأقدرهم على الإبداع والتحصيل فى كافة المواد الدراسية، كانت هذه نتيجة الاختبارات التي أجريت على عدد من تلاميذ العالم تفوقت فيها اليابان بتلاميذها على الجميع تقريبًا، وأسباب ذلك سوف نتناولها فيما يلى: أشهر تلاميذ اليابان هو "أوساهير" الذى بعثته الى ألمانيا ليدرس الميكانيكا ، وعن ذلك يتحدث موضحًا جانبا مهما من شخصية الطالب اليابانى الذى لا يعتمد على المناهج الدراسية والمعلم للتحصيل بل يجد لنفسه طريقًا خاصًا لذلك، فيقول : لو كنت اعتمد على معلمى فى الميكانيكا لما كنت حققت ما وصلت إليه اليوم، فقد تعمد مدرسه حشو رأسه بالمعلومات عن الميكانيكا وأرغمه على قراءة عدد هائل من الكتب والمراجع ووجد نفسه بعد كل هذا جاهل أمام أى ماكينة، فسمع ذات يوم عن معرض للمحركات الإيطالية فذهب واشترى براتبه الجامعي كله ماكينة حصانين ووضعها فى غرفته وجمع كل الكتب والخرائط التى قرأها وحاول فك المحرك وإعادة تجميعه من جديد وشغله فاشتغل ثم قام بالاستعانة برئيس البعثة لإيجاد محرك به أعطال فأعطاه واحدا وظل عشرة أيام يفك ويتفحص العطل حتى وجده وكان تآكلا فى ثلاث قطع بالمحرك وصنعهم بيده ثم لم يكل بعد أن استطاع معرفة سر الصناعة الأوروبية للمحركات، فقد فكر فى النزول للعمل فى مصانع المحركات ونجح وترك الجامعة واعتمد على شغله هذا. والمهم أن هذا الطالب بعد مرور وقت ليس بالقصير رجع إلى اليابان ليغير خريطة الصناعة لديها بعد أن عرف سر الصناعة الأوروبية. ليس هذا فقط المثل الوحيد لتفوق الطالب اليابانى ولكن هناك أيضا التلميذ "سوزوكى" وهو ابن رجل أعمال يابانى انتقل للعيش فى أمريكا وفى أول يوم دراسي فى وسط تلاميذ أمريكان أزهل المعلمة عندما أرادت مراجعة التاريخ الأمريكى ببعض أسئلة عن الأقوال المأثورة وأصحابها فسألت من قال: "أعطنى الحرية أو أعطنى الموت" فلم يجبها التلاميذ الأمريكان بل أجابها سوزوكى بكل ثقة قائلا: قالها "باتريك هنرى 1775م" واستمر الحال على ذلك وغضب الطلاب الأمريكان وكل تعليق منهم عليه يعتقد سوزوكى أنه قول مأثور ويسارع بالإجابة حتى قال أحدهم للمعلمة بهمس "أووه للجحيم إننا فى ورطة" فصرخ سوزوكى قائلا: قالها جندى أمريكى فى العراق سنة 2004. ويرجع ذكاء الطالب اليابانى إلى قدرته العالية على التحصيل والاستيعاب والفهم وكل هذا تعززه مجموعة من المقومات الخاصة بالنظام التعليمى وطريقة التربية فى المجتمع اليابانى ويدخل أيضا فى ذلك النظام الغذائى للأطفال وطريقة لعبهم وكل البيئة المحيطة بهم، فهناك قرارات حكومية تلزم الأهل بإلحاق أبنائهم بالتعليم الإلزامى البالغ تسع سنوات فى كل القرى والمدن اليابانية. ولا ننسى أيضًا أن للحضارة اليابانية دورًا كبيرًا فى ذلك حيث سعت دائمًا إلى ترسيخ روح التلمذة عبر العصور حتى عندما يتغير المجتمع تبقى رواسب هذه الروح متأصلة مع المجتمع الحديث وبناءً عليه أرادت اليابان اختراق العالم بالعلم فسخرت الحكومات موارد الدولة كلها للعلم واهتمت بالجيل الجديد وكأنها تنشئ جيشًا من العلماء لغزو العالم، وذلك بعد أن تجمع لديها أسرار العلوم من البعثات العلمية للتلاميذ إلى أوروبا وأمريكا وبعد تطوير هذه العلوم أعادت بثها للعالم من جديد بشكل أحدث. وهناك من يرجع سر تفوق الطالب اليابانى إلى نظام التربية والتعليم وكأنها رفعت شعار "اليوم طفل وغدًا طالب علم وبعد غد عالمٌ" فهى تربية صارمة مصممة على زرع روح الكسب والتحصيل لدى التلاميذ ويشترك فى ذلك المجتمع كله على كافة مستوياته، ويبدأ ذلك من التعليم التمهيدى حيث يتم خلاله غرس العادات الضرورية فقط لتحقيق تعامل ناضج مع المجتمع والحياة السعيدة وتنمية إمكانياتهم اللغوية ليستطيعوا فى مرحلة متقدمة التعرف على ثقافات المجتمعات الأخرى واختراقها وأيضا تمكينهم من التعبير عن رغباتهم وأفكارهم بالرسم والموسيقى والرقص وزرع روح التعاون والمشاركة الاجتماعية وفى نفس الوقت تعليمهم سبل تنمية العمل الحر المستقل. أما فى البيت فالأمهات تلجأ دائمًا إلى مكاتب الصحة للتعرف على كل جديد يفيد أطفالهم والتركيز على الغذاء الخالى من الدهون، علاوة على تناول الخضروات الطازجة وليس المعلبة والاهتمام بساعات التحصيل المنزلية والنوم المتواصل لأبنائهم، نظام حياة كامل يدعم الطفل اليابانى ليصبح عالم يخترق العالم فرصة اليابانيون على أنفسهم لأجل أولادهم. ولعلنا نتساءل الآن : أين نحن من هذا كله؟ أين دور الحكومات العربية لدعم العلم والمعلمين والمتعلمين، إنها غائبة عن حضارة العلم ولكن اليابان حاضرة بكل قوتها والصين أيضًا قادمة.